انتفاضة الشعب الجزائري درسٌ في المقاطعة النّشطة للإنتخابات
مرت أكثر من عشرة أشهر على تفجر نضال شعبي عارم ضد النظام الحاكم، أفضى الى إزاحة عبد العزيز بوتفليقة وجر معه اضطرابا هائلا في صفوف الحكام.
بلغت أزمة نظام الجزائر درجات متقدمة وزادها الضغط الشعبي الجاري استفحالا.
ناورت زمرة قائد الجيش بمحاولة التفاف على الجماهير الثائرة لانقاد النظام بالتضحية بالعناصر المحروقة، فزجت في السجن بعشرات الوزراء، كبار الرأسماليين، المسؤولين الإداريين، قادة الجيش والمخابرات… كأكباش فداء. الجنرال أنه منفذ لمطالب الجماهير، لكنه يحمى زمرته الخاصة. وأصر على فرض انتخابات رئاسية في ضل، دستور قديم مفصل على مقاس النظام الفاسد، حكومة من مخلفات بوتفليقة المطاح به شعبيا، برلمان وليد انتخابات مزورة رئيسه هو من خلف بوتفليقة.
بوجه إصرار النضال الشعبي على التغيير الشامل الدى يعكسه شعار “اتنحاو كاع” يحاول قائد العسكر تشديد القبضة القمعية مع اقتراب الموعد الدى حدده للانتخابات في 12 دجنبر القادم. مصير بقايا نظام بوتفليقة معلفة بأجراء الانتخابات القادمة ومن شأن افشالها تعزيز الثقة بالشعب وستنطرح أسئلة حول مضمون السياسى والاقتصادي للبديل ما سيرفع الوعى الثوري للجماهير المنتفضة بشكل هائل.
الانتخابات الرئاسية مثال ملموس عن مقاطعة نشطة:
الموقف من الانتخابات الرئاسية مسألة سياسية ترتبط بالموقف من الوضع السياسي بالجزائر ومستقبله: أيتمكن النظام من تجديد قشرته وإعادة الاستقرار لنظام الحكم الديكتاتوري الفاسد عبر انتخابات رئاسية؟ أم سيفرض الشعب مسارا تأسيسا لنظام بديل يلبى تطلعات الشعب الجزائري سياسيا واقتصاديا؟
ميزان القوى الطبقي يظهر انقساما حادا بين قلة حاكمة، سندها الشعبي ضعيف لكنها تمسك بجهاز الدولة بالأخص القوة العسكرية وفصائل البوليس والمخابرات، مع حدرها من ان تعرض تلك الأجهزة للانقسام بين قيادتها الحريصة على بقاء النظام الديكتاتوري الفاسد وقاعدتها ذات الجدور الشعبية، هدا سبب التردد في زجها في مواجهة النضال الشعبي. الجانب الاخر تدفق هائل للقوى المعارضة من العمق الشعبي والعمالي والطبقة الوسطى والطلبة الجامعيين وشباب الاحياء الشعبية…
مسيرات شعبية يومي الجمعة والثلاثاء ومع قرب يوم انتخابات النظام زاد الضغط بتنظيم مسيرات ليلية وطيلة أيام الأسبوع.
ويستعمل سلاح الاضراب عن العمل من طرف التنظيمات العمالية وفي أماكن الدراسة من طرف الأساتذة والطلاب دفاعا عن مطالب مباشرة ودعما لمطالب التغير الشامل.
” لا انتخابات يا العصابة” داك الشعار الانى في المعركة ضد نظام الحكم تترجمه مسيرات تضم مئات الالاف في مختلف مناطق الجزائر.
ما أرغم الأسماء الخمس التي رشحت نفسها لتلك الانتخابات على تنظم حملاتها في قاعات محمية تحت حراسة مشددة تضم حضورا ضعيف، دون مظاهر دالة عن انتخابات قريبة.
ان المقاطعة الشعبية للانتخابات هي مقاطعة نشطة جرفت الملايين للتحرك نضاليا لمنع فعلى للانتخابات بأنشطة جماهيرية ملموسة وبتعبئة واسعة ببرنامج عام معمم شعبيا: اقالة الحكومة، اسقاط الرئيس بالنيابة، إطلاق سراح المناضلين المعتقلين، دستور ديمقراطي نابع من قرار شعبي سيد، هيئة مستقلة ذات مصداقية.
درس لليسار الجدري بالمغرب.
يثير الموقف من الانتخابات للمؤسسات البرجوازية بالمغرب بلبلة في صفوف اليسار الجدري، فالمقاطعة الدائمة قرينة الموقف الجدري المعارض للنظام وغيرها خيانة واستسلام للرجعية. رغم التوضيح المديد ونفض الغبار على ارث الحركة العمالية العالمية بمختلف التجارب التاريخية لكن ثمة حاجة لمواصلة تمحيص الأمثلة الجارية.
رفاقنا في حزب العمال الاشتراكي ينسقون تدخلهم مع قوى يسار جدري في اطار البديل الديمقراطي شعاره النضال من اجل مجلس تأسيسي ديمقراطي يقرر في مستقبل الجزائر. يساند البديل الديمقراطي النضال الشعبي وينخرط في المقاطعة النشطة للانتخابات ويبدل جهود لتشكيل لجان نضال عمالية وشعبية لكن اغلبه شارك في انتخابات مزورة تحت دستور الديكتاتورية في ضل نظام بوتفليقة الفاسد ،فرفاقنا شاركوا في تلك الانتخابات تحت شعار من اجل مجلس تأسيسي سيد منتخب شعبيا يعيد بناء الجزائر على أسس تلبية حاجياته، واستعملوا الانتخابات للتحريض لمواقفهم السياسية التي كانت حينها محدودة التأثير وغير مفهومة في صفوف عموم الشعب لكن العمل الصبور وتغير ميزان القوى تلقفت الطلائع الواسعة الشعار وبات محور مواجهة انية لخطط النظام لإعطاء مخرج مؤسسي للازمة الثورية بما يبقي على النظام دون تغيير، مقابل تمسك اليسار الاشتراكي على منع الانتخابات الرئاسية او اسقاط رئيس النظام فاقد الشرعية الشعبية بواصلة المعركة.
الموقف من مؤسسات النظام مسألة تكتيكية تتعلق بميزان القوى لكن رغم إقرار اليسار الجدري بالمغرب بدلك فواقع الحال ان المقاطعة أصبحت مسألة مبدأ يبررها سيكولوجيا متوجسة من فساد مؤسسات وانتخابات النظام ورغبة دفينة في الحفاظ على طهارة اليسار من ملوثات مؤسسات النظام وتلك مسألة أخرى تستدعى التوضيح لاحقا.
بقلم، أبناي
اقرأ أيضا