لا يا رفيق…القيادات النقابية سواءٌ (نقاش مع رفيق نقابي)

بقلم: م. جديد

أولا، لابد من الإقرار بايجابية نشر الكرومي عبد الرحمن عضو من قيادة كدش (مجلسها الوطني) رأيا في موضوع الساعة، إضراب 5 و6 فبراير 2025، في زمن حيث يكاد الإفصاح عن الرأي والنقاش ينعدمان في الساحة النقابية المغربية. فقد انكمش الإعلام النقابي حتى صار رتيبا، متيبسا، معظمه بيانات أجهزة، أو مقالات شبيهة مدبجة من البيانات عينها. وثاني عناصر الإيجابية في رأي المناضل عبد الرحمن أنه يتناول بالنقد موقف اتحاد نقابي آخر، فيما التواصل بالنقاش شبه منعدم بين مناضلي- ات مختلف المركزيات النقابية برغم ما يفرض الدفاع عن الحقوق والمكاسب من تلاقٍ في الميدان وتنسيقات بين فينة وأخرى. فعسى أن تشيع ممارسة النقاش، والإنصات، ونبذ النزوع المتعصب إلى التنظيم، واعتباره وحده يحتكر الحقيقة وحتى النضال (الشعار الشهير: «فخر الانتماء»)، ومعه اعتبار التنظيمات الأخرى إما غير موجودة أو مجرد مشوش.

ثانيا، يبدأ رأي رفيقنا بتسجيل نجاح الإضراب العام. فما القصد بالنجاح والحياة الاقتصادية والاجتماعية واصلت يومي 5 و6 فبراير 2025 مجراها العادي، فلا الإنتاج توقف بنسبة مُربكة لمالكي وسائله، ولا الخدمات تعثر سيرها، ولا أي جانب من حياة المواطن اليومية تأثر بالإضراب بنحو له وقع.
نعم أضرب المناضلون- ات النقابيون- ات المنتمون- ات إلى المنظمات الداعية إلى الإضراب، أما عموم الشغيلة بمختلف مواقع الإنتاج والنقل والخدمات، برا وبحرا وجوا، فلم يصلها حتى نداء الإضراب بطريقة مباشرة من شأنها الإقناع بالانخراط في الحركة الإضرابية الجماعية. أول مرة تنقص فيه مدة التحضير للإضراب العام إلى هذه الحيز الزمني الوجيز الفاصل بين صدور الدعوة إلى الإضراب وساعة تنفيذه. ومهما بدا شبه إجماع على الدعوة الإضراب، كل المنظمات ما خلا الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والفيدرالية الديمقراطية للشغل وتنسيقية المفروض عليهم- هن التعاقد، فإن ما تمثله القوى المضربة ليس سوى أقلية ضئيلة من الطبقة العاملة المغربية. فهل يخفى على كل نبيه صادق مستوى ضعف الحركة النقابية المغربية بعد عقود من تعميم هشاشة التشغيل بنحو مانع لأي تنظيم لضحاياها؟ وهل يخفى وقعُ القمع الذي استهدف النقابة بالقطاع الخاص بالفصل 288 من القانون الجنائي وبطرد النقابيين- ات، حتى بات القطاع الخاص صحراء نقابية. وحتى قطاع الوظيفة العمومية تضرر بفعل ظاهرة التنسيقيات وشتى صنوف الجمعيات المهنية العاملة خارج المركزيات النقابية. باختصار ما يصح ليس نجاح الإضراب العام لعموم الشغيلة بل نجاح الإضراب العام لكافة النقابيين- ات. وبالنظر لما يمثله هؤلاء من أقلية، لم تكثرت الدولة للدعوة إلى الإضراب العام، وأقدم مجلس النواب على المصادقة على قانون الإضراب في نفس يوم «الإضراب العام».
قليل من الواقعية تقتضي الاعتراف بأن القسم الأعظم من الطبقة العاملة لم يضرب يومي 5 و6 فبراير 2025، ليس فقط لأنه غير منظَّم، بل أيضا بسبب طابع الارتجال الذي اتسمت به الدعوة إلى الإضراب العام. أما الحديث عن كون كدش قد هيأت له بمسلسل نضالي، فيتغاضى عن كون تلك الأشكال النضالية إنما نفذها مناضلو- ات الكدش وحدهم- هن، وكلها خارج أماكن العمل، ما ينزع عنها إمكان التأثير على سائر الشغيلة غير الأعضاء في الكدش.
الحقيقة الساطعة المتجلية لكل متسائل موضوعي هي أن كدش بتوقيعها اتفاق 30 أبريل 2022، بعد عدم اهتمام نضالي بموضوع تقنين الإضراب الذي عملت عليه دولة البرجوازية ما لا يقل عن 20 سنة، إنما هي تساير هجوم الدولة بمنطق «الشراكة الاجتماعية» كما سايرت هجمات لا تقل خطورة، منها ما يسمى ميثاقا وطنيا للتربية و التكوين الذي مثل دستور تخريب المدرسة العمومية ووضع العاملين- ات فيها، ومنها مشاركتها في اللجنتين الوطنية والتقنية لما سُمي خداعا بـ»إصلاح انظمة التقاعد»، والسجل حافل لا يتسع له هذا المقال. ما يجب فهمه هو آلية مسايرة البيروقراطيات النقابية، ومنها الكدشية، لهجمات الدولة: المسايرة الفعلية والتعبير كلاما عن الرفض والمعارضة، لسبب بسيط هو استحالة أن يقول من له صفة نقابية أنه مع خوصصة التعليم (الميثاق المشؤوم)، ومع ما حل بتقاعد الموظفين- ات إلى المشاركة في لجنتي إصلاح التقاعد (رفع سن التقاعد، وخفض المعاش وزيادة الاقتطاع)… أمور في الواقع يكفي لرؤيتها نزع غشاوة التعصب للتنظيم الذي ينتمي إليه المرء، ك.د.ش كان أو سواها.
التظاهر بالرفض يتخذ أشكالا رمزية، كلغة البيانات «القاسحة» أحيانا، والانسحاب من اجتماع (حوار…) أو مؤسسة (مجلس مستشارين…)، بينما الواقع ينطق باتساع البون بين القول والعمل.
لو كان في نية قيادة كدش، وسائر القيادات الداعية إلى «الارتجال العام» ليومي 5 و6 فبراير 2025، التصدي لقانون الإضراب لدلت على ذلك على طول العقدين اللذين تقاطرت فيها مشاريع تقنين الإضراب بحملة مضادة وتجسيد لجبهة موحدة لوأد أي قانون يروم نزع سلاح طبقتنا ومن ثمة إفراغ النقابة من كل محتوى نضالي. لو كان في قصد القيادات النقابية إقبار مشروع قانون الإضراب، لعملت من أجل تطوير حراك التعليم نحو إضراب عام، يسقط ذلك المشروع وينتزع ما يحسن القدرة الشرائية للشغيلة عامة بوجه موجة الغلاء وما إلى ذلك من المطالب الرئيسية.
ليست لغة البيانات، ولا الحركات المسرحية داخل المؤسسات، ولا ارتجال الاضراب العام، معيارَ الحكم على الموقف الفعلي من قانون المنع العملي للإضراب، بل توقيع اتفاق 30 ابريل 2022، وحضور عشرات جلسات التشاور مع الوزير السكوري، دون اطْلاع القاعدة العمالية على فحواها، وقبل كل شيء الموقف الفعلي أيام حراك التعليم. فهل لا بد من التذكير أن هذا الحراك كان انتفاضة ضد ما قامت به قيادات كدش و إمش من تواطؤ مع الوزارة بشأن النظام الأساسي.
يا رفيق إن ك.د.ش توغلت كثيرا في «الشراكة الاجتماعية» مع الخصم الطبقى للشغيلة وكافة المقهورين- ات، وسائرة بخطى كبيرة لتغدو مجرد مُعاون للدولة البرجوازية في تدبير المسألة العمالية، والاجتماعية بوجه عام. ويتوقف إنقاذ ما هو قابل للإنقاذ في موقف نقد ذاتي ينهض به الاوفياء- ات من أعضائها. والعمل لتوسيع التنظيم النقابي بناء على روح طبقية تقطع مع خرافات»الشراكة الاجتماعية» وتجنح إلى الشراكة مع سائر المنظمات النقابية الأخرى. وأول ما يجب هو الكف عن التلاعب بأدوات النضال، منها الإضراب العام، ومنها جبهات النضال، نضيف منها إلى الجبهة ضد قانون الإضراب تلك المرحومة المسماة « جبهة اجتماعية».
مجمل رأيك يا رفيق يضع قيادة الاتحاد المغربي للشغل أمام مسؤولية الإضرار بالحركة النقابية، والحال أن سياسة قيادة المنظمة التي تنتمي إليها لا تقل إضرارا بمصالح الطبقة العاملة. المطلوب اليوم، في هذا الظرف التاريخي، وقد ربحت الدولة البرجوازية أداة قانونية لتكبيلنا، أن يبلور المناضلون- ات الصادقون- ات خط نضال نقيض لسياسة التعاون الطبقي التي تنهجها القيادات، أي ببساطة التمسك بعلة وجود النقابة، أي النضال من أجل مصلحة الأجراء المناقضة لمصلحة البرجوازية ودولتها، وتدبير هذا النضال وأدواته بديمقراطية عمالية.

******************************

نقطة نظام لابد منها تخص معركتنا؛ بقلم؛ عبد الرحمن الكرومي، عضو المجلس الوطني للنقابة الوطنية للتعليم- الـكدش

«إن محطة الإضراب ناجحة، هنيئا لنا جميعا، لكن لنفكر جميعا في محطات أفضل بعدها»، لكن يجب على نقابة الاتحاد المغربي للشغل umt أن تلتحق بالوحدة النقابية مع المركزيات النقابية والجبهة الموحدة ضد قانون الإضراب وتتجاوز أي منطق قد يراكم مستقبلا لتشتيت معركة الطبقة العاملة المغربية ضد النيوليبيرالية المتوحشة والعبودية المقنَّعة بقانون تجريمي للإضراب وواقع غلاء الأسعار وسيلان لعاب البورجوازية المتعفنة لسرقة أموال التقاعد والتغطية الصحية cnops وcnss.

إن هذه اللحظة من تاريخ البلاد مهمة وتاريخية في مسار نضال الطبقة العاملة المغربية، ولقد سجلت هذه النقابة(umt) موقفا نضاليا متميزا بالاستجابة لصرخة المركزية الكنفدرالية(cdt) التي أعلنت أول قرار بالإضراب العام يوم 05 فبراير ضد عبث الحكومة والباطرونا والأوليغارشية المالية.
إن المتتبع الموضوعي والمنصف يعلم يقينا أن مركزية cdt انتهت إلى قرار الإضراب العام على خلاف كل النقابات المركزية الأخرى بعد مسلسل نضالي بدأ بوقفات أمام المقرات الكنفدرالية مرورا بمسيرات جهوية ومسيرة وطنية هيمن عليها اللون الأصفر لون الوضوح والشفافية وذلك كثمرة من ثمار نجاحها في تأسيس جبهة وطنية ضد قانون الإضراب وإخراجها إلى أرض الواقع…. وتناسلت مواقف الـ CDT، سواء عبر فريقها البرلماني أو تصريحات قيادتها ومناضليها ومناضلاتها…. إلى حين إعلان الإضراب العام.
لن نطيل في شرح هذا السياق لأن الغرض من التذكير به هو الإشارة إلى خطأ أي خيار نقابي يذهب في اتجاه خلق أية شروط تراكم في المستقبل القريب والمتوسط أو البعيد لتشتيت العمال ووحدتهم خاصة بعد نجاح وحدتهم في الإضراب العام وطنيا وإقليميا ودوليا بكافة المقاييس.
يجب أن يبادر الاتحاد المغربي للشغل UMT للإلتحاق بالجبهة ووحدة النقابات العمالية المركزية لتوحيد كلمة الحركة النقابية المغربية وإلا سيؤدي ذلك إلى تقسيم المعركة مستقبلا وتفريخ شروط تقسيم وحدة القواعد العمالية التي من مصلحتها تطوير وتخصيب هذه الوحدة في الانتماء لنفس الواقع ونفس المصير الطبقي والاجتماعي.
إن اندفاع أي فهم بيروقراطي بورجوازي صغير وهيمنته في هذه المرحلة من أي طرف نقابي سيؤدي أدوارا رجعية في الساحة، وبالتالي سيتحمل صاحبها مسؤولية تاريخية لوحده، لأن الكنفدرالية الديمقراطية للشغل cdt قررت الذهاب إلى آخر سطر في هذه المعركة الوجودية ومصيرنا وقدرنا فيها إما أن ننتصر أو ننتصر. لذلك قد يفهم من عدم التحاق umt بالوحدة قريبا شيئا واحدا وهو أنها مركزية أعلنت الإضراب الأخير مضطرة بعدما تعرضت لإحراج كبير بُعَيْد الحدث الكبير الناتج عن إعلان قرار الإضراب العام الكونفدرالي، وقد يتأكد هذا الاستنتاج بالعودة إلى الوراء قليلا ومراقبة سلوك هذه المركزية منذ 2016 إلى اليوم خاصة أنها ظلت صامتة طيلة الجولات السابقة ولم تعلن عن أي شكل إحتجاجي ضد الحكومة يوازي تواجد برلمانييها ومفاويضيها في الجلسات مع الحكومة بتوافقات غريبة، بل أكثر من ذلك أحيت فاتح ماي الماضي بالرقص والموسيقى الشعبية في مقراتها بينما تم حصار فاتح ماي الكونفدرالي والمسيرة الكنفدرالية المركزية بالدار البيضاء وتنغير وبني ملال وكل الجهات… وتطويق مقرها وسد الشوراع المؤدية إليها السنة الماضية وإصدار بلاغات من طرف العمالات تدعو إلى عدم السفر ومنع تظاهرات جهوية نظمتها الكنفدرالية الديمقراطية للشغل.
في جميع السيناريوهات المقبلة سوف تتضح الأمور للطبقة العاملة والرأي العام الذي ارتفع منسوب وعيه السياسي والنقابي خاصة منذ سنة 2016 بعد حراك الريف وحراك الأساتذة فوج الكرامة وحراك الأساتذة المفروض عليهم التعاقد والحراك التعليمي الشعبي الأخير ضد النظام الأساسي بزخم نضالي متسلسل… وبإمكان هذا الرأي العام الشبابي والشعبي المشتبك مع الثورة الرقمية أن يدرك حقيقة هذه الدعوة النضالية وأهمية البحث في المرحلة عن آليات الوحدة والالتقاء التاريخي بين مركزيتين عماليتين تاريختين وكبيرتين. أما في حالة الإمعان في منطق الانعازلية والذاتوية لقيادة هذه المركزية umt فإن نفس الرأي العام سيحاسبها بل إن مناضليها الأحرار سينتفضون من داخلها ويدفعون في اتجاه الوحدة الكنفدرالية وسيكشف التاريخ بأن قيادات umt تمارس المزايدات خوفا من اكتساح الـ CDT الساحة بقوة مطلقة بعد إظهار شجاعة القيادة الكدشية في الإعلان والمبادرة إلى تقرير الإضراب العام الكونفدرالي التاريخي بشكل جماهيري ديمقراطي تقدمي ومستقل.
إن هذا الحساب الضيق في حالة ثبت وجوده بالفعل ضمن تفكير قيادة UMT سيثبت بأن الدافع السياسوي الضيق هو الذي دفع umt إلى إعلان الإضراب …

شارك المقالة

اقرأ أيضا