لندافع عن الحقوق الديمقراطية لشعب كاتالونيا ضد حكم ظالم وبوجه القمع بيان المكتب التنفيذي للأممية الرابعة
كاتالونيا وإسبانبا
لندافع عن الحقوق الديمقراطية لشعب كاتالونيا ضد حكم ظالم وبوجه القمع
بعد محاكمة العديد من قادة أنصار الاستقلال، أثار صدور قرار المحكمة العليا يوم 14 أكتوبر موجة احتجاجات في كاتالونيا، وبدرجة أقل، في مناطق أخرى من الدولة الإسبانية، وحتى ببعض المدن الأوروبية.
أُعتُـِبر الحكم على 12 من قادة الحركة الاجتماعية والسياسية أنصار الاستقلال-9 منهم بعقوبات بين 9 إلى 13 سنة سجن- عقابا جماعيا لشعب برمته تجرأ على مواجهة النظام السياسي الانتقالي لما بعد عهد فرانكو والنظام المؤسسي لدستور العام 1978. إنه حكم ظالم وغير مشروع، بعد مسطرة قضائية مديدة تشوبها خروقات كثيرة، قام خلالها القضاة بتأويل تقهقري للتشريع الجاري به العمل بمنطق “حرب قضائية. تجد “السيرورة الاستقلالية” تفسيرها إلى حد بعيد في تجذر قطاعات عريضة جدا من سكان كاتالونيا نتيجة التشويه الشامل الذي ألحقه حزب الاشتراكي العمالي الإسباني بمحاولة إصلاح نظام الحكم الذاتي في العام 2006. ولا حقا عُرضت تلك المحاولة أمام المحاكم من قبل اليمين الرجعي الممثل بالحزب الشعبي. كل هذا تم النظر إليه، ليس فقط من قبل التيارات القومية التقليدية، كاهانة جماعية حقيقية وطعن في الديمقراطية. إن العواقب طويلة الأمد للحكم الأخير، وما قد تفتح من سيناريوهات، أمور يتعذر توقعها.
يجب أن يُؤخذ بالاعتبار كون هذه العقوبة، بعد عامين من الاعتقال الاحتياطي، تحكم على مجموع المعتقلين بـ104 سنة سجنا، مع إدانتهم بتهمة العصيان واختلاس أموال عامة. إن قساوتها (مجموع سنوات سجن يفوق ما حُكم به على المشاركين في محاولة الانقلاب العسكري في 23 فبراير 1981)، وكذا الطبيعة السياسية للمحاكمة، قد خلقا مناخ استياء شعبي عميق في كاتالونيا. يتمثل الجوهر الرئيس لهذا الحكم في إدانة التعبئات المواطنة لشهري سبتمبر وأكتوبر العام 2017، المعتبرة مخلة بالنظام العام. يستتبع هذا تجريم الحق في الاحتجاج الجماعي وفي ممارسة الحقوق الأساسية، كحقوق التعبير والاجتماع والتنظيم والتظاهر. إن العصيان المدني والجماعي هو المُدان بهذا القرار، الذي سيشكل فصاعدا سابقة ستُطبق على نطاق واسع على كل احتجاج أو مقاومة سلمية ضد القرارات والقوانين والأحكام الصادرة عن سلطات الدولة.
خطوة تقهقر سياسي إضافية
ليس ما تشهدُ الملكيةُ الاسبانية لما بعد فرانكو من تقهقر مُعادي للديمقراطي أمرا جديدا. كان تصلب الدولة الاسبانية القمعي مطبوعا بقانون موجه لوقف نزع الطابع المركزي عن الدولة بعد فشل محاولة انقلاب 1981(قانون أنظمة مناطق الحكم الذاتي)، وبإرهاب الدولة الممارس من قبل حكومات حزب الاشتراكي العمالي الإسباني في سنوات 1980 ضد منظمة إيتا، وبـ”قانون الكمامة” (الذي صادق عليه راخوي لاحتواء نضالات حركة المستائين بعد 15 مايو عام 2011، الذي يحد بقسوة حرية التظاهر والاجتماع والإضراب والإعلام)، وكذا بالقمع الوحشي لاستفتاء 1 أكتوبر 2017 في كاتالونيا. رغم أن هذه الدينامية باتت تجري على صعيد دولي، بفعل أزمة هيمنة النيوليبرالية والتصلب السلطوي المرافق لها، فلا يقل صحة أن طبيعة انتقال ما بعد فرانكو، الذي تخلى عن محاكمة جرائم النظام السابق وعن “تطهير” أجهزة الدولة الموروثة عن الديكتاتورية، يعزز هذه الدينامية. بيد أن قرار المحكمة العليا يمثل انعطافا حقيقيا، وتهديدا بالغ الخطورة للحركات الاجتماعية ولليسار، وسابقة شديدة خطيرة على مستقبل الديمقراطية في مجمل الدولة الاسبانية.
دينامية تعبئة وتنظيم ذاتي
بعد سنوات تعبئات جماهيرية لصالح الاستقلال، وبدعم واسع من سكان كاتالونيا (أكثر من 80% في استطلاعات الرأي)، من أجل مطلب حق تقرير المصير (المسمى أيضا “الحق في القرار”)، أدى قرار المحكمة العليا إلى دينامية تعبئة أشد كفاحية وأقوى، لا تزال سلمية على نطاق عريض جدا (عصيان مدني وحواجز على طرق المواصلات بلغت ذروة في احتلال مطار برشلونة يوم 14 أكتوبر، مستوحية نضالات المحتجين في هونغ كونغ). كان الإضراب العام يوم 18 أكتوبر، الذي تضافر مع المسيرات من أجل الحرية، التعبئة الأكثر جماهيرية حتى الآن، منتهية بمظاهرة شارك فيها ما يفوق نصف مليون شخص.
كفى من القمع، كل التضامن مع شعب كاتالونيا !
حدثت مع ذلك مواجهات بين أقليات وقوى القمع- ما لم يسبق وقوعه. وقد استعملت قوى القمع تلك المواجهات لتعميم قمع يتزايد شدة وعمى، لاسيما ضد الشباب، وهو ما أسهمت فيه بهـمّة شرطة كاتالونيا. مهدت هذه الأحداث، في سياق قبل انتخابي، طريق حملة واسعة – تستوجب مطلقا الفضح- بقصد تجريم النزوع الاستقلالي والتمرد بوجه عام. وأدت حتى الآن أساليب قمع غير معهودة إلى اعتقال 194 شخص (16% منهم قاصرون)، ووضع 28 متظاهر في اعتقال احتياطي (أمرت النيابة العامة بحبس احتياطي لكل الأشخاص المعتقلين في أثناء الاضطرابات)، و576 جريح (4 منهم فقدوا عينا بسبب استعمال المعدات المضادة للشغب)، وحتى وسائل الإعلام كانت ضحية لهجمات بوليسية عديدة. كما لوحظت اعتداءات من مجموعات أقصى اليمين ( بتواطؤ جلي أحيانا من قوات القمع) ضد المتظاهرين، سواء في كاتالونيا أو مناطق أخرى شهدت تعبئات تضامن.
ليس لدى الحكومة الاسبانية من سياسة، بوجه التعبئات في كاتالونيا، غير التهديد بتشديد القمع، وتؤكد – بضغط من اليمين وأقصى اليمين، قبل الانتخابات بثلاثة أسابيع- أنها لا تستبعد أي سيناريو قمعي، حتى تطبيق قانون الأمن القومي (الذي يتيح لها التحكم مباشرة في شرطة كاتالونيا)، والفصل 155 من الدستور ( الذي قد يؤدي إلى إلغاء الحكم الذاتي الكاتالوني)، وحتى إعلان حالة الطوارئ.
إننا ندعو إلى التضامن مع القوى التي تناضل، في كاتالونيا وفي مجمل الدولة الاسبانية، من أجل الحقوق والحريات، وضد تصعيد القمع، ونؤكد مساندتنا لحل ديمقراطي للنزاع السياسي الجاري، غير القابل للاختزال في مشكل نظام عام مزعوم.
الحرية للمعتقلين السياسيين !
الحرية لكافة المتظاهرين المعتقلين والمسجونين !
نعم لحق شعب كتالونيا في تقرير مصيره!
أوقفوا القمع البوليسي والفاشي!
21 أكتوبر 2019
المكتب التنفيذي للأممية الرابعة
اقرأ أيضا