التقاعد: من أجل بناء منظور عمالي لإصلاح أنظمة التقاعد

سياسة11 أبريل، 2025

بقلم؛ فالح رضوان

توجد قضية التقاعد في ملتقى طرق عديدة، فهي بالتأكيد قضية سياسية، بالمعنى الذي تعطيه موازين القوى بين الطبقات، وهي بالتالي قضية اقتصادية بمعنى من هو السيد على القرار الاقتصادي وكيف يتم تنظيمه ولأية غايات، وهي قضية سوسيولوجية بالشكل الذي ننظر فيه إلى موقع المتقاعد في المجتمع ككل.

منظوران متناقضان للتقاعد
يرتبط التقاعد بشكل وثيق مع مفهوم العمل، حيث أن الموقف من علاقة التقاعد بالعمل وشكل فهمنا لتلك العلاقة، يحدد شكل تعاطينا مع ما يسمى حاليا «الإصلاحات» وأكثر من ذلك يساعدنا على فهم كيف بنيت أنظمة التقاعد في السابق.
كما يرتبط المعاش التقاعدي مع مفهومين أساسيين: مفهوم الأجر، ومفهوم الدخل. باعتبار الأول مفهوما يحدد اجتماعيا ضمن علاقة قوى بين المشغلين والمشغلين، يعتبره رأسالمال «أجرا» بعد القيام بعمل ما، ويعتبره العمال «أجرا» لأجل القيام بعمل ما، قيمة لبضاعة تسمى قوة العمل يتم تحديدها اجتماعيا، فيما يعتبر الدخل مفهوما مرتبطا بالفرد، يحدد شكليا في علاقة «الناشط» (وليس العامل) مع ما يجنيه جراء نشاطه (سواء علاقة اجرية بعقد فردي مع مشغل، أو بالعلاقة مع نشاط منتج لريوع أو أرباح)
ومثل كل مفهوم يتعلق بالعمل، يأخذ التقاعد تعريفات متعددة بحسب زاوية النظر، وفي التحليل الأخير هل ننظر إليه من زاوية العمال أم من زاوية أرباب العمل. او بشكل آخر هل من زاوية العمل ام راس المال.
يدافع العمال على نظام تقاعدي يعتبر أن فترة التقاعد هي فترة تحررهم من العمل التابع (travail subordonné) باعتبارها فترة تمكنهم من شغل متحرر من العلاقة الشغلية (الرأسمالية) مع مشغل ما، وفيه يعتبر المعاش التقاعدي أجرا مستمرا ( un salaire continué) ، وهو ما يعني استمرار تقاضيهم الاجر الأعلى (الذي يتوافق في معظم الأحيان مع الأجر الأخير)، في حين يعتبر مجموع الطبقة انها في دفاعها عن هذا التقاعد بهذا الشكل بانها تحرر جزء من الطبقة من العمل المأجور التابع في انتظار تحررها النهائي منه لمجموع الطبقة.
ينشأ هذا التعارض من تعاد موضوعي بين رأسالمال والعمل، وهو تعاد يترجم إلى السؤال التالي: من يستأثر بالحصة الأكبر من القيمة المنتجة؟ هل العمال أو رأسمال؟ يقتضي إصلاح أنظمة التقاعد بشكل يحقق مصلحة الأجراء أن يتم بشكل مستمر تعظيم حصة العمل من القيمة المنتجة، التي يتم اقتسامها اجورا ومعاشات. خارج هاته الصيغة كل إصلاح للتقاعد سيعني فقط قضم حصة العمل من القيمة المنتجة.
يدافع راس المال على نظام تقاعدي قائم على مبدأ أن التقاعد شان شخصي للفرد، يمكن له بحسب «اختياره الحر» أن يحدد سن خروجه للتقاعد (بما فيه عدم خروجه البتة) ويحدد قيمة معاشه وشكل الحصول عليه من المعروض في سوق «المعاشات». وهو بذلك يعتبر أن المعاش التقاعدي هو دخل ( (revenu مؤجل، قائم على الادخار الفردي، وليس باي حال من الأحوال أجرا، لأنه في عرف رأس المال لاوجود لأجور خارج العلاقة الشغلية الرأسمالية (العمل التابع)، ولان المتقاعدين لا يوجدون ضمن أي علاقة شغلية مع رأسمالي، إذن فهم لا يستحقون أجورا.
بين هاته الرؤيتين انوجد في سياق المساومة الكبرى بين راس المال والعمل لما بعد الحرب العالمية الثانية، أنظمة تقاعد خضعت لمنطق المساومة ذاته: الأجراء يريدون فيه نظاما تقاعديا مسيرا ديموقراطيا عبر تنظيمات الشغيلة حصرا، وقائما على مبدأ التضامن بين العاملين والمتقاعدين: التقاعد بالتوزيع ونظام الأقساط السنوية. ويعمل الرأسمال على السطو على تسيير أنظمة التقاعد، عبر شبكة مجالس إدارية بأغلبية لممثلي رأسالمال وإشراك صوري لممثلي العمال، وعلى توجيه مدخرات العمال إلى السوق المالية.

أنواع أنظمة التقاعد
بين هاته الرؤيتين الكبيرتين جرى بناء أنظمة التقاعد في المئة والخمسين سنة الأخيرة عبر العالم.
حيث تم إحداث وتطوير أنواع من أنظمة التقاعد بناء على هاتين الرؤيتين أو كتركيب لهما، بحسب اختيارات سياسية محددة بموازين القوى وفق كل مرحلة:
– نظام التقاعد بالتوزيع: هو نظام قائم على التضامن بين العاملين والمتقاعدين. يعتبر هذا النظام ان التقاعد هو جزء من أجر الأجراء، يتم تحويله مباشرة للمتقاعدين عبر آليات احتساب محددة من المفترض أن يتم التوافق عليها أساسا بين الاجراء أنفسهم. يسمى هذا النظام عادة بنظام الاشتراكات وفق أقساط سنوية.
– نظام التقاعد بالرسملة: هو نظام قائم على ادخار فردي لكل شخص وفق قواعد الادخار المحددة بالسوق المالي، ينتج عليه ريع مالي يدفع ابتداء من لحظة التوقف عن النشاط.
– نظام تقاعد هجين: يجمع بين نمط التوزيع ونمط الرسملة وفق معايير معينة.
الخلاصة الأولى: أنظمة التقاعد هي ركن مهم في المشروع المجتمعي ومرآة له.
الخلاصة الثانية: إصلاح أنظمة التقاعد الجارية عبر العالم ليست إصلاحات تقنية من داخل الرؤية التي حكمت تلك الأنظمة منذ نهاية الحرب ع الثانية، بل هي تعبير عن عهد جديد: عهد انتصار الرأسمال على العمل.
الخلاصة الثالثة: أية بدائل ذات بعد «نقابي» غير مسنودة بتعبئة اجتماعية كبيرة ورؤية سياسية بديلة (مشروع مجتمعي بديل) مصيرها البقاء في دائرة المطلب وسيتم تسفيهها من قبل القوى السائدة.
الخلاصة الرابعة: كل المكاسب التي حققها الاجراء كانت نتيجة غير مباشرة لتحديهم النظام الرأسمالي وطرح ونضالهم لأجل بديل شامل له. وطالما لا يمثل الأجراء تحديا شاملا لرأس المال سيبقى قضم المكاسب هو الاتجاه الوحيد الذي تسير عليه الأمور مع تعرجات قد تقتضيها سياقات معينة
الخلاصة الخامسة: لا يمكن انتظار إصلاحات لصالح الأجراء من مشاركة في لجان مع من يريدون إصلاحا مضادا، وتجربة اللجنتين الوطنية والتقنية لا زالت ماثلة امامنا.
المطلوب إذن إنتاج منظومة مطالب حول المنظومة التقاعدية تستهدف تعميمها وتوحيدها ووضعها تحت التحكم المباشر للمنضوين تحت لوائها، وتعبئ معها قوى الطبقة العاملة: عاملون – عاطلون – متقاعدون.
كل الرهان في الصراع حول أنظمة التقاعد هو صراع حول أمرين:
ماهيته: هل هو استمرار للأجر بالمعنى الذي يجعله مرتبطا بمستوى «تأهيل» العامل وبسنين أقدميته بما تعنيه من تراكم للخبرات وللعلاقات و ل savoir faire، أم هو دخل فردي جرى ادخاره طيلة سنين من النشاط.
تحديد مصدر تمويله: هل هم الأجراء أم المشغلون. ومن يقرر فيه: هل الإرادة الجماعية للشغيلة، أم تمثيليات الطبقات السائدة: حكومة ومجالس إدارة الشركات وممثلو النظام البنكي.

كيف تشتغل أنظمة التقاعد؟
بالمغرب يوجد لدينا كل هاته الأنواع الثلاث من التقاعد: الصندوق لمغربي للتقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهما يشتغلان وفق نظام التوزيع، النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد وهو نظام هجين (2/3 في الرسملة و1/3 في التوزيع)، والصندوق المهني المغربي للتقاعد وهو يشتغل وفق نظام الرسملة.
1- نظام التوزيع: يتم اقتطاع اشتراكات إجبارية كل شهر من الأجور، ينتج عنها «حقا في معاش تقاعدي يحصلون عليه عند بلوغ سن التقاعد». في هذا النظام ليس المعاش الذي يحصل عليه المتقاعد ممولا فعلا من الاشتراكات المدفوعة قيد نشاطه، بل هو ممول بواسطة الاشتراكات المقتطعة في اللحظة نفسها من أجور الأشخاص العاملين. معاشات سنة 2025 تأتي من الاشتراكات المقتطعة من الأجور المدفوعة سنة 2025، وهو ما يعني أنه ليشتغل نظام التوزيع يجب، لمرحلة معينة، أن تكون الاشتراكات المقتطعة مطابقة للمبلغ الإجمالي لمعاشات التقاعد الممنوحة. أي وفق المعادلة التالية:
كتلة الأجور الإجمالية مضروبة معدل الاشتراك يساوي المعاشات المقبوضة من المتقاعدين
تتوقف كتلة الأجور الإجمالية على عناصر عدة:
– مستوى الثروات المنتجة إجمالا (الناتج الداخلي الخام)، توزيعها بين مكافأة العمل ومكافأة الرأسمال، حجم الاقتطاعات/المساهمات العمومية والاجتماعية.
– عدد الاجراء وهو متوقف على سن الدخول للحياة العملية، وسن المغادرة (ليس بالضرورة سن التقاعد) وعدد العاطلين.
– الإعفاءات من الاشتراكات الاجتماعية الممنوحة لبعض الاجراء وبعض أنواع التشغيل.
ويتوقف المبلغ الإجمالي للمعاش على عدد من العناصر:
مستوى المعاشات، أي العلاقة النسبية بين معاش كل متقاعد وعمله (تتغير هذه النسبة بحسب قواعد الاحتساب: آخر اجر، عدد معين من سنوات العمل، كل سنوات العمل..، عناصر الأجرة المطبق عليها حساب الاشتراك هل شاملة لكل مكونات الأجرة، أم مستثنى منها التعويضات او بعضها… او بربط المعاش بعناصر أخرى غير الأجور.. مستوى الأجور نفسه)
في هذا النظام تكمن مصلحة المتقاعدين في وجود كتلة أجور كبيرة، أي ان مصلحتهم هي انعدام البطالة (تشغيل كامل) ووجود أجور مرتفعة (أي ان نسبة العمل من الثروات المنتجة تكون أكبر من أرباح راس المال). وبهذا المعنى تكون مصلحة العاملين والمتقاعدين وفق نظام التوزيع متطابقة: مزيد من فرص العمل وأجور أرفع.
يتيح نظام التوزيع، تطبيق خيارات سياسية مقررة بشكل ديموقراطي بعد نقاش عمومي: إذا وجد ثمة اختلال يمكن مناقشة الوضع واتخاذ قرار يضمن توازن نظام التقاعد.
2 – نظام الرسملة: هو نظام يجري فيه الادخار من المداخيل أثناء فترة العمل لتوظف وتؤتي مردودا ماليا لحظة التقاعد. وفي هذا النظام هناك علاقة مباشرة بين ادخار كل شخص خلال فترة عمله والريع/المعاش الذي يحصل عليه. فشخص يدخر سنة 2022 يراكم مقدورات إيراده لتقاعده سنة 2055. لكن التقاعد الذي سيدفع له حينذاك سيتوقف حصرا على مردودية الادخار/الرأسمال سنة تقاعده (2055). ولكي يشتغل هذا النظام يجب أن يكون الريع/مكافأة الرأسمال المراكم مساويا للمعاشات التي يحصل عليها المتقاعدون. ولحصول التوازن إذن يجب ان تتحقق المعادلة التالية:
الرأسمال المراكم مضروب في مردود الرأسمال يساوي معاشات التقاعد التي يحصل عليها المتقاعدون
يتوقف الرأسمال المراكم على عناصر عدة: مستوى المداخيل الفردية، مستوى الاقتطاعات والمساهمات، إمكانات الادخار التي تتيحها، مستوى الثروات المنتجة إجمالا وتقاسمها بين الاستهلاك الآني والادخار المستثمر في تشكيل الرأسمال.
ويمثل مردود الرأسمال معدل ضغط الرأسمال على الاقتصاد. وباتت مردودية الرأسمال تقاس أكثر فأكثر بحجم «التسريحات» و»الخطط الاجتماعية» (الإجراءات المصاحبة لعمليات التسريح الجماعي) وحذف فرص العمل.
في نظام الرسملة تكمن مصلحة الأجراء العاملين الراغبين في الادخار في التوفر على مداخيل مرتفعة تمكنهم من الادخار بشكل أكبر، بينما تكمن مصلحة المتقاعدين في الحصول على أفضل مكافأة آنية لرأسمالهم. وهنا تكون مصلحة العاملين الراغبين في الادخار مناقضة لمصلحة المتقاعدين الراغبين في مردود فوري قوي. يكمن المنطق الإجمالي للرسملة في تزايد مستمر للرأسمال وفي تقدم مردود الرأسمال، وهو بالتالي نظام يعمل ضد الاستهلاك وضد التشغيل.
على عكس نظام التوزيع، يتوقف مستوى معاشات التقاعد على قرارات تتخذها مجالس إدارة المقاولات والبنوك والمضاربين. لا تقتضي المشاركة في الاختيارات أن يكون المرء مواطنا، بل عضوا في مجلس إدارة المقاولة. أي ان السلطة المالية هي التي تحدد في نهاية المطاف مصير المعاش.
لماذا الحديث عن إصلاح أنظمة التقاعد؟
قال Christiaan Portman نائب رئيس البنك العالمي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «غالباً ما تترافق أزمات المعاشات التقاعدية مع مشكلة التقدّم بالسنّ وهي أمر مضلّل. ففي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يشكّل الشباب نسبة 60 في المئة من السكان، تواجه أنظمة المعاشات التقاعدية حالياً مشاكل مالية. ولذا، فالمشكلة هيكلية وليست ديموغرافية».
إن نسبة المشتركين في صناديق التقاعد قياسا بذوي المعاشات تنخفض ليس بسبب تكاثر المتقاعدين، بل بفعل استشراء البطالة والهشاشة وتدني الأجور وعدم دفع اشتراكات العمال في الضمان الاجتماعي حتى في حالة التصريح بهم، وبالأخص التصريح بعدد أيام عمل أقل بكثير من تلك التي تم العمل فيها فعليا.
ما تصر الدولة على تطبيقه ليس إصلاحا وليس إنقاذا لأنظمة التقاعد، بل فرض تضحيات إضافية على العاملين وعلى المتقاعدين. وهذا يسمى خفض لمستوى معيشة هؤلاء جميعا ومزيدا من تقليص قسم الثروة الاجتماعية المنتجة العائد إلى الطبقة العاملة.
وليس ما يقوم به أرباب العمل ودولتهم من إشراك للنقابات في ملف التقاعد تلاقيا على مصلحة مشتركة بينهم وبين الشغيلة، بل تكتيكا حربيا لإنجاح هجومها. وهم لا يخفون ذلك. هذا على سبيل المثال ما جاء في افتتاحية صحيفة برجوازية، حتى قال كاتبها:» إن الحكومة تناور بذكاء. فالطابع اللاشعبي المرتقب لهذا الإجراء (رفع سن التقاعد إلى 65 سنة) لا يمكن محاربته إلا بشرطين. أولهما تطبيقه بمراحل وبخطوات صغيرة، والثانية تفسير ملاءمته للسكان.» [أي تضليلهم]–إيكونيميست 24 -9-2010. وان ما تريده الدولة من النقابات هو الإسهام في الدور الثاني، أي تضليل الشغيلة بخداع أن «الإصلاح» في صالحهم.

تشخيص الدولة
نظام المعاشات المدنية
يمكن تلخيص الوضعية الحالية لنظام المعاشات المدنية بعد الإصلاح المقياسي الذي عرفه سنة 2016 فيما يلي:
▪ سيستنفذ النظام احتياطاته (70 مليار درهم) بحلول سنة 2028 .وللوفاء بالتزاماته بعد ذلك، سيحتاج الصندوق المغربي للتقاعد ما يناهز 14 مليار درهم سنويا لتمويل عجز النظام؛
▪ المستوى الحالي لنسبة المساهمة )28)٪وسن التقاعد القانوني )63 سنة( لا يتركان سوى هامش ضيق لتبني إصلاح مقياسي جديد. بالإضافة إلى ذلك، فإن أفق استدامة النظام القريب يجعل أثر الإصلاح المقياسي يقتصر على خفض الدين الضمني دون معالجة اشكالية نفاد احتياطيات النظام؛
▪ يعد النظام حاليا متوازنا بالنسبة للحقوق المكتسبة بعد إصلاح 2016 بحيث أن الدين الضمني الحالي يهم بالخصوص الحقوق المكتسبة في السابق.
النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد
يعرف الصندوق الجماعي لمنح رواتب التقاعد عجزا تقنيًا بلغ 5.2 مليار درهم في 2020:
– بفضل المستوى المهم لاحتياطاته (126 مليار درهم) تمكن العوائد المالية للنظام من تغطية العجز التقني.
– المستوى الحالي لنسبة المساهمة بالنظام )18)٪وسن الإحالة على التقاعد المعتمد به )60 سنة( يتركان مجال إصلاح مقياسي.
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
يتوفر نظام تقاعد أجراء القطاع الخاص على هوامش إدراج إصلاحات مقياسية بالنظر إلى:
▪ نسبة المساهمة بالنظام 11,89٪؛
▪ سن الإحالة على التقاعد 60 سنة
. سيبدأ النظام في استعمال احتياطاته سنة 2024
غير أن أفق استدامته يظل بعيدا نسبيًا )2040) نظرا للعوامل التالية:
▪ النظام غير منصف حيث يشترط على المؤمن له أن يتوفر، الاستفادة من معاش التقاعد، على 3240 يوم كحد أدنى من التصريح، أي ما يعادل في المتوسط 15 عاما من العمل
▪ المحرك الديموغرافي الإيجابي يجلب السيولة للنظام حاليا ولكنه بالمقابل يثقل دينه الضمني؛
▪ ارتباطه الكبير بالظرفية الاقتصادية حيث سيكون للأزمة الصحية الحالية أثرا كبيرا على توازنات النظام.
سيناريوهات الإصلاح المعتمدة من قبل الدولة استنادا على الدراسة التي أعدتها بناء على توصيات أشغال اللجنة الوطنية
تقترح هذه الدراسة التي اعتمدت في منهجيتها على توصيات اللجنة الوطنية وكذا الممارسات الفضلى
– هيكلة منظومة التقاعد المستهدفة من خلال ثلاث مستويات بالنسبة لكل قطب:
1 .مستوى أول: يتكون من نظام أساسي إجباري يراد به الحصول على تضامن قوي لتحقيق الأهداف الاجتماعية المتمثلة في تعميم تغطية التقاعد ؛
2 .مستوى ثاني: يتكون من أنظمة تكميلية هدفها الرفع من مستوى المعاش الذي يضمنه المستوى الأول؛
3 .مستوى ثالث: يتكون من أنظمة إضافية بمساهمة اختيارية تروم الرفع من مستوى المعاش بالنسبة للراغبين في ذلك.

هل تحتاج أنظمة التقاعد للإصلاح
بالتأكيد تحتاج أنظمة التقاعد لإصلاح جذري تقدمي، فالوضع الحالي للأنظمة الموجودة بالمغرب لا يمكن وصفه إلا بالبؤس:
1/ لا يستفيد من التقاعد إلا أقلية ضمن مجموع الاجراء:
– أولا بسبب عدم التصريح بالعمال،
– ثانيا بسبب انتشار ظواهر العمل المنفلت كليا من الرقابة.
– ثالثا لأن هناك شروط للحصول على التقاعد ليست في صالح العمال (تخفيض الحد الأقصى من النقط اللازمة لاستحقاق التقاعد هو ضحك على الذقون)
2/ المعاشات التقاعدية هزيلة في عمومها، CNSS وRCAR خصوصا. وتنخفض قيمتها بشكل سريع جدا خاصة في ظل تعولم ظاهرة التضخم واتخاذه صيغة دائمة.
3/ يتحكم في أنظمة التقاعد بنيات بعيدة عن المساهمين فيه، حتى مشاركة ممثلي الشغيلة تبقى غير فعالة وفي غياب أية متابعة في شانها.
4/ لا يمكن أن نتحدث عن أنظمة تقاعد حقيقية، دون الحديث عن منظومة الأجور بشكل عام: ضعف الأجور والتجاء رأسالمال ودولة رأسالمال إلى تضخيم جانب التعويضات، وإدخال بدعة الأجور المتحركة (في قطاع الصحة تمت بمباركة القيادات النقابية، وفي قطاع التعليم أحبط الحراك العملية جزئيا لكنها لازالت في أجندة الحاكمين بينما في القطاع الخاص فالأمر أصبح يشكل أسلوبا أساسيا في التأجير…)
من أجل منظور عمالي لاستدامة نظام التقاعد:
– الاعتراف الاجتماعي بأن المتقاعدين يقدمون عملا مفيدا لمجتمعهم ككل، وخاصة لطبقتهم، يكون معاشهم التقاعدي هو الأجر الذي يتلقوه لأجل القيام بتلك الاعمال.
– تثمين ذلك العمل الذي يقومون به عبر الاعتراف بمخزون الخبرة و….، وترجمة ذلك إلى: تقاعد على أساس أعلى أجر وليس على أساس متوسط مجموع الأجور الحياة المهنية أو متوسط أجور عدد معين من سنواتها.
– خفض جذري لساعات العمل، دون خفض الأجور، نعمل أقل لنعمل جميعا، ولنساهم جميعا في الحفاظ على منظومة التقاعد.
– جعل تسيير النظام شأنا للأجراء: تعزيز الشفافية ونشر كل الوثائق المرتبطة بالتسيير والحالة المالية للصناديق وانتخاب مسيرين من العمال قابلين للعزل في كل لحظة ولا يبقون في المسؤولية لأكثر من فترتين من ثلاث سنوات، وجعل إصلاحات الأنظمة، في حالة الحاجة سلبا أو إيجابا، تنتج من نقاش الأجراء لحالة أنظمتهم، بما فيه التقرير في الحاجة لإصلاحات مقياسية زيادة أو نقصانا.
– جعل الحد الأدنى للمعاش هو الحد الأدنى للأجور.
– تمكين النساء من سن تقاعد أقل من السن المعمول به بخمس سنوات على الأقل.
– تمويل التقاعد وفق صيغة يتحمل فيها المشغلون الجزء الأكبر: الثلثان للمشغلين كحد أنى والثلث للأجراء كحد أقصى.
– إقرار السلم المتحرك للمعاشات على أساس يختاره ممثلو الأجراء: هل على أساس تطور كلفة المعيشة، او على أساس تطور الأجور.
لا يمكن تحقيق هاته النقط المطلبية وهذا المنظور ضمن الشروط الحالية، ومرد ذلك أساسا إلى وجود قيادة نقابية تتظاهر بمعارضة السياسات في حين تساهم بسلوكها الملموس في تعبيد الطريق لمرور تعديات كبرى على الأجراء والأجيرات. المطلوب العمل الدؤوب على جعل التعديات الحالية منطلقا لإعادة بناء الحركة النقابية على أسس تقطع مع الشراكة مع أرباب العمل ومرافقة سياساتهم، بالبناء على كفاحات كبرى قامت بها الشغيلة في السنين الأخيرة، التي أكدت بما لا يدع مجالا للشك على المخزون الكفاحي الكبير للطبقة العاملة، الذي تبدده سياسة الشراكة الاجتماعية.

شارك المقالة

اقرأ أيضا