«المُثقفون» والثورة [الانتفاضة الريفية نموذجا]
بقلم: وائل المراكشي
تثير النضالات الشعبية مشاعر متناقضة في صفوف المثقفين، فهي توفر لهم مجالا لاختبار افتراضاتهم ونظرياتهم حول المجتمع وديناميته وتحولاته، وبالتالي مادة أولية للمزيد من ممارسة «هوايتهم» المفضلة: التأملات التي تفضي إلى مزيد من التأملات. لكنها تثير فيهم الرعب من تشكل قوة طبقية مستقلة قد تقلب المجتمع الذي يرتبطون به بألف قيد وقيد رأسا على عقب.
إن الاحتجاج والثورة والانتفاضة تعد خروجا عن المألوف، انهيارا للروتين المجتمعي، هزا لأسس الدولة ووقفا لآلية الاقتصاد، بسبب حركات صاعدة من الأعماق، لا تعرف حدودا ولا مراعاة للقواعد السياسية «الجاري بها العمل» ولا للعادات الجنتلمانية المتعارف عليها في الصالونات بين «الإخوة الأعداء» من نفس الطبقة الحاكمة وخدامها.. لذلك يرتعب منها المثقفون أيما ارتعاب.
المثقفون المعنيون هنا هم أولئك الذين يعيشون على بيع منتوج أفكارهم، ويعتبرون أنفسهم «فئة» ونخبة متميزة عن باقي طبقات المجتمع، ويعتقدون أنهم يشكلون «ضمير الوطن»، أي انتفاء مصالح خاصة بهم، ولكنهم في الأخير يمثلون ذاك المحرار الذي تقاس به حرارة الطبقات السائدة تجاه نضالات الجماهير وانتفاضاتهم. توصيف وضحه أحد هؤلاء «المثقفين» إدريس الكنبوري بقول: «المثقف الوطني المسؤول لا المثقف “الملحق” بالهيئات والتنظيمات الحزبية أو الذي يقف في الوسط ويضع احتمالات الربح والخسارة.. أن يكون واضحا في الاصطفاف إلى جانب الوطن، الوطن الذي يوجد في الحسيمة وفي الرباط». [1].
هذا الاصطفاف إلى جانب الوطن جعل من هذا «الماركسي اللينيني التائب» يسعى لتسخير حصيلة تجربة اليسار الجديد لخدمة «الشعب المغربي، بل وأيضا لإدارة الدولة». [2].
إنه دور الوساطة القديم الذي اضطلع به «المثقف» منذ فجر الرأسمالية، «كانت تلك الشريحة الاجتماعية تتيح للمجتمع البرجوازي في شكله الكلاسيكي تأمين استقراره بما هو وحدة متمفصلة بإدخال شريحة متوسطة بين قاعدة الهرم الاجتماعي، أي كتلة العمال الأجراء (قرابة نصف المجتمع آنذاك)، وقمته المحدودة جدا والمكونة من البرجوازية الكبرى. وكانت تلك الشريحة تؤمن استقرار المجتمع طالما تصرفت بشكل محافظ يعارض كل تغير اجتماعي». [4].
يرتعب المثقفون الذين يعتقدون أنه يشكلون «النخبة»، من تشكل قوة طبقية مستقلة تسعى إلى إعادة تشكيل المجتمع القائم وفق مصالحها الخاصة، وبالتالي قلب كل تصورات هذه «النخبة» عن العالم والمجتمع والاقتصاد والثقافة.
إنه موقف قديم وليس مرتبطا بالانتفاضات الأخيرة، بل يمد جذوره في فترة النضال ضد الاستعمار الذي قاده العلماء التقليديون والمثقفون خريجو التعليم العصري، حيث صرحت جريدة العلم الناطقة بلسان هؤلاء بأن «التغيير لا يمكن أن يكون إلا ثمرة «الخاصة».. إذا كان ثمرة «العامة» سيشكل خطرا على عقلية البلد وثقافته وتقاليده وأفضل تراثه… التغيير سيأتي لا محالة من الأعلى أو من الأسفل، أي من «العامة»، وإذا أتى من الأسفل سيكون كارثة ستقضي على كل كنوز البلاد، ولن تترك إلا الأشياء القبيحة». [3].
أثارت الانتفاضة الريفية المنطلقة منذ متم سنة 2017، هذه المشاعر في صفوف «المثقفين» بالمغرب، أي المثقفين بالمعنى الوارد أعلاه، وانبروا إلى التعبير عنها في مقالاتهم واستجواباتهم، قد تختلف نبرة وحدة خطاباتهم، منهم الوقح ومنهم الرزين، لكنهم متفقون على نقطة واحدة: ما يحدث في الريف يهدد «الوطن»، ويقصد بالوطن في مفهومهم «المجتمع القائم باقتصاده وسياسته».
احتل الأساتذة الجامعيون صفوف كتيبة المثقفين، وشحذوا أقلامهم، كل حسب جبهة الإطلاق، للتعبير عن القلق وتنبيه الحاكمين ونصحهم وحض الجماهير المناضلة على عدم التفريط في «الوطن» رغم كل ما يحلقهم به من ظلم.
يتفق هؤلاء على أن ما يقع في الريف نتاج «أزمة حقيقية في آلية التحكيم والوساطة بين الشعب والدولة»، كأن الدولة شيء يجب أن يقع خارج المجتمع، وليست أداة في يد إحدى طبقات الشعب لقمع الطبقات الأخرى وتيسير استغلالها.
لا يخرج دور المثقف هنا عن دائرة تقديم النصح للدولة لتجويد آلية الوساطة هذه، أي الأحزاب السياسية، ولومها على تضييقها هامش تحرك هذه الأحزاب، وفي نفس الوقت توجيه اللوم للأحزاب ذاتها في تكرار اجتراري لما ورد في خطاب الملك في عيد العرش الذي حمل للأحزاب مسؤولية ما يقع.
يخاف هؤلاء من كشف النضالات الشعبية «إفلاس النخب وافتضاح الوجه المظلم للسلطة» ما «سيعرض المجتمع لخطر هزات ونزاعات اجتماعية غوغائية عنيفة، تفتقد تأطيرا حقوقيا أو سياسيا؛ وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا للاستقرار السياسي بالمغرب». [5].
يتخوف المثقفون من تراجع دور الأحزاب، لأن الحركات الاحتجاجية التي لا تقودها أحزاب او نقابات «يمكن التفاوض معها»، تتحول إلى «حركات عفوية يقودها جيل من الشباب.. يُمكن أن تتحوّل، في أيّ لحظة، إلى «تمرّد أو ثورة». [6].
«ما يجري في الحسيمة شيء خطير» هكذا علق الروائي الطاهر بن جلون. ويعكس خوف المثقفين من الثورة خوف الطبقة البرجوازية ذاتها من انعدام الاستقرار السياسي الذي يعرقل عصر الأرباح من استغلال العمال، فتراهم يتأرجحون بين اعترافهم بمقتضيات الديمقراطية من حرية تعبير واحتجاج، وخوفهم من هذه الأخيرة على استمرار المجتمع الطبقي؛ «نعم لحرية التعبير في إطار احترام الدستور والقانون احتراما كاملا؛ ولكن العودة بالمغرب إلى الوراء أو تعريضه إلى أخطار تمس بالاستقرار والأمن وتسمح للبعض بأن يشوش على مسيرة المغرب الديمقراطية والتنموية التي رسمها عبر السنوات الطوال، والتي يشهد بها العالم في كثير من المجالات، مرفوضة تماما». [7].
هؤلاء المثقفون هم مرآة الطبقة السائدة ويعكسون ما يعتمل في نفسيتها تجاه الاحتجاج وانتفاضة الكادحين وخوفها من المجهول، ويعبرون على لسانهم- لأنهم يتقنون التعبير فهذا دورهم- عن هذه الأحاسيس. عبر عن هذا إدريس الكنبوري بقول: «بعد هذه المدة الطويلة صار الأمر مزعجا ومثيرا للقلق: إلى أن نسير؟».
رعب يمكن تلمسه في كل مبادرات هؤلاء وردود فعلهم تجاه نضال كادحي الريف، فعبد الصمد بلكبير برر مبادرة مسيرة الوساطة نحو الريف بأن المغرب يجتاز «بجميع جهاته وطبقاته الوطنية، امتحانا عسيرا ومؤلما في علاقات مكوناته ومستقبلها، وذلك في صيغة صراعات.. قد تكون عواقبها مأساوية”.
لكن هذا الخوف على الاستقرار لا يمنعهم من إطلاق التهديدات على منابرهم، لكل من تسول له نفسه تهديد المجتمع الذي يعيلهم؛ «ولكن، ليعلم الجميع بأن المغاربة قادرون على أن يسيروا في مسيرات مليونية في كل الجهات للدفاع عن ثوابت الأمة وعن الأمن والاستقرار». [حسن عيبابة].
لم تستحي ثلة من هؤلاء خاصة أكثرهم وقاحة، من إعادة إطلاق التهم الرخيصة التي وجهتها أجهزة الدولة لتشويه حراك الريف وتبرير قمعه. اتهام بالانفصالية والعمالة لجهات أجنبية، جرى تكرارها على ألسنة أساتذة جامعيين على شاشات قنوات عالمية ومحلية، دون أن يكلف هؤلاء أنفسهم عناء تقديم ربع حجة واحدة على ذلك، كل حجتهم هي المصادر المطلعة؛ وهي في حالة المغرب «أجهزة وزارة الداخلية».
هناك صنف آخر من هذه الكتيبة المثقفية، كل ما يهمها هو إن كان ما يدرسونه في الجامعات من نظريات وافتراضات تؤكده الانتفاضة الريفية أم لا، فيتتبعون عن كثب «تحول منظومة القيم داخل المجتمع الريفي» وهل «الحداثة تغزو ككتلة متراصة النسق القيمي والثقافي للمغرب الأقصى»؟ ومدى صلاحية نظرية «الشيخ والمريد» لتفسير دورة القيادة الفردية هناك.. إلى آخره. أما هم تنظيم الاحتجاج وتطويره وحشد العزائم فذلك ليس من مهام «المثقف» الذي لا يليق به تهديد «السلم الاجتماعي» والاستقرار.
يتفق هؤلاء كلهم على أن المخاطب هو رأس الدولة، لذلك يسارعون إلى تنبيهه إلى ما يمكن أن يأجج الاحتجاج وتقديم مقترحات من شانها «تنفيس الاحتقان». قدم مصطفى اليحياوي، أستاذ الجغرافيا السياسية والسوسيولوجيا الانتخابية، مقترحات في هذا الشأن على شكل «المداخل المستعجلة المتوازية في أفق عودة الهدوء (وقف الأشكال النضالية والإفراج على المعتقلين).
وعندما يخاطبون الجماهير والمناضلين يصرون على تقديم مقترحات تحفظ للدولة هيبتها وتسعى على تخفيض «حدة التوتر»؛ نصح اليحياوي المعتقلين(خاصة قيادة الحراك) بإصدار «وثيقة- بيان تطالب بإنصاف ملكي، وتؤكد عن سلمية واستقلالية الحراك عن أي جهة خارجية، كما تؤكد على تعلقهم بوحدة المغرب واعتزازهم بالانتماء إليه».
تفتقت عبقرية «المثقف» عن مبادرات لحل ما يطلق عليه «الأزمة الريفية»، فبالنسبة له ما يحدث في الريف أزمة يجب حلها، وليس نضالا واستيقاظا للكادحين من سباتهم وسعيهم للحرية والكرامة وتحطيم القيود. تقاطرت المقترحات على شكل مبادرات لإقناع كادحي الريف والدولة على السواء بقبول وساطتهم مثل مبادرة الميسرة البيضاء التي اقترحها عبد الصمد بكلبير «وذلك لأماً للجراح، ورعيا للكرامة، وتهدئة للأوضاع وللنفوس، واستثمارا لمسيرات الاحتجاجات في الوطن وذلك بتحويلها نحو طريق الحوار الوطني والجهوي الهادئ والمنتج، وبرعاية من قبل جميع المخلصين والأوفياء للوطن وللوطنية الحقة».
ارتضى بعض الأساتذة الجامعيين أن يسخروا أقلامهم أبواقا لشرح مضامين الخطابات الملكية واستخراج جواهرها وحكمها وترسيخ فكرة أن الملك دائما متقدم على المجتمع ونخبه، وكل ما يجب هو التطبيق السليم لإرادته ودستوره.
ومن المثقفين من آلمه ما آل إليه وضع «الوطن» فيبدي تعاطفا، تعاطف نادر، تجاه ما يتعرض له المحتجون ويتحسرون أيضا على إنسانية رجل الشرطة الذي يجبر على اقتراف جرائم القمع والتنكيل، فيحتجون غاضبين على ذلك.. لكن ذلك لا يقيهم من تكرار خرافات النظريات البرجوازية حول الحكم والدولة، وبالتالي يحكمون على الجماهير المنتفضة على البقاء أسيرة هذه النظريات، كما في رسالة مفتوحة وجهها عدنان الجزولي إلى رجل أمن تحت عنون: «هل أنتم بشر أم آلات؟». حيث يؤكد أن دور الشرطة هو «حمايتنا وحماية أرواحنا وممتلكاتنا، أما التنكيل بنا بكل الأساليب التي عاشها العالم حية معنا فليس أمنا بل شططا خطيرا في استعمال السلطة وعنفا لا مبرر قانوني له».
وهذا تكرار لما ورد في تقرير «هيأة الإنصاف والمصالحة» التي برأت الدولة محملة جرائم «سنوات الرصاص» لبعض الموظفين العموميين الذي تجاوزوا حدود سلطتهم.
ولأن «المثقف» يقف إلى جانب الوطن فإنه يساوي بين الجلاد [رجل الشرطة] والضحية [المحتج المقموع]، ويستحسن التنويه الذي حصل عليه البوليس في خطاب عيد العرش؛ «إن أي دولة لا تفتخر بمؤسستها الأمنية فهي مهددة بالخطر، قوة أي دولة تكمن في مؤسستها الأمنية قد تكون هناك تجاوزات من طرف الأمن أو من المواطن ولكن السبيل إلى تحقيق التوازن بينهما يكمن في ذلك الحس الوطني، أي عندما يستوعب المواطن حقوقه وواجباته ورجل الأمن كذلك». [علي السيجاري أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس أكدال، موقع لكم، 30 يوليوز 2017].
عندما ينتقد «المثقف» عنف القمع، فهو يوجه اللوم إلى لا قانونيته وإلى الإفراط في استعمال القوة، ولكن يفعل ذلك وهو يتخوف من تجذير الفعل الشعبي بسبب حدة القمع، وهو ما نبه إليه خالد الجامعي بأسلوبه المعهود حيث أشار إلى أن المخزن «حليف» تجذر الاحتجاج؛ «أقول لك بكل صدق: إنه لولاك و لولا عصيك، وغازاتك، وبرودكانتك، ولغتك الساقطة التي تخاطبنا بواسطتها لما تعمق الوعي السياسي… بين ساكنة الريف.. وباقي جهات الوطن».
لتجاوز مفاعيل القمع وآثاره في نفسية الكادحين المحتجين يدعو «المثقف» إلى «المصالحة بين الشرطة والمواطنين». [8].
أثارت الانتفاضة الريفية بسبب صمودها وطول نفسها ومحتواها السياسي الجذري، سؤال دور المثقف وتساءل الكثيرون عن سبب «صمت المثقف المغربي». لكن هذا «المثقف» لم يكن ساكتا، ويا ليته بلع لسانه، ما دام لن يوجهه لمساعدة الكادحين على تنظيم نضالهم والانخراط فيه من أجل قلب هذا المجتمع واستبداله بمجتمع «الحرية والكرامة الإنسانية» التي طالما يرفعها هذا المثقف إلى مصاف «الآلهة الحديثة».
إذا كان البعض يقول بأن صمت المثقف خيانة فإن صوت هذا النوع من المثقفين خيانة أكثر فظاعة.
لا يمكن لمثقف يدعي وقوفه إلى جانب «الوطن» بشكل عام، أن يساعد الكادحين في نضالهم.. فالوطن الآن ملك للاستبداد وللطبقة البرجوازية التي يحكم باسمها، وما دام المثقف يقف إلى جانب هذا «الوطن» فهو- بحسن نية وهي النادرة أو بسوئها وهي الشائعة- سيقف إلى جانب الحكام ضد المحكومين، إلى جانب البرجوازية ضد العمال، إلى جانب الدولة ضد «الشعب».
عرف المغرب- شأنه شأن كل المجتمعات البرجوازية- لحظات تاريخية كان المثقفون في مقدمة الصراع السياسي والاجتماعي. عرفت مرحلة السبعينات انجذاب جمهور المثقفين إلى راية الماركسية اللينينية، تحت إغراء سياق عالمي ومحلي مشجع. لكن انهيار «العالم الاشتراكي» وانتصار الرأسمالية عالميا، دفع جمهور هؤلاء المثقفين إلى الانزياح يمينا وتحولوا ملكيين صريحين وليبراليين مقتنعين.
لا يعني التقييم الوارد أعلاه، انعدام إمكانية تحول مثقف برجوازي إلى مناضل ثوري، ولكن هذا يشكل استثناء يؤكد القاعدة. فقط حين يتخلى المثقف البرجوازي عن موقعه الطبقي ويتخلص من كل أوهام مساعدة المجتمع البرجوازي على إصلاح ذاته. فقط حين يلتحق المثقف البرجوازي بالطبقة العاملة ومشروعها الثوري، آنذاك يستطيع أن يكون مفيدا. عندئذ، كما قال ارنست ماندل «لا يطرح مشكل دور المثقفين بما هم شريحة اجتماعية في الصراع الطبقي، بل مشكل دور المثقفين الأفراد في إتيان الإجابات على المشاكل المركزية لعصرنا، أي بناء قيادة ثورية فعالة للبروليتاريا لأجل تحقيق التحويل الاشتراكي للمجتمع». [دور المثقفين في الصراع الطبقي].
وائل المراكشي
1- إدريس الكنبوري، «نداء إلى المثقفين حول حراك الحسيمة»، 23 يوليوز 2017.
2- تقديم الكنبوري للجزء الأول من مجلد أعداد مجلة 23 مارس
3- افتتاحية العلم، 11 سبتمبر 1948.
4- ارنست ماندل، دور المثقفين في الصراع الطبقي.
5- محمد معروف، أستاذ بجامعة شعيب الدكالي.
6- إدريس بن سعيد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس، هسبريس 23 يونيو 2017.
7- حسن عبيابة، أستاذ التعليم العالي ورئيس المنتدى الليبرالي للدراسات والأبحاث.
8- الطاهر بن جلون، موقع لكم، 24 يوليوز 2017.
اقرأ أيضا