وفاة حاجيلي خسارة لحركة النضال العمالي والشعبي: لن يوقف القتل والقمع غير كفاح ضحاياه
فقد مناضلو المغرب ومناضلاته من أجل عمل وحياة لائقين واحدا منهم، سقط في ساحة المعركة. فقد مات المناضل حاجيلي عبد الله بعد احتضار دام أكثر من شهر على اثر إحدى الهجمات القمعية لفض اعتصام الأساتذة يوم 24 أبريل 2019 بالرباط.
سبق لدولة الاستبداد والاستغلال أن قتلت مناضلين عماليين في هجمات على أشكال تعبير عن الاحتجاج. إذ في يوم 22 يناير 1992 مات عامل البناء محمد النعايمي(56 سنة) نتيجة تدخل القمع لفض مسيرة 400 من عمال مقاولة باهية بالدي نحو الديوان الملكي لوضع شكاية بصدد أجور تأخرت 7 اشهر. وكانت وكالة المغرب العربي للانباء افادت ان “مصادر ماذونة” كذبت ان تكون الوفاة ناتجة عن تدخل القمع، وعزتها إلى ازمة قلبية. واعتبر تقرير طبي الوفاة عادية رغم ما عاينت اسرة الفقيد من اثار ضرب على جثته.
.واعترف تقرير التشريح بكسور في اربعة أضلاع وفي عظام قفص الصدر، وردها الى عملية تدليك قلبي خارجي قصد الانعاش في المستشفى. وبعد 27 سنة لم يعاقب أي من المسؤولين عن جريمة قتل العامل النعايمي محمد.
ويوم 29 يونيو 2006، قُتل المناضل النقابي مصطفى لعرج (34 سنة) لما تعرضت المسيرة الوطنية لعمال وعاملات الجماعات المحلية [6000 مشارك]، نحو وزارة الداخلية بالرباط، لهجوم بالغ الشراسة من الشرطة والقوات المساعدة. ولم يصدر عن وزارة الداخلية، ولا عن الادارة العامة للبوليس، أي تكذيب لكون الوفاة ناتجة عن عنف قوات القمع. وكانت صحف تولت مهمة التشويش بالتلميح تارة والتصريح أحيانا الى ان الوفاة طبيعية بزعم ان النقابي المقتول كان مصابا بضعف القلب. وبعد 13 سنة ظلت الجريمة بلا عقاب.
التنكيل بالمتظاهرين والمتظاهرات، والتسبب في وفيات وعاهات جسدية ونفسية جسيمة، إحدى أوجه قمع الحريات العامة، والسعي إلى شل قدرة ضحايا الاستبداد والاستغلال على المقاومة. فالصحافة مقيدة بألف طريقة، وحق الإضراب يُعدم بالفصل 288 من القانون الجنائي، ويجري تحضير قانون منع عملي له. والجمعيات المستقلة عن الدولة عرضة للمضايقة والخنق، والممنوعات السياسية تفرغ حق تكوين الأحزاب من أي مضمون.
إنه بقدر ارتفاع صوت قاعدة المجتمع المظلومة، تواجهه الدولة بالمناورات والتضليل، وبالقمع. وتصرف ميزانيات ضخمة على جهاز القمع، عدة وتكوينا. وبوجه المطالب العمالية والشعبية السائرة حتما إلى رفع شعار “ارحلوا”، لن يكون ثمة انصياع من قبل الطبقة السائدة، بل ستتمسك بامتيازاتها وثروتها وسلطتها حتى آخر رمق. ولن تتردد في استعمال كل أشكال القمع ودرجاته المعروفة تاريخيا.
القمع ملازم لاحتكار الثروة، وليس بالتباكي أو التماس عطف الظالمين، يواجهه الكادحون؛ بل بالنضال من أجل فرض حريات التعبير والتنظيم والتجمع والتظاهر.. وفي هذا النضال لن تكفي أشكال التنظيم الفئوي، بل يستدعي وحدة عمل كل منظمات النضال القائمة من نقابات وتنسيقيات وجمعيات وأحزاب تقدمية، وحتى بناء أشكال تنظيم خاصة في القاعدة.
إن قتل حاجيلي وصمة عار على من بصموا بالعشرة على خدعة الإنصاف والمصالحة، التي منحت دولة الاستبداد فرصة تنصل بلا عقاب من ماضيها الإجرامي الذي دام نصف قرن من قمع الشعب وتعذيب مناضليه/ته واغتيالهم.
لن تكون آخر مرة تقتل فيها دولة الاستبداد والتجويع أبناء الشعب المناضل، وستظل تحمي جلاوزتها وجلاديها وتبقيهم خارج أي محاسبة وعقاب، لأنها تحتاجهم لإطفاء صبوات الكفاح الشعبي والعمالي التي تنبثق بشكل دوري.
جثة حاجيلي، وقبله عماد العتابي وكمال الحساني والعماري ومصطفى الأعرج وعبد الله موناصير… وعشرات العاملات والعمال ضحايا حوادث الشغل والسير، كل هؤلاء أمانة في أعناق الجسم المناضل من يسار وجمعيات حقوقية ونقابات.
مسؤوليتنا، بجميع صنوف منظمات النضال استنهاض مزيد من القوى الرافضة للظلم السياسي و الاجتماعي الذين يقوم عليهما النظام، ونعمل لتوحيد كفاحات الحركة العمالية و الشعبية في سيل واحد يكنس إلى الأبد نظام قتلة حاجيلي وكافة شهداء تحرر عمال المغرب وكادحيه.
تيار المناضل-ة، 28 مايو 2019
اقرأ أيضا