حول الأزمة التنظيمية لفرع إنزكان/أيت ملول لل FNE
موقفي من الأزمة التنظيمية لفرع إنزكان/ايت ملول للfne.
يعيش الفرع الإقليمي للجامعة الوطنية للتعليم fne – انزكان ايت ملول أزمة حقيقية جارفة منذ العودة من أشغال المؤتمر الحادي عشر للجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي، والمنعقد أيام 28-29-30 مايو 2016، يقابلها تجاهل غير مفهوم من قبل القيادة الوطنية إلى حدود كتابة هذا المقال، وردود أفعال لا ترقى إلى مستوى المناضلين، وهذا ما دفع بي إلى الاستقالة من مهمتي في المكتب الإقليمي الحالي كنائبة أولى للكاتب الإقليمي الحالي.
إن فرع انزكان ايت ملول ليس رقما عاديا ضمن أجهزة النقابة، بل يشكل قلبا نابضا لها إذا ما اعتمدنا التسوية المالية معيارا للانضباط التنظيمي، حيث سوى الفرع خلال ولاية الأربع سنوات من عمر المكتب الوطني السابق 1108 بطاقة. كما ساهم بشكل كبير في نتائج انتخابات اللجان الثنائية 2015، والتي حازت فيها الجهة على 09 مقاعد، وذلك بفضل مجهودات ومصداقية مناضلي سوس ماسة درعة لدى الشغيلة التعليمية، وخول لها بذلك الفوز بالتمثيلية التي لطالما عانينا من عقدتها في سياق الهجوم الذي شنته الإدارة على مناضلينا بمعية المركزيات النقابية “الأكثر تمثيلية”، وذلك بعد فك الارتباط بالاتحاد المغربي للشغل سنة 2012.
مباشرة بعد انعقاد المؤتمر الوطني العاشر، وخاصة في أول مجلس وطني، أعلن عبد الحميد امين في سياق مداخلته بعبارة “بت نبت” عن موقف غريب ألا وهو التشبث بالنقابة الأم “ا م ش” وتحول هذا الموقف إلى موضوع نقاش وسجال بين مؤيد ومعارض دون الحسم فيه، إلى أن تم فرضه عبر ما سمي “تفاوضا” في إطار التوجه الديمقراطي الذي كان يضم في عضويته الجامعة الوطنية للتعليم والجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي والجامعة الوطنية لعمال ومستخدمي الجماعات المحلية. فبالرغم من هزالة الشروط التي تضمنتها مراسلات قيادة التوجه الموجهة للبيروقراطية، فقد تم التفاوض بعيدا عنها، بل تم خارج أجهزة التوجه الديمقراطي وعلى أرضية لم يعلن عنها. أسفر ذلك عن إعادة توحيد نقابة الجماعات المحلية داخل إ م ش، وعن الشروع في تسوية الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي لوضعيتها داخل ا.م.ش ضاربين بذلك عرض الحائط الشعار الذي كان يؤطر هذا “التوجه” المتمثل في وحدة المصير. هذا في الوقت الذي ظلت فيه الجامعة الوطنية للتعليم / التوجه الديمقراطي و المناضلون الدين طردوا من طرف القيادة النقابية خارج الاتحاد المغربي للشغل ، إلى أن أقر عبد الحميد أمين بحصول توافقات ما بين قيادة النقابة و قيادة “التوجه الديمقراطي”، تلاه تصريح ميلودي موخاريق، الأمين العام ل ا م ش، يؤكد فيه على ان عبد الحميد لم يكن أبدا خارج ا م ش. أفضى هذا الأمر إلى إثارة أسئلة و نقاشات في صفوف المناضلات و المناضلين، اغلبها في مواقع التواصل الاجتماعي في غياب تام لأي توضيح من قبل أجهزة نقابتنا بمبرر أننا كجامعة وطنية للتعليم لسنا معنيين بالتصريحات المعلنة خارج أجهزتنا !
بالرغم من احتدام النقاش أمام غياب المعطيات الدقيقة و سد الباب على النقاش الجدي والمسؤول، ظل مناضلات ومناضلو الجامعة متفائلين بالمؤتمر الوطني الحادي عشر، واعتبروه محطة اساسية و فرصة لوضع النقط على الحروف ورفع اللبس بشكل نهائي عن مسالة العلاقة مع إ م ش. بدأت أشغال المؤتمر و “بان النهار من صباحو” عندما حضر عبد الحميد أمين باسم التوجه الديمقراطي -الذي لم يعد له وجود تنظيمي – ليحث على ضرورة تسوية الجامعة الوطنية للتعليم لوضعها التنظيمي داخل ا م ش، ثم ممثل جامعة الفلاحة الذي حاول استخدام ذكائه في تحليل رمزية رقم المؤتمر 11، مما يثبت بالملموس بان يدا خارجية هي من تدبر الشأن الداخلي لهذه النقابة القطاعية. وبعد سرد الكاتب العام عبد الرزاق الإدريسي ل “التقرير الأدبي” (والذي دام قرابة ثلاث ساعات)، عبر اغلب المتدخلين عن إحباطهم من هذا التقرير الذي غاب فيه تقييم التجربة، كما لم يحمل الأجوبة على الأسئلة التي أرقت مناضلات ومناضلي الجامعة من قبيل مآل التفاوض الذي فتح مع قيادة ا.م.ش. وكذلك أسباب استقالة أحد أعضاء المكتب الوطني. بالرغم من أن معظم المداخلات التي ناقشت التقرير الأدبي عبرت عن رأيها بخصوص العودة إلى ا م ش واعتبرتها خطا احمر، وبالرغم من كونها نقطة خلافية في المؤتمر، لم يتم تركيب الخلاصات ولا الحسم في القرار النهائي. فعوض أن يشكل المؤتمر مثالا للديمقراطية يقتدى به، ويعبر عن سيادته، ويمثل مناسبة للنقاش الجدي والرفاقي تستخلص منه قاعدته قراراتها بكل ديمقراطية، تم تهريب الحسم في أهم القرارات إلى القانون الأساسي، وذلك بعد فرز أجهزة على المقاس (للمزيد من المعلومات حول شوائب المؤتمر انظر العدد 64 من جريدة المناضلة). كل ذلك ترتبت عنه ردود أفعال في الحين تراوحت ما بين التعبير الصريح عن المعارضة، أو مغادرة المؤتمر قبل انتهائه، أو في نقاشات ثنائية، أو فقط في التعبير عن مشاعر الاشمئزاز. لم تتوقف ارتدادات أجواء المؤتمر عند هذا الحد، بل استمرت حتى بعد انتهاء أشغاله، لتنفجر مواسيرها في فرع انزكان ايت ملول بجهة سوس ماسة.
اتسمت الستة أشهر التي تلت المؤتمر بعدة أمور:
- استقالة الكاتب الإقليمي لفرع انزكان-ايت ملول في مجلس اقليمي بعد قراءة تقييمية لمحطة المؤتمر.
- فتح قناة التواصل مع ا.م.ش بعد لقاء الكاتب الجهوي السابق الرفيق (م.م) مع قيادة المنظمة.
- اجتماعات مستمرة لبعض مناضلات ومناضلي انزكان ايت ملول لمواكبة وململة المشكل التنظيمي للفرع.
- استدعاء الرفيقين المعنيين-رغم استقالتهما-لتقديم توضيحات داخل الهياكل التنظيمية (المجلس الإقليمي لانزكان– المكتب الإقليمي لاشتوكة ايت باها) وذلك من باب الأخلاقيات الرفاقية التي جمعتهما بباقي المناضلات والمناضلين بالفروع.
- استقالة 29 من أعضاء وعضوات الهياكل المحلية والإقليمية لفرع انزكان ايت ملول، تلتها استقالة 15 آخرين من فرع اكادير.
اتفاق مع التقييم واختلاف في الخيار
أفضت قرارات الطرد في حق نقابيين قياديين بالاتحاد المغربي للشغل إلى بروز “التوجه الديمقراطي”، هذا الخط الذي استقطبت شعاراته ومواقفه في لحظة ما من تاريخه معظم المناضلين المستاءين من حالة التبقرط التي يعرفها العمل النقابي بالمغرب. ويمكن الذهاب إلى ابعد من ذلك والقول بان تجربة FNE جمعت خيرة المناضلين الديمقراطيين باختلاف مشاربهم. وفي نفس السياق، تندرج التجربة النقابية لانزكان ايت ملول، حيث كانت تحرص الى حد كبير على تسييد السلوكات الديمقراطية والرفاقية وخصوصا الإنسانية، حيث يتم تغليب مصلحة التنظيم بعيدا عن كل اصطفاف سياسي او ترام على المسؤوليات. كنا ندبر عملنا اليومي في النقابة بروح تطبعها النضالية والمصداقية، بعيدا عن التهافت على مراكز القرار. ولولا الضرورة التنظيمية لاكتفى الجميع بالعمل الميداني دون التواجد بالأجهزة التنظيمية. وهذا ما تأكد دوما عند كل محطة تنظيمية.
دامت هذه اللحمة حتى إبان الأزمة التي عرفها الفرع، وذلك من خلال النقاش الجدي الذي جمعني بهم منذ بدايته إلى نهايته، حيث عبر كل فرد منا عما يراه صائبا. وكانت الخلاصة ان أهم ما يجب تحصينه هو ما راكمناه من تلاحم ميزنا طيلة هذه التجربة بل ويشكل نقطة قوة في اشتغالنا. في بداية الأمر، لم يكن الرفاق المستقيلون يدافعون عن قرار معين سواء بخصوص البقاء في fne أو الاستقالة، إلا أن الملمح العام كان ينم عن شروط ذاتية تتمثل في عدم الاستعداد للاستمرار في العمل في fne جراء الإحباط الذي تعرضوا له من سلوكيات من يعتبرون أنفسهم ديمقراطيين، وعدم الرغبة في العمل بدون نفس الفريق لدى البعض الأخر.
اتفق مع رفاقي جملة وتفصيلا في تشخيصهم للازمة المحتدمة داخل fne والتي وردت في نص استقالتهم، غير أن هذا لا يمنع من اختلافي الجازم حول كيفية إنتاج مبادرة الرجوع إلى ا.م.ش خارج جسم المناضلات والمناضلين المنتسبين لهذه التجربة رغم فتح النقاش حولها فيما بعد.
كما ان الموقف الذي كنت أحاول تبيانه هو البقاء في fne وتنظيم المقاومة من الداخل ضد الانحراف البيروقراطي الذي عرفه المؤتمر الأخير. فبالرغم من كون نقابتنا قطاعية، وبالرغم من أن قيادتها، في إطار التوافق مع المركزيات النقابية الأخرى، ستعمل على تفادي مبادرات من شانها ان تحرج تواطؤ تلك المركزيات مع الدولة في تمرير مخططاتها التدميرية، فان قوة الفرع، إقليميا وجهويا، ستمكننا من فرض وثيرة نضالية وبناء تجربة ملهمة لباقي الفروع التي بلغت نفس الخلاصات مما شاب المؤتمر الأخير، وذلك عبر الاتصال بباقي المناضلين والتنسيق فيما بيننا لتوحيد تدخلنا. وبذلك نستطيع فضح ما يحاك ضد الشغيلة من مؤامرات عبر مواقف وتضامن وتحسيس ميداني في افق تصليب وتوحيد قوتها التنظيمية. وبديهي أن هكذا عمل لا يمكن القيام به في أية مركزية نقابية أخرى. لماذا؟
مهما كان الخيار البديل، فإنني اعتبر بأننا سنكون أمام سيناريوهات واضحة سلفا. فمن منطلق إدراكي بواقع التسلط البيروقراطي، عبرت عن مصير الفرع من داخل آية مركزية فيما يتعلق باستقلالية القرار تنظيميا ونضاليا، وذلك اخذا بعين الاعتبار معرفتي برفاق فرع انزكان-ايت ملول، والذين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقبلوا بإملاءات فوقية قد تضعنا جميعا من جديد أمام خيار الرحيل أو الاستسلام، لنساهم بذلك في إفقاد الثقة في العمل النقابي برمته.
تعدد المسارات ووحدة المأزق
لولا ضيق الأفق لشكل توجهنا النقابي مثالا للعمل النقابي الكفاحي للطبقة العاملة في ظروف الهجوم الخطير على ما كان يعتقد انه عصي عن المس به (أنظمة التقاعد-استقرار العمل بالوظيفة العمومية-الحريات النقابية…). تمثل مبادرة بيروقراطية إ م ش مركزيا ومن ورائها النظام إلى التفاوض مع التوجه الديمقراطي، ضربا من مناورة خسيسة تهدف من جهة، إلى تفكيك مكونات هذا التوجه واحتواء الجامعات المنضوية تحته وإخضاعها لسيطرتها الكاملة، وبالتالي، إفراغها من أي دينامية نضالية وتنظيمية مع اشتراط عدم الخوض في الخروقات التنظيمية وكذلك الفساد الذي تدبر به مالية المنظمة والملفات النقابية. ومن جهة أخرى، بعد أن نجحت البيروقراطية في تمرير مؤتمرها الحادي عشر في جو هادئ، مكنها من ربح رهان انتخابات ممثلي الأجراء في اللجان الثنائية المتساوية الأعضاء، من الاستمرار في المساهمة في تمرير مخططات الدولة في الإجهاز على ما تبقى من مكتسبات وحقوق للطبقة العاملة. لقد حققت البيروقراطية النقابية مبتغاها وعاد المناضلون إلى كنفها وفق اتفاقات غير معلنة.
لقد استهدفت حملة مسعورة وخطيرة المستقيلين من الجامعة الوطنية للتعليم بجهة سوس ماسة، وكيل سيل هائل من التهم الباطلة من قبيل أن منهم الباحث عن التفرغ، وآخرون يتحصلون على أضاحي العيد والشيكات المالية، إلي درجة الاتهام بالبولسة ولعب دور المخزن في إفشال تجربة التوجه الديمقراطي. فمنذ المؤتمر، وفور إعلان مؤتمري انزكان انسحابهم لسبب تنظيمي، جاء رد فعل من القاعة سريعا جدا عبر رفع شعار “الفساد يطلع برا”، ويقصد به الرافضين لمجريات تدبير المؤتمر. ولم تتوقف سلسلة الاتهامات وتزوير الوقائع ولي عنق الحقائق الملموسة، بل طالت كل من انتقد الكارثة التي وقعت أثناء عقد مؤتمر.
كان المؤتمر، وللأسف، دليلا على أن جزءا مهما من اليسار الجذري لم يتعافى بعد من الوسواس القهري الذي يبرز في كل محطة تنظيمية لأي منظمة يتواجد بها، والمتمثل في الخوف من انفلات زمام الأمور من يده والتحكم في تشكيل الأجهزة لانعدام الثقة في القواعد. أو بتعبير اصح، لا يكلف نفسه عناء طرح الإشكالات للنقاش مع القاعدة العريضة غير المنتمية سياسيا ومحاولة إقناعها، ويكتفي بنهج الأساليب البيروقراطية وفرضه للأمر الواقع وإشهار سلاح التخوين في وجه كل معارض.
ووجه هذا المنسوب من الاحتقان والأزمات التنظيمية، ببرود وتجاهل كبيرين من طرف المكتب الوطني، والذي لم يكلف نفسه عناء النزول للجنوب والتقصي عن الأمر برمته. مقابل ذلك، عمل المكتب الجهوي على فرض سياسة الأمر الواقع بتحديد تاريخ تجديد المكتب الجهوي دون اعتبار لواقع الأزمة في مختلف الفروع. وفي سياق ذلك، عمد نائب الكاتب الجهوي السابق-وهو الشخص نفسه الذي ترأس المؤتمر-إلى دعوة بعض مناضلي فرع انزكان ايت ملول إلى لقاء لم يعرف استجابة من طرف هؤلاء نظرا لاعتباره من المساهمين الفعليين لما آلت إليه أشغال المؤتمر.
وهنا أسائل أعضاء قيادة fne: إن كان موقفكم واضحا وحاسما من العودة إلى ا م ش، فما الداعي إلى تفادي فتح نقاش عميق حول هذا الخيار في صفوف القواعد، بل ونهج أساليب لا ديمقراطية لفرض ذلك؟ وإذا كنتم تتفقون مع الرأي الذي يعتبر خيار العودة افقأ ضيقا سيكبل أية إمكانات لبناء تجارب كفاحية، فما تفسيركم لهذا التجاهل الغامض–غير المسؤول ان كان بريئا-من جهتكم لهذه الأزمات التي تعيشها الفروع الحيوية للنقابة (تاونات، انزكان، اكادير)؟ ألا يمكن اعتبار هذا تكتيكا يقضي بترك أعضاء الجسد التنظيمي تتهاوى تباعا دون أي تدخل منكم، حتى يجد المناضلون أنفسهم أمام واقع يكون فيه الخيار الوحيد والأوحد هو الالتحاق بالمركزية؟ وهل تعتقدون أن تدبير الأزمة التنظيمية لفرع انزكان ايت ملول أو غيرها هو بفرز هياكل، لا لشيء سوى لتلميع الصورة وإعطاء انطباع الصحة والعافية للمتتبعين من بعيد؟ الم تتعلموا من تجربة fne نفسها أن المناضلين هم من يصنعون الأجهزة التنظيمية وليس العكس؟
أمل مشروط بممارسة ديمقراطية
لا زلت اعتقد بان هناك إمكانية لتطوير تجربتنا النقابية، وجعلها نبراسا لعمل نقابي عمالي حقيقي، لكونها الأفضل للعب هذا الدور، ولكونها الأكثر تأهيلا للدفع بالمعارك العمالية من اجل انتزاع حقوق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. غير أن هذا لن يتأتى باعتقادي إلا ب:
- تقييم هذه التجربة بخلفية تقديم نقد ذاتي، وتسليط الضوء على ما راكمته نقابتنا القطاعية في الأربع سنوات التي مرت، بالإضافةإلىاستشرافأفاقهالمناقشتها والحسم فيها. وسواء كان مفاد القرار هو الدخول إلى الاتحاد أو البقاء خارجه، يجب ألا نفرط في هذا العدد الهائل من النقابيين المتحررين من سلطة البيروقراطية المركزية، لان بهم ستكون الجامعة قوية ومتماسكة، يوحدها منظور واضح للعمل، وقادرة بذلك على بلورة برامج ومواقف من شانها أن تخفف من هذا الهجوم الممنهج ضد القطاع العام بصفة عامة. أو ليست العودة-إن حصلت-والجامعة متراصة الصفوف أفضل من العودة مطأطئيالرؤوس، لنعيد وفي أحسنالأحوال تجربة الخمسين سنة، جراء انسحابات البعض وإحباط البعض الأخر؟
- ، التصدي لميول الاستسلام وشعور الإحباط والخيارات الذاتية الهروبية، والمبادرة إلىإجبار القيادة على العودة إلىاستراتيجية عمل قائمة على خيار النضال ومبدأ التدبير الديمقراطي والامتناع عن إتباعأهواءشخصية، ضدا على ما تفترضه مرحلة الردة هذه وهذا الهجوم الكاسح للدولة من مسؤولية في اتجاه الدفاع عن هموم الطبقة العاملة، وانتزاع مكاسب نوعية.
- الدفاع عن فتح نقاش رفاقي يجمع الجميع بما فيهم المنسحبين، تطغى فيه روح المكاشفة والنقد الذاتي البناء. لم لا، إن كانت نقابة بيروقراطية يكيلون لها كل التهم بالأمس، تستقبلهم اليوم معتبرة الأمر لا يعدو خلافا “عائليا” ومستعدة لاحتضان فروع أخرى وتحصينها، فكيف لا نفعله نحن مع رفاقنا يعتبرون من بناة التجربة ومحصنيها في عز الهجوم عليها؟ إن لم يكن المانع شيئا أفظع، فهو إذن ليس إلا تكبرا وتعاليا لا يليق بمناضلين يعلنون انتسابهم إلى الديمقراطية.
- تمييز راية الديمقراطيين أينما كانوا وذلك عبر التشهير ضد البيروقراطية النقابية ودورها في عرقلة وتكسير النضالات العمالية، وذلك باختراقها عبر التنسيق مع ضحاياها لبناء الوحدة النقابية. والقطع نهائيا مع الأساليب الموروثة من القيادات البيروقراطية، وذلك بتجسيد ممارسة ديمقراطية داخلية وكذلك مع الشغيلة.
ويبقى القول الفصل في أن النضال ضد البيروقراطية وضد أعداء الطبقة العاملة كيفما وأينما كانوا، ليس مشروطا بالانضمام إلى نقابة معينة، وإنما هو رهين بالتحام كل المقهورين، وبوحدة البرنامج والمصير. هنا او هناك، تكمن مهمتنا في إعادة إحياء حس الانتماء النقابي باعتباره انتماء نضاليا لدى الشغيلة، وفي تعبئة قاعدتنا للدفاع عن الخدمات العمومية الجيدة والمجانية ضد تكالب المستثمرين الرأسماليين، والتصدي لكل القوانين التراجعية التي تشنها الدولة من اجل تكريس ضرب الحريات العامة بما فيها الحريات النقابية وكذلك فرض المزيد من الهشاشة والمرونة في التشغيل، ناهيك عن تجميد الأجور والهجوم على صندوق المقاصة.
لقد انطفأ أمل نقابي لاح في الأفق سنة 2012 فخربه الغرور وضيق الأفق. وحجم الخسارة سيلمسها كل مناضل غيور يلاحظ التواطؤ المفضوح للبيروقراطية النقابية في تمرير كل التعديات. ونفس التخريب يضرب في الصميم الجامعة الوطنية للتعليم/التوجه الديمقراطي، والتاريخ سيذكر انه صفحة مشؤومة في سجل من أقدم على إجهاض ذاك الأمل الواعد. لكن النضال مستمر وخيار بناء نقابة ديمقراطية وخط نضال ليست رغبة ذاتية، إنما ضرورة موضوعية سيواصل أنصار قضايا النضال العمالي حمل مشعلها أينما حلوا وارتحلوا وتبقى ساحات النضال المتعددة هي المحك.
فاطمة بلا
نقابية في fne
07-12-2016
اقرأ أيضا