اعتصام واضراب عن الطعام لمعتقلي العيش الكريم امام مبنى عمالة تزنيت
تشهد مدينة تزنيت في هده السنوات الأخيرة موجات احتجاج شعبي ضد تبعات سياسات الدولة التقشفية المملاة من قبل المؤسسات المالية والتجارية الدولية. دمرت هذه السياسات مكاسب شعبية تاريخية، وفاقمت إفقار كادحي مدينة تزنيت وتهميشهم.
كانت المدينة من أوائل المدن التي شهدت مظاهرات حركة 20 فبراير، وبزخم جماهيري. ومنذئذ لم يستسلم كادحو المدينة ومناضلوها أمام عدوان الدولة. كان النضال ضد مافيا العقار أطول تلك النضالات، وصولا للنضالات في سنة 2018 ضد تردي الوضع الصحي، وتضامنا مع الطبيب المهدي الشافعي.
تشهد المدينة الآن اعتصاما للمناضلين خليل إد مولود ومحمد جاعا، “معتقلا العيش الكريم”. اعتصام أمام مبنى عمالة تزنيت مصحوب بإضراب عن الطعام لمدة تقترب من 20 يوما حاليا. شابان معطلان قررا النضال بكل السبل من أجل الشغل ومن أجل تحسين أوضاع كادحي مدينة تزنيت. امتهنا تجارة الرصيف، بعد معاناة طويلة مع البطالة، كغيرهم من آلاف أبناء المنطقة العاطلين عن العمل. عمل تعتبره الدولة غير قانوني وتسعى جاهدة لاستئصاله دون أن توفر حلولا فعلية لمعناة ممتهنيه ممن ضاقت بهم سبل إيجاد عمل لائق. وتلجأ الدولة لهذه “المهنة” كلما اشتدت الأزمة الاجتماعية ودفعت الجماهير للشارع للاحتجاج، إنها تستغلها لإطفاء حرائق سياساتها اللاشعبية، وعندما يخبو الاحتجاج تطارد الباعة الجائلين وتصادر أملاكهم، وتعتقل وتنكل بهم…
تنظم “فراشة” مدينة تزنيت، كما زملاؤهم بعدة مدن أبرزها الدار البيضاء وبني ملال، في خضم حراك 20 فبراير النضالي، ورفضوا ابتزاز السلطلة وتعدياتها، وطالبوا بحلول مناسبة لأوضاعهم، بتوفير فضاء يحتضن تجارتهم. لم تجد الدولة في شخص السلطة المحلية غير القمع والاعتقال جوابا على مطالبهم… وتم بالفعل الحكم بالسجن النافد في حق المناضلين خالد ومحمد، المعتصمين حاليا، وأمضيا أربعة أشهر سجنا.
خرج المناضلان من السجن وعادا إلى النضال من أجل العيش الكريم، وهما مصران على انتزاع حقهما، شغل قار في مدينة محفوظة الكرامة. حتى الآن واجه المسؤولون المحليون معركتهما البطولية بالتجاهل، مع بعض الاستفزاز من فينة لأخرى. الحوارات فارغة، والوعود مراوغة. والحالة الصحية للمضربين المعتصمين بباب العمالة تتردى، وبلغت مستوى خطير لدى خليل إد مولود، فهو يعاني الآن آلاما حادة وغثيان، وارتعاشات دائمة.
تحضى المعركة بتعاطف السكان، وبتضامن وإن ضعيف، مقتصر على زيارات تضامنية للمعتصم، وإصدر بيانات، وكانت وقفة التضامن مع المعتصمين يوم الأحد الماضي متواضعة جدا، والحصار الإعلامي على أشده.
ليس لدى المسؤولين أكاذيب إضافية للتحايل على المعتصمين. في اليوم الأول من الاعتصام تم منع المضربين عن الطعام واعتقلا، وأطلق سراحهما بعد ساعات، وهما مصران على الذهاب بعيدا بمعركتهما، حتى الاستشهاد، كما يعبر عن ذلك شعار معركتهما: “الشغل إو الاستشهاد”.
إنها معركة كل معطلي مدينة تزنيت، من أجل الشغل القار والعيش الكريم. وهي معركة كل الشباب المعطل بالمغرب، وهي تستدعي إعادة بناء حركة المعطلين بالمغرب وتوحيد نضالها، والتضامن… وهي في المقام الأول معركة جماهير تزنيت المفقرين، عليهم خوضها بنفس طويل وباستماتة أقوى مما فعلوا إبان التضامن مع “طبيب الفقراء” المهدي الشافعي، أو خلال حركة 20 فبراير المجيدة.
لن تنزل الحقوق من السماء، ولن تصان المكاسب باللامبالاة، فقط عبر النضال، يمكن خلق إمكانية انتزاعها وتوسيعها.
كل التضامن مع معركة خليل ومحمد. إنه من أوجب الواجبات، صونا لكرامة المضربين عن الطعام وحياتهما، أن يبادر يساريو المدينة، ونقابيوها إلى التعبئة، واحتضان المعركة، وخلق كل السبل لنجاحها.
العاصي الحر
اقرأ أيضا