صدور العدد 73 من جريدة المُناضل-ة: الافْتتاحية والمُحتويات
العدد 73 للتحميل إضغط على الصورة
الافتتاحية: من أجل سياسة عمّالية بديلة للنهج السّائد في الحركة النقابية
تشهدُ السّاحة النقابية، ما عدا بالقطاع الخاص، تململا مغايرا للمألوف في السنوات الأخيرة. اتضح الأمر في إضراب 3 يناير 2019 الوحدوي بقطاع التعليم، وها هو يتأكد في التقاء قوى نضال متنوعة في يوم 20 فبراير: مسيرة وطنية بالرباط دعت إليها تنسيقية الأساتذة المفروض عليهم التعاقد، ضمن برنامجها النضالي الخاص؛ ثم دعوة إلى إضراب عام بالوظيفة العمومية والجماعات الترابية في نفس اليوم، من طرف نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، مع انضمام نقابات التعليم الثلاث [كدش، فدش، الجامعة الوطنية ] إلى مسيرة الرباط، ومشاركة تنسيقيات متنوعة. لا ينقص الكتلة العمالية غير الاتحاد المغربي للشغل.
إنه التقاء نضالي يفرضه سياق تصاعد التعدي على الحقوق، لكنه تلاقي مطبوع بالتردد، وبقصر النفس، وافتقاده لرؤية وأهداف إجماليين. ومن ثمة خطر انتكاسه، وإحباط ما يثير من آمال الفكاك من وضع العجز ومراوحة المكان، وحتى التراجع.
منذ العام 2011، وما جاء به ميزان قوى تلك الفترة من مكاسب نوعية، ألمت بالحركة النقابية حالة من الضعف مكنت العدو الطبقي من مواصلة ضرب ما تبقى للطبقة العاملة من مكاسب.
ولا شك أن من أسباب هذا الضعف الرئيسة النهج الذي تسير عليه حركتنا النقابية ذاتها. لقد أسهم في إضعافها امتناع مقصود عن تجنيد كامل قواها، ولا مبالاة بواجب إيقاظ الراقد من تلك القوى، وخرط الكل في خطة نضال موحدة في اتجاه تغيير في ميزان القوى يضمن تحقيق مكاسب حقيقية. فلا تضامن حقيقي مع نضالات جزئية متواترة بالقطاع الخاص، ولا توحيد للجهود بين مختلف النقابات في القطاع العام، واقتصار على مطالب جزئية ليس من شأنها توحيد النضالات، وعلى أشكال نضال قليلة الفعالية قصيرة النفس.
ومن أوجه الضعف المُشلة لقدرة حركتنا النقابية ما بلغت من تشتت، قوامه تعدد نقابي، وتنامي أشكال تنظيم خارج الهياكل النقابية، من تنسيقيات وهيئات فئوية. والحق أن هذا التشتت عاقبة مباشرة لنهج القيادات النقابية الذي دفع أقساما من أجراء الوظيفة العمومية دفعا إلى السعي إلى تحقيق مطالبها خارج هياكل النقابات بسلوكين ضارين:
– أولهما، تغييب الديمقراطية وتغليب الأوامر الفوقية وخنق المبادرة النضالية.
– والثاني، تجاهل مطالبها الفئوية، والامتناع عن حفز النضال من أجلها وتطويره.
نهج القيادات النقابية تحكمه رؤية سياسية، قد تتخذ لها قناعا لا سياسيا، لكنها سياسة واعية، تتجسد في مواقف عملية، ويُعبّر عنها بيانات الأجهزة وفي الأدبيات. إنها سياسة «الشراكة الاجتماعية»، أي التعاون مع البرجوازية ودولتها للتحكم في الوضع الاجتماعي، وهو ما يسمونه «الاستقرار». وتقوم هذه السياسة على تضليل ما بعده تضليل. يزعمون أن لا خيار آخر بين استقرار وضع الاستغلال والقهر القائم ووضع الفوضى والدمار الاجتماعي الشامل، على غرار ما فعل استبداد الأسد وهمجية الرجعية الدينية بسوريا.
إن ثمة خيارا آخر: خيار النضال المنظم والواعي من أجل استقرار الحقوق الاجتماعية، الحق في حياة لائقة لملايين الكادحين الذين يفتك بهم نظام الاستبداد والرأسمالية.
وهو استقرار ممكن بإرادة تلك الملايين.
ليس اتهام سياسة القيادات النقابية دعوة إلى نهج لا سياسي في الساحة النقابية. فهكذا نهج لا وجود له، بل أكذوبة ليس إلا. المطلوب نهج تحكمه سياسة الدفاع الفعلي والحقيقي عن مصالح طبقة الأجراء: عن حرياتها الديمقراطية، وعن حقها في أجر لائق، وحماية اجتماعية حقيقية، وعن خدمات عمومية مجانية وجيدة، باختصار كل مقومات الحياة والكرامة الإنسانيتين.
لا ننتظر أن تهتدي قيادات منظماتنا إلى سياسة طبقية وفق المواصفات المذكورة، فتمسكها بسياسة «الشراكة الاجتماعية» له جذور في موقعها بين العمل والرأسمال، موقع تميزه مصالح وامتيازات. إننا نناضل من أجل سياسة بديلة، سياسة عمالية حقيقية، وفية لعلة وجود النقابات، سياسة تروم تَـزَوّدَ الشغيلة بأدوات نضال فعالة، لا تقتصر على خبز اليوم، بل تكافح من أجل مجتمع الغد، مجتمع الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
إن قوى النضال من أجل سياسة عمالية حقيقية موجودة في النقابات وفي خارجها، إنها كل التواقين والتواقات إلى النضال فعلا، وكل من لا يرضيهم وضع الحركة النقابية الراهن. تجميع قوى هذه السياسة العمالية البديلة إحدى المهام الرئيسة التي يضعها تيار المناضل- ة على كاهله، ويمد يده إلى كل معني ومعنية لإنجازها. وبمقدمة المعنيين أفواج الشبيبة المناضلة الملتحقة اليوم بساحة المعركة، والتي بات أثرها الخلاق واضحا في مسيرة الرباط يوم 20 فبراير 2019.
المناضل-ة
المحتويات:
- حراك الريف وجرادة : ماذا بعد الاحكام الجائرة على طلائع النضال؟
- «يسار» متهافت: بصدد الحملات على حزب العدالة والتنمية
- حراك الريف والتضامن الواجب…
- لماذا يجب على نقابتنا، الإتحاد المغربي للشغل، الإنضام إلى الدينامية النضالية الجارية؟
- العمال الزراعيون: استغلال بشع ونضال نقابي لانتزاع الحقوق المغتصبة
- السودان: الشعب يستأنف السيرورة الثورية
- السودان: ما في صلب النقاش السياسي
- هو الإسقاط الفوري للنظام
- ملف العدد: نضال الأساتذة المفروض عليهم التعاقد، وباقي التنسيقيات بقطاع التعليم.
اقرأ أيضا