الأممية الرابعة: «بيان اشتراكي بيئي، بيان الماركسية الثورية اليوم»

بلا حدود, بيانات4 مارس، 2025

بقلم؛ كريستين بوبان Christine Poupin
أسبوعية L’Anticapitaliste عدد 743 بتاريخ 27 شباط/فبراير 2025

حوار. ستناقش الأممية الرابعة، التي تعقد مؤتمرها في شباط/ فبراير 2025، «القطيعة مع النمو الرأسمالي، لبلورة بديل اشتراكي بيئي» حول بيان الماركسية الثورية في عصر الدمار البيئي والاجتماعي. توجهنا إلى كريستين بوبان لتحطينا بالمزيد عن هذا البيان.

كيف نشأت فكرة هذا البيان، وكيف رُسمت صياغتها؟
أشار رفيق في اجتماع لأعضاء المكتب في حزيران/ يونيو سنة 2018، إلى ضرورة العمل على صياغة مشروع لمجتمع المستقبل. نادرًا ما رأيت اقتراحًا يحظى بمثل هذه الموافقة. كان انعدام أفق مثير للاهتمام صارخًا لدرجة أن هذا الاقتراح بدا بديهيًا، ثم باشرنا العمل على ذلك. ناقشت اللجنة العالمية لعام 2019 «مقترحًا لنقاش برنامجي» وقررت مواصلة النقاش على نطاق واسع وعلني. قامت ثلاث لجان – حول البيئة، وقضايا مجتمع الميم واضطهاد المرأة والنسوية – في سنة 2020 بتقديم إسهام لكل منها بشأن نوع المجتمع الذي نسعى إلى تحقيقه. ثم تشكلت مجموعة عمل لمباشرة عمل الصياغة. الخطة الأولى، ومسودات مختلفة الأجزاء، وتبادل الآراء مع العلماء… أسفرت أشهر عديدة من العمل عن إعداد أول «إسهام في صياغة برنامج اشتراكي بيئي في إطار لزوم تخفيض حجم الإنتاج المادي الإجمالي»حيث اعتمدته اللجنة العالمية كأساس عمل في شباط/ فبراير سنة 2022. ثم بات نصا ذي طابع شامل يحتل فيه «العالم الذي نناضل لتحقيقه» مكانة بارزة. استمر العمل – تقرير في تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2023، وتغيير التصميم، وتغيير العنوان، إلخ – إلى غاية اعتماد اللجنة العالمية نسخة «نهائية مؤقتة» في شباط/ فبراير سنة 2024. طُرحت هذه النسخة، المترجمة إلى الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والعربية والبرتغالية الخ، للنقاش في مختلف الفروع. أدت هذه النقاشات إلى إدخال تعديلات عديدة، تضمنت تفسيرات دقيقة وتوضيحات وإضافات. أفضى عمل إضافي لإثراء الوثيقة إلى طرح النص للتصويت في المؤتمر العالمي في فبراير/شباط 2025.
بدأ البيان منذ ذلك الحين حياة عامة جديدة، على أمل أن يمتد النقاش حوله إلى مدى أبعد من صفوف الأممية الرابعة.
ما أهمية هكذا نص، وما هدفه بالنسبة للأممية الرابعة؟
أعتقد أن هذا النص بالغ الأهمية بالنسبة للأممية الرابعة وخارجها. أود الإشارة إلى توضيح أولي: لا يُعَدُّ هذا البيان نصاً «بيئياً». اعتمدنا بالفعل نصوصًا مهمة حول البيئة في المؤتمر الخامس عشر في سنة 2003 مع «الاشتراكية والبيئة»، وفي المؤتمر الأخير في سنة 2018 مع «التدمير الرأسمالي للبيئة والبديل الاشتراكي البيئي». لكن هذا النص مسألة أخرى؛ إذ يمثل حقًا بياناً اشتراكيا بيئياً، بيان الماركسية الثورية لليوم. ونعني بقولنا «اليوم»، في وضع محكوم بخطر الكارثة التي تهدد البشرية بسبب التغير المناخي. وهذا ما يحدد معالم برنامجنا ومشروعنا.
يحدد النص بدءًا من المقدمة إطار الرهانات ومستوياتها. يمثل عصرنا عصر أزمتين تاريخيتين: أزمة البديل الاشتراكي بوجه تعدد أوجه أزمة «الحضارة» الرأسمالية. يكمن هدفنا في المساعدة على معالجة أزمة البديل هذه. والإسهام في تحقيق ذلك على أساس الإنجازات التاريخية لتيارنا الماركسي والثوري والمناهض للبيروقراطية، والتصورات المحينة المستوحاة من النضالات الاجتماعية والبيئية، وما يتطور في جميع أنحاء العالم من أفكار نقدية مناهضة للرأسمالية.
نحن على اقتناع بأن الثورة ضرورية أكثر من أي وقت مضى، ليس وحسب لوضع حد للاستغلال وأشكال الاضطهاد وسطوة الرأسمال على حيواتنا، بل أيضًا «لتفعيل مكابح الطوارئ» وإنقاذ البشرية من كارثة بيئية لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية. لكننا على اقتناع أيضًا بعدم كفاية قول «الثورة هي الحل الوحيد وحسب» (حتى لو كان ذلك صحيحًا!)… نحن بحاجة بشكل أمثل إلى استيعاب العالم والأزمات العديدة التي تهزه، وعلى هذا الأساس نبني برنامجًا مطلبيًا قائماً على حاجات ومطالب ضحايا/ت الاستغلال والاضطهاد، برنامجًا يثير حتمًا مسألة السلطة: ومن يقود؟ ومن يملك؟ برنامجا للإسهام في الفعل، لأننا على يقين بأن الرغبة والقوة والوعي بتغيير العالم تتحقق في إطار العمل والتنظيم الذاتي.
نسمي ذلك في تعابيرنا نهج المرحلة الانتقالية. لا شك أن ذلك أسلوب كلاسيكي للغاية! لكن يجب تحيين محتواه طبعاً لمواجهة التهديدات والتحديات الشاملة التي تفرضها الأزمة البيئية.
هل يعبّر وجود هذا البيان عن حدوث تحول في المرحلة، بالمعنى اللينيني، و/ أو تحول في النسق السياسي للأممية الرابعة؟
نعم مرتين! يشهد العالم لحظة تحول. وكما يقول رفيقنا دانيال تانورو Daniel Tanuro: «فات الأوان لتفادي الكارثة، علينا الحيلولة دون تحولها إلى طامة كبرى. يكمن الرهان في تحقيق الاستمرار المادي للجنس البشري على الكوكب الوحيد الصالح للعيش في النظام الشمسي».
لا يشكل هذا التغير البيئي مجرد مظهر آخر من مظاهر الأزمة التاريخية للرأسمالية. إذ يكمن في صميم تناقضات هذا النظام المستعصية على الحل. يؤدي إلى مفاقمة هذا النظام الذي يشتد تأزماً في الآن ذاته بسبب تناقضاته.
لا يعني ذلك مجرد إدماج البيئة في بضعة فصول من برنامجنا، بل جعل احترام التوازن البيئي للكوكب بمثابة المبدأ الذي نسترشد به.
نستخدم بالفعل تعبير «الاشتراكية البيئية» منذ مدة طويلة، لكن علينا استخلاص جميع المستتبعات المترتبة على ذلك. يُعد تقليص حجم نمو الاستهلاك الشامل للطاقة، وبالتالي تقليص حجم نمو الإنتاج المادي وحركة وسائل النقل، إكراها ماديًا لا يمكن تجاهله. لا يمثل تقليص حجم النمو برنامجًا أو مشروعًا مجتمعياً. لكن يجب أن يتخلل برنامجنا، برنامجنا بأكمله، شكلاً سليماً من أشكال تقليص حجم النمو، مع الأخذ بعين الاعتبار مختلف المسؤوليات وتفاوت العواقب.
يعني ذلك أيضًا إدماج إسهامات الحركة النسوية في موقع إعادة الإنتاج الاجتماعي ووضع رعاية الإنسان والأحياء في صلب اهتماماتها. كما تترتب أيضًا تداعيات استراتيجية عن شعار ضرورة إحداث قطيعة مع النزعة الإنتاجية الشاملة، التي سادت ولا تزال تسود في أوساط الحركة العمالية. علينا الاعتماد على النضالات الاشتراكية البيئية القائمة، لكسب انخراط العمال- ات وتخليصهم- هن من سطوة نزعة الرأسمال الإنتاجية، مما يشكل تحديًا حاسمًا. وعلى هذا النحو، لا تسير النضالات المناهضة للنزعة الإنتاجية ولكل أشكال الاضطهاد جنباً إلى جنب مع النضالات ضد الاستغلال، بل هي جزء من صراع الطبقات الحي. ذلك ما يمثله معنى مشروع البيان هذا. أن نجعل حقاً من الاشتراكية البيئية برنامجنا.

قامت هيئة التحرير بإجراء الحوار
الرابط: https://lanticapitaliste.org/opinions/international/ive-internationale-il-sagit-dun-manifeste-ecosocialiste-un-manifeste-du

شارك المقالة

اقرأ أيضا