قرار صادر عن اللجنة الأممية للأممية الرابعة في إثر الهجمة الإسرائيلية على غزة (شباط/فبراير 2009)
المناضل-ة عدد: 23
بيان الأممية الرابعة حول غزة
الأممية الرابعة
[صدر القرار الوارد أدناه عن اللجنة الأممية، الهيئة القيادية الأساسية للأممية الرابعة، التي اجتمعت في أواخر شباط/فبراير الماضي في لقائها السنوي الذي يحضره مندوبون من أكثر من أربعين بلداً، في شتى القارات. وهي تحدد في هذا القرار موقفها من الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، وشجبها الحازم لجرائم الحرب المرتكبة خلالها، مجددةً تضامنها المطلق مع الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف، في العودة وتقرير المصير، في الوقت نفسه الذي تشدد فيه على مطلب تفكيك الدولة الصهيونية.]
تندرج الهجمة التي شنَّها الجيش الإسرائيلي، مؤخراً، على قطاع غزة في سياق السياسات الصهيونية لتحطيم المقاومة الفلسطينية. إن الجردة المأسوية لثلاثة أسابيع من القصف المكثف (أكثر من ألف وثلاثمئة قتيل وأكثر من خمسة آلاف جريح) هي على صورة عنف هذا الجيش ومثاله، وهو الجيش الذي استخدم أسلحة مدمِّرة واقترف الكثير من جرائم الحرب.
لم يكن هدف هذه الهجمة، المعدَّة منذ أمد بعيد، «وقف إطلاق الصواريخ» أو «فرض احترام وقف النار»، بحسب مزاعمه. فإطلاق الصواريخ أدى إلى سقوط أقل من 20 قتيلاً في عشر سنوات، في حين لم تحترم إسرائيل يوماً وقف النار الموقَّع بين إسرائيل وحماس في حزيران/يونيو 2008، هي التي أبقت على حصارها ضد غزة واغتالت مناضلين من أعضاء حماس في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وضمن هكذا شروط، يحق للفلسطينيين أن يدافعوا عن أنفسهم ويقاوموا الاحتلال، بما فيه عبر الكفاح المسلح.
أما الأهداف الإسرائيلية فمختلفة تماماً. والمقصود، مرة أخرى، إفهام السكان الفلسطينيين وحركات المقاومة بأن إسرائيل سيدة اللعبة الوحيدة: فلن يكون هناك «سلام» إلا بالشروط التي تحددها الدولة الصهيونية، أي بإنكار حقوق الفلسطينيين الوطنية، ومن سيحاول التصدي لهذا المنطق سوف يعرض نفسه لقمع الجيش الإسرائيلي غير المحدود.
هذا وإن الأحداث الأخيرة تثبت ذلك: ليست الدولة الصهيونية مستعدة للتسامح مع الفلسطينيين إلا بمقدار ما يتخلون عن حقوقهم الوطنية ويرضون بالعيش في كانتونات معزولة أو في مخيّمات اللجوء في الخارج. فإسرائيل ليست جاهزةً للتفاوض إلا مع ممثلين فلسطينيين جاهزين للرضوخ لـ«سلام» لا يتعارض مع الأهداف والمصالح الصهيونية.
وقد قدمت البلدان الإمبريالية، وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي، دعمها المكشوف أو الضمني لإسرائيل. فالولايات المتحدة لم تمارس، في فترة انتقالية بين إدارتين، أي ضغط على الجيش الإسرائيلي لوقف هجومه. ولم تتمكن دول الجامعة العربية، المنقسمة على نفسها والخاضعة في معظمها للإمبريالية، من تبني موقف مشترك، في حين لعبت مصر مجدداً دورها كشريكة لإسرائيل والقوى الإمبريالية.
بالمقابل، كانت عديدةً ردود الفعل التي تدين إسرائيل وتعبر عن دعم الشعب الفلسطيني. ففي شتى أنحاء العالم، سارت مظاهرات تضم عشرات بل مئات الألوف من الأشخاص. وبعض الدول، كفنزويلا أو بوليفيا، طردت السفراء الإسرائيليين. وفي كل مكان، بما فيه ضمن الجمعية العامة للأمم المتحدة، تتزايد الدعوات لمقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها.
إن الأممية الرابعة تجدد دعمها غير المشروط للشعب الفلسطيني المكافح لأجل استجابة حقوقه: الحق في تقرير المصير من دون تدخل خارجي؛ والحق في عودة اللاجئين أو في التعويض بالنسبة لمن يرغبون في ذلك؛ الحقوق في المساواة بخصوص فلسطينيي العام 1948. أبعد من ذلك، نعيد التأكيد هنا على أنه لأجل تحرر الشعوب العربية لا بد من تفكيك الدولة الصهيونية، التي تجسد مشروعاً استعمارياً وعنصرياً في خدمة الإمبريالية، وذلك لصالح حل سياسي يمكن أن يَعيش معاً على أساسه شعبا فلسطين (الفلسطيني، من جهة، واليهودي الإسرائيلي، من جهة أخرى) بمساواة كاملة في الحقوق.
ولأجل بلوغ هذا الهدف، ثمة حاجة ملحة لتعزيز حركات التضامن مع الشعب الفلسطيني، وذلك حول شعارات خمسة توحيدية ومتفق عليها، بما فيه في الحركة الوطنية الفلسطينية، هي التالية: انسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل، والفوري وغير المشروط، من الأراضي المحتلة منذ العام 1967، بما فيه من القدس الشرقية؛ تفكيك مجمل المستوطنات المبنية بعد العام المذكور؛ هدم جدار الفصل؛ إطلاق سراح الأحد عشر ألف سجين سياسي الذين تحتجزهم إسرائيل؛ الوقف الفوري وغير المشروط لحصار غزة.
ويحسن كذلك إيلاء الاهتمام الخاص بمطالب فلسطينيي 1948، الذين يطالبون بالمساواة الكاملة في الحقوق، وبالوصول الحر إلى المياه والأرض. علماً بأن الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة والعدد المرتفع لمن صوَّتوا لصالح ليبرمان، النصير المتحمس لطرد فلسطينيي الـ48، تجعل خطراً عظيماً يحيق بهؤلاء السكان، الذين يجب أن تهرع حركة التضامن لتقديم الإسناد لهم. كما أنه تنبغي مساندة الإسرائيليين الذين يناضلون ضد الحرب، والاحتلال، والسياسة الصهيونية بشكلٍ عام.
وفي الأخير، يبدو لنا أمراً جوهرياً توسيع حملة المقاطعة – وقف الاستثمار – فرض العقوبات (BDS)، التي أطلقتها في العام 2003 أكثر من مئة وسبعين منظمة غير حكومية، وجمعية، وحزب، فلسطينية. إن المطالب التي ترفعها هذه الحملة تتيح تطوير حركة التضامن، مع الهدف المتمثل في فضح تواطؤ الحكومات والمجموعات الرأسمالية الكبرى. ويمكن لنجاحاتها الحالية والقادمة أن تساهم في إضعاف الدولة الصهيونية وخلق شروط توطيد المعسكر الفلسطيني والمناهض للإمبريالية. وفي هذا النضال، تنبغي، في الوقت عينه، مكافحة الانحرافات العنصرية، والمعادية للسامية، وتلك المعبرة عن كراهية الإسلام والمسلمين.
اقرأ أيضا