جميعا إلى إضراب 5 و6 فبراير، ثم إلى العمل من أجل بناء من أسفل لحركة نقابية كفاحية ديمقراطية

لتحميل البيان: جميعا إلى الإضراب

جميعا إلى الإضراب 2P

دعت مكونات الحركة النقابية المغربية، كلها تقريبا، إلى إضراب عام يوم 5 فبراير الجاري، وضمنها من أضاف يوم 6. إن حدثا من هذا القبيل، بالحجم الذي يسعى إلى اتخاذه، يتطلب من مناضلي/ت الطبقة العاملة درجة عالية من المسؤولية لما قد يكون للحدث من آثار ايجابية، وبخاصة سلبية، على واقع الحركة النقابية ومستقبلها. فلا تبجيل انطباعي ولا تبخيس عدمي. طبقتنا تجتاز مرحلة حرجة لما توجد عليه منظماتها من ضعف كمي ونوعي (سياسي)، ما يستلزم قول الحقيقة مهما بلغت صعوبة تحمل مرارتها، فهي دائما ثورية.

إن الحاجة إلى إضراب عام قائمة منذ أمد بعيد، بحكم هول الهجوم البرجوازي الشامل على قوت الطبقة العاملة وظروف عملها وحياتها. وزادت ملحاحيته مع التصعيد الذي مَثَّله اتفاق أبريل 2022 بين القيادات النقابية وأرباب العمل ودولتهم، الذي فتح باب الإجهاز على حق الإضراب، وتفكيك ما تبقى من مكاسب مدونة الشغل، واستئناف الهجوم على حق التقاعد. بيد أن حالة الضعف الناتجة عن تفكيك التنظيم بالقمع، وتوالي النكسات، وإيغال القيادات في نهج «الشراكة الاجتماعية»، جعل الحركة النقابية تسير من عجز إلى أشد منه، ومعه تقدَّمَ الهجوم عليها إلى مستوى تجريدها من سلاح الإضراب. وقد كان حَراك التعليم، المستمر ثلاثة أشهر، بمستوى عال من مشاركة الشغيلة ومبادرتهم، فرصةً غير مسبوقة لاستجماع قوة الطبقة العاملة بالعمل على انضمام قطاعات أخرى، كان قطاعا الصحة والجماعات الترابية أكثرها تأهُّلا لذلك، والسير نحو إضراب عام حقيقي. غير أن خط القيادات النقابية ظل يُعاكس هذه الإمكانية الموضوعية، وها هو اليوم يرتجل «الإضراب العام» ارتجالا.

فعوض منهجية استنهاض القوى بالتعبئة الوحدوية لإنجاح نضالات جارية، وتنظيم تضامن يقوي الهمم، وبناء جبهة نقابية موحدة، والارتكاز على الانتصارات الجزئية لحفز قطاعات إضافية، والسير المتدرج نحو إضراب عام ببرنامج نضالي ومطالب واضحة دقيقة ذات قدرة على التوحيد، وجد الشغيلة أنفسهم/ن بين عشية وضحاها مدعوين/ت إلى نهوض شامل وقوي اسمه الإضراب العام.

فجأة انتقل الوضع بالساحة النقابية من حالة رتابة المناوشاتٍ هنا وهناك، إلى شبه إجماع القيادات على إضراب عام وطني شامل لقطاعات العمل، يوما واحدا لدى البعض ويومين لدى آخر.نشأ هذا الوضع بمبادرة من الكنفدرالية الديمقراطية للشغل البادئة بنداء الى إضراب عام يوم 5 فبراير، تنفيذا لقرار معلق منذ مجلسها الوطني المجتمع يوم 24 نوفمبر 2024. نداء انضمت إليه نقابات أخرى، وبعدها تقدمت قيادة الاتحاد المغربي للشغل بدعوة إلى إضراب عام يومي 5 و6 فبراير.

لا يفصل بين إطلاق الدعوة إلى الإضراب العام وموعد تنفيذه سوى يومين (دعوة ا.م. ش) وثلاثة ايام (دعوة ك.د.ش)، مدة وجيزة جدا لدرجة تطرح سؤالا كبيرا حول الغاية الفعلية من المبادرات.

طيلة شهرين الفاصلة عن قرار الك.د.ش، وتنفيذه المطلِق للعملية الجارية، حافظ الوضع النقابي على خموله الاجمالي، مع استثناءات قطاعية معزولة، وتحركاتٍ خارج أماكن العمل، ضمنها من الجانب الكونفدرالي تجمعات ومسيرات احتجاجية جهوية ووقفة أمام البرلمان ومسيرة وطنية بالرباط. وإذا أُتُخِذت هذه الأخيرة معيارا بالنظر للنوعية فلا يمكن بأي وجه ادعاء أن حركة جديدة قد دبت في الجسم العمالي خارج المعهود من نضالات في بعض القطاعات، لاسيما الصحة العمومية.

ليست الطبقة العاملة مهيأة بتاتا لإنجاح إضراب عام فعال، يجمد الاقتصاد والحياة الاجتماعية بنحو يجبر الدولة البرجوازية على تلبية المطالب. ويكفي النظر الى حجم المسيرة الوطنية بالرباط يوم 19 يناير، ضد غارة خطيرة يمثلها قانون الإضراب، لإدراك مدى استعداد الشغيلة لكفاح نوعي من حجم الإضراب العام.
والآن وقد صدرت الدعوة، والتفَّت حولها معظم أجهزة الحركة النقابية المغربية، من واجب مناضلي طبقتنا ومناضلاتها التعبئة بالمتاح من وقت ووسائل لضمان أكبر مشاركة في الإضراب، والدفاع عن الحاجة إلى وحدة الحركة النقابية، وعن المنهجية العمالية لبناء الإضراب العام بوجه منهجية القيادات التي تهدد بإتيان نتائج عكسية تزيد الإحباط في الصف العمالي، وتُفقد الاعتبار لفكرة الإضراب العام ذاتها. واجب مناضلي/ت الطبقة العاملة الانخراط في كل خطوة نضالية مع التزام اليقظة والتنبيه إلى أوجه إساءة تدبير النضال العمالي.

إننا إزاء دعوة الى الإضراب العام بدون ما يكفي من مقومات النجاح، أولها مطالب واضحة دقيقة، نجد عوضا عنها حاليا صيغا عامة، مغرقةً في كلام مؤاخذة الدولة على تعطيل ما يسمى «الحوار الاجتماعي»، و»عدم التوافق على القوانين الاجتماعية قبل تمريرها من البرلمان». وثانيها أشكال تنظيم الإضراب بلجان في أماكن العمل، وتجمعات المضربين فيها، ونرى عوضا عنها المعتاد من توجيهات للأجهزة مفصولة عن أماكن العمل.
ومع ذلك من واجبنا التعبئة للإضراب لضمان أكبر مشاركة، وتوسيع النقاش بين المضربين/ت حول المنهجية النضالية لإنجاح الإضرابات العامة، وحول سبل تقوية الحركة النقابية، لاسيما حاجتها إلى خط بناء وكفاح مطابق لمصلحة الطبقة العاملة، بديلا عن خط «الشراكة الاجتماعية» المدمر للمكاسب ولأداة النضال على حد سواء.

إن الاستقلال السياسي عن البيروقراطية النقابية، بالدفاع عن مناهج التنظيم والنضال العمالية، الديمقراطية والكفاحية، هو الكفيل بتفادي تحول العمل النقابي إلى آلية من آليات تدبير نظام الاستبداد للوضع السياسي، ومن ثمة تأبيد واقع القهر الرأسمالي والديكتاتورية الملازمة له.
نحو اضراب عام حقيقي يجري بناؤه من أسفل من أجل:

الممارسة الفعلية للحريات النقابية، ورفض أي مس بحقنا في الاضراب سلاح دفاعنا عن مطالبنا بوجه بؤس الأجور وقساوة ظروف العمل وضد التسريحات
الرد العمالي على أرباب ودولتهم التي تمرر ترسانة قانونية عدوانية تحضيرا لهجوم شامل ضد طبقتنا بشعارات خداعة هدفها الوحيد تفكيك صفوفنا وتأمين الأرباح للبرجوازية.

هكذا إضراب يستلزم بناء جبهة نقابية موحدة على أساس مطالب محددة واليات تنسيق نضالي معلن لاكتساب قوة ترجمة التهديدات اللفظية في مبادرات ملموسة قوية تجعل الجميع يختبر قوتنا الطبقية.

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا