استرخاص حياة العمال /ات ، ملخص حوار مع “الحضري نورالدين” عامل حراسة مستشفى مريرت فقد عينه أثناء العمل إثر حادثة شغل
بقلم، العاصي
يبلغ العامل “الحضري نور الدين ” 41 سنة ويعمل في مجال الحراسة في مستشفى مريرت المحلي منذ 1 يناير 2014 . في صباح يوم 3
يناير 2025 على الساعة 11 والنصف وقعت له حادثة شغل في غرفة بالمستشفى المحلي فقد على إثرها النظر في عينه اليمنى.
يحكي نور الدين “كنت بصدد إفراغ قاعة المراقبة من أجل إتاحة المجال للطبيبة حتى تتمكن من فحص أحد المرضى لأن مرافقي كان عددهم كبير. فجأة انفجر بوجهي صمام ضغط اسطوانة الأكسجين ( قنينة الاوكسجين)المستخدمة في تزويد المرضى بهذا المادة”.
حسب ما نقله لنا الضحية فإن صمام الضغط هذا يستعمل لأسطوانة الأوكسجين الصغيرة المستعملة في سيارات الإسعاف وليس لأسطوانات المستشفيات. انفجر صمام الضغط لأنه لم يتحمل كمية الاوكسجين الكبيرة الموجود في الأسطوانة.
أصيب العامل في الجهة اليمنى من وجهه بحيث فقد عينه وطالت الاصابات الرأس والأنف وأسفل العين اليمنى. نُقل ” الحضري ” على إثرها إلى مصحة خاصة في خنيفرة وليس إلى المستشفى بناء على أوامر مدير مشفى مريرت، ثم جرى نقله مرة أخرى إلى مستشفى فاس من أجل إجراء عملية على عينه المصابة. رقد في المشفى بعد العملية أيام.
بعد العودة إلى مريرت حيث يقطن “نور الدين” ويعمل، ذهب إلى مشفى مريرت من أجل الحصول على الوثائق لبدء إجراءاته القانونية تفاجأ برفض مدير مشفى مريرت تسليمه تقريرا عن الحادث ولم يقم بإعلام حتى السلطات من أجل إنجاز تقريرها. كما رفض أيضا مدير مستشفى فاس مده بتقرير العملية من أجل بدأ الإجراءات القانونية. هذا ونفس الوقت لم يقم رب العمل ( م.أ) ،الذي تسمى الشركة الحاصلة على صفقة حراسة مشفى مريرت وخنيفرة باسمه ، بالتصريح بحادثة الشغل لسبب بسيط لأنه لا يقوم بتأمين العمال على حوادث الشغل وفق القانون ودفتر التحملات الموقع مع مندوبية الصحة في خنيفرة معه. يخبره دوما رب العمل بأنها ليست حادثة شغل. لم يتحمل رب العمل أي تكاليف مادية لا سواء تلك الخاصة بالتطبيب أو ثمن الأدوية بالنسبة لنور الدين. وللإشارة فإن “الحضري نور الدين” مطلق وأب لطفلين. يعيش معه أحد الأطفال وهو مصاب بسرطان العظام. أجريت له عملية مؤخرا.
يقول ” الحضري” بأنه أمام تعنت إدارة مشفى مريرت وعدم استجابة رب العمل للتصريح بحادثة الشغل، قام بزيارة مفتش الشغل في خنيفرة، لكنه استقبل استقبالا باردا وكما جاء على لسان الضحية ” لم يعطني وقتا وحولني إلى قائد مقاطعة المقاطعة الإدارية الثانية وأخبرته بأن المستشفى في منطقة نفوذ قائد المقاطعة الأولى لكنه أصر على ضرورة الذهاب إلى قائد المقاطعة الثانية وفعلا ذهبت إلى المقاطعة الثانية دون أن استطيع مقابلته مرارا. عند كل سؤال يخبروني بأن خارج في مهمة. وأخبرني أخيرا أحدهم بأن المشفى غير تابع لمنطقة نفوذ المقاطعة وأن القائد لن يقدم شيئا مؤكدا فعلا الفكرة التي كانت لدي.” يفهم «نور الدين” بأنهم يتلاعبون به كسبا للوقت وحتى يمل سلك كل طريق قانوني من أجل الحصول على حقوقه الاجتماعية.
يظهر هذا من خلال الاتصالات التي يجريها برب العمل من أجل التصريح بالحادثة ” يخبرني بأن الأمر لا يستدعي ذلك ويقدم الوعد بأنني سأبقى عاملا في شركته طيلة مدة حصوله على حق تدبير مشفى مريرت( 18 سنة) “. يعلم نور الدين بأن رب العمل يكذب ويعلم بأن الصفقة لها مدد محددة.
أخبر نور الدين عند الحديث عن الحقوق الاجتماعية -إن رب العمل/ السياسي عن حزب التجمع الوطني للأحرار وعضو مجموعة جماعات الأطلس يملك مقاولة ويستفيد من صفقات عمومية كثيرة. بأن رب عمله لم يقم بالتصريح به لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فقط في العام 2018. كان يقوم بالتصريح ب 13 يوما وبعدها 14 ثم بعد الحادث أصبح يصرح ب 18 يوما. وحكى بأن العمل يكون متواصلا طيلة الاسبوع سبت وأحد دون راحة ولا يحصل العاملون الذين يبلغ عددهم 6 موزعين على مجموعتين (مجموعة مكونة من 3 تعمل ليلا وأخرى تعمل نهارا). لا توجد هناك عطل ولا إجازات وحتى الساعات الأربع الإضافية لا نعوض عليها كما جاء في دفتر التحملات.
بالنسبة لساعات العمل ، يشتغل العمال 12 ساعة ويقومون بكل الأشغال المطلوب إنجازها . أما فيما يخص الأجور، قال العامل الضحية بأن أجر العمال قبل الحادث، كان هو 1700 درهم شهريا لكن رب العمل بعدها مباشرة رفع إلى 2000 درهم. يتسلم العمال أجورهم من عند المحاسب الموجود في خنيفرة ما يضطرهم للسفر من مريرت للحصول عليه مقابل التوقيع على ورقة الاداء التي يحتفظ بها.
أخيرا، ضغط العامل نور الدين مؤخرا( بداية أبريل) على ادارة مستشفى فاس التي وعدت بتسليمه تقرير العملية بعد 10 أيام. كما حصل على وثيقة طبية من أجل الذهاب للرباط من أجل أجراء عملية إزالة العين المصابة لأنها بدأت تؤثر على عيني السليمة.
كل شيء واضح وكل متتبع حذق لحوادث الشغل المميتة والمتسببة في عاهات مستديمة يعرف بأنها كثيرة ومألوفة في صفوف العمال/ات إن لم نقل اصبحت عادية. لكن هناك جواب لسؤال ألا يمكن تفادي مثل هذه الحوادث؟ نعم يمكن ذلك برقابة حقيقية من مفتشي الشغل لأرباب العمل وبزيادة عددهم وتوسيع صلاحياتهم. إن التحول نحو هشاشة الشغل خفض من شروط الصحة والسلامة في اماكن العمل وجعله سببا مباشرا فيها. إن المطلوب هو تطبيق قانون الشغل لا الانتقاص منه من أجل زيادة الأرباح و أيضا الضرب بيد من حديد ( عقوبات زجرية حقيقية)على كل منتهك لشروط السلامة والصحة في أماكن العمل.
اقرأ أيضا