نجاح مسيرة مراكش في ذكرى أربعينية عبد الله حاجلي؛ خطوة إضافية من أجل انطلاقة جديدة لنضال التنسيقية الوطنية للأساتذة/آت المفروض عليهم/هن التعاقد
مسيرة مراكش خطوة ناجحة تعزز استئناف نضال الأساتذة المفروض عليهم/هن التعاقد.
لا شك في بقاء أثر تعليق المعركة النضالية بعد وعود الدولة بتغطية من عرابيها أدعياء النضال من الوسطاء في الشوط الأخير من الموسم الدراسي، وما رافق ذلك من انقسام في صفوف المعنيين، بين مدافع عن مواصلة المعركة حتى النهاية ورفض الركون إلي الوعود الكاذبة، ورأي ثاني يرى أنه آن الأوان لامتحان ادعاءات الدولة. في الحقيقة ليس أهداف الدولة هي محط خلاف، فقد كان واضحا تماما لكل ذي عقل أن غاية الدولة هي تنفيذ سياستها بلا تراجع في فرض التشغيل بالتعاقد، بل الخلاف الحقيقي كامن في تباين تقييم المعركة وآفاقها في ظل ميزان القوى النضالي حينها وتأثير إجراءات الدولة القمعية ( المراسلات الرسمية، – اقتطاع وقف الأجرة– ،امتحان الكفاءة المهنية …) في تماسك قاعدة التنسيقية.
تمخض عن تعليق المعركة اختلافات، بلغت درجة تبادل اتهامات والتشكيك في النوايا النضالية، بالتوازي مع ضعف شديد في بلورة وجهات نظر حول القضايا الخلافية وعرضها للنقاش الديمقراطي، مما فتح باب النميمة والوشاية والتعاليق السطحية، وتلك تربة خصبة استغلها أعداء النضال لمحاولة تقطيع أوصال التنسيقية، بتأجيج الصراعات والأحقاد وخنق كل بادرة ترمي لإعادة التنسيقية إلى سكتها الصحيحة.
لهذا فإن مسيرة مراكش الأخيرة خطوة إيجابية نحو إعادة استئناف النضال ضد أوضاع الهشاشة واللاستقرار المهني، ودفاعا عن مكاسب شغيلة الوظيفة العمومية.
هجوم الدولة العدواني مستمر، فليتعزز النضال لوقفه
مرت الدولة من لحظات عصيبة وحشرت في زاوية ضيقة، لكون الإضراب تزامن مع نهاية الموسم الدراسي، واستطاع تعبئة أقسام من المدرسين، لقد توفرت له كل ظروف النجاح لولا الخذلان والخيانة من قبل القيادات النقابية، التي ناورت بين أشكال نضال متقطعة لرفع الحرج وبين لعب دور الوسيط حامل الرسائل، بل أنها تحرقت شوقا لوقف النضال تمهيدا لتوقيع اتفاق 26 ابريل 2019 عشية فاتح ماي العمالى.
لن تسمح الدولة مجددا بأن تكون رهينة مكبلة اليدين، وخطتها جاهزة لإضعاف مفعول إضرابات المفروض عليهم/هن التعاقد مطلع الموسم القادم، عبر إجراءات عديدة يعرفها مهندسو الخريطة المدرسية مع تحضير بدائل كسر الإضراب.
ستستغل الدولة أي علامة تراجع لنضالات المفروض عليهم/هن التعاقد لإحكام قبضتها على رقابهم، وتنزيل كثيف وصارم لترسانة هائلة من الإجراءات والقرارات الإدارية بخلفية ترويض العصاة، وقتل روح النضال الجماعي الذي مد جذوره في أعماقهم/هن درء لانبعاثه مجددا.
مررت الدولة “قانون الإطار” بما هو تعميق لسياسة القضاء على ما تبقى من عمومية التعليم وإخضاعه لمصلحة الرأسمال الخاص. ليس عبثا اختيار الفترة الصيفية، وليس صدفة إثارة نقاش غوغائي حول لغات التدريس المعتمدة، فكلاهما يرمي إلي حجب النقاش المفصلي حول مركزية الدفاع عن المدرسة العمومية الجيدة والمجانية.
بنفس الخطى الحازمة يوشك “قانون الإضراب” على نيل المصادقة البرلمانية كغيره من التعديات على حقوق الأجراء، علما أن مروره من المجلس الوزاري قابلته القيادة النقابية بصمت الأموات.
صيغة مشروع قانون الإضراب الذي قدمته الدولة فاق بكثير ما تضمنه مقترح نقابة أرباب العمل، ما يظهر اطمئنان الدولة إلی الهوان السحيق الذي قادت إليه القيادات النقابية منظمات العمال، وقد تتخلى فيه الدولة عن بعض الإجراءات الشكلية لتأمين القبول بالأمور الجوهرية التي ستلغي ممارسة حق الإضراب، وستسوق ذلك على أنه تنازل منها بعد حوار وتشاور مع القيادات النقابية “الشركاء في العدوان“.
يهدد قانون الإضراب حال المصادقة عليه بتجريم كل التنسيقيات النضالية، بالنظر إلی منعه لأي إضراب لم تدعو إليه النقابات ذات التمثيلية، ما يجعل النضال ضده في صلب جدول أعمال تنسيقية المفروض عليهم/هن التعاقد بتنسيق مع باقي التنسيقيات.
تقييم جماعي ضرورة لأجل انطلاقة أقوى
ليست معركة إسقاط التشغيل بالتعاقد معركة سهلة، وليس الدفاع عن المدرسة العمومية جولة وتنتهي، وليس الدفاع عن الحق في الحريات النقابية وتحصين حق ممارسة الإضراب مناوشة تنتهي بتفاهم ودي. إنها نضال عظيم يتطلب نفسا طويلا وخبرة نضال ووعيا يقضا، هذا ما تلقنه الممارسة العملية للآلاف من الشباب المناضل اليوم ويتمرسون على ضوء تجربتهم الخاصة.
كل معركة نضالية تجتاز منعطفات وامتحانات قاسية، تمتحن فيها قدرة القيادة وأساليب النضال وطرق التنظيم والشعارات المطلبية، حيث يسقط بالتقادم ما أبان عن فشله، ويولد الجديد القادر على الاضطلاع بالمهام النضالية الجديدة. النقاش الجماعي الديمقراطي والتقييم المفتوح بناء على وجهات نظر، هي مولدات ستساعد على انجاز هذه المهمة الحاسمة في تحديد استراتيجية النضال المستقبلية، القادرة على تحقيق أهداف تنسيقية المفروض عليهم/هن التعاقد.
إن قدرة التنسيقية على فتح نقاش داخلي لتقييم المرحلة السابقة والاتفاق على استراتيجية نضال جديدة بناء على تحليل السياق الجاري وسبل بناء ميزان قوى ملائم، هو مسألة حاسمة لتحديد مستقبل التنسيقية الوطنية. أعداء النضال لن يسرهم ذلك، وسيعملون على بث الإحباط ونشر اليأس في صفوف المفروض علیهم/هن التعاقد. دور كل أنصار النضال الحقيقيین هو مساندة التنسيقية الوطنية بالدفع بكل ما يقوي شوكتها ويصون وحدتها ويعزز ظروف انتصارها .
بقلم، ح أ، 23/07/2019
اقرأ أيضا