الأساتذة المتدربون: سعي الدولة لسرقة الانتصار يوقد جذوة النضال.
أجبر نضال الأساتذة المتدربين الرائع الدولة على الاستجابة لمطالبهم، فوقعت على اتفاق صريح يدقق التزاماتها بحضور منظمات نقابية. هذا في تعارض مع تقاليدها الراسخة، إخضاع الخصوم (هيئات سياسية ومنظمات اجتماعية و أفراد مستقلين) واذلالهم.
استأنفت معركة الأساتذة المتدربين هديرها، بعد شهور عدة من النضال المتنوع والمبدع، سواء بمراكز التكوين أو في معارك الجهات، وعبر النضالات المركزية بالمدن، مفعلين تقاليد ديمقراطية في تسيير المعارك لا تزال جنينية ببلدنا، مثل سلطة الجمع العام لاتخاذ القرارات وتشكيل لجان مفتوحة (الإعلام والدعم واللوجستيك …) لتدبير سير المعركة وفك العزلة الذي كان أخطر ما يهددها.
تعرض نضال الأساتذة المتدربين لأصناف عدة من المضايقات والضربات، فقد سلط عليهم إعلام الدولة الرسمي، وذاك الخاص بأحزاب الرعايا، بقصد تأليب الرأي العام و إحكام عزلهم باستعمال حجة مضمون المرسومين المشؤومين. وبعد انكشاف الخديعة روجوا لأكذوبة “تسلل جهات سياسية متطرفة تتحكم في تنسيقية النضال وتستعملها لضرب الاستقرار الوطني”، وبعد افتضاحها لم يبق للدولة إلا أساليب القمع السافر، بدءا بالمنع الصريح لتنقل الأساتذة للمشاركة في محطات نضالية، وتهديد سائقي وسائل النقل، وتحريك المتابعات القضائية بملفات قديمة، وتهديد الأسر، وأخيرا لجئت الدولة لتنظيم غارات شرسة ضد المسيرات والوقفات النضالية.
كسبت معركة الأساتذة المتدربين تعاطفا شعبيا واسعا، وانحشرت الدولة في الزاوية بعد انكشاف أكاذييها، وعجزت عن تقديم حجج لتبرير سلوكها، ما ادخلها في خلافات بين أقسامها حول اختيار الأسلوب الأنسب لهزم الاساتذة وانقاذ “هيبة الدولة”.
بعد تكوين نظري وعملي مكثف، وجملة اختبارات نظرية وشفوية وتجريبية، فاجأت الدولة الجميع بطعنة غادرة تقضي بترسيب 150 أستاذ متدرب في تنكر سافر لالتزاماتها المكتوبة وتعهداتها العلنية. فالدولة التي دفعها الانتقام لهيبتها ارتكبت فضيحة مدوية جديدة. كيف لدولة تفتح باب ممارسة التدريس في وجه الآلاف من المتعاقدين وقبلهم العرضين وسد الخصاص دون أي مسار تكويني مسبق وجعلهم يعملون في ظل شروط الهشاشة وانعدام الاستقرار المهني لسنوات أن تشهر ذريعة الكفاءة المهنية ؟
إن خيانة الدولة لعهودها في الاتفاق النهائي مع تنسيقية الأساتذة المتدربين، المنشور أمام الملإ، ما هي سوى محاولة أخيرة منها لتدارك هزيمة محققة أرغمتها على الخضوع. وقصدها إبلاغ رسالة لكل حركات النضال مفادها عدم تنازل الدولة المستبدة تحت ضغط النضال، وما كل اللغط حول استهداف هذا الطرف السياسي أو ذاك غير مناورة لإحباط الرد الجماعي.
لدينا نحن بدورنا في حركة النضال درس نستخلصه: النضال الموحد، المسير ديمقراطيا، والتضامن الشعبي، سبيلنا الأوحد لتحقيق الانتصارات على أعدائنا، مع ما يقتضي من حيطة وعدم الركون إلى وعودهم، وتشديد الضغط وتأكيد الاستعداد لاستئناف النضال ردا عن مناوراتهم.
نحيي نضال الأساتذة المتدربين، وصمودهم ضد مناورات الأعداء وضرباتهم، وندعو إلى إبداء كل الدعم والتضامن ضد غدر الدولة ونكثها بالتزاماتها. وليكن مطلبنا: إسقاط القرارات الأخيرة وتنفيذ الالتزامات الواردة في الاتفاق بلا لف ودوران.
سيظل النصر المحقق مكسبا يسهم في استعادة ضحايا الاستغلال الثقة في النفس، وفي قدرتهم على انتزاع مكاسب، والتقدم على طريق بناء ادوات نضال في مستوى التحديات الماثلة أمام طبقة الاجراء. إن الاساتذة المتدربين، على النضال، دم جديد في الحركة النقابية، سيخصبونها بما تعلموا من ديمقراطية تسيير المعارك، وبما كسبوا من خبرة مواجهة الخصم. وهذا اكبر مكاسب كفاحهم.
تيار المناضل-ة
26 يناير 2017
اقرأ أيضا