ملاحظات انتقادية أولية في المسألة الأمازيغية- القسم 2 (تتمة)
أزنزار
الحركة الثقافية الأمازيغية
يعتبر تطور الرأسمالية خطوة نحو إزالة الحواجز القومية والثقافية وتقويض العزلة الإقليمية وإحلال التناحرات الطبقية محل القومية، بانتزاعه سكان القرى من خمولهم وانعزالهم الإقليمي. تقوم الرأسمالية بهذه المهمة بشكل نسبي حيث تتحول المدن الكبرى إلى طاحون كبير يطحن الفروق القومية في اتجاه خلق هذا الانسجام، لكن على حساب مكونات ثقافية أخرى (المكون الأمازيغي بالنسبة للمغرب)؛ مما يؤدي إلى إعادة إنتاج الفروق القومية والثقافية.
تخلق الرأسمالية هكذا تمييزا وتراتبا بين البلدان وبين الأقاليم (ما يطلق عليه المغرب النافع وغير النافع بالمغرب)، وتمييزا بين سكان البلد الواحد والإقليم الواحد، وحتى بين السكان ذوي الثقافة الواحدة: لا زلنا نتذكر التقسيمات الشوفينية التي تنشرها الدولة المغربية في وسائل الإعلام (الفاسي واليهودي، الشلح والعروبي،…).
انتزعت آلاف الأسر القروية من محيط اقتصادي-اجتماعي وجغرافي دام قرونا، وتحول أغلب أفرادها إلى جزء من طبقة عاملة (صناعية وزراعية)، أو فئة تجار صغار بالمدن،اندمجت في الاقتصاد الرأسمالي العصري بعد تقويض أسس الاقتصاد التقليدي. لم يترافق هذا الاندماج الاقتصادي باندماج ثقافي ولغوي، بل بإقصاء تام مصاحب باحتقار وعنصرية مبطنة تجاه الناطقين بالأمازيغية. لم يكن بد من ظهور رد فعل. ارتبط ظهوره بحدثين ذي دلالة رمزي، فقد تأسست أول جمعية أمازيغية “الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي” 10 نونبر 1967، عامين من انتفاضة 23 مارس 1965، بنفس مدينة الانتفاضة، ومباشرة بعد هزيمة حركة القومية العربية البورجوازية في يونيو 1967.
كان ظهور الحركة الثقافية الأمازيغية، نتيجة غير مباشرة لتفكيك البنى التقليدية للمجتمع المغربي، ونتيجة مباشرة لما وصلت إليه الأمازيغية في دولة الاستقلال، وفي نفس الوقت نتيجة لسياسات الدولة في المجال الثقافي واللغوي. فأغلب مؤسسي الحركة كانوا “خريجي مدارس ومعاهد التعليم الأصيل والمعرب، أي من خريجي مدارس الحركة الوطنية..” (أحمد عصيد).
ارتبط ظهور جمعيات الحركة الثقافية أساسا بالمدن الكبرى، والتحاق أبناء القرى بالمدرسة الوطنية، حيث اصطدموا بواقع لغوي آخر لا علاقة له بلغتهم الأم. كما عاينوا التهميش والاحتقار الذي تعاني منه ثقافتهم ولغتهم في المقررات الدراسية. كان لهذه الصدمات أثر كبير في دفع مجموعة من الطلبة للانتظام من أجل إعادة الاعتبار للغتهم. وقد ساهم انفتاح التعليم الجامعي (حيث اطلعوا على نتائج بحوث علم الاجتماع واللسانيات والانثربولوجيا والتاريخ)، على أبناء الطبقات الشعبية على مد هؤلاء بصورة عن تاريخ وثقافة ولغة الأمازيغ غير التي تلقنها برامج التعليم ووسائل الإعلام.
انتظم هؤلاء في البداية في صف دفاعي، من أجل تصحيح جملة تصورات مروجة حول الأمازيغية؛ إعادة كتابة تاريخ المغرب، دفع جريرة اللهجة عن الأمازيغية. لذلك احتل مقال علي صدقي أزايكو “من أجل مفهوم حقيقي لثقافتنا الوطنية” مكانة رمزية في أدبيات تلك الحقبة. كما اشتغل هؤلاء الرواد في المجال الفني والأدبي لتدارك ما يمكن تداركه: جمع الأدب الشعبي وتوثيقه، إصدارات جديدة (شعر ونثر) والاهتمام بالفلكلور والتراث الشعبي. واستطاعت الحركة أن تضمن لنفسها قصب السبق في إثارة القضية الأمازيغية، و تجعلها بعد أقل من عقد من ظهورها إحدى القضايا الأساسية التي تثير نقاشا عنيفا في الساحة الإعلامية المغربية دون أن تتعداها إلى ساحة النضال والاحتجاج، وهذا من نقط ضعف هذه الحركة.
يمكن تقسيم مراحل الحركة الثقافية الأمازيغية إلى ثلاث:
مرحلة النشأة (1967/1991): عمل ثقافوي متجه أساسا للحفاظ على ما تبقى من التراث الشعبي الشفوي (إصدارات شعرية ونثرية، ومهرجانات، الاهتمام بالفلكلور).
مرحلة المطالبة (1991/2001): توسع محموم للحركة (تأسيس مجموعة من الجمعيات، تنسيقات وطنية وجهوية، ميثاق اكادير، صحافة منتظمة، “الأمازيغية مسؤولية وطنية”…).
صادفت هذه المرحلة الجلبة الدستورية التي تزعمتها أحزاب الكتلة الديمقراطية، من أجل إصلاحات دستورية. تأثرت الحركة الثقافية الأمازيغية بنفس أساليب نضال هذه الكتلة في نضالها المطلبي، الذي ابتدأ بتوقيع ميثاق أكادير 1991؛ الذي تضمن جملة مطالب لإعادة الاعتبار للأمازيغية (الدسترة والتعليم والإعلام).
اقتفت الحركة الأمازيغية آثار “استراتيجية النضال الديمقراطي”، التي أرستها الأحزاب الليبرالية مقتصرة على النضال المشروع حسب القوانين الجاري بها العمل (الحسين وعزي)، حاملة شعار “الأمازيغية مسؤولية وطنية” إشارة إلى أن الحركة تريد تعبئة كل قطاعات المجتمع من مؤسسات وأحزاب وتنظيمات، دون أن تتعداها للتغلغل في الطبقات الشعبية القادرة وحدها على حمل المطالب الأمازيغية. لذلك لم يتعد النضال المطلبي للحركة ما دبجته “الكتلة الديمقراطية” في سجلها الحافل بإرسال الملتمسات إلى الديوان الملكي واستجداء الحاكمين مع فرط في اعتدال صيغة المطالب طمعا في انصياعهم، مع اعتراف تام بحقهم في الحكم المطلق؛ تدبج المذكرات المطلبية بعبارات ” فإن الجمعيات الثقافية الأمازيغية المتشبثة بوحدة المغرب في تعدده، تغتنم الفرصة لتعرض على أنظار جلالتكم..”.
رغم فرط الاعتدال هذا تعرضت هذه الحركة كغيرها للقمع منذ بداية الثمانينات (اعتقال صدقي علي أزايكو، ومنع مجلة أمازيغ، مسلسل منع أنشطة الجمعيات الأمازيغية، اعتقالات الراشيدية 1994…)، وخيبت مراجعات الدستور (1992/1996) آمال مثقفي الحركة. “هذه المطالب لم تتم الاستجابة لها رغم أن الحركة اشتغلت بطريقة هادئة وبطريقة الإقناع لزمن طويل في المجال الثقافي الصرف”. (إد بلقاسم، معارك حول الأمازيغية، مركز طارق بن زياد ص 184).
وإزاء تصلب الدولة، لم يجد مثقفو هذه الحركة سوى تحذير الدولة من مغبات هذا التصلب، بدل نهج طريق النضال الجماهيري والحازم الكفيل لتحقيق مطالب الحركة. جاء خطاب الملك في 20 غشت 1994 عقب اعتقالات كلميمة بالراشيدية، لينعش آمال هذه الحركة بإمكانية “دمج الأمازيغية بقرار سياسي حكيم” [عصيد]. لكن استبعاد اللجنة الملكية للتربية والتكوين لذلك، وصدور ميثاق التربية والتكوين خيب آمالها. وتمت الدعوة لوقفة احتجاجية أمام البرلمان، لكنها ٌُقمعت. وبوجه واقع التهميش والقمع، عبأت الجمعيات لتنظيم مسيرة وطنية “تاودا” بالرباط ، وصدرت الدعوة اليها في أكتوبر 1999 بمدينة إنزكان. أطلقت فكرة تاوادا دينامية وسط هذه الحركة، سيما بقاعدتها الطلابية. لكن تجلى أن تلك الدعوة مجرد محاولة لإفزاع للحاكمين، حيث جرى تماطل طيلة عامين دون تنفيذها.
جاء بيان محمد شفيق (مارس 2000) ليحرف نقاش هذه المسيرة، حيث حرص مقدموه على تفادي استثارة أي تعبئة شعبية داعمة للبيان الذي “.. لم يرد له أن يكون في جو من التهريج ولا في جو من البلبلة، أريد له أن يقدم بلباقة، وأن ننتظر بأناة ولباقة. بدون تهريج، ولكن مع توضيح الأمور”. (محمد شفيق، معارك حول الأمازيغية..).
جاءت انتفاضة الربيع الأمازيغي الثاني بالجزائر 2001، لتعمق مأزق “النضال الديمقراطي المشروع” لدى الحركة، حيث استثارت دعما قويا في قواعد الحركة لما فتحته من آفاق تعبئة كفاحية. باستثناء مسيرة فاتح ماي 2001 التي توجهت فيها جمعيات الحركة إلى السفارة الجزائرية لتقديم رسالة احتجاج ضد قمع القبايليين، استنكفت قيادات الحركة عن الدعوة لتقديم الدعم الضروري لهذه الحركة، فقد كانت فرصة سانحة لتنظيم مسيرة “تاوادا”، واقتصرت على انتظار رد فعل الدولة، “.. هل يمكن لانتفاضة القبايل أن تثير لدى المسؤولين المغاربة الشعور بضرورة تغيير السياسة الثقافية والإعلامية والتربوية المتبعة…؟ هذا هو السؤال الذي طرحته الحركة الأمازيغية بالمغرب طوال أيام انتفاضة القبايل” لا أقل ولا أكثر!؟.(عصيد).
أنهى فشل مسيرة “تاودا” والنقاش الذي استثاره البيان الأمازيغي (تحزيب الأمازيغية، لجنة البيان) وأخيرا انتفاضة القبايل، مرحلة النضال المطلبي للحركة الأمازيغية. لتفتتح مرحلة أخرى مع إعلان المعهد الملكي؛ أي مرحلة الاحتواء والتدجين.
مرحلة الاحتواء، ابتداء من 2001
بإعلان تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، انتعشت من جديد آمال مثقفي الحركة بإمكانية دمج “هادئ” للأمازيغية في دواليب الدولة والحياة العامة. وتقاطرت المقالات المادحة للقرار ، داعية الكل للتجند وراءه. لم اختيار نخبة الحركة هذا خطأ، أو رغبة في مناصب (مع أن هذا عامل أيضا: تبلغ تعويضات مديري مركز البحث في المعهد 50 ألف درهم شهريا في المتوسط)، بل اختيارا واعيا نابعا من اقتناع بأن إعادة الاعتبار للأمازيغية يجب أن يكون داخل مؤسسات الدولة، وضمن مشروعيتها لا خارجها. وهذا منسجم تماما مع الطبيعة الطبقية لهذه النخبة (مثقفي البورجوازية من محامين وجامعيين ومهن حرة..)، يريدون على غرار أخوانهم داخل ما يسمى “الصف الوطني الديمقراطي” تحقيق مطالبهم بتعاون وتوافق مع الحكم لا ضده.
كل ما قام به المعهد الملكي لحد الآن هو؛ مأسسة النضال الأكاديمي والثقافي الذي كان عصب ممارسة هذه الحركة منذ ظهورها، لكن مع تراجعات. فإذا قارنا العطاء الأدبي والفكري للحركة مع ما أنتجه المعهد نلحظ تفاهة هذا الأخير، حيث يشتكي مجموعة من المثقفين الذين أبرموا اتفاقيات شراكة مع المعهد بأن هذا الأخير يعيق إصداراتهم الأدبية والفكرية. ولا زالت مهمة دمج الأمازيغية في التعليم والإعلام متعثرة.
نجح المعهد حيث عجز نظيره بالجزائر “المحافظة السامية للأمازيغية”. استطاع المعهد، الذي ظهر كمنة من الحكم لا كمكتسب بالنضال، أن يشل عمل الحركة الأمازيغية، ويشد قسما منها الى الدولة، ويبث الخلافات في صفوفها، ويشتيتها في النهاية (التشتت التنظيمي للجمعيات الثقافية، لجنة البيان التي انتهت بتأسيس “أمزداي أنامور”، السبعة المنسحبون من المعهد، ومبادرة “الخيار الأمازيغي”، الحزب الديمقراطي الأمازيغي، الحركة بالجامعة..). في حين استطاعت الحركة بالجزائر ضمان نفسها النضالي والكفاحي بتجاهل المحافظة السامية ومقاطعتها.
يجب على مناضلي الحركة الأمازيغية أن يستنتجوا عبرة عقود “النضال الثقافي والديمقراطي المشروع” الذي نهجته الحركة منذ ظهورها، وخرجت منه صفر اليدين. يجب التفكير في استراتيجية نضال أخرى تقطع مع أسلوب الاستجداء وانتظار انصياع الحاكمين. لا غنى عن توحيد جهود مناضلي كل الحركات الاجتماعية والديمقراطية ضد الاستبداد السياسي والاستغلال الاقتصادي والإقصاء والثقافي.
قبل الختام لا بد من الإشارة إلى وجه أساسي لنضال الحركة الأمازيغية؛ ما أطلق عليه “تدويل القضية الأمازيغية” بتأسيس “الكونغريس العالمي الأمازيغي” والعمل مع المؤسسات الدولية (الأمم المتحدة، اتفاقيات الشعوب الأصلية).
كان تأسيس الكونغريس العالمي الأمازيغي فرصة لتلاقح التجارب بين الحركات الأمازيغية بشمال أفريقيا، خصوصا إذا استحضرنا كفاحية وتفجرية بعضها (الصراع المسلح للطوارق، النضال الكفاحي للقبايل، نضال الكناريين لتقرير مصيرهم السياسي). لكن مع سبق إصرار وترصد عملت جمعيات الحركة بالمغرب على تفادي هذا التلاقح بإصرارها على ان تكون المنظمة العالمية للأمازيغ مجرد منظمة ثقافية وفنية لتبادل التجارب في حدود هذا المستوى، وتحولت هذه المنظمة في النهاية إلى مجرد برج عاجي للمراقبة يرصد الخروقات دون انخراط في النضالات المباشرة.
وعلى غرار إصرارها على النضال داخل المؤسسات داخل المغرب لا ضدها، سارت الحركة على نفس النهج بتعاونها مع الأمم المتحدة مع تجاهل دورها الحقيقي على المستوى العالمي (مجرد ملحقة بالسياسة الخارجية للدول الإمبريالية)، بإعطاءها الشرعية للتدخلات العسكرية للولايات المتحدة بالعالم (أفغانستان، العراق..) والمساهمة في تصفية القضية الفلسطينية بتسهيل المخططات الصهيونية. وغابت تنظيمات هذه الحركة عن التعبئات العالمية ضد الحروب وضد العولمة، ولم تستطع لحد الآن أن تجد موقعا لها داخل المنتديات الاجتماعية العالمية.
خلاصات:
يجب الوعي بحقيقة بديهية مؤداها أن القضاء التام على الاضطهاد بكل أنواعه (الطبقي، وعلى أساس الجنس، والقومي) مستحيل في إطار المجتمعات الرأسمالية، متقدمة كانت أو متخلفة. وتجد هذه الحقيقة سندها من الناحية النظرية و التاريخية انطلاقا من تجربة للشعوب. وتجد أيضا سندها في الكتابات الأولى لرواد الحركة الثقافية الأمازيغية: “إن العلاقة لهجة/ لغة تجد حلها الشامل في مسلسل ثورات القوميات الناشئة… إن الثورات الحقيقية (الراديكالية) تميل نحو الاشتراكية وفيها تجد “اللهجات” مكانتها أي السلطة (فيتنام الصين) وتحترم وتكتب لغات الإثنيات وتصبح لغة محلية، لكن مع عدم نبذ اللغة الوطنية”. (بوجمعة هباز، مختطف بدون عنوان، سعيد باجي ص 111) “إذا كانت الدول الاشتراكية لا تعاني من المشاكل الثقافية بالمعنى المقصود هنا، فلأنها أوجدت لها الحلول المطلوبة منذ البداية وبدون مركب نقص أو أحكام مسبقة”. (صدقي علي أزايكو، في سبيل مفهوم حقيقي لثقافتنا الوطنية).
“.. التطبيقات العملية للاشتراكية العلمية حققت تقدما هائلا في إلغاء القهر والاضطهاد… وضعت السلطة الاشتراكية بعد أكتوبر 1917 الكتابة للغات 48 قومية وجماعة إثنية..” (حسن إيد بلقاسم، حول الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية). إذا كان هذا الأفق الاستراتيجي صحيحا، فلا يجب أن يزيح انظارنا عن واجباتنا الآنية. ولا يعني أن ينتظر “الأمازيغ” الاشتراكية لتحقيق حقوقهم اللغوية والثقافية، بل يجب عليهم الانتظام والنضال من أجل هذا الهدف بارتباط مع ذاك الأفق الاستراتيجي، لكن دون تكرار المسيرة الفاشلة للحركة الثقافية الأمازيغية منذ بداية التسعينات
ما يجب البدء به داخل الحركة هو إضفاء النسبية على المفاهيم، فمفاهيم كالثقافة الأمازيغية الواجب إعادة الاعتبار لها، تستدعي التمييز. تحتوي كل ثقافة عناصر تقدمية/ متنورة كما على عناصر رجعية/ مظلمة. واللغة الأمازيغية قد تنقل خطاب مشعوذ أو توعية طبية. فهل سنعيد الاعتبار لكل هذا. أبدا، لن نعيد الاعتبار لثقافة “إيمغارن” واستبدادهم (الكلاوي، المتوكي..) ولا لثقافة الزوايا والأولياء واحتقار النساء والزنوج . لكن يجب العمل بجد لنفض الغبار عن الجانب المشرق من هذه الثقافة الذي تشترك فيه مع الثقافة العربية و أخريات: ثقافة المقاومة والنضال ورفض الاستبداد التي يحتل صدارتها الخطابي وعسو أوبسلام وموحى أوحمو الزياني والنمري ودهكون وهباز وغيرهم. يجب تطوير العناصر الديمقراطية والتقدمية في هذه الثقافة ونبذ الجوانب الرجعية والمظلمة.
يجب العمل على إعادة بناء هذه الحركة وتخصيبها بأساليب النضال الكفاحية، على غرار مثيلتها بالجزائر، وضمان استقلاليتها عن الدولة والليبراليين والعمل على انغراسها العضوي في نضالات الكادحين كيفما كانت.
كما يجب ألا ننسى أن هدفنا الأساسي هو توحيد كل الكادحين، كيفما كانت لغاتهم وثقافاتهم واعتقاداتهم الدينية للنضال ضد الاستبداد السياسي والاستغلال الاقتصادي والإقصاء الاجتماعي الثقافي، مع تخليصهم من سموم التعصب والشوفينية التي تنشرها البورجوازية في أوساطهم.
يجب علينا نحن مناضلو هذه الحركة عدم الاقتصار على النضال من أجل الأمازيغية دون غيرها من الحقوق الأخرى (استحضار تجربة الشياباس ضد الاضطهاد القومي والنيوليبرالية). يجب إقامة جسر بين المطالب اللغوية والثقافية والمطالب الديمقراطية والاجتماعية والاقتصادية الأخرى بمنظور أممي (وليس مسخ الربط الذي فصله أحمد الدغرني في “بديله الأمازيغي”)، يبتعد عن ضيق الأفق القومي السائد لحد الآن في صفوف هذه الحركة؛ يجب توجيه الاستياء الاجتماعي نحو مشاريع انعتاق بدل سلوك نهج الانكفاء الهوياتي أو الإثني أو الديني. علينا أن نتحدث عن اضطهادنا بلغة عالمية. يجب البحث عن مداخل لهذا الربط وتدقيق المطالب:
– الانخراط في نضالات القرويين ضد التهميش ومن أجل الخدمات الاجتماعية (طاطا، إفني، تامسينت..).
– النضال ضد سياسة نزع الدولة للأراضي لفائدة رأسماليي قطاع السياحة والمناطق الحرة(الشريط الساحلي بالريف، الشريط من أكادير حتى الشاطئ الأبيض بكلميم).
– النضال من أجل ضمان الاستفادة من الخيرات المشتركة (الولوج إلى الموارد: الماء، الغابات، “أركان”، الأرض، حماية البيئة، السيادة الغذائية).
– النضال من أجل تنمية حقيقية للريف وباقي المناطق القروية الرازحة في الفقر، و في التعيش بتجارة التهريب و فتات اقتصاد المخدرات والهجرة السرية.
يجب إحياء التنسيق داخل هذه الحركة (مع تفادي سلبيات تجربة مجلس التنسيق السابق الذي كان تنسيقا فوقيا غير محكوم بمضمون الوحدة النضالية الميدانية وتجربة تنسيقية العروش بالقبايل المستحضرة لهذا المنظور)، كما يجب على مناضلي هذه الحركة توجيه أنظارهم إلى أسفل: العمال داخل المصانع والمزارع الرأسمالية وفقراء الفلاحين والطلبة والمعطلين، بدل توجيهها إلى أعلى وانتظار الصدقات من الحاكمين.
يجب تجديد الدعوة لمسيرة “تاوادا” الوطنية وتحديد تاريخ لها، وتعبئة كل الحركات الأخرى (حركة طلابية، معطلين، نقابات، أحزاب تقدمية) لإنجاحها والمساهمة في النضال “الأمازيغي”.
– من أجل المساواة في الحقوق؛ لا امتياز للغة دون أخرى ولا امتياز لثقافة دون أخرى.
– من أجل تدريس الأمازيغية في مدرسة عمومية جيدة ومجانية وعلمانية.
– من أجل دسترة الأمازيغية في دستور منبثق من إرادة الشعب يضعه مجلس تأسيسي.
– من أجل دمج الأمازيغية في إعلام ديمقراطي يضمن حرية التعبير.
أزنزار
اقرأ أيضا