عباس في واشنطن، قيادة جديدة لحركة حماس ومواصلة الأسرى الفلسطينيين إضرابهم عن الطعام
لم تُـثر زيارة محمود عباس لواشنطن يوم 3 مايو 2017 ضجة كبيرة. وللأمر أسباب جلية… تصريحات الرئيس الفلسطيني (الذي انتهت ولايته منذ العام 2009) و تصريحات رونالد ترامب تشبه ما جرى تكراره مرارا منذ أكثر من عقدين. فيما كان محمود عباس يندد بالاحتلال ويعبر عن تمسك بالسلام وبالتفاوض وبـ”حل الدولتين”، كان ترامب يبدى نيته في حل سريع “للنزاع” بالقيام بدور “مُـيسِّر” بين الطرفين.
لا جديد تحت الشمس إذن، ولا يمكن سوى تأكيد خواء هذا النوع من اللقاءات والتصريحات، بالأحرى حين نعلم ان ترامب عين، في الآن ذاته، دفيد فريدمان سفيرا أمريكيا لدى إسرائيل، ودفيد هذا مناصر متحمس للاستيطان. كما أكد ترامب دعمه لنتانياهو، القائم على رأس تحالف يمين و يمين متطرف لم تعد ارادة السلام لديهما بحاجة إلى برهان(!)…
على الصعيد الدبلوماسي، تتواصل إذن المهزلة ولولا مأساوية الوضع بالميدان، لضحك المرء من تصريحات عباس الذي أشاد ، ضمن أمور أخرى، بما سماه “حكمة” ترامب و “شجاعته” و قدرة التفاوض الكبيرة” لديه.
” الوثيقة السياسية” الجديدة لحركة حماس: هل هي قطيعة؟
أياما قلائل قبل زيارة المجاملة التي قام بها عباس ، أخرجت حركة عباس إلى العموم “وثيقة سياسية جديدة” دالة على اعتدال هام في مواقفها، المعبر عنها حتئذ في ميثاقها لعام 1988. نقرأ فيها مثلا أن حركة حماس إذ تبقي على هدف تحرير “كامل فلسطين”، تعتبر إقامة دولة فلسطينية بالضفة والقطاع، مع حق عودة اللاجئين، مشروعا يمثل “إجماعا وطنيا”.
كما لم تعد حركة حماس تعتبر نفسها “الفرع الفلسطيني لحركة الإخوان المسلمين” بل “حركة فلسطينية وطنية و إسلامية للمقاومة و التحرير”، و”أنها تعترف بشرعية منظمة التحرير الفلسطينية” بصفتها”إطارا وطنيا” للفلسطينيين يتعين “الحفاظ عليه، ” لكن مع ” إعادة بنائه على أسس ديمقراطية”، وأخيرا تؤكد الحركة مركزية المقاومة المسلحة مع الدعوة إلى “تنويع” وسائل النضال.
وموازاة، جرى انتخاب قيادة جديدة، حيث حل إسماعيل هنية “الوزير الأول” بغزة، مكان خالد مشعل على رأس الحركة.
بعيدا عن النزاعات، اضراب تاريخي عن الطعام
لا تمثل تلك “الوثيقة السياسية” الجديدة قطيعة بقدر ما مطابقة للنصوص مع التطور البراغماتي لحركة حماس، هذا التطور الذي شرعت فيه منذ أزيد من 10 سنوات مع مشاركتها في الانتخابات التشريعية وفوزها بها. هكذا يتواصل تطبيع الحركة، لكن مع بعض الاضطراب الداخلي، ويتعين النظر إلى هذه الوثيقة بما هي سعي إلى مشروعية دولية فيما الحركة في عزلة بالغة في غزة هي ذاتها مقطوعة عن العالم بسبب استمرار الحصار. المقصود بوجه خاص، بسحب الإحالة إلى الإخوان المسلمين، تطبيع العلاقات مع الجار المصري القوي الذي لم يعد مقته للإخوان المسلمين بحاجة إلى برهان. والمقصود أيضا الظهور كبديل “ذي مصداقية” لمحمود عباس المشرف على نهاية مساره و عديم الدعم بين السكان و الذي يسعى مع ذلك إلى الظهور كـ”ممثل شرعي وحيد” للفلسطينيين، حتى إن اقتضى الأمر معاقبة أنصار حركة حماس، مع خفض حاد لأجور موظفي قطاع غزة في متم ابريل مثلا.
نزاعات قلما تخدم القضية الوطنية، لحظة تواصل إضراب عن الطعام تاريخي يخوضه 1500 سجين سياسي منذ 17ابريل الأخير دون نهوض الجهازين الفلسطينيين الرئيسين بما تستحق هذه المعركة من دعم وصدى وإبراز. طبعا تضامننا قائم مع هؤلاء السجناء بكل اتجاهاتهم السياسية ومع سكان يتعبؤون إلى جانبهم رغم نزاعات الأجهزة.
جوليان سالانغ
* Hebdo L’Anticapitaliste – 383 (11/05/2017) :
ترجمة : المناضل-ة
اقرأ أيضا