الإعتداء على قافلة الحرية: ليوضع حد لإفلات جرائم دولة إسرائيل من العقاب
المناضل-ة عدد: 27
الأممية الرابعة
مرة أخرى تبرهن حكومة أقصى اليمين، الخاصة بنتنياهو وليبرمان، على قدرة السير ابعد من أي حكومة اسرائيلية سابقة في خرق القانون الدولي وحتى حدود اللياقة. إن هجومها على قافلة الحرية في المياه الدولية يستدعي ردا قويا من حركة التضامن والرأي العام الدولي.
و إن وجود حزب العمل ممثلا في حكومة نتنياهو المتطرفة، يعني أن النخبة السياسية الصهيونية بمجملها شريكة في الجريمة. وقد أعلن باراك زعيم حزب العمل ووزير الدفاع أن الحكومة تتقبل بوعي نتائج هذا الفعل. وهذا يعني انه يتوقع اقتصار كل حكومات العالم،كما جرت العادة، على الأقوال، أي بيانات ديبلوماسية وعبارات شجب موجهة إلى السفارات الإسرائيلية. لكن ينبغي أن الأمر،هذه المرة،مغايرا: إن دفقا من الاحتجاجات قادر على إرغام الحكومات للانتقال من الأقوال إلى الأفعال.
سبق و تحدث بارك أوباما وبان كي مون عن فتح تحقيق. لكن حول ماذا يريدان التقصي؟ فالحكومة الإسرائيلية لم تنف أنها نفذت هجومها اللاشرعي في المياه الدولية، بل أعلنته رسميا. وتحدث جيش إسرائيل عن مقتل تسعة مناضلين. ولا يذكر الناطق الرسمي باسمه سوى جرح أربعة إسرائيليين لتبرير هذا القتل. وتحدث مراسل الجزيرة، المتواجد على السفينة، أن راية بيضاء رُفعت وتلاها إطلاق النار. كما أن الاقتحام تم بدون أي استفزاز. كل هذا يثبت أن حكومة اسرائيل اختارت عن عمد اللجوء لاستعمال”غير متناسب للقوة”، كما حصل في 2008-2009، وأن الأمر لا يتعلق أبدا بحالة “دفاع عن النفس”.
إن الهجوم على قافلة الحرية هو امتداد منطقي للحصار المفروض على غزة الذي كانت القافلة احتجاجا عليه وتحديا له.يصعب إيجاد أية حكومة في العالم ، ماعدا حكومة اسرائيل، قادرة على تبرير هذا الحصار الذي هو حالة فاقعة لعقاب جماعي غير شرعي مفروض على شعب أعزل. ومع ذلك ولا حكومة حركت ساكنا لوضع حد له. وبكلبية، تتجرأ إسرائيل لتوصي الصحافيين بمطعم فخم في غزة لمعاينة آثار الحصار.
لا شك أن كاتب البلاغ الصحافي ذاك يتذكر أن مطاعم فخمة ظلت مفتوحة في غيتوهات فارسوفيا فيما كان اليهود يموتون في الشوارع ! لا ليس ثمة مجاعة معممة في غزة اليوم؛ مهما بلغ الحصار من التعسف والنزوية، فقد تم ضبطه بما يتيح تجنب هذه الدرجة من الدمار. إن الحصار لا ينتج عنه “سوى” سوء تغذية جماعية، “سوى” إصابة عشرات الآلاف من الأطفال، “سوى” بطالة جماهيرية تصل نسبتها الى 80 % من سكان عددهم 1.5 مليون نسمة، “سوى” العيش وسط الخراب في ظل العجز عن إعادة إعمار ما خربه العدوان الإسرائيلي سنة 2008-2009، “سوى” وفاة 28 فلسطينيا انتظروا دون جدوى تصريحا بالخروج لتلقي علاج عاجل.
إن الاحتجاجات ضد الهجوم على قافلة الحرية- المتوج للحصار- هي أكثر من مبررة. ينبغي أن تستمر التجمعات والتظاهرات أمام السفارات والقنصليات. ولكن عليها أن تذهب ابعد لاستهداف حكومات كل بلداننا التي جعلت، ولا زالت، الهمجية الإسرائيلية ممكنة.
– في الولايات المتحدة الأمريكية، التي تظل في عهد أوباما الداعم الرئيس لإسرائيل، يجب أن تطالب الاحتجاجات، وأن تحقق، وقفا فوريا لثلاثة مليار دولار من الدعم السنوي الممول لجرائم حكومة إسرائيل.
– في بلدان الاتحاد الأوروبي، حيث لم تمض سوى أشهر قليلة على قرار إقامة علاقات أوثق مع اسرائيل، يجبعلى الاحتجاجات ان تطالب، وان تحقق، تفعيلا فوريا لبند احترام حقوق الإنسان في اتفاقات التبادل الحر بين الاتحاد وإسرائيل وتعليق كل الامتيازات التجارية التي تمنح إسرائيل عونا اقتصاديا.
– في البلدان العربية التي تقيم علاقات مع إسرائيل، ينبغي أن يجبرالغضب الشعبي الحكومات على إنهاء هذا التواطؤ، وبوجه خاص الحكومة المصرية التي لها دور لا غنى عنه في استمرار الحصار الإجرامي على غزة.
– في إسرائيل، حيث نظمت بها أيضا احتجاجات، ينبغي تقوية المقاومة في وجه حكومة أقصى اليمين.
– وفي كل الأمكنة حيث حركة التضامن ليست بعد قوية بما يكفي لارغام الحكومة على القطع مع إسرائيل، تنبغي المبادرة الى تنظيم حملة جماهيرية حول شعار مقاطعة- سحب الاستثمار-عقوبات.
وفي الأخير، ينبغي ان تحفز هذه الجريمة الجديدة موجة نقاش و تفكير جديدة حول فشل “عملية السلام” المفترض بها إقامة دويلة فلسطينية على أراضي 1967، إلى جانب دولة صهيونية لا يلحقها أي تغيير. سيجري اليوم “معاقبة” حكومة إسرائيل على جريمتها بحق قافلة الحرية بوقف جديد لعملية المفاوضات غير المباشرة مع السلطة الفلسطينية. هذه العملية التي لا تفضي طبعا سوى الى إعفاء إسرائيل مؤقتا من جهود فرض أمر واقع.
على حركات السلام والتضامن أن تنشغل أكثر الآن بالحاجة إلى بديل يقود الى سلام حقيقي، أي حق الشعب الفلسطيني غير المشروط في تقرير مصيره، وحق لاجئي 1948(الذين يشكلون 80 % من ساكنة غزة) في العودة، و تفكيك الدولة الصهيونية، وإيجاد حل سياسي يتيح للشعبين الفلسطيني و اليهودي العيش معا في ظل حقوق متساوية.
المكتب التنفيذي للأممية الرابعة
1يونيو 2010
اقرأ أيضا