رسالة مفتوحة إلى تنسيقيات شغيلة التعليم: حي على توحيد النضال وتقويته
استطاعت الدولة تدمير وحدة الشغيلة، بشن هجماتها تدريجيا مستهدفة فئة بعد أخرى. انصاعت الدولة لنصيحة المؤسسات المالية الدولية (البنك العالمي وصندوق النقد الدولي…) التي أوصتها بالتدرج في الهجوم، والترويج له إعلاميا بشكل مسبق، لتفادي رد جماعي من طرف المستهدفين بهذا الهجوم.
أدى غياب رد نقابي حازم وموحد، إلى نهوض فئات شغيلة التعليم بشكل مشتت زمانا ومكانا. لا تدخل كل فئة غمار النضال إلا حين يكون سكين الهجوم قد وصل عظمها. ويفوت هذا هذا فرصة الرد الجماعي.
ناضلت شغيلة التعليم ما يقارب عقدين من الزمن بشكل مشتت، مستطيعة أحيانا قليلة تأجيل الهجوم، ولكنها ظلت عاجزة عن وقفه نهائيا.
منذ إلغاء الدولة الترقية بالشهادة، هب المتضررون للنضال لصيانة هذا المكسب. تقدم الدولة تنازلات جزئية بفتح باب الترقية الاستثنائية لأفواج بعينها، دون أن يفضي إلى إسقاط القانون الذي أجهز على هذا الحق.
بلغ الهجوم حاليا مستوى شاملا بإقرار التوظيف بالتعاقد الذي لا يلغي فقط شكلا من أشكال الترقية، بل يضرب حق العمل القار، ويجعل من شغيلة التعليم عبيدا في يد مؤسسات الأكاديميات.
كلما تعمق هجوم الدولة على حقوق شغيلة التعليم (والوظيفة العمومية عموما)، تعمق الطابع الفئوي لنضالها. يعتقد المقتنعون بهذا النوع من النضال أن عزل ملف كل فئة عن غيرها من فئات الشغيلة، هو الطريق الأقصر لنيل مطلبها: تبسيط المطلب، بعدم إدراجه في ملف يشمل مطالب كل الشغيلة، سيقنع الدولة بالاستجابة له.
إنه منطق معكوس، إذ يؤدي عزل المطلب إلى العزلة النضالية، وغياب التضامن والنضال الجماعي، ويسهل تناور الدولة وقمعها.
إن منطق الهجوم على الوظيفة العمومية شامل، لا يتعلق بنقط جزئية دون غيرها، بل يشمل هيكلة كل علاقات الشغل القائمة بين الشغيلة والدولة. تسعى الدولة إلى إضفاء الهشاشة على تشغيل أجرائها قصد تشديد استغلالهم وإضعاف قدرتهم على الدفاع عن حقوقهم. وتروم بذلك إعادة هيكلة شاملة لنظام الوظيفة العمومية، بدءا بالتكوين والتوظيف والتأجير والترقية ونظام التسيير والرقابة وانتهاء بالتقاعد.
أمام هذا الهجوم الشامل، لا بديل أمام شغيلة التعليم لتفادي الانحدار إلى حضيض العبودية إلا النضال المشترك. وهو ما نفتقده حاليا.
يغلي جسم الشغيلة التعليمية بنضالات فئوية عديدة. إذ شهدت نهاية شهري اكتوبر ونونبر إضرابات ومسيرات لفئات عديدة: الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، والمكلفون بالتدريس خارج إطارهم الأصلي، وموظفو التربية حاملو الشهادات، وضحايا النظامين، وأطر التوجيه والتخطيط التربوي، وأساتذة الزنازنة 9، والأطر الإدارية… الخ.
إلى متى ستظل كل فئة تناوش بمعزل عن البقية؟ من الضروري بوجه الهجوم الشامل والمعمم، توحيد ردنا الجماعي. والبداية بتوحيد خطواتنا النضالية.
لا يعني توحيد خطوات النضال التضحية بالوجود التنظيمي المستقل للتنسيقيات، بل برنامجا نضاليا ميدانيا مشتركا، تحافظ في ظله كل تنسيقية على هياكلها وملفها المطلبي وعلى حقها في التفاوض بشكل منفرد. فكل هذا لا ينفي إمكانية توحيد خطوات النضال، بل يستوجبه قطعا.
لقد جربنا النضال منفردين، وكانت النتائج جزئية. وحتى هذه الأخيرة تدل على أن السبيل الوحيد لتحصين المكاسب هو طريق النضال لا غيره. ولكن لرد الهجوم بشكل كامل، لا بديل عن الوحدة النضالية الميدانية. وقد يفتح توحيد تنسيقيات التعليم، وتنسيق جهودها، إمكانية فتح النقاش مجددا حول الوحدة النقابية على أرضية مطالب الشغيلة، والدفع بهذه الوحدة قدما بدل واقع التشتت النقابي الذي يستفيد منه أعداء الشغيلة.
إن ردنا الجماعي ملح، وعلينا عدم تبديد طاقة النضال بالتناوب. علينا جمع هذه الطاقة في مبادرة نضال مشترك تزيد من قوة تحركاتنا النضالية، وتربطها بالحراكات الاجتماعية، وتؤثر على القاعدة النقابية لتحفزها على النضال. علينا أن نسعى ليكون ميزان القوى النضالي جبارا يخضع الدولة، ويجبرها على تلبية مطالبنا.
بقلم، فاطمة بلا، عضو المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية لموظفي وزارة التربية الوطنية حاملي الشهادات.
اقرأ أيضا