الوطيفة العمومية: دكاك إضفاء الهشاشة على التشغيل
دكاك إضفاء الهشاشة على التشغيل يتحرك من جديد في الوظيفة العمومية، ولن يوقفه سوى تعبئة عمالية فعلية
لا تلقى “الضغوط” النقابية اي اعتبار لدى الدولة ( هذا الممثل الأسمى للبرجوازية). برز هذا بجلاء في السعي إلى تمرير ضرب غير مسبوق لمكاسب في تقاعد الموظفين. لا بل أكثر من ذلك، تتمادى الدولة في استهداف مكاسب أخرى لطبقة الأجراء، منها مؤخرا العمل على إصدار مرسوم التعاقد المؤقت في الوظيفة العمومية.
بعد النجاح في تعميم العمل الهش في القطاع الخاص، وما ترتب عنه من فرط استغلال وقهر، وشبه قضاء على العمل النقابي في القطاع الخاص، ها هي الدولة تقدم على خطوة إضافية لتنفيذ نفس الخطة بقطاع الوظيفة العمومية.
لقد دخل نسف استقرار العمل إلى قطاع الوظيفة العمومية من باب التفويض لشركات المناولة (حراسة، نظافة، مطعمة، بستنة…) دون أن يلقى أي اعتراض من طرف الحركة النقابية. وهذا طبعا ما يشجع الدولة على المزيد… المزيد من الهشاشة.
المرسوم الجديد: التقشف في الانفاق على التوظيف المرسم (خدمة للمؤسسات المالية الدولية) وتفكيك أوصال الطبقة العاملة بالهشاشة
التعاقد المؤقت بالشكل الوارد في المرسوم سيوسع ثغرة فـُـتحت بالتفويض للشركات الخاصة، و بعد فرضه سيكون الطريق ممهدا لمزيد من الهشاشة بمزيد من المراسيم.
أما التعاقد مع خبراء حول “مهام لا تتيحها إمكانات الإدارة”، كما جاء في مشروع المرسوم، فلا يمثل سوى جانب ضئيل جدا. وقد جرى تعمد وضعه بالمقدمة للتمويه عن أهداف المشروع الحقيقية.
سيفتح مشروع هذا المرسوم أبواب الوظيفة العمومية على مصراعيها لتكريس الهشاشة وضرب العمل القار والدائم، كما سيهدد وحدة الموظفين (مرسمين وأعوان بالعقدة)، وسيضرب على المدى المتوسط والبعيد إمكانات التنظيم النقابي للموظفين، مضعفا النقابات العمالية في قطاعات الوظيفة العمومية. وسيفاقم مشكل التقاعد، بالنظر إلى أن المتعاقدين المؤقتين سيخضعون للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد RCAR وليس لنظام المعاشات المدنية الذي يسيره الصندوق المغربي للتقاعد.
هذا المشروع، إلى جانب رفع سن التقاعد، ضربة قاصمة لحق الشباب المعطل في ولوج الوظائف العمومية، لأن زيادة 3 سنوات بالنسبة لمجموع الموظفين المدنيين(المنخرطين في نظام المعاشات المدنية، وهم أزيد من 672 ألف)، ستؤدي إلى ضياع آلاف مناصب الشغل سنويا.
لقد عبرت قيادات نقابية عن رفضها لمرسوم التعاقد المؤقت بالوظيفة العمومية. لكن ما يلقي ظلال شك كثيفة على مواقف تلك القيادات هو قبولها العملي اقتطاع أجور الموظفين المضربين، والامتناع عن تعبئة ميدانية حقيقية ضد ما سمي “إصلاح” التقاعد، واستبدالها بمناوشات دهاليز “مجلس المستشارين”، وقصر نفس ما تدعو اليه من نضالات وتباعدها.
الرفض الفعلي يتعين أن يترجم في برنامج نضالي حقيقي، بتعبئة حقيقية، قطاعيا، محليا ثم وطنيا، سيرا صوب إضراب عام قابل للتمديد تسيره لجان تعبئة وتنظيم منتخبة باماكن العمل. وهذا ما لم يقترب منه بيان المكتب التنفيذي لكدش (8 يونيو2016)، الداعي ليس الى التعبئة العمالية ضد التعاقد المؤقت، بل إلى ما سماه “حوارا مسؤولا” حوله.
أما تأجيل مصادقة مجلس الحكومة على المرسوم فليس سوى ثريتا يقتضيه تدبير الملف على نحو يستدرج موافقة بصيغة ما من قبل القيادات النقابية.
حكومة الظل تنتظر من حكومة الواجهة أن تنجز، قبل تمام ولايتها، ما بجدول أعمالها من هجمات: تفكيك أنظمة التقاعد، وقانون منع عملي للإضراب، وقانون تدجين النقابات… وهي اختارت مطلع الصيف كما فعلت بخصوص مرسوم نقل الموظفين المشتركين بين الوزارات في فترة العطلة الصيفية في 13 غشت 2015.. وكذا مع مرسوم فصل ربط تكوين الأساتذة بتوظيفهم ومرسوم خفض منحتهم.
ما لم تنهض الطبقة العاملة لوقف جرافة تدمير المكاسب الاجتماعية وتعميم الهشاشة، سيقوم الحاكمون بتمرير مرسوم التعاقد المؤقت بالوظيفة العمومية، وكل ما بجعبتهم من أسلحة دمار اجتماعي شامل، بواسطة مؤسسات ديمقراطية زائفة، يحكمها دستور يقنن حكم الفرد.
وكما دلت التجربة، وبحكم مصالحها كفئة ذات امتيازات، ستساير البيروقراطيات النقابية هجوم الدولة، تحت غطاء رفض كلامي كاذب. لذا تتمثل مسؤولية النقابيين الحقيقيين في توحيد الجهود في خطة وطنية، إعلامية وتعبوية بأماكن العمل لرد العدوان الغاشم. فما يسهل مأمورية البيروقراطية النقابية هو انعدام معارضة نقابية منظمة داخل النقابات، لها رؤية طبقية حازمة، تترجم في شعارات النضال و أشكال التعبئة له وخوضه، وفي نموذج تسيير ديمقراطي للمنظمات النقابية قائم على المشاركة الجماعية.
وجلي ان النضال على الجبهة النقابية غير كاف، لن يكتمل إلا بنضال سياسي دفاعا عن الحريات، ومن أجل ديمقراطية فعلية قائمة على دستور يضعه ممثلو الشعب المنتخبين في سياق نهوض نضالي عارم يغير ميزان القوى بالبلد.
إن قوة الكفاح الطبقي الكامنة (متجلية مؤخرا في كفاح الأساتذة المتدربين، وطلاب الطب، وكادحي طنجة ضد أمانديس…) كفيلة في حال استنهاضها بوقف الهجوم البرجوازي والإقدام على هجوم عمالي شعبي يضع المغرب على طريق العدالة الاجتماعية و الديمقراطية والكرامة . على طريق هذا الاستنهاض يتدخل مناضلو/ ات تيار المناضل-ة ،مفعمين باستعداد تام للتعاون مع كل قوى الكفاح الوفية لمصالح الطبقة العاملة و عامة الشعب الكادح.
لا للتعاقد المؤقت بالوظيفة العمومية
لا لنسف المكاسب الاجتماعية
كلنا من أجل جبهة نضال طبقي لوقف العدوان البرجوازي
جريدة المناضل-ة، 14-06-2016
اقرأ أيضا