البرتغال: المؤتمر العاشر لجبهة اليسار
المؤتمر 10 : التقوي للانتصار
أدريانو كامبوس ، ألدا سوسا
16 يوليو 2016
عقدت جبهة اليسار مؤتمرها 10 يومي 25 و 26 يونيو 2016. عرف اللقاء أكبر حضور في تاريخ الجبهة بحوالي 650 منتدبة ومنتدب من كل البلاد، اجتمعوا-ن في لحظة توتر بين البرتغال و الاتحاد الأوربي.
الجبهة في نضال ضد التقشف
بعد 8 أشهر من النتيجة التاريخية (10,2 بالمائة في الانتخابات التشريعية سنة 2015) وبعد الحملة النوعية في الانتخابات الرئاسية حيث احتلت ماريسّا ماتياس المرتبة الثالثة (10.1%) ،عززت جبهة اليسار موقعها كقوة نضال أساسية ضد التقشف في البرتغال. و من الضروري التذكير بأن السيناريو الجديد للسياسة البرتغالية، بحكومة مركزية بقيادة الحزب الاشتراكي الذي اقتحم دائرة اليمين البرتغالي في السلطة، كان بفضل المليون صوت التي أحرزها كل من جبهة اليسار و الحزب الشيوعي البرتغالي في الانتخابات الأخيرة.
وجد المأزق المؤسساتي (لم يستطع رئيس الجمهورية حل البرلمان المشكّل حديثا، لأنه في الأشهر الاخيرة من ولايته) ترجمته في هزيمة الحزب الاشتراكي (32%)،و الذي وجد نفسه مجبرا على الاختيار بين عقوبة المشاركة في حكومة أقلية يمينية (37%) أو الرضوخ لمطالب الجبهة بأن يسحب من برنامج حكومته : تسهيل تسريح العمال و تجميد المعاشات والتقشف في مقدار الحماية الاجتماعية ، و ذلك بتوفير امكانية تحالف ذي ثقل في البرلمان.
هذا الأمر يفترض انجازات هامة لصالح جزء كبير من الساكنة : الرفع من الحد الادنى للأجر بنسبة 5% كل سنة ( 505 يورو في نوفمبر 2015،557 يورو في يناير 2017 و 600 يورو في نهاية الولاية التشريعية في 2019) و تجميد التقشف في أجور الموظفين ،التخفيض من الضريبة على القيمة المضافة، اعادة النظر في خوصصة النقل الحضري من بورتو إلى ليشبونة، المصادقة على زواج المثليين-ات ، تحيين و حماية المعاشات، تقوية و تعزيز سلطة جهاز شروط العمل، وضع حد لانتزاع السكن بسبب الديون ، تشريع تعريفة اجتماعية للطاقة ليستفيد منها مليون شخص و تدفع ثمنها كبريات شركات القطاع ، اقرار 35 ساعة عمل في الوظيفة العمومية، التوزيع المجاني للكتب المدرسية في المؤسسات العمومية، تخفيض تسعيرات الاستشفاء، إعادة أيام العطلة الاحتفالية الملغاة من طرف اليمين، تمديد آجال دفع إيجار أو أقساط السكن الاجتماعي.
لم تطفئ بعد سياسة انعاش الدخل ،الاتفاق الاساس الموقع بين الحزب الشيوعي و الحزب الاشتراكي و بين الجبهة (كل على حدى) ،الخلافات العميقة بين تلك الأحزاب. حتى أذعنت الحكومة للجنة الأوربية و باعت بانيف ،البنك المؤسس بأموال عمومية ، و كان اليمين هو من وفر الأصوات اللازمة لذلك في البرلمان، في مواجهة معارضة الجبهة و الحزب الشيوعي البرتغالي. كما كانت هناك تمايزات في مسائل مركزية مثل السياسات الشغلية الحالية، و إعادة نقاش الديون ، وبالأساس العلاقة مع الاتحاد الأوربي. لقد كان جو التوترات هذا بين الأغلبية البرلمانية وجو الالتزام النضالي لبناء أغلبية اليسار الراديكالي، هو الذي مر فيه المؤتمر العاشر لجبهة اليسار.
ثلاثة محاورللنقاش،جبهة مقواة
حوّل رفض التقشف،المعبّر عنه من طرف غالبية الشعب، النقاش السياسي بالبرتغال. فالمطلب التاريخي للحزب الاشتراكي بالاندماج الأوربي قد تحول إلى مطرقة ضد الحقوق الاجتماعية ،حيث اتخذه اليمين كبرنامج مطلق،مثخم بالاستبداد الداخلي الذي يتغذى سياسيا على الخضوع التام للسلطة الخارجية للاتحاد الاوربي.و مع الوعيد بالعقوبات التي تلوح في الأفق ،تصطدم المحاور الثلاثة للتوجيه السياسي مع العامل المحدد لبناء أغلبية مناهضة للتقشف.
بعد تسمية الجبهة ب “قوة الامل-جبهة اقتحام الاغلبية” ،يبقى الدرس الذي يجب اقتباسه من التجربة اليونانية هو ” لا رهان على اعادة الديموقراطية للمؤسسات الأوربية،أو على نقاش ميزان القوى على المستوى الأوربي. فالصراع ضد التقشف و التسلطية يستدعي نضال الغالبية الاجتماعية في كل بلد من أجل فرض آليات السيادة الشعبية الضامنة لفرض قطيعة مع رِبَا الديون و التقشف.إن مجابهة من هذا القبيل لا تقتصر على مجرد التعاون و التضامن بين القوى التقدمية الأوربية،بل يتطلب الأمر أيضا من كل اليسار المجابهة مع المؤسسات الاوربية “
خرج التيار المتزعّم من طرف كاترينا مارتينس (منسقة جبهة اليسار) بشرعية أقوى من الاتفاق بعد المعركة السياسية التي جرت مدة ثلاث سنوات و اتسمت بانقسام في قيادة الجبهة. حيث حصل التيار “أ” صاحب المقترح القاضي بتكوين وتجميع قيادة تاريخية جبهوية على 64 من أصل 80 مقعدا في المجلس الوطني، أعلى جهاز في الجبهة ، و حصل التيار “ر” المنتقد لأي اتفاق مع الحكومة لكن في نفس الوقت دون القطيعة التامة معها، على 9، أما التيار “ب” ،المحتضن لبعض الارضيات المحلية، فقد حصل على 7 ممثلين.
افتتح المؤتمر، ليلة الجمعة، بجلسة أممية بحضور وجوه معروفة عن حركات اجتماعية (لنحتل وول ستريت، نوي دوبو، الخطة ب ،…)، أما السبت فقد نظم مجموعة من قيادة الجبهة وليمة نقاش مع المنتدبين-ات الامميين الحاضرين ،حيث تبادلوا-ن الآراء ،ليس فقط حول الوضع البرتغالي ولكن ايضا حول ضرورة ايجاد أجوبة جماعية من طرف مختلف القوى السياسة الأوربية.
لقد كانت مداخلة المنتخب البرلماني الأوربي ميغيل أوربان، من أهم اللحظات التي شهدها المؤتمر، و التي تميزت بأطول تصفيق، حيث تطرقت للنضالات المشتركة التي مضت و التي ستأتي. و خاصة ان المداخلة كانت قبيل 26 يونيو(انتخابات الدور الثاني بإسبانيا) ،و كانت الآمال معلقة على امكانية التغيير في الدولة الاسبانية ، و كان آنذاك التشويق كبيرا.
مع بعض مؤشرات تقوي النضالات الاجتماعية، من قبيل الدفاع عن المدرسة العمومية و ضد التمويل العمومي للإعداديات الخاصة ،التي جمّعت 80 ألف شخص بلشبونة في يونيو ،تنتظر الجبهة دورة حادة من النضالات للدفاع عن الايجارات (مساكن الايجار الاجتماعي-المعرّب). أما ميزانية الدولة ل 2017 فمن المنتظر نقاشها بالابتزاز من طرف الاتحاد الأوربي، والضغط من اجل حلول هيكلية للاقتصاد البرتغالي على حساب التشغيل. و في هكذا وضع يظل إعادة التفاوض حول الديون نقطة لا نقاش فيها في الأجندة السياسية لتجميع القوى لصالح حكومة يسار قادرة على الثورة ضد شروط الانتاج و التوزيع في البرتغال، و على الدفاع عن الدولة الاجتماعية.
ان هذا الجواب و هذا الوضوح هما ما يتطلبه النقاش الدائم مع الاغلبية البرلمانية الجديدة ،لتكون قادرة على تبوئ المكانة السياسية اللازمة للمواجهة مع الاتحاد الأوربي. هذا دون اهمال الدفاع عن آليات أخرى كالاستفتاء ضد الاتفاقيات الاوربية، أو كالنضال ضد الضغوط الممارسة لفرض المزيد من التقشفات.
لذلك يطفو، كأهم حل، ما اقترحته كاترينا مارتينس و المتمثل في ايقاف الاتفاق(مع الحزب الاشتراكي أحد أطراف الأغلبية البرلمانية-المعرّب ) و تنظيم ندوة اوربية تجمع كل الأحزاب و الحركات المناضلة ضد التقشف.
كتب هذا التقرير لمجلة vientosur كل من أدريانو كامبوس (الكاتب الوطني للجبهة) و ألدا سوسا (منتخبة برلمانية أوربية سابقة عن الجبهة) بتاريخ 16 يوليو 2016
تعريب جريدة المناضل-ة
اقرأ أيضا