تنسيقة التعاقد المفروض: بعد سبع سنوات من النضال (حوار)

يفصلنا أقل من شهر على ذكرى تأسيس التنسيقية الوطنية للأساتذة- ات وأطر الدعم المفروض عليهم التعاقد، سيع سنوات من نضال مجيد بمكاسبه وانكساراته. للوقوف على حال ومآل هذا الإطار المناضل، أجرى موقع المناضل- ة حوار مع محمد بولنوار منسق سابق للتنسيقية- مديرية خنيفرة.
بعد مرور سبع سنوات من تأسيس التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم المفروض عليهم التعاقد. ما وضع هذا الإطار حاليا؟

التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم المفروض عليهم التعاقد، وكأي إطار فئوي لا يملك المنتمون إليه نفس المرجعيات الفكرية والسياسية والإيديولوجية، كان من المتوقع انهياره قبل اليوم بسنوات، وبقاء الإطار إلى اليوم لم يكن سهلا بالنظر إلى طبيعة الفئة المعنية من جهة ولحجم التحديات والمنعطفات التي مر منها، من جهة أخرى. ناهيك عن حجم الضغط المضاد الذي واجهته وما تزال تواجهه التنسيقية إلى اليوم، في عزلة تامة عبر المحاكمات الصورية الماراطونية التي تتعرض لها مناضلات ومناضلي التنسيقية منذ 2021 إلى اليوم، بينما تقف باقي الإطارات والتنسيقيات موقف حياد فاضح لا يخدم سوى مصالح الجلاد، وكذلك التوقيفات الانتقامية والاستنزاف المادي عبر السرقات التي تعرضت لها أجور الأساتذة على مر السنوات.
اليوم، واقع التنسيقية هو مرحلة من الجزر النضالي الحاد، اللهم بعض البيانات التنديدية تزامنا مع كل شوط من أشواط المحاكمات، والتي نحيي بالمناسبة الأشخاص القابضين على جمرة الاستمرار في زمن التخلي.
كيف كان تدخل التنسيقية طيلة إعداد الدولة للنظام الأساسي الجديد؟
التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم المفروض عليهم التعاقد كانت من الإطارات السباقة إلى فضح وكشف ما كانت تتستر عنه القيادات النقابية بمعية الدولة، وقد كان موقف مقاطعة الحوار موقفا سليما، بالرغم من كل ما شابهُ من انتقادات ولوم، حتى من طرف المفروض عليهم التعاقد أنفسهم، إلا أن هذا الموقف قد كان له وقع كبير في ما بعد خلال معركة سنة 2023، فقد فهم الجميع خطورة الانجرار مع موجة «الحوار» وحسن النية وما إلى ذلك، في الوقت الذي يعلم فيه الجميع أن المطلب الأساسي للمفروض عليهم التعاقد لا يقبل الحوار إلا في كيفية تنزيله، أما أنصاف الحلول فغير واردة لا شكلا ولا مضمونا، على النقيض تماما مما يحاول بعض القياديين النقابين ومن ابتلعوا الطعم من المفروض عليهم التعاقد المنخرطين معهم، الترويج له عبر أكذوبة الإدماج التشريعي والإدماج المالي… والحقيقة أن جوهر التعاقد قائم إلى اليوم (إقبار الوظيفة العمومية في قطاع التعليم انصياعا لتوصيات المؤسسات الإمبريالية العالمية).
ما كان دور التنسيقية في حراك التعليم 2023؟
خاضت التنسيقية، بل وقادت التنسيق الوطني بكل جرأة، سواء اتفقنا مع طريقة تدبير المعركة في شموليتها أو اختلفنا، وإن كان هناك من إيجابيات في النظام الأساسي فذلك بفضل العمل الإعلامي الجبار الذي قام به مناضلو ومناضلات التنسيقية الوطنية التي فضحت الكوارث التي كانت ستمر في النسخة الأولى بل وحتى في ما جرى الاتفاق حوله في محضر 14 يناير 2023 عبر اللجة التقنية، بالرغم من كون التنسيقية كانت وقتئذ قد خرجت لتوها من معركة مقاطعة تسليم النقط الطاحنة التي أنهكت الكثير من الطاقات النضالية وجعلتها تتوارى عن الأنظار. (هذا جانب آخر من الجوانب التي أدت بالتنسيقية إلى مرحلة السبات هذه).
القانون التكبيلي لحق الإضراب هجوم خطير: ما موقع التنسيقية في النضال ضده، وفي المبادرات القائمة (الجبهات)؟
على الرغم من كون التنسيقية الآن خارج الجبهتين، إلا أن موقفها كان واضحا منذ البداية وما يزال؛ وهو رفض أي نقاش يفضي إلى تقييد حق الإضراب، والبيان الأخير كان واضحا في هذا الباب. تبقى مسألة الانخراط في الخطوات الميدانية من عدمها مرتبطة بمخرجات الجموع العامة، التي تسير ببطء مع الأسف بالنظر للإكراهات التي سلف ذكرها.
تجدر الإشارة إلى أن التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم المفروض عليهم التعاقد، كانت قد حذرت في بداية الحراك التعليمي 2023 من مغبة السقوط في مستنقع الاستنزاف وكان الكثير من الأصوات يدعو إلى تدبير المعركة بما لا يفقد الشغيلة وهجها وتأهبها، استعدادا لهذه المحطات بالذات (قانون الإضراب، التقاعد وصناديق الضمان الاجتماعي…).
طيلة تواجد التنسيقية، كان هناك نقاش وسجال حول ازدواجية الانتماء إلى التنسيقية والنقابة: هل بالإمكان أن يساهم الانخراط الواسع لمفروض عليهم- هن التعاقد في النقابات وتولي مسؤوليات تنظيمية في تطوير العمل النقابي في قطاع التعليم؟
أولا نقاش الازدواجية لم يظهر إلا في المرحلة ما بعد أبريل 2019، ولم يكن بالتسطيح الذي أضحى عليه مؤخرا. أتذكر أننا خلال المجلس الوطني التأسيسي بتاريخ 4 مارس 2018 وقفنا جميعا وصرحنا بانتمائنا النقابي والحزبي… دون أي تحفظات، ليظل المحدد للانتماء للتنسيقية هو الموقفُ من التعاقد وممارسة فكر التنسيقية من داخل القطاع.
ما حدث هو أن بعض قاصري الفهم للعمل النقابي طفوا للسطح في مرحلة من مراحل الجزر النضالي للتنسيقية فطفى معهم فهمهم المغلوط هذا. فمن يفهم النقابة امتيازا ومجالا للاختباء والبحث عن التكليفات المشبوهة مقابل بطاقة الانخراط، لا يمكن أن يستوعب كنه وأهمية العمل النقابي ووجود النقابة بالأساس كإطار، بِغض النظر عن طبيعة قيادتها أمناضلة أم بيروقراطية منبطحة.
والغريب هو أن نجد من كانوا يسوقون لهذا الفهم المغلوط-المغالط هم أول من هرول يتهافت للارتماء على المكاتب النقابية، تاركين خلف ظهورهم كل ما كالوه للمناضلين المنتمين نقابيا من تهم وتحاملات.
أما في ما يخص السؤال، فلا شك أن التجارب التي مر منها المفروض عليهم التعاقد، خاصة من تحملوا المسؤولية التنظيمية داخل التنسيقية، ستعود بالإيجاب على العمل النقابي داخل القطاع، شريطة أن يظل هؤلاء المناضلون والمناضلات على نفس منوال اليقظة والفطنة ضد الممارسات البيروقراطية، وأن يظلوا صامدين في وجهها حتى تتغير.
لا أعتقد أن المجلس الوطني سيظل على نفس الموقف ولا الأساتذة سيجسدون هذا الموقف إذا صدر، لأن علة الموقف كانت إسقاط الفئوية داخل الفئة ذاتها، أما وقد باتت اللجان متساوية الأعضاء تمثل الجميع فلا أرى سببا لمقاطعة الانتخابات المهنية. وحتى لو تمت المقاطعة بنسبة 100% من المفروض عليهم التعاقد فالتمثيلية قائمة بتصويت باقي الشغيلة، ما يعني لا جدوى من الموقف، اللهم إن كان للاستهلاك الإعلامي، في تقديري الخاص.
في سياق هذه المستجدات (النظام الأساسي الجديد، تمرير قانون الإضراب، الانخراط في النقابات): كيف ترى مستقبل تنسيقية المفروض عليهم- هن التعاقد؟
أعتقد أن الإطار سيظل قائما، ربما ليس بنفس الوهج، ولا بنفس النسق النضالي السابق، ولكنه سيظل قائما بالنظر للضحايا الحاليين والمحتملين أيضا.

شارك المقالة

اقرأ أيضا