هايتي: بيان تضامن صادق عليه مؤتمر الأممية الرابعة العالمي السادس عشر – 23 الى 28 فبراير 2010
الأممية الرابعة
أثر الزلزال الذي حدث في هايتي يوم 12 يناير 2010 على البلد برمته ، لكنه أصاب بخاصة العاصمة بور أو برانس و ضواحيها. الخسائر البشرية والمادية مرعبة ، حيث سقط 200 ألف قتيل، وآلاف الجرحى و من هم بلا مأوى. إن البؤس السائد منذ عقود، وشروط الحياة والسكن الهشة، و نظام بوليسي يحتقر حاجات السكان و الاحتياطات اللازمة في منطقة مخاطر زلزال، أدت مجتمعة إلى انتهاء الكارثة بعدد الضحايا المهول هذا.
ليست هذه الكارثة “طبيعية”، فقد فاقمتها العواقب الاجتماعية والاقتصادية لما مارست القوى الامبريالية، ولا تزال ، من سيطرة على هايتي.
فيما كانت هايتي أول مستعمرة تلغي الرق، وتناضل من أجل استقلالها وتناله، جعلتها القوى الامبريالية، وبالمقام الأول فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، تدفع غاليا ثمن هذا التحرر ( من1825 مع الدين التاريخي إزاء فرنسا).
إن هايتي، حيث يعيش 90 % من السكان تحت خط الفقر، أفقر بلد بالقارة الأمريكية. منذ عشرات السنين و شعب هايتي ألعوبة دسائس واستعمار جديد تقوم بهما القوى الامبريالية، بمقدمتها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية. لم تكف هذه القوى، متناوبة، عن تنصيب ودعم أنظمة عميلة لها – مثل دكتاتورية دوفالييه من العام 1957 إلى العام 1986 أو مع انقلاب 2004- نهبت ثروات البلد وسكانه لفائدة الشركات الرأسمالية متعددة الجنسية والحكومات المنصبة من قبلها.
لقد أدت السياسات النيوليبرالية، المفروضة من البنك العالمي و صندوق النقد الدولي، إلى إخضاع الزراعة المحلية، ما أرغم عشرات آلاف الفلاحين على التكدس في مساكن هشة بالمدن. وقد دك الزلزال أحياء كاملة من مدن الصفيح تلك.
كما أدت السياسات النيوليبرالية تلك إلى خفض الأجور وتفكيك الخدمات الاجتماعية، وأولها قطاع الصحة. كان أكثر من 40% من السكان، قبل الزلزال، بلا خدمات صحية، وكانت النسبة هذه تبلغ 60 % بين النساء.
في العام 2004 قامت الولايات المتحدة الأمريكية بـ”تفويض” سيطرتها العسكرية إلى قوات بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في هايتي، وهي قوة احتلال حقيقية تابعة للأمم المتحدة بقيادة برازيلية، برزت منذ وصولها بقمع تمردات الجائعين بعمليات تقتيل و اغتصاب و شتى صنوف العنف إزاء السكان. إن البرنامج الاقتصادي المطبق كان شبيها بما طبق في باقي بلدان منطقة الكارايبي، قوامه تطوير مناطق صناعية حرة تستعمل يدا عاملة رخيصة جدا.
لقد جرى استعمال الكارثة الحالية ذريعة جديدة لاحتلال البلد عسكريا. وقد روجت وسائل الإعلام فكرة مفادها أن تفادي ” الفوضى”، وأعمال النهب، و انعدام الأمان، يستدعي حضورا عسكريا كثيفا، فيما تعترف السلطات العسكرية الأمريكية بوجود ” مستوى عنف أدنى مما قبل الزلزال”. لقد جرى إرسال أكثر 20 ألفا من قوات من الجنود الأمريكيين إلى هايتي بقصد التحكم في السكان و كل وسائل النقل (بحر، بر، جو).
إن تفسير هذا الاحتلال كامن جزئيا في إستراتيجية إعادة عسكرة القارة الأمريكية اللاتينية و منطقة الكارايبي. فهايتي واقعة بين فنزويلا وكوبا لكنها مقابلة لهندوراس (حيث أتاح الانقلاب التصدي لابتعاد الرئيس المخلوع زيلايا عن المصالح الأمريكية). كما أن هذا الاحتلال يفيد مقاولات أمريكية في مجال التسليح و الأمن والبناء.
إن إعادة استعمار هذا البلد، التي تمثل تقهقرا بمائتي سنة، تجرى في ظل لا مبالاة دولية . لكن الشهادات من هايتي تدل انه إن كان مركز السلطة الهايتية مشلولا فإننا نشهد بالعكس تضامنا قويا من جانب السكان الذين يبنون تنظيما ذاتيا، وينصبون مخيمات ويعيدون بناء البلد رغم حالة الطوارئ المفروضة من الولايات المتحدة الأمريكية .
لا يمكن أن تجري إعادة البناء في ظل احتلال عسكري. يجب أن تغادر قوات الاحتلال البلد فورا، فهو ليس بحاجة إلى جنود بل إلى أطباء وممرضين ومهندسين!
يجب ضمان فتح الحدود لأجل إيصال المساعدة و إتاحة تنقل الأشخاص. يجب ألا يطرد أي مهاجر غادر هايتي، ويجب ضمان الاستقبال المستقر لكل مواطن من هايتي يريد مغادر ة الجزيرة ( على غرار فنزويلا وكوبا).
إن إعادة اعمار هايتي لن تكون بزيادة الديون الخارجية التي يجب إلغاؤها كليا من قبل البلدان الأخرى والبنك العالمي و صندوق النقد الدولي و البنك الأمريكي للتنمية. إن بذمة فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، دين إزاء هايتي بسبب أعمال النهب و العنف المرتكبة بحق السكان. كما يجب إعادة ثروة دوفالييه المودعة في البنوك بالخارج.
إن الأممية الرابعة تدعو المنظمات العمالية إلى الاستجابة الى التعبئة التضامنية الهائلة في شكل دعم مالي وسياسي لمنظمات قاعدة المجتمع الهايتي.
تلتزم الأممية الرابعة بدعم مادي لمنظمات الحركة العمالية الهايتية التي نقاسمها نفس الأهداف بقصد الإسهام في إعادة اعمار على أسس جديدة لهذا البلد المدمر.
المناضل-ة عدد 41
اقرأ أيضا