بدلا عن مفاوضة العمال حول مطالبهم المشروعة، إدارة شركة كراون –المغرب تناور وتتآمر
مراسل المناضل-ة
منذ يوم 3 مارس 2016 يخوض عمال شركة كراون –المغرب إضرابا من أجل مطالبهم ، على رأسها نظام تعويض لائق في حال التسريح بالدار البيضاء، وتعميم المكاسب الاجتماعية على عمال معمل ايت ملول) [انظر التفاصيل بمقالين سابقين بموقع المناضل-ة]. وقد جاء هذا الإضراب في سياق إعادة الهيكلة التي تشهدها الشركة على اثر قيام كراون Crown الأمريكية [ تشغل زهاء 22 ألف أجير عبر العالم ، وحققت رقم مبيعات بلغ 8,5 مليار دولار سنة 2012] بشراء شركة ميفيزا Mivisa الاسبانية (بمبلغ 1,2 مليار يورو).
وقد شرعت الإدارة بالدار البيضاء في تفكيك الآلات ومحاولة تهريبها الى وجهة غير معلومة يوم 1 مارس 2016 دون اي استشارة لممثلي العمال، ما جعل هؤلاء يرفضون العملية. وانعقد يوم 2 مارس اجتماع بين نقابة العمال و إدارة الشركة بمقر دائرة الشغل الثالثة بالبرنوصي بالدار البيضاء بحضور رئيس الدائرة الثالثة. بعد نقاش مطول ثم تأجيل الاجتماع إلى يوم 07 مارس 2016، مع الاتفاق على مواصلته بمقر الشركة.
غير أن الإدارة تنصلت من جميع الوعود التي قطعتها أمام رئيس الدائرة الثالثة للشغل، فبدأ إضراب العمال الانذاري لمدة ساعة لكل فرقة عمل.
وعمدت الإدارة إلى ممارسة استفزازات ضد العمال، وواصلت محاولتها لتهريب الآليات،فرد العمال باعتصام مفتوح داخل مقرات الشركة بكل من ايت ملول و الدار البيضاء.
ويوم 7 مارس جرى استئناف التفاوض بمقر الشركة بالدار البيضاء حيث أبدت الإدارة موافقتها على معظم عناصر الدفتر المطلبي العمالي، و طلبت مهلة للتشاور بصدد النقط العالقة ، على أساس مواصلة التفاوض في نفس اليوم على الساعة الثالثة بعد الزوال.
لكن الإدارة انقلبت ولم تحضر جلسة التفاوض المرتقبة في الثالثة بعد زوال يوم 7 مارس .
وفي ظل هذه المناورات و علامات سوء النية المتكاثرة، واصل العمال إضرابهم بكل من معملي الدار البيضاء وايت ملول.
ويوم 9 مارس توصل ممثلو العمال بدعوة من دائرة الشغل الثالثة لاستئناف التفاوض يوم 11 مارس.
حضر ممثلو العمال لمواصلة التفاوض، لكن إدارة الشركة امتنعت عن الحضور.
وفي الآن ذاته بذلت الإدارة جهودا حثيثة بقصد إفشال إضراب العمال، حيث يقوم المدير العام بالتلويح في وجه العمال بشتى صنوف التهديد والوعيد، مع محاولة استعمال أجراء من خارج المقاولة لتشغيل الآلات بايت ملول بعد أن اشتد ضغط الزبائن المطالبين بتلبية طلبياتهم من البضاعة.
وضمن حرب الإدارة تم استقدام مفوضين قضائيين، وتدخل مفتش الشغل بايت ملول الشهير بعدائه للعمال وبمساعدته لأرباب العمل في حربهم على التنظيم النقابي محاولا إرهاب العمال [انظر بموقع المناضل-ة مقال مفتش شغل يمارس ضغوطا على عمال مضربين من أجل حقوقهم].
لم تفلح التهديدات، سواء الصادرة عن الإدارة أو عن مفتش الشغل، في ثني العمال عن مواصلة الدفاع عن حقوقهم. فقامت الإدارة بتصعيد إضافي بناء على تلفيقات لاعلاقة لها بالواقع. إذ استصدرت من المحكمة الابتدائية بانزكان يوم الاثنين 14 مارس حكما استعجاليا يقضي بإخراج العمال من المعمل بايت ملول. بُـني الحكم الاستعجالي على إداعاءت كاذبة من الإدارة مفادها ان 32 عاملا مضربا منعوا 128 عاملا من العمل. إن أعداد العمال هده لا علاقة لها بالواقع. ثم كيف، يا تُـرى، تمكن عدد قليل من منع أكثر من 100 عامل؟
هذا ما سكت عنه الحكم الاستعجالي واقتصر على الإشارة إلى ان عاملا واحدا منع عاملا واحدا من العمل. وحتى هذا الادعاء كاذب، فالأمر يتعلق بتقني اسباني يدعى فرانسيسكو جاء الى المعمل فاخبره العمال أنهم مضربون فانصرف إلى حال سبيله. كما بُني الحكم الاستعجالي على كون الإضراب بايت ملول مجرد إضراب تتضامني، أي ما معناه أن شغيلة كراون بايت ملول ليس لديهم أي مطالب خاصة بهم. هذا الادعاء مناف للحقيقة، فمطالب الإضراب معروفة ومنشورة بوسائل الاعلام، من جرائد ومواقع الكترونية، وتوصلت بها الادارة ومندوبية الشغل ووالي سوس ماسة وعامل إنزكان مرسلة من طرف النقابة الموحدة للمعادة المنضوية في الاتحاد المغربي للشغل .
إن الادعاء بأن الإضراب بأيت ملول مجرد تضامن ليس بريئا، فمن الناحية القانونية يسهل الطعن في الإضراب التضامني لأن شرعيته محط نقاش لدى رجال القانون.[+] هذه الأكاذيب التي بني عليها الحكم الاستعجالي مجرد ادعاءات من إدارة متعنتة في تلبية مطالب مشروعة، ورافضة للتفاوض، وساعية إلى تأزيم الوضع للنيل من العمال و تركيعهم وهضم حقوقهم المشروعة.
لقد بقي العمال المضربون داخل المعمل بقصد افهام من قد تستقدمهم الإدارة من غرباء عن المقاولة بغاية كسر الإضراب أن بالمعمل إضراب و أن القانون يمنع تشغيل عمال جدد مكان المضربين. وهذا الخرق للقانون هو بالضبط ما ترمي إليه الإدارة وهي الآن تسعى لإخلاء المكان ليتيسر لها مؤامرتها وخرق المادة 16 من مدونة الشغل. وهذا ما يدل عليه أيضا استقدامهما للمفوض القضائي لغاياتها وسد باب المعمل بوجه المفوض القضائي الذي استقدمه العمال.
لقد قام العمال بإخبار مندوبية الشغل بما تحوكه إدارة الشركة و برفضها التفاوض وامتناعها عن حضور اجتماع مقرر، وعلى هذه المندوبية مسؤولية تأزم الوضع ما دامت متفرجة و مستنكفة عن السعي الى الإلزام بتطبيق قانون الشغل و تسوية نزاع شغل يدوم منذ قرابة أسبوعين .
من جهتهم يواصل العمال الإضراب بروح تضامنية بين فرعي الشركة بالدار البيضاء و ايت ملول، واعين ان تعزيز وحدتهم و يقظتهم هو الضمانة الوحيدة لتحقيق مطالبهم .
=================
إحالة:[+] بصدد السجال القانوني حول شرعية الاضراب التضامني ، انظر كتاب قانون الشغل بالمغرب ، صفحة 245 الجزء الثاني ، محمد سعيد بناني ، دار النشر المغربية، 1985
اقرأ أيضا