لماذا لم تحقق تنسيقية المفروض عليهم التعاقد مطلب الإدماج بعد؟
تفصلنا أيام على ذكرى تأسيس التنسيقية الوطنية للأساتذة- ات وأطر الدعم المفروض عليهم- هن التعاقد، سيع سنوات من نضال مجيد بمكاسبه وانكساراته. للوقوف على حال ومآل هذا الإطار المناضل، ننشر هذا المقال للأستاذ أحمد الرگيبي- عضو سابق في المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم المفروض عليهم التعاقد، والكاتب الإقليمي للجامعة الوطنية للتعليم- التوجه الديمقراطي گليميم.
التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد كانت من أبرز الحركات الاحتجاجية في المغرب خلال السنوات الأخيرة، لكنها لم تنجح في تحقيق هدفها الرئيسي، وهو الإدماج في الوظيفة العمومية. لعدة أسباب ذاتية وموضوعية
1. الانقسامات الداخلية والصراعات التنظيمية
من بين أكبر المشاكل التي واجهت التنسيقية هي الخلافات الداخلية بين أعضائها. فقد ظهرت عدة تيارات داخل التنسيقية، واختلاف الرؤى والتصورات والمسارات النضالية الكفيلة بإسقاط مخطط التعاقد وهذا التباين العميق جعل البعض يتمسك بأفكاره ويعتبرها صوابا لا صواب غيره، والآخرون غالبا ما يعتبرون ذلك وصاية على الأساتذة ويتحججون بضرورة إيصال صوت القواعد وليس الأفكار الشخصية لبعض المنسقين. فبعض هذه التيارات يؤمن بالتصعيد المستمر ولا تفاوض مع الدولة إلا على أرضية الإدماج في الوظيفة العمومية (رغم اختلاف أعضاءالمجلس الوطني حتى حول هذا الأمر» ما هو الإدماج في الوظيفة العمومية وكيف سيتم؟)، بينما يرى آخرون ضرورة التفاوض مع الحكومة وجلب ما يمكن تحقيقه من نقاط في الملف المطلبي. هذا الانقسام أدى إلى:
– تشتت الجهود وفقدان وحدة الصف؛
– صعوبة اتخاذ قرارات حاسمة بشأن خطوات النضال القادمة؛
– تباين الرؤى حول لغة البيانات والموقف من النقابات والأحزاب والحوار وانخراط الأساتذة في النقابات؛
– عدم تحديد موقع التنسيقية في الدفاع عن الوظيفة العمومية هل تعتبر نفسها بديلا عن النقابات؟ أم أداة تجمع الأساتذة باختلاف انتماءاتهم الأديولوجية والسياسية حول ملف واحد؟ أم بديلا جذريا يجب التمسك به وتطويره ليحل محل باقي التنظيمات كمُعبر واحد ووحيد ومدافع واحد ووحيد عن الوظيفة العمومية وإسقاط التعاقد. أم أنها تنسيقية وأداة نضالية خاضعة للتقييم والنقد والتغيير وحتى أن تستبدل بتنظيم أخر أو وجهة أخرى. لم تحسم هذه الأهداف الاستراتيجية في نظري؛
– انسحاب بعض الأعضاء وتراجع الزخم الاحتجاجي في صفوف الأساتذة خصوصا الأفواج الأولى، بالإضافة إلى أن أغلب الأفواج الجديدة لم تنخرط بقوة في نضالات التنسيقية؛
– أغلب الأساتذة والأستاذات انخرطوا في نضال التنسيقية بعد إحساسهم بخطورة التعاقد على استقرارهم الوظيفي وشاشة وضعيتهم المهنية خصوصا بعد طرد أستاذين -التعاقد فرض في 2016 التنسيقية تشكلت سنة 2018- وليس عن وعي ورغبة في الدفاع عن المدرسة والوظيفة العمومية لدى أغلب القواعد؛
2. القمع والتضييق المسلط على نضالات التنسيقية
واجهت احتجاجات الأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد قمعًا أمنيًا شديدًا، تمثل في:
– اغتيال الشهيد عبد الله حجيلي؛
– تفريق المظاهرات بالقوة واعتقال عدد من الأساتذة والأستاذات بالإضافة للعديد من الإصابات والعاهات المستديمة جراء التدخلات القمعية؛
– مسلسل محاكمات طويل لعدد من الأساتذة والأستاذات وتوزيع سنوات من السجن الموقوف التنفيذ (3 أشهر نافذة لأحدى الأستاذات)؛
– توقيفات مؤقتة عن العمل وتهديدات بالفصل لعديد من الأساتذة والأستاذات وخصوصا المنسقين والفاعلين في هياكل التنسيقية.
جعلت هذه الإجراءات علت العديد من الأساتذة يتراجعون عن المشاركة خوفًا من العواقب الشخصية والمهنية.
3. ضعف الدعم النقابي والسياسي
رغم أن بعض النقابات دعمت التنسيقية في البداية، إلا أن هذا الدعم لم يكن قوياً بما يكفي. أسباب ذلك تشمل:
– تباين المواقف بين النقابات، حيث فضّل بعضها الحوار مع الحكومة بدلاً من التصعيد؛
– مخاوف النقابات من فقدان شرعيتها إذا سيطرت التنسيقية على الملف؛
– عدم وجود غطاء سياسي قوي يدافع عن ملف الأساتذة في مواجهة الدولة والحكومة.
4. استراتيجية الدولة في الاحتواء والتماطل
تبنت الدولة استراتيجية ذكية لاحتواء الحركة، من خلال:
– تقديم وعود بحلول تدريجية، مثل إدماج الأساتذة في «أكاديميات جهوية» بدل الترسيم في الوظيفة العمومية؛
– استخدام سياسة الوقت لاستنزاف الحراك، حيث كلما طالت مدة الاحتجاج، زاد عدد المنهكين واليائسين؛
– تمرير قوانين جديدة تجعل نظام التعاقد أمرًا واقعًا لا رجعة فيه، مثل نظام «الوظيفة الجهوية»؛
– تمطيط الزمن السياسي وقتل الحركة وتفتيتها وتشتيت مطالبها.
5. الإرهاق والاستنزاف النفسي والمعيشي
مع استمرار الاحتجاجات لعدة سنوات دون تحقيق تقدم ملموس، بدأ العديد من الأساتذة يشعرون بالإرهاق، خاصة مع:
– تزايد الأعباء المالية بسبب الإضرابات المستمرة والسرقات من الأجور؛
– ضغط الأسر والحياة اليومية، حيث أصبح الكثير منهم يبحثون عن الاستقرار بدلاً من الاستمرار في الاحتجاجات المفتوحة؛
– الشعور بالإحباط بسبب عدم وجود حلول قريبة أو استجابة قوية من الحكومة.
6. ضعف التأثير الإعلامي
رغم أن قضية الأساتذة كانت تحظى ببعض التغطية الإعلامية، إلا أن الإعلام الرسمي والموجه حاول تقليل تأثيرها عبر:
– التركيز على الأضرار التي تسببها الإضرابات للتلاميذ وأسرهم بدل تسليط الضوء على مطالب الأساتذة؛
– تقديم الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد على أنهم «يرفضون العمل» بدلاً من كونهم يطالبون بحقوق مشروعة؛
– استضافة شخصيات محسوبة على الحكومة لتبرير التعاقد وتقديمه كحل عملي وإقصاء التنسيقية أوتقليص وجهة نظرها في الإعلام العمومي.
7. غياب استراتيجية واضحة وطويلة الأمد
رغم أن هدف التنسيقية كان واضحًا (الإدماج في الوظيفة العمومية)، إلا أن وسائل تحقيقه لم تكن دائمًا متماسكة.
في بعض الأحيان، كانت التنسيقية تدعو إلى إضرابات طويلة وخطوات نضالية تغامر فيها (معركة النقط) إنزالات وطنية إبان الحجر الحقوقي تم استغلالها للاعتقال والتعنيف الممنهج… دون استراتيجية بديلة عند فشلها.
يرى البعض أنه لم تستثمر التنسيقية بشكل كافٍ في الحوار مع الجهات الرسمية، مما جعلها تبدو وكأنها ترفض كل الحلول.
لم يتم تطوير خطط بديلة لمواجهة التحديات، مثل تعزيز دعم الجماهير الشعبية أو تقديم مبادرات سياسية لتسليط الضوء على خطورة التعاقد.
اقرأ أيضا