فرصة تاريخية أمام المفروض عليهن/هم التعاقد: نضج الوضع المحلي والحَفَّازُ الإقليمي
تنفتح أمام المفروض عليهن/هم التعاقد فرصة تاريخية لإسقاط مخطط التعاقد مرة إلى الأبد وتحقيق مطلب الإدماج في وظيفة عمومية ضامنة لعمل قار.
تتمثل هذه الفرصة في عنصرين أساسيين:
أولا: تغير المناخ الإقليمي في اتجاه إيجابي
استطاعت شعوب المنطقة كسر طوق الثورة المضادة التي أدت إلى تقهقر السيرورة الثورية منذ أوساط سنة 2013: أسقطت ثورة الشعب السوداني رأس النظام، ودفع حراك الشعب الجزائري بوتفليقة إلى الرحيل. واندفع الشعبان العراقي واللبناني في تمرد شعبي عظيم، وفي نفس الوقت تَمَلْمَلَ الوضع بمصر، وحققت نقابة المدرسين في الأردن انتصارا كبيرا بعد إضراب وحدوي تاريخي…
ثانيا: نضج الوضع المحلي
تعي الدولة ما يشكله الوضع الإقليمي من حافز قوي لاستئناف الحراك السياسي والاجتماعي الذي توقف نهاية سنة 2012، لذلك ستسعى بكل ما أوتيت من خبرةِ تعاملٍ مع الاحتجاجات لإطفاء بؤر التوتر الاجتماعي المُهَدِّدَةِ بتفجير الوضع.
يتميز الوضع المحلي بتفجرية جلية تمثلت في استعداد نضالي يعبر عن نفسه بأشكال بالغة التنوع: حملة المقاطعة، نضال التلاميذ، نضال شغيلة التعليم وعدد من فئات الوظيفة العمومية، أناشيد الألتراس، فش الاستياء الشعبي في وسائل التواصل الاجتماعي.
تمثل تنسيقية المفروض عليهن/هم التعاقد، في هذا السياق التفجري، أقوى حركة اجتماعية في هذه اللحظة. لذلك فإخماد نضالها أولويةٌ كبرى بالنسبة للدولة، وهو ما يجب أن يعيه مناضلو التنسيقية ومناضلاتها، لضرب الحديد مادام حاميا.
من دروس 20 فبراير 2011
لن تتكرر هذه الفرصة مرة أخرى، إن جرى تفويتها، إلا بعد مرور زمن طويل وبكلفة اجتماعية أعلى. وعلى طلائع النضال الاستفادة من دروس سنة 2011:
* الحركات التي انخرطت في نضال اضطرت الدولة إلى الاستجابة لمطالبها، قصد عزلها عن حراك 20 فبراير (تشغيل 4300 من الأطر العليا المعطلة، ترسيم العمال المؤقتين في قطاع الفوسفاط…).
* بينما لم تحقق مطلبَها تلك الحركاتُ التي تفادت الضغط على الدولة، مراهنة على اعتراف هذه بالجميل لاحقا بتلبية المطلب. وأحسن نموذج هنا هم عمال الأتوروت، الذين اضطروا للنضال بعد فتور دينامية 20 فبراير، وظل نضالهم رغم كفاحيته معزولا، فاضطروا إلى قبول حل يهدد استقرارهم في العمل. [أنظر مقالات جريدة المناضل- ة].
ستعمل الدولة على استدراج التنسيقية إلى جولات “حوار” لا تنتهي، وستغدق من الوعود الكثير. وقد تضطر إلى تقديم بعض التنازلات الطفيفة التي لا تمس مخطط التعاقد في الجوهر. والغاية من كل هذا هو عزل التنسيقية عن مناخ النهوض النضالي الذي بدأت تباشيره تبزغ من جديد مع الانتصارات التي تحققها الجماهير في المنقطة (استقالة سعد الحريري من الحكومة تحت ضغط الانتفاضة اللبنانية).
إن “الحوار” مسألة تافهة مقارنة بالإمكانات النضالية التي بدأت تلوح في الأفق، وتفويت فرصة الانخراط فيها سيديم عبودية التعاقد إلى أجل بعيد، وسيكلف إسقاطه كلفة أكثر.
الباب مفتوح أمام التنسيقية لتساهم في نهوض شعبنا العظيم، والفرصة سانحة لتنفيذ ما يرد في بياناتها من أن إسقاط التعاقد مهمة الشعب المغربي قاطبة، ولبناء جبهة اجتماعية للدفاع عن المدرسة والوظيفة العموميتين.
إن مبررات مثل “لا نريد إلا الإدماج” و”مطلبنا مطلب اجتماعي وليس سياسيا” ستكون بمثابة المعاول التي تحفر قبر الإدماج في الوظيفة العمومية بدل أن تقبر مخطط التعاقد.
بقلم، شادية الشريف
اقرأ أيضا