الرأسمالية، حياة وموت في عصر فيروس كورونا
ننشر النسخة المكتوبة من التحليل الذي اقترحه الفيلسوف ألكسيس كوكير لقناة يوتيوب «التفلسف في وقت الأزمة». 29 مارس 2020
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما من شيء سيكون كما كان من قبل. من الآن فصاعدًا -أعتقد أن الوقت يستدعي الحديث صراحة، دون انتظار نتائج التجارب والتحقيقات الجديدة، والابتعاد قدر الإمكان عن الصيغ المعتادة للخطابات الفلسفية والسياسية، بطريقة مباشرة جدًا- ستظهر البدائل إذا، هنا والآن: الرأسمالية أو الحياة، العمل القسري حتى الموت أو العمل بحرية مدى الحياة.
بعد الأزمة، سيكون النظام القائم جاهزًا لاستبداد حكومة الكوارث البيئية المقبلة. سيكون لدينا مرضى وموتى كُثر، سنكون عملنا أو ذهبنا للتسوق ونحن نرتعد خوفاً على أنفسنا وعلى الآخرين، سنكون ذكورا وإناثا أُصِبنا ذعرا وذهولا، وعشنا حجرا صحيا، واستشطنا غضبا، وأبدينا تضامننا وإصرار وعزما. سنكون شهدنا أولوية هؤلاء القادة مُطبّقة على نطاق واسع: إنقاذ الاقتصاد، أي الأرباح، بدلاً من الحيوات. في البلدان الغنية في شمال العالم، لن نكون قد شهدنا بالتأكيد المعاناة التي تجرّعها سكان البلدان الفقيرة في جنوب العالم بسبب النهب والاستعمار الجديد والحروب. ولكن ما قد تظهره هنا هذه الأزمات الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، هو هذه الحقيقة: الرأسمالية تنتج الموت. عبر الحرب، وهي ضرورية لها بانتظام. ولكن أيضًا بشكل مستمر وبعدد لا يحصى من طرق عنيفة أو متصاعدة، مرئية أو غير مسموعة، عادية أو غير مألوفة، ووفقًا لتطور غير متكافئ ومركب بين الطبقات الاجتماعية وبين المركز والأطراف: تنتج الرأسمالية الموت وتستنزف الحياة.
أرباحهم، موتانا
من يموتون جراء الإصابة بمرض فيروس كورونا، كوفيد 19، يصابون بفيروس سارس-كوفيد2 لكنهم يُقتلون بقرارات سياسية، التي بدفاعها عن ظروف العمل والرعاية والحياة الضرورية للرأسمالية، لم تسمح ولا تسمح باحتواء الوباء أو تشخيص وعلاج المرضى. نحصي اليوم ضحايا هذا الوباء، ولكن ليس غيره من جوائح أكثر فتكا بكثر تشكل الرأسمالية أصلها الأساسي: الحروب والمجاعات والتسمم وانعدام الرعاية الصحية في بلدان الجنوب بوجه خاص، لكن هنا أيضًا السرطانات، وأمراض الأعصاب وأمراض القلب والأوعية الدموية، وجميع الأمراض الأخرى التي يسببها أو يفاقمها تلوث الهواء والتعرض للمواد الكيميائية، والتي تؤثر أولاً وقبل كل شيء على عمال وعاملات الرأسمالية الصناعية ثم على جميع السكان. تلوث الهواء آفة عالمية: لن نندهش عندما نكتشف اليوم احتمال أنه ينشر فيروس كورونا ويؤدي على أي حال إلى تفاقم مرض كوفيد 19. سيكون أيضا أولئك الذين تضرر جهازهم المناعي أكثر من غيرهم بفعل هذه الانبعاثات وبسبب تشوهات الرأسمالية أول ضحايا هذا الوباء الجديد.
أرباحهم وموتانا. في الواقع، تقتل الرأسمالية دون توقف. خاصة في أطرافها، ولكن أيضًا في مراكزها. ببطء بالنسبة للغالبية، لكن بالمعني الحرفي والمباشر أيضا، وبأعداد كبيرة. لقد تطور عالم الرأسمال هذا واستمر دوما في ممارسة العنف والحرب مرتكبا المذابح: قتلى استعمار أمريكا، وتجارة الرقيق، والاستعمارات والحروب الاستعمارية في أفريقيا وآسيا، والحروب العالمية –يعد القتلى، بالنسبة لكل من هذه الإبادات الجماعية، بملايين وعشرات الملايين- وغيرها من حروب عديدة والتي بدونها لن يكون لعالم الرأسمال وجود. ولنهب موارد جديدة والتحكم بيد عاملة جديدة، وبسط الهيمنة في المنافسة الاقتصادية العالمية، والتخلص من مخزون الأسلحة أو احتياطات الأسهم التي أصبحت عديمة القيمة، وإعادة البناء بشكل جماعي أو فرض حاجات وهمية من جديد، فإن هذه الحروب ضرورية للرأسمالية. لكننا نعلم الآن أن عالم الرأسمال هذا يُنتج الموت بشكل مختلف وتدريجي ومتواصل عبر تدمير النظم البيئية الطبيعية وأنماط الحياة الشعبية المرتبطة بها، عبر تعريض جميع الأنواع الحية للتلوث الكيميائي وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وأحيانًا عن طريق الأوبئة. وفي الواقع، لتحقيق الربح، ليس استغلال العمل، وكذلك الطبيعة. استغلال الطبيعة، يعني عبر الاستخراج والتلوث والتسمم وخفض التنوع البيولوجي، وتدمير عملية إعادة إنتاج النظم البيئية التي تجعل الحياة ممكنة.
سيتم الاعتراض على أنه في الفترة الأخيرة، زاد متوسط الأمل في الحياة، هنا وفي أماكن أخرى، وقد يعتقد المرء أن الرأسمالية هي السبب. أعتقد أن هذا خطأ: الرأسمالية، استغلال العمل والطبيعة من أجل الربح، ليست هي ما يسمح بالحصول على مياه الشرب والرعاية الصحية وظروف معيشية صحية وتغذية سليمة. ما تسمح به، هي على العكس الخصخصة الرأسمالية، ومنطق جعل الثروات والتقنيات والمعارف مشتركة. والأدلة كثيرة. نحن نعلم الآن أن الرأسمالية لا يمكن أن تشتغل إلا عبر تدمير الكوكب والحياة.
.
في هذا العالم، وليس في عالم آخر، ظهر مرض كوفيد 19، وهو يقتل. يجب التحقق منه وفحصه بتفصيل، ولكن ليس هناك شك في أن انتقال الأمراض الحيوانية المنشأ وانتشار الوباء الحالي، مثل أوبئة أخرى من قبل، ما كانا ليحدثا لولا الصناعة الزراعية الضخمة، -التضخم السكاني الهائل، والغاء الضوابط الاجتماعية الإيكولوجية بين الطبيعة «البرية» والعالم البشري، والسلاسل اللوجستيكية العالمية لحركة البضائع، وتركز الجسيمات الدقيقة، وتفكيك قطاع الصحة العامة عبر التقشف وتمييل (financiarisation اضفاء الطابع المالي على الاقتصاد).
لهذا، فإن الرأسمالية تقتل. ولكن من يستطيع الحفاظ على الحياة؟ البرهان باهر اليوم: إنها ليست الدولة الرأسمالية. فلنأخذ فرنسا مثلا: قررت الدولة السماح للوباء بالانتشار بدلاً من الكشف الفوري على نطاق واسع وتنظيم رعاية المرضى وعزل الأشخاص المصابين بالعدوى. قامت بتنظيم الخصاص قبل الأزمة، وما أن أتت، لم تنتج على الفور وبشكل كبير أجهزة التنفس والأقنعة وغيرها من أجهزة الحماية الضرورية. اختارت تخصيص بعض الموارد المالية الموجودة لفائدة مراكز الاقتراع لانتخابات الجولة الأولى عوض المستشفيات والصيدليات ومحلات المواد الغذائية. واليوم، بمجرد أن ظهرت عواقب هذه الأخطاء الإجرامية بشكل كبير، فإنها تقوم بشكل انتقائي بإبعاد الكوادر والضغط على العمال للذهاب إلى العمل. إنها ترسل إلى «الجبهة» عاملات –لأن الغالبية العظمى منهم نساء- خدمة المستشفيات العامة وبيع المواد الغذائية دون وسيلة حماية أو تجنب الإصابة. عبر إجراءاتها المالية، تقوم الدولة بإنقاذ البنوك والشركات الكبرى بدلاً من الأجراء والأجيرات. إنها تسمح بتأجيل دفع إيجارات وفواتير الكيانات الاقتصادية، ولكن ليس المستأجرين والمدينين ومن هم في هشاشة. إنها لا تهتم بتاتا بالمشردين والعمال المؤقتين واللاجئين والمنفيين والسجناء من الذكور والإناث في السجون ومراكز الاحتجاز، وبالأكثر فقراً والخاضعين للسيطرة. قررت الدولة تحت غطاء «حالة الطوارئ الصحية»، زيادة تقويض الحريات العامة وقانون العمل، وقمع إضافي في الأحياء الشعبية. تَكذب الدولة، كما كانت دائمًا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالحروب والعنف، ولكن أيضًا بخصوص الأمراض المهنية والتلوث.
تقوم الدولة بما تتقنه: ما يسميه أخيل مبمبي السياسة الكلية حيث تقرر من سيعيش ومن يجب أن يموت. إنها قلب الدولة الحديثة، كما أظهر ذلك هوبز في عصره: زرع الخوف، عبر إثارة شبح الحرب الأهلية وإذا لزم الأمر بإعلان الحرب الحقيقية، وترك الناس تموت «من أجل الصالح العام».
لذلك أعلنت الدولة أننا في حالة «حرب». وبقيامها بذلك، تُعَوِدُنَا على حالة حصار دائمة، وتدعو إلى الانضباط وتُشَرِع الحروب الحقيقية التي تشنها، وسيكون بمقدورها شنها باسم صحتنا وأمننا –ما يعني في الواقع: الحفاظ على المصالح الرأسمالية. لطالما احتاجت الرأسمالية إلى الحرب للاستمرار والتوسع، لكننا نؤكد: الحرب ليست سوى وسيلة إضافية؛ الوسيلة الأساسية هي الاستغلال حتى الموت، للحصول في النهاية على معدل الربح. نفس الشيء دوماً، وفي الوقت نفسه شيء ما تغير، يمكننا أن نشعر به، حتى بالنسبة للدولة أيضاً. على مدى السنوات العشرين الماضية، كانت بعض قطاعاتها، ولا سيما الجيش، تعمل على إعداد أساليب جديدة لتدبير عواقب الأزمة البيئية الجارية بشكل استبدادي: الكوارث الطبيعية، وتشريد السكان، والأوبئة… كان عسكرة الأزمة البيئية هذه تجري خفية، وقد بدأت الآن هنا أيضًا، مع مراقبة الجيش والطائرات بدون طيار لتحركات من هم في الحجر الصحي. لقد فهمنا. إن قوى الفاشية البيئية وهذه الأشكال الاستبدادية والقاتلة والخانقة للحريات التي تنهجها حكومة الكوارث البيئية والتي كان إيفان إليتش وأندريه جورز قد تنبآ بها، قادمة. والثورات فقط هي التي يمكن أن توقفها.
العمل من أجل الحياة
لكن من سيحافظ على الحياة والأنظمة البيئية الطبيعية والبشر، الآن ومستقبلا؟ ليست الدولة، ولا أرباب العمل بالطبع، ولا العلماء والعالمات وحدهم، بل العاملات والعمال.
إنها الفرضية الرئيسية لأبحاثي الأكاديمية والنضالية الحالية حول العلاقات بين العمل والرأسمالية والطبيعة. ولكنها اليوم بديهية وثابتة. وفي الواقع إن العمال، وخاصة العاملات، هم من يلبون الحاجات الأساسية ويقومون برعاية الكوكب والحياة. من يناضل اليوم ضد تفشي الوباء ويعمل على تلبية حاجاتنا الأساسية؟ بالنسبة لمعظم العاملات: الممرضات ومقدمات الرعاية محليا وعاملات النظافة ومحصلات النقود ومقدمات رعاية الاطفال… وأيضاً عمال وعاملات قطاع النفايات وسائقو وسائقات سيارات الإسعاف والمزارعات والمزارعون والأطباء، إلخ. أولئك الذين يعملون من أجل حياة الآخرين يفعلون ذلك اليوم مخاطرين بموتهم هم أنفسهم.
ماذا عن الآخرين؟ أولئك، وخاصة اللواتي يعملن في المنزل ويقمن برعاية أطفال غالبية الكوادر، يعملون أيضًا مدى الحياة ولكن دون أن يُطلب منهم المخاطرة بحياتهم. لم يكونوا قد قرروا أي شيء أيضًا، ويقوم قانون حالة الطوارئ الصحية بإعداد المرحلة التالية من عملهم القسري. قد تقوم الدولة بتقديم الشكر لهم على انضباطهم وتفانيهم، بشرط موافقتهم على المساهمة دون تردد في إعادة الإنتاج الرأسمالية وعدم المطالبة بالسلطة السياسية أو اقتسامها مع المرؤوسين والتي يجب أن تعود إلى جميع من يعملون من أجل إعادة الإنتاج الاجتماعي.
إن إعادة الانتاج الاجتماعي، مفهوم النظرية الماركسية الذي عمقته وجددته النسوية المادية، هو الرهان الحاسم للأزمة الحالية، كما هو الحال في اللحظة التالية. وهذا يعني جميع أنشطة المنزل والرعاية والعيش والنظافة والتنظيف والتربية التي في أغلب الأحيان دون أجر، والتي يكون أصحابها دائمًا غير مؤهلين ومستغلين بشكل مفرط. من يقوم بهذا العمل الضروري وغير المعترف به؟ بالنسبة لمعظم النساء الفقيرات واللواتي يعانين من العنصرية. دون إعادة الإنتاج الاجتماعي الذي يقمن به، لا يمكننا العيش. ولن تتمكن الرأسمالية من استغلال بقية العمل الاجتماعي أيضًا. ومع ذلك، تكشف الأزمة الحالية أنه يجب علينا التوقف عن معارضة إعادة الإنتاج الاجتماعي بالإنتاج تمامًا. إعادة الانتاج الاجتماعي هو إنتاج الحياة -ويجب أن يصبح في العالم القادم، أي غدًا، العمل الوحيد.
إنهن عاملات وعمال إذاً، الذين، يقومون بأعمال الرعاية والطبخ والإصلاح وضمان العيش والتربية ويجعلون من إرساء التعاون والتنظيم الذاتي الشعبي ممكناً… لا علاقة لذلك بالحرب. يُطلب «المجهود الحرب»، إن وُجد، فقط من الآخرين الذين لا يزالون يعملون محفزين أو مرغمين، في مصانع السيارات والطيران، والبناء والأشغال العامة، وأعمال خدمة التوصيل إلى المنازل وجميع القطاعات التي يقال عنها اليوم أخيرا أنها «غير ضرورية»: اللواتي والذين يُعَرِضون أنفسهم للموت ليس من أجل حياة الآخرين ولكن حتى يستمر الرأسماليون في تحقيق الأرباح وعدم فقدان السيطرة على الإنتاج. عليهم مواجهة الموت من أجل استمرار عمل الرأسمالية الذي يؤدي إلى الموت.
لقد حان الوقت لملاحظة أن هناك أشكالًا من العمل تدمر الطبيعة وغيرها من الأعمال التي على العكس تشارك في تنظيمها وإعادة إنتاجها الذاتي؛ أشكال العمل التي تؤدي إلى الموت وأخرى تحافظ على الحياة وتطورها. هذا ما أظهره ماركس، في عصره، عبر إبراز أن الرأسمالية تحطم التحول الغذائي [قوة التجدد والدثور والبناء والهدم في الكائن الحي] للإنسان والطبيعة -وهذا هو السبب في أن الماركسية الإيكولوجية المعاصرة، بعد ماركس، يمكن أن تساعدنا كثيرًا أثناء هذه الفترة. وهذا أيضًا ما تسمح لنا بعض نصوصه بالتفكير في مفهوم العمل الحي، بدءًا بشكل خاص من وجهة نظر عمال الأرض، الذين يتطلب نشاطهم الدفاع عن الظروف الطبيعية لكل حياة وكل عمل. وباختصار، فإن العمل الحي يعبر عن أننا لسنا قوى عاملة في خدمة «العمل الميت» للآلات وعالم المال؛ وأننا كائنات حية، وقوى طبيعية معرضة للأمراض والموت أثناء العمل تحت ظروف الرأسماليين؛ وأيضاً في خبرتنا العملية، يمكننا إيجاد الموارد لرفض وصفة الموت وتوجيه جميع أنشطتنا نحو الحرية والحياة. هذه القوى العاملة الحية هي التي يجب أن نجمعها اليوم، لأنه من وجهة النظر هذه يمكن الجمع بين متطلبات الحفاظ على الحياة والحرية والمساواة، والتمكن من إشعال ثورة بيئية لتدمير الفاشية البيئية القادمة.
لن يبقى شيء كما كان من قبل، لكن بإمكان الحياة والحرية أن تنتصرا. لهذا يجب أن نكافح بكل ما أوتينا من قوة.
إن العاملات والعمال الذين أضربوا عن العمل يوضحون لنا السبيل، خاصة في إيطاليا، حيث لم ينتظروا، لتقديم الحياة على الربح، وقف الأنشطة غير الضرورية التي قررتها الحكومة في وقت متأخر. وأولئك الذين يمارسون حقهم في التوقف، وخاصة في فرنسا، وأحيانًا تمكنوا من إغلاق معاملهم؛ والممرضات والأطباء المقيمين، وهم ينقذون الحيوات، ويحذرون ويقترحون ويقدمون مطالب؛ والتنظيم الذاتي الشعبي في الأحياء أيضًا، والذي يمتد لتقديم الرعاية لمن هم أكثر ضعفاً والخاضعين للسيطرة، والذين لا تساوي حياتهم شيئا في نظر سياسات الدولة. لكن على هذا الأساس، من الضروري الذهاب إلى أبعد من ذلك بكثير، ودون تأخير.
هكذا، سنلاحظ أن التفكيك الكامل لجميع تلك الأنشطة الصناعية واللوجستيكية والعسكرية الملوثة والمدمرة للطبيعة ولصحة الإنسان ضروري لاستمرار الحياة. إن عالم المال، هذا المسرع للكوارث الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، سيتم الغاؤه، وستغلق البورصات الرأسمالية، وستصبح الثروة ملكية مشتركة. ثم سنعمل جميعًا في قطاعات أساسية للحياة، وسيتم تحرير العمل الحي من العمل الميت. هكذا سنضع اليد على سلطة العمل من أجل الحياة، والوقت اللازم لاتخاذ القرار والتداول الجماعي حول تنظيمها وأشكالها ووسائلها وظروفها.
هذا ما أسميته، قبل هذه الأزمة، «عملا ديمقراطيا»، وهو اسم ممكن للشيوعية. بالطبع، هذا الأخير ليس له علاقة بالصين، هذه القوة الرأسمالية العظمى، التي لديها قليل من القواسم المشتركة مع ما كانت روسيا السوفياتية أو غيرها من البلدان وتجارب القرن العشرين التي لم تكن في الواقع شيوعية بأي وجه. من أجل الفهم وربح الوقت، لأنه بعد أن تصبح الأزمة على مرأى البصر، يجب وصفها: ستكون شيوعية الرعاية وشيوعية البيئية والشيوعية من أجل الحياة.
إن عالم ما بعد الأزمة هذا، يجب منذ الآن تنظيمه بشكل ملموس للغاية، هنا والآن من أجل الغد. ويبدأ ذلك على هذا النحو: منذ الآن هنا أو في أي مكان آخر، نرفض أن يعمل أي شخص حتى الموت ومن أجل الموت، عن طريق وضع أنشطتنا قدر الإمكان في خدمة الحياة. وعلينا أن نستعد لما يلي: إضرابات ومقاطعات واحتلالات ومجالس شعبية ونزاعات ومداولات وقرارات ومؤسسات جديدة تمكن من تخطيط ديمقراطي لتحول إيكولوجي وتطورات ثورية للاشتغال في عصرنا، في علاقاتنا مع البشر الآخرين ومع الطبيعة. ومنذ اليوم، يجب أن نعمل لتحقيق ذلك بشكل جماعي حتى لا تُفرض علينا مرة أخرى البورصة، بدلاً من الحياة.
ولكن غداً، على أي حال، لن يكون لدينا خيار، وعلينا أن نعيش هذا البديل: العمل حتى الموت أو العمل من أجل الحياة، الخضوع للرأسمالية الفاشية البيئية أو بناء الشيوعية الإيكولوجية. وسيكون الوقت قد حان لإعادة رفع هذا الشعار: الحرية أو الموت.
المصدر: https://www.contretemps.eu/capitalisme-vie-mort-coronavirus/
بقلم، ألكسيس كوكير، ترجمة فريق الترجمة بجريدة المناضل-ة الموقوفة
اقرأ أيضا