تنسيقة التعاقد المفروض: بعد سبع سنوات من النضال (حوار مع لطيفة المخلوفي)

يفصلنا أقل من شهر على ذكرى تأسيس التنسيقية الوطنية للأساتذة- ات وأطر الدعم المفروض عليهم التعاقد، سيع سنوات من نضال مجيد بمكاسبه وانكساراته. للوقوف على حال ومآل هذا الإطار المناضل، أجرى موقع المناضل- ة حوارا مع لطيفة المخلوفي عضو المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم المفروض عليهم التعاقد.

1* مكانة النساء ضمن المتعاقدين (عددهن) وهل ينعكس وزنهن العددي بالقطاع داخل الهياكل والمسؤوليات التنظيمية؟
من المعلوم أنه بالموازاة مع مزيد من إضفاء الهشاسة والتفكيك لقطاع التربية والتعليم يجري تأنيثه، مما يجعل بالضرورة عدد الأستاذات والأطر المختصة المفروض عليهن التعاقد في نمو مستمر. منذ الشرارة الأولى لتأسيس التنسيقية، كانت الأستاذات المفروض عليهن التعاقد في قلب حركة النصال. بحيث ساهمن في تأسيس وتقوية التنسيقية محليا وجهويا ووطنيا، واضطلعنا بمهام قيادية في عدة جهات ومديريات فضلا عن العمل داخل لجان حساسة مما يبرز قدرات النضال الكامنة لديهن. وهي إشارة صادقة على الدور الذي تلعبه النساء في نصرة المطالب باعتبارهن الفئة الاجتماعية الأكثر تضررا من الهجوم على قطاعات اجتماعية حيوية مثل التعليم والصحة والتشغيل. ورغم أن التواجد وتحمل المسؤوليات التنظيمية محليا جهويا وطنيا كان في السنوات السابقة لافتا، وإن كان لا يعبر عن عددهن بشكل كبير، فقد شهد هذا التواجد تراجعا كبيرا في تحمل المسؤولية داخل الهيكل الوطني نموذجا حيث من أصل مجموع المديريات على الصعيد الوطني نجد اليوم فقط ثلاث منسقات محليات داخل المجلس الوطني لتنسيقية المفروض عليهن- هم التعاقد. ويمكن تعليل ذلك بأن عدد كبير منهن انخرطن في المعركة وهن عازبات فكانت مسؤولياتهن أقل. لكن مع توالي السنوات أصبحن زوجات وأمهات وبالتالي أصبحت المهام الملقاة عليهن أكثر. ومساحة الحرية المتاحة أمامهن أقل.
2* هل يؤخذ وضع الأستاذات الخاص كنساء بعين الاعتبار، أو هل هناك سلوكيات تكبح المشاركة الفعالة للمناضلات سواء داخل الهياكل والجوع العامة أو أشكال النضال؟
تواجه الأستاذات إلى جانب الأطر المختصة المفروض عليها التعاقد عدة كوابح تعيق انخراطهن بذات القوة. نظرا لطبيعة البنية الذكورية من جهة وما تتعرض له النساء من تضييق يرتبط بنوعهن الاجتماعي من قبيل التحرش وغيره. إلى جانب إكراهات تتعلق باضطلاعهن بمهام إعادة الإنتاج الإجتماعي (زوجات، أمهات، رعاية الآباء والأمهات في حالة العازبات).
تحضر الإكراهات الأسرية في موقف الأزواج، ومدى تشجيعهم لانخراط الزوجة في النضال، واشتراط موافقته بعدم التأثير على الاستقرار الأسري كشرط أساسي. فمثلا السنوات الأولى للطفل غالبا ما يترافق معها شعور الأستاذات الأمهات بالذنب تجاه أي تقصير في مهام الرعاية.
فضلا عن أنه لا يزال هناك عدم تقبل مجتمعي من طرف الأسر لفاعليتهن القصوى في دينامية النضال سواء تعلق بالمسؤوليات التنظيمية أو الالتزام الميداني، فضلا عن التأثير الكبير الذي خلفته الاعتقالات في صفوف قواعد كبيرة من الاستاذات وما رافق ذلك من إهانة أثناء الاعتقال وغيره.
3* هل من سياسة حفز واع لتطوير مكانة النساء في التنسيقية؟
للأسف غالبا ما يجري الحديث عن التعبئة للمعركة دون استحضار ضرورة توجيه المجهودات للتفكير في كيفيات التوجه رأسا نحو حفز يومي وواع لمزيد من تطوير مكانة النساء داخل التنسيقية، ما سيسهم بلا شك في إعطاء معركة دفعة قوية وجديدة. لكن غياب طرح هذا النقاش بشكل تنظيمي يلقي المسؤولية على المناضلات داخل التنسيقية. ويلزمهن بضرورة تعميمه بشكل قاعدي في الجموعات العامة ليكون التفكير جماعيا وأكثر نجاعة في تطوير المكانة وبذلك تطوير الأداء والفاعلية.
4* هل من مطالب خاصة بالنساء في الملفات المطلبية؟ إن كان الجواب لا ما تفسير ذلك؟
لا تحضر مطالب النساء في الملفات المطلبية، والأكيد أن هذا واحد من نقط الضعف الواجب نقدها وتداركها. لأن إدراج مختلف مطالب النساء في الملفات المطلبية هو دمج النقابي بالنسائي. وسيمكن من حفز انخراط النساء كما سيساههم في التغلب على عدة إكراهات تعيق انخراطهن. فمثلا بفعل الهشاشة المفروضة يتم حرمان العديد من الأستاذات الأمهات من رخص الرضاعة، ويواجهن مصيرهن بمفردهن أو بشكل محلي معزول هذا الزحف، عبر تدخلات معزولة. وغالبا ما يتم الصمت بفعل سطوة التسلط واعتبار مطالب رخص الرضاعة وغيرها مكالبا من الدرجة الثانية. وهذا فقط مثال من مطالب عديدة تخص نساء التعليم.
ومن وجهة نظري فإن غياب التنسيق والنقاش الجماعي بين المناضلات داخل التنسيقية بهذا الخصوص يفسر هذا الغياب لمطالبهن التي لا تقل أهمية وليست هامشية بل لها أهمية قصوى.
5* هل هناك نقاش داخل التنسيقية حول مدونة الأسرة؟ إن كان الجواب لا ما تفسير ذلك؟
داخل التنسيقية لم يحضر النقاش حول مدونة الأسرة باستثناء انخراط المناضلات المفروض عليهن التعاقد فيه داخل مواقعهن التنظيمية خارج التنسيقية.
وأعتقد أن ذلك يرتبط بطبيعة سيرورة البناء والمراكمة للنقاش بشكل عام داخل الهياكل التنظيمية. والتي لا يحضر فيها البعد النسائي. في تعبير واضح عن القطيعة القائمة حاليا بين النقابي والنسائي. وما لهذا من تداعيات تفتح الباب نحو مزيد من الهجوم والتفكيك.
6* هناك حديث عن أن الدولة قامت بتأنيث القطاع لأن النساء مطواعات؟ هل الأمر فعلا كذلك؟
تبرير تأنيث القطاع بأن النساء مطواعات تسطيح حقيقي للنقاش وتحوير له. كما أنه لا يخلو من ميزوجينية مقيتة.
الصراع اليوم ليس ضد النساء الملتحقات بقطاع التعليم واعتبارهن «سارقات وظائف» وتزكية نعرات الهجوم عليهن ووصمهن عبر حملات من قبيل «كوزينتك/ إلى مطبخك» وغيرها. يجب توجيه الصراع بقوة وشراسة نحو من فرض التعاقد ويعمل جاهدا على إضفاء المزيد من الهشاشة. والإقبال على النساء ليس إنصافا لهن من طرف دوائر صنع القرار بل باعتبارهن يد عاملة رخيصة ويتم استغلالهن على الدوام في أكثر القطاعات شقاء وهشاشة من قبيل : العاملات الزراعيات، عاملات النسيج، العمالة المنزلية… إلخ. واليوم هناك سعي محموم ليلتحق قطاع التربية والتعليم بهذه القطاعات خاصة مع التنزيل العملي لقانون تكبيل الاضراب (التوقيفات، الاقتطاعات، العقوبات ). واليوم هناك تواطؤ مكشوف بين البيروقراطيات النقابية وبين دولة الباطرونا لتجريد الطبقة العاملة من سلاحها. مما يستوجب التقاط الإشارات وحفز النضال للتصدي وحصار البيروقراطيات لتكون المعارك بغرض إسقاط قانون تكبيل الاضراب لا مفاوضات لتعديل بنوده.
إن هذا الزحف له تداعيات مفصلية على مستقبل النضال النقابي ومصير النضال الاجتماعي عامة. وأعتقد أن لا أحد يستطيع إنكار دور النساء في مختلف مواقع نضالهن، وتجربة التنسيقية بينت القدرة النضالية للأستاذات، فضلا عن تحملهن المسؤولية التنظيمية وانخراطهن النوعي في التعبئة بمواقع حيوية وطبعا لا نغفل أنهن نلن نصيبهن من القمع والسحل والاعتقال كما الأحكام الصورية وما تلاها من تجليات الحظر على الحق في الإضراب من توقيف عن عمل وغيره. ومع ذلك واصلن المعركة.
7* ما هي بنظرك سبل تقوية التنسيقية كما ونوعا وبالخصوص تجاه النساء؟
إن الحديث عن تقوية التنسيقية يستدعي نقدا ذاتيا جماعيا، وتوجيه الجهود نحو معارك تتجاوز القطاعي ليكون شعور الوحدة ممارسة حقيقية وليس مجرد تنسيق فوقي بين التنظيمات لا امتداد فعلي له في القاعدة. وطبعا هذا ينطلق من إضاءة كافة مواطن النقص في التعاطي مع انخراط نساء التعليم داخل التنسيقية كما ونوعا. وتجاوزها لن يتم إلا عبر ربط علاقات التضامن بين النساء المناضلات، وبحث إمكانيات تنسيق يتجاوز قطاع التعليم. ويراهن على تحمل المسؤولية في إدارة المعارك والمشاركة في صنع القرار. فضلا عن التكوين النقابي والنسائي في صفوف المناضلات. والانفتاح على العمل النسائي داخل الصراع الاجتماعي وتكوين مناضلات التنسيقية في القضايا النسائية لتقليص التمييز الجنسي داخل التنسيقية، وطبعا نفس الوضع وأكثر يحصل في النقابة. إضافة إلى التشجيع على انخراط وتحمل النساء للمسؤولية التنظيمية ليشكلن حافزا للدفاع عن ضرورة طرح قضاياهن والترافع عليها نضاليا. وطبعا هنا نستحضر تحفيز المشاركة في القيادة دون استعمال مفهوم الكوطا الفارغة من اي مضمون مناهض للرأسمالية والبطريركية والتدقيق في الملفات المطلبية بإدماج قضايا الاضطهاد والهيمنة الذكورية.
إن تحقق هذه المطامح رهين باستيعاب التقاطعات الممكنة بين النقابي والنسائي والانفتاح على الحركة الاجتماعية. وعلى رأسها الحركة النسائية والإيكولوجية والاهتمام بالاستهلاك والقدرة الشرائية. وربط هذا المعطى بالحركة النقابية. وتكثيف الجهود لتوسيع الانخراط في الشأن النقابي والسياسي داخل المؤسسات التعليمية و تكثيف التواصل في هذا المجال لمزيد من حشد الهمم داخل تنسيقية المفروض عليهن- هم التعاقد خاصة أن هناك رصيد لا يستهان به في البناء التحتي وتحفيز فاعلية القاعدة باعتبارها النبض الحقيقي للمعارك النضالية.

شارك المقالة

اقرأ أيضا