أين الثروة؟ إنها تهرب إلى الخارج
أزيد من 400 مليار درهم من الثروة التي أنتجها عمال المغرب وكادحوه تم تهريبها إلى الخارج خلال الفترة ما بين 2004 و2013، بمعدل 40 مليار درهم في السنة. هذه معطيات كشف عنها «المركز الأمريكي Global financialintegrity» حول تهريب الأموال.
رغم خطاب الأزمة وعجز الميزانية الذي تتذرع به الدولة لرفض مطالب العمال والكادحين وفي نفس الوقت للمزيد من إغراق البلد في المديونية الخارجية التي ترهن اقتصاده ومستقبله لمؤسسات الرأسمال العالمي، رغم كل ذلك لا زالت «أنابيب نقل المليارات المنهوبة» أكثر انتعاشا من أنابيب نقل المساعدات الدولية واسترجاع الأموال المنهوبة.
قانون استرجاع الأموال المهربة في اتجاه معاكس
تشدقت الدولة وبرلمانيوها في السابق بقانون استرجاع الأموال المهربة بموجب المساهمة الإبرائية، ورفعته الحكومة إلى مصاف إنجازات هرقلية، بينما هو في الحقيقة قانون العفو عن مهربي الأموال. رغم تشدقات الحكومة لا تساوي المبالغ المسترجعة (12 مليار درهم) وفق هذا القانون شيئا إذا ما قورن بحجم الموال التي يتم تهريبها سنويا من المغرب نحو الخارج.
هذه المرة المغرب في المراتب الأولى
عادة ما يصنف المغرب ضمن المراتب المتأخرة في التصنيفات العالمية حول التنمية البشرية والصحة والتعليم إلى آخره، لكنه يحتل المراتب الأولى عالميا في الرشوة والفساد ونهب المال العام. أشار «المركز الأمريكي Global financialintegrity» إلى حلول المغرب في المركز 34 عالميا في قائمة الدول الأكثر معاناة من ظاهرة التهريب، بينما حصل على الرتبة الثالثة إفريقيا خلف جنوب إفريقيا ونيجيريا.
استقرار سياسي في خدمة نهب البلد
تنوه المؤسسات الإمبريالية بالاستقرار السياسي الذي يميز المغرب مقارنة مع الاضطراب الذي تشهده المنطقة، ويقدم الاستبداد المغربي هذه التنويهات دليلا على نجاح سياسته ومن أجل خلق رأي عام داخلي وإجماع وطني حول الاستبداد.
لكن هذا الاستقرار لا يعني إلا تمكن النظام من إخراس صبوات الكفاح الشعبي ضد الاستغلال ونهب ثروات البلد وفي نفس الوقت إفساد منظمات نضال العمال والكادحين.
نتيجة هذا الاستقرار حول تفوق المغرب على البلدان التي تعيش وضعية لا استقرار في كمية المبالغ المنهوبة ففي المنطقة المغاربية. قدر المركز الأمريكي حجم الأموال الخارجة من الجزائر بشكل غير شرعي بحوالي 150 مليار درهم، أما تونس فشهدت تهريب 160 مليار درهم خلال العشرية الأخيرة.
إن المبالغ المهربة من تونس غير المستقر وجزائر الأزمة مجتمعتين أقل بكثير من المبالغ المهربة من مغرب الاستقرار ومغرب التنويهات الإمبريالية.
خرافة محاربة التهريب:
التهريب يخرب الصناعة الوطنية! يجب ضرب المهربين بيد من حديد! جمل يكررها الإعلام وتتفنن فرق الدرك في القبض على نساء قوست ظهورهن من حمل بضائع مهربة من الحدود بين المغرب ومدنه المحتلة في الشمال، من أجل ضمان لقمة عيش لهن ولأسرهن، لكن لا حديث عن تهريب المليارات من الدراهم.
إن الذي يخرب اقتصاد البلد هو خروج السيولة المالية بالمليارات في الوقت الذي تتشدق فيه الحكومة بعجز الميزانية وتلجأ إلى المديونية الخارجية. ليس هناك من إجرام أكبر من السماح بخروج المليارات في الوقت الذي تبرر فيه الحكومة قلة مناصب الشغل بعجز الميزانية.
عفا الله عمن زور
تتعدد الطرق التي تتسلل بها الثروة إلى الخارج، لكن المركز الأمريكي يعتبر «الفواتير المزورة» أكثر الطرق اعتمادا من طرف مهربي الأموال؛ ذلك أن 380 مليار درهم من أصل 400 مليار التي فقدها المغرب خلال السنوات العشر الماضية تم تهريبها عبر فواتير مزورة.
لكنها فاوتير مزورة بالقانون؛ قانون تحرير الرأسمال من عقاله ومن جميع إجراءات الرقابة الدولتية التي قد «تعرقل» الاستثمارات الأجنبية، لكنها في الحقيقة لا تعرقل إلا جشعه إلى الثروات المخلوقة من طرف الكادحين، وفي بلداننا المتخلفة والمتأخرة اقتصادية رفع العراقيل أمام برجوازية البلد لنقل الأموال التي نهبتها إلى الخارج المأمون.
رقابة شعبية من أسفل لمحاربة التهريب
إن الدولة لا تريد محاربة تهريب الثروة إلى الخارج، رغم القوانين الصادرة عن البرلمان، وكيف لها أن تقوم بذلك وهي دولة البرجوازية التبعية التي يقف على رأسها أكبر ناهبي ثروات المغاربة منذ الاستقلال (أراضي مسترجعة، صناديق المال العمومي وتقاعد العمال، خوصصة.. الخ).
لا يمكن محاربة تهريب الثروة وكل أوجه نهب المال العام دون نضال العمال والكادحين المتضررين من هذا النهب وهذا التهريب، لا يمكن لمؤسسات حكومية وبرلمانية تحت تحكم الاستبداد أن تحارب هذه الجرائم المالية بجدية، بل ستتسامح معها.
فقط مؤسسات نابعة من تمثيل شعبي حقيقي وخاضعة لرقابة شعبية من أسفل من طرف العمال وفقراء المنتجين من فلاحين وحرفيين إضافة إلى كافة الفئات الشعبية المضطهدة، فقط هذه المؤسسات تستطيع الضرب بيد من حديد على يد المفسدين والمهربين وكل من يوفر لهم الحماية القانونية والسياسية (أحزابا وحكومة وبرلمان..).
الثورة لحماية الثروة
الوجه الآخر لنهب الثروة وتهريبها هو الحرمان من الخدمات الاجتماعية والعمومية ومن التشغيل، مرافقا مع تشديد ليد القمع ضد كل من تسول له نفسه النضال ضد هذا النظام الاقتصادي والسياسي المجرم.
ضحايا النهب الامبريالي بحاجة الى أدوات نضال، نقابات عمالية حقيقية، منظمات جماهيرية، للنساء وللشباب ولكادحي القرى. ولمنظمة سياسية مسلحة ببرنامج تغيير شامل وعميق. خارج هذا السبيل لا منقذ و لا ملاذ. و سيتزود عمال المغرب وكادحوه بأدوات النضال تلك، و سيكنسون نظام الاستبداد والاستغلال والتبعية للامبريالية.
كادحو المغرب لن يعيشوا أبد الدهر بين الحفر، فغدا يثورون ويسقطوا نظام النهب والقمع والاستغلال. وإنا غدا لناظره لقريب.
بقلم: أزنزار
اقرأ أيضا