تنسيقة التعاقد المفروض: بعد سبع سنوات من النضال (حوار مع حميمي الحسين)

يفصلنا أقل من شهر على ذكرى تأسيس التنسيقية الوطنية للأساتذة- ات وأطر الدعم المفروض عليهم التعاقد، سيع سنوات من نضال مجيد بمكاسبه وانكساراته. للوقوف على حال ومآل هذا الإطار المناضل، أجرى موقع المناضل-ة حوار مع حميمي الحسين عضو مكتب سابق مديرية خنيفرة.

1* هل لك أن تقدم لنا تقييما موجزا لسبع سنوات من نضال التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم المفروض عليهم التعاقد ؟
جاء تأسيس التنسيقية إجابة موضوعية رافضة لنظام سخرة خارج ضوابط التشغيل في المرافق العامة الذي حاولت الدولة تكريسه في قطاع حيوي واستراتيجي. وكأي إطار مر من مرحلة التأسيس إلى مرحلة التواجد والتأثير الميدانيين عرفت التنسيقية مدا وجزرا في نضال الأساتذة م. ع. ت من أجل مطلبهم الأساسي: الإدماج في الوظيفية العمومية بمنصب مالي ممركز يُوفِّر كل الضمانات القانونية للموظف العمومي.
كانت الشرارة الأولى الانتفاضة ضد ملحقات العقود المكِّرسة لواقع السخرة ومعركة التصدي التي استتشهد فيها أب التنسيقية عبد الله حجيلي. وعلى الرغم من أنها ثبتت أقدام الإطار في المشهد الاحتجاجي إلا أن خيبة أمل م. ع. ت في مخرجاتها كانت كبيرة وزرعت بذور الهوة بين الأساتذة وهياكل الإطار. ليأتي بعدها الإنزال الوطني واعتقال المناضلين ومتابعة خمسة أفواج ليزيد من توسيع تلك الهوة. حاولت التنسيقية بعدها تصعيد خطواتها عبر خطوة الامتناع عن مسك النقط التي كانت القشة التي قسمت ظهر الإطار لتزيد تداعياتها من تعميق الشرخ في ما تبقى من الثقة.
خلاصة القول: حاولت التنسيقية تكسير حاجز الصمت والخوف دفاعا عن مطلبها الشرعي لكنها اصطدمت بمعرقلات خارجية من حلفائها الموضوعيين وداخلية من أصنامها الذين توغلوا داخل الإطار ومن عدم نجاعة تكتيكاتها ومرونتها.
2* ما المكاسب التي حققتها التنسيقية وما الذي تبقى؟
إعلاميا: اكتسبت التنسيقية صيتا إعلاميا خارجيا وعبرت من صوتها في منابر إعلامية كبرى. وداخليا عبر ندواتها ولايفاتها التي كانت محل متابعة من الخصم قبل الحليف.
نضاليا: كان لها شرف التواجد في الميدان طيلة ست سنوات دفاعا عن المدرسة العمومية وحق أبناء الشعب المغربي في وظيفة قارة مؤطرة بقانون الوظيفة العمومية.
على مستوى المطلب الرئيسي أي الإدماج في الوظيفة العمومية: لا يزال لم يتحقق رغم التضحيات الجسام لأسباب تتحمل فيها التنسيقية بعضا من المسؤولية بحكم الطبيعة التصاعدية للخطوات النضالية التي لم تراع مستوى الوعي السياسي لقاعدتها والشرخ الذي تحدثنا عنه سابقا بين القواعد والهياكل الناتج عن توالي السقوط الحر في كل الخطوات.
3* كيف كان إسهام التنسيقية في حراك شغيلة التعليم لسنة 2023؟
انخراط التنسيقية في الحراك الأستاذي الأخير جاء انسجاما مع نضالها المتواصل ضد المخططات التخريبية التي قننها النظام الأساسي أولا؛ وشريان حياة للملمة الصفوف ورصها ثانيا؛ ولإعادة الثقة بين الإطار وجماهيره ثالثا. لكن مآل المعركة أرخى بظلاله السلبية على حاضر الملف والإطار.
تمرُّس التنسيقية خلال سنواتها نضالها ضد مخطط التعاقد أكسبها مناعة وصلابة خلال الحراك التعليمي الذي كان بالنسبة لها ولقواعدها ترياق حياة لمخلفات خطوة الامتناع عن مسك النقط التي انتهت بنتيجتين بارزتين أولاهما تراجع تنسيقيتي المقصيين والزنزانة 10 في اللحظات الحاسمة من عمر المعركة؛ وثانيهما السقوط الحر للخطوة نظرا لتعنت قيادة التنسيقية في رفع الخطوة رغم كل مؤشرات فشلها لحسابات ضيقة بعيدة عن جوهر المطلب، ناتجة عن تأثيرات أصنام وديناصورات التنسيقية النتيجة توقيفات بالجملة وتواري هياكل التنسيقية عن سوداوية المخرجات كما حدث مع المتابَعين قبلا.
في ظل هذا المناخ من السخط المتبادل بين القواعد والقيادة والتحميل الضمني للمسؤولية لكل طرف، جاء الحراك التعليمي الذي انخرطت فيه التنسيقية لإحياء الروح فيها أولا؛ وللدفع بإسقاط النظام الأساسي المجحف ثانيا؛ بحكم بقايا قوتها التنظيمية ورغم تشتت مناضليها بين الاطارات (التنسيقية الموحدّة، تنسيقية الثانوي التأهيلي) إلا أنها حافظت على ريادتها وشرارتها الميدانية إلا أن انهيار ولِيدَيْ الأمس القريب وخذلان الحليف وتواطؤ المفاوِض عبر تجميله لمضمون النظام الأساسي عبر مقولة «خذ وناضل»، وما بينهما ناور أدى إلى السقوط الحر مرة أخرى دون أن تنال التنسيقية مطلبها الرئيسي «الإدماج في الوظيفة العمومية» وليس ترقيعا تشريعيا طبَّل له للأسف من اعتبروا حلفاء استراتيجيين.
4* ما الذي يميز التنسيقية الوطنية عن باقي إطارات نضال شغيلة التعليم(النقابات بالخصوص)؟
أعتقد أن ما يميزها هو خصوصية المطلب وارتباطه بإملاءات المؤسسات الدولية المانحة مما يفقد المسؤول الوطني حرية القرار الوطني بمعنى أن صراع التنسيقية وضراوته كان موجَّهين ضد أطراف داخلية وخارجية. ما يميزها أيضا هو الكتلة البشرية الشابة التي تتميز بها قواعدها بالاندفاع والعطاء اللامحدود والشباب هو مرحلة الثورة على كل القوالب. والأكيد طبعا وحدة المصير والواقع الوظيفي غير المستقر على الرغم من تواجد كل أطياف الفكر السياسي من أقصى اليمين الى أقصى اليسار وإلى اللامنتمون سياسيا لكن للأسف لم يتم استغلال هذا الغنى الفكري.
5* هناك موجة واسعة لانخراط المفروض عليهم التعاقد داخل النقابات….. هل هناك إسهام لهؤلاء في تطوير العمل النقابي؟
انخراط م. ع. ت في النقابات ليس وليد اليوم بل هو متواجد منذ تأسيس الإطار، والمفروض أنه لا تعارُض بين غاياتهما وهي الدفاع عن الشغيلة. الخطير فيه هو عند تعارض المواقف لمن سيكون الولاء هل للتنسيقية أم للإطار النقابي، وهنا يكمن التعارض القاتل، ولعل معركتي الامتناع عن مسك النقط والنظام الأساسي الجديد أكبر شاهد على عدم ثبات التموقع.
هل سيكون لهم إسهام في العمل النقابي؟ أكيد نعم. فورة الشباب وحمل التاريخ القريب يقولان ذلك ويدعمانه، لكن هل سيُفسح لهم المجال لا اعتقد ذلك بحكم أن حتى النقابات لها أصنامها ومن يدور في فلكها من المستفيدين من الريع النضالي. هل ستخبو جذوة نضالهم أكيد لا شك في ذلك.
ملحوظة: أنا هنا أتحدث عن المناضلين المبدئيين. الحقيقيين وليس زمرة الانتهازيين فهؤلاء أينما وجدوا سيبقون كذلكَ وما تواجدهم في النقابات إلا لإنقاذهم من ورطة أو مشكلة قد تأتي بها الأيام.
6* كيف تتصور مستقبل التنسيقية بعد تمرير النظام الأساسي الجديد؟
بداية أؤكد أن هاته الهرولة للانخراط النقابي هو اعتقاد ولو ضمني من طرف المنخرطين م. ع. ت أن المهام النضالية للتنسيقية قد استوفت شروطها وبالتالي كان خيارهم البحث عن مركب جديد وبآفاق جديدة.
قبل النظام الأساسي الجديد كان مسوغ النضال هو انعدام قانو يؤطرنا وأننا كمن يشتغل في السوق السوداء، بعد النظام الأساسي والتسويق له من طرف قيادات نقابية وفي مختلف المنابر الإعلامية أن مطلبنا قد استجيب له بحكم أنه يشمل قبل وما بعد 2016، هو تحايل قانوني. فمطلبنا الجوهري هو الإدماج في الوظيفة العمومية بضمانات وامتيازات القانون العام إسوة بباقي موظفي الدولة بمنصب مالي ممركز في قانون المالية تحت بند نفقات الأجور وفي كتلة الأحور ما عدا ذلك تدليس وتحايل ساهم فيه من يحملون تحاوزا الهم النقابي. بعد النظام الأساسي سيأتي الدور على قانون الإضراب والتقاعد بنفس العقلية السالفة الوصف ومزيد من تعميق مآسي الشغيلة المغربية. وما دام المطلب الأساسي (الإدماج) لم يتحقق منا طالبنا به منذ التأسيس فإن الظروف الموضوعية لاستمرار نضال التنسيقية لا يزال قائما، في الحاضر وفي المستقبل.
ما العمل؟
على التنسيقية عقد جموع عامة تنظيمية لتجديد الدماء في هياكل التنسيقية وبناء تصور جديد يراعي الواقع التنظيمي ومنسوب الثقة الشبه مفقود وتقديم من تحملوا المسؤولية لسنوات مشكورين طبعا على تضحياتهم الجسام لاستقالاتهم من كل الهياكل، لأني أعتقد جازما أنهم سيعيدون إنتاج نفس المسار وإرجاع التنسيقية لقواعدها التي تم تهريبها منها قسرا منذ معركة 2019 تحت مسمى «الفهم السليم للمعركة».

شارك المقالة

اقرأ أيضا