الجزائر: ثورة قريبة جدًا ومدعومة قليلا جدًا
كتب المقال يوم الأربعاء 3 تموز/يوليو عام 2019، وحُيّن يوم 13 تموز/يوليو عام 2019
ليوم الجمعة التاسع عشر على التوالي، خرج سكان الجزائر إلى الشوارع على نحو حاشد يوم 28 حزيران/يونيو، على الرغم من جهاز بوليسي مذهل.
«سلطة مجرمة»، «يا نظام ارحل»، «سئمنا، سئمنا من الجنرالات»، «قايد صالح، أنت خائن، عليك الالتحاق بالآخرين في الحراش» (سجن الجزائر العاصمة حيث تُعتقل أهم شخصيات النظام): ما من شيء يبدو قادرًا على كبح غضب الشعب. لأن الأمر يتعلق جيدا بالشعب برمته (الطلبة/ات والعاطلون/ات والتجار/ات الصغار/ات وأصحاب/ات المطاعم والفلاحون/ات…) ما يلفت النظر منذ البداية هو الشباب المتجذر في التظاهرات، وعزمهم، والابتهاج الجماعي وغياب الخوف في تحدي نظام فاسد، ومكروه وعاجز (حتى الآن) عن تقديم سيناريو متفق عليه «للخروج من الأزمة».
مناورة وأشكال ترهيب من كل نوع
إن أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش والذي يتولى اليوم وحده ممارسة السلطة، يُكثر كل أسبوع، أمام تجمع من الجيش، من التصريحات الأكثر تناقضا، مؤكدا من ناحية على مواصلة تطهير النظام القديم من الفاسدين وتهديد المتظاهرين/ات من ناحية أخرى. وهكذا، يتوقف كل يوم جمعة اشتغال خطوط السكك الحديدية التي تربط الجزائر العاصمة، وتُحجب شبكات التواصل الاجتماعي، لكن دون جدوى: شوارع الجزائر العاصمة حاشدة دوما، وشوارع المحافظات أيضا، ويرفرف العلم الأمازيغي، مع العلم الوطن، دوما في التظاهرات رغم القمع (جرى اعتقال عشرات المتظاهرين/ات بسبب رفع العلم الأمازيغي… أو العلم الفلسطيني!)
الكلام مُحَرَّر
في كل مكان، على انفراد وعلانية على حد سواء، تطرح نقاشات سياسية لا نهاية لها… إلى أين يسير الحراك؟ من سينضم لاحقا إلى القائمة الطويلة بالفعل لأسماء الشخصيات المُتهمين والمعتقلين؟ أكثر من 300 دعوى قضائية في انتظار صدور أحكام. وهي تستهدف أيضا أوليغارشيات أو جنرالات أو قادة أحزاب. ما من شيء قادر على إيقاف الإجراءات الجارية، طالما أن نظام الفساد المعمم يخترق جميع مجالات النظام القديم! وهكذا، اضطرت نقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين UGTA (المركزية النقابية المرتبطة كليا بالسلطة إلى تنظيم مؤتمر استثنائي على عجل لإقالة أمينها العام السابق، المتورط جدا مع النظام. لكن هذا الترميم في الواجهة لن ينال رضى الأغلبية الساحقة من جماهير الأجراء/ات الذين لا يشعرون بتاتا أن هذا المركزية الفاسدة تمثلهم/هن. إن هكذا انعدام الثقة المعمم لا يستثني الأحزاب السياسية الرئيسية، التي انغمست إلى هذا الحد أو ذاك في ألاعيب النظام القذرة. وبالتالي، فإن ما يثيره الاعتقال التعسفي للأمينة العامة لحزب العمال من ضجة أقل من حبس المتظاهرين/ات الشباب/ات.
شكوك
ذكي جدا من قد يتوقع مخرجا للثورة الجارية منذ ما يناهز خمسة أشهر في الجزائر. سيناريو «على الطراز البرتغالي»، في إطاره قد ينضم فصيل دال من الجيش (شعبي للغاية) إلى جانب الحراك الشعبي؟ أو قمع وحشي كما الحال في السودان؟ أو هيكلة أفقية للحراك، من شأنها أن تمارس من أسفل سلطة شعبية مضادة قد تكنس النظام القديم؟ لا تبرز أي صيغة اليوم في النقاشات، ولا حتى صيغة «الجمعية التأسيسية» التي تبدو حاليا فكرة دعاوية للغاية في غياب هيئات سلطة مضادة، قادرة وحدها على جعل مثل هذا المشروع واقعيًا.
إلى جانب الثورة الجزائرية!
كيف يمكن تفسير أن الانتفاضة الديمقراطية في الجزائر لا تثير مزيدا من الحماس على الجانب الآخر من البحر المتوسط؟ حتى الآن، لم تُنظم أية تظاهرة وطنية داعمة، في حين يجوب آلاف جزائريي/ات مدينة باريس كل يوم أحد بشكل حاشد ساحة الجمهورية للالتقاء ومشاركة أفراحهم والمناقشة وعزف الموسيقى والتعبير عن وحدة شعورهم مع مواطنيهم…
لا يمكننا أن نبقى غير مبالين مدة أطول بالأمل المذهل الذي تمثله الثورة الجارية على بعد ساعتين بالطائرة من باريس!
بقلم، آلان بوجولات
رابط المصدر: https://www.npa2009.org/actualite/international/algerie-une-revolution-si- proche-et-si-peu-soutenue
ترجمة جريدة المناضل-ة
اقرأ أيضا