أساليب محاربة العمل النقابي بشركة ألزا ALSA للنقل الحضري –مثال أكادير

بقلم الشيفور- سنة 2015

شركة ألزا شركة اسبانية ذات امتداد دولي، تشرف على النقل الحضري بستة مدن مغربية (اكادير، مراكش، خريبكة، الدار البيضاء، الرباط، طنجة). شغيلتها عرضة لاستغلال وقمع، على غرار كل منشأة راسمالية هدفها الأول و الاخير الربح، واليد العاملة مجرد «موارد بشرية» يجري تدبيرها لتحقيق الهدف. من مصلحة عمالها بالمدن المغربية الست توحيد صفهم بتنظيم نقابي واحد، بملف مطلبي موحد، ونضالات موحدة. رب عمل واحد، نقابة واحدة ونضال واحد. لبلوغ هذه الغاية يتعين دراسة واقع الاستغلال، واساليب محاربة التنظيم النقابي.

نعرض على القارئ/ة فيما يلي خلاصات تتعلق بحالة الشركة في اكادير، مستخلصة من تتبع عن كثب للتجربة في العام 2015. ولنا عودة إلى الموضوع
النقابة من أدوات أداة النضال الرئيسية التي بيد العمال لمواجهة تعديات أرباب العمال، والإضراب سلاح فعال من أجل الحفاظ على المكتسبات وانتزاع أخرى.
ما أن يبادر العمال بتأسيس النقابة، حتى يشحذ أرباب العمل أسلحتهم وكل حيلهم ومناوراتهم لهزم التنظيم النقابي وتفكيكه، حيث يعتبرون الإضراب بمثابة إعلان حرب، كما أنهم يدركون جيدا أن النقابة «المناضلة» تتعارض مع مصالحهم وتنمية أرباحهم.
يسعى أرباب العمل جاهدين لمنع العمال من بناء النقابة، وإذا فُرض الأمر الواقع يعملون على تحويلها إلى نقابة «سلم اجتماعي» ووسيلة لاستجدء الحوار، وإذا فشلوا في ذلك استنفروا كل ما بحوزتهم لتدميرها (طرد النقابيين- ات، القمع البوليسي، محاكمة النقابيين- ات بالفصل 288 من القانون الجنائي… إلخ).
تعد شركة ألزا سيتي للنقل الحضري بأكادير نموذجا لهذه الحرب الشعواء التي تقودها ادارة الشركة ضد نقابة استطاعت في سياق نهوض نضالي ميز سنة 2011، تحقيق مطالب عمالية جزئية، وحفزت روح النضال لدى العمال، وتعمل الإدارة منذئذ على تحجيم النقابة لفرض السلم الاجتماعي الذي لا يعني في لغة أرباب العمل سوى: فرط استغلال العمال مع درء احتجاجهم.
تكثيف الاستغلال:
يتعرض عمال شركة ألزا سيتي، التي تحتكر خطوط النقل الحضري بأكادير والأقاليم المحيطة به، لشتى أشكال الاستغلال والتضييقات من طرف الإدارة، وقد ازداد الوضع حدة بعد مشاركة العمال في الإضراب بنسبة %100، حيث شل قطاع النقل بالمدينة، وهو ما أرعب الإدارة ودفعها لإعلان الحرب على العمال ونقابتهم. ومن أوجه استغلال العمالي:
* تمييز صارخ في الأجور، هناك عمال يتقاضون 4000 درهما، إضافة إلى التعويضات العائلية، بينما آخرون يتقاضون الحد الأدنى، وبعد انقضاء سنة تضاف إليه منحة الآلة (450 درهم) ومنحة الأمن (250 درهم) لكن بشروط (ألا يكون السائق قد ارتكب حادثة سير).
* اقتطاع أجور الراحة المَرضية لبعض مستخدمي الشركة بدعوى أنهم عرضيون رغم اشتغال أغلبهم لأكثر من 17 سنة، ورغم ما ينص عليه الفصل 48 من القانون الأساسي من أداء أجور المرضى.
* عدم أداء تعويض عن الساعات الإضافية التي يشتغلها السائقون.
* لا تعويض عن عطل الأعياد.
وكما ورد في بيان إضراب 2 و3 مارس 2015 الصادر عن المكتب النقابي فـ»إن عمال شركة ألزا سيتي أكادير، وخاصة فئة السائقين يعانون الأمرين، فها هو الاكتظاظ، واستخلاص التذاكر ومشاكل المحصول اليومي وغياب حافلات نقل المستخدمين والطرد التعسفي، ناهيك عن مشكل سحب رخص السياقة بسبب حوادث السير وما يتعرض له السائق من بطالة وتشرد جراء ذلك».
تشديد استغلال العمال شرط لمراكمة الشركة الأرباح
أكد «المكتب النقابي أن مداخيل الشركة أصبحت ترتفع بشكل مطرد، إلا أن الأجور في تدنٍّ والمهام في تراكم مستمر، بعد أن أقدمت شركة ألزا الإسبانية للنقل الحضري بأكادير على تخفيض أسطولها بحوالي 69 حافلة، وهو ما انعكس سلبا، سواء على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين- ات، بحيث أصبحت الحافلات تعرف حمولة زائدة، فضلا عن تراكم المهام على المستخدمين، إذ أصبح السائق الواحد يقوم بثلاث مهام في آن واحد». (موقع جريدة المساء)
واستنكر البيان الظروف التي وصفها بالسيئة التي يعمل فيها المستخدمون، خاصة السائقون، من خلال الاستفزازات المتكررة لهم، والعمل في أوقات غير منتظمة وبحمولة غير عادية، وهو الأمر الذي نتج عن تقليص الأسطول من طرف الشركة خلافا لما سبق أن أعلنت عنه، إذ كانت الشركة قد وعدت بأنها ستعمل على أن يصل أسطولها إلى 156 حافلة، وستعمل على تغطية جميع الخطوط الحيوية،كما ستقلص من الفارق الزمني بين الحافلات، إلا أن واقع الحال يفند ذلك، بحيث يصل التأخير في بعض الخطوط إلى أزيد من ساعة من الانتظار.
وأكد المكتب النقابي على أنه رغم المراسلات المتكررة لإدارة الشركة من أجل وضع حد للمشاكل المتفاقمة، والتي يدفع المواطن والمستخدم ثمنها، فإنه، وحسب تعبير البيان، ظلت الشركة تنهج سياسة التماطل والتحايل بسبب عدم توفر النية الحسنة لدى المحاورين»، حسب لغة البيان.
إضراب 2011 ومكاسب العمال
خاض العمال إضرابا لمدة أربعة أيام تمكنوا خلالها من تحقيق مجموعة من المكتسبات؛ «حققنا مجموعة من المكاسب، وحافظنا على استقرار الشغل، والحقوق الأولية للعمال جميعا». (بيان النقابة إلى الرأي العام بتاريخ 18/05/2015).
كان من نتائج هذا الإضراب توقيع اتفاقية جماعية بين النقابة وإدارة الشركة، لكنها لم توضع في المحكمة لتكون رسمية، على أن تجدد بعد ثلاث سنوات.
تركز إدارة الشركة على ما تضمنته الاتفاقية غير الرسمية من ضرورة تثبيت سلم اجتماعي داخل الشركة لمدة ثلاث سنوات، لكن هذا السلم لم ينفذ إلا من طرف العمال ونقابتهم، في حين تستمر الشركة في حربها على العمال: تطبيق عقوبات واقتطاعات لأسباب تافهة لتضييق الخناق على العمال من خلال الظروف السيئة التي يعمل فيها المستخدمون ، خاصة منهم السائقون .
لم يستسغ عمال منظمون في النقابة هذه الإكراهات والضغوط والاستفزازات، وهو ما سيحفزهم للنضال ضدها ومن أجل تحصين مكتسبات إضراب سنة 2011.
فبعد تعرض سائق لاعتداء بالسلاح الأبيض سنة 2013، نظمت وقفة أمام محكمة الاستئناف، إضافة إلى إضراب جزئي على التاسعة صباحا احتجاجا على هذا الاعتداء. وبعد ذلك بسنة سجل عمال النقل الحضري المشتغلين لدى شركة ألزا سيتي المفاجأة بمشاركتهم في الإضراب العام 29 أكتوبر 2014 بنسة بلغت %100.
أثارت هذه المشاركة الفعالة في الإضراب العام التي شلت المدينة، تخوفات السلطة، وبالدرجة الأولى رعب إدارة الشركة، فسعت منذ ذلك الحين إلى تركيع النقابة وتفكيكها ما لم تتحول إلى نقابة للحوار و»السلم الاجتماعي»، وقد لجأت الإدارة إلى مختلف الأساليب للنجاح في هذا المسعى:
افتعال تعدد نقابي بتأسيس نقابة أخرى بالشركة:
كانت نقابة الفيدرالية الديمقراطية للشغل هي النقابة التي تؤطر عمال النقل الحضري بأكادير منذ 2004، أيام كانت الوكالة المستقلة للنقل الحضري (RATAG) هي المشرفة على القطاع. وبعد فوز شركة ألزا بصفقة النقل 2009/ 2010، جدد المكتب النقابي وعملت الإدارة على محاباة النقابيين من خلال امتيازات ومواقع عمل تفضيلية.
إلا أن النهوض النضالي لسنة 2011 جعل الإدارة تصطدم مع النقابة التي أخذت تهتدي إلى طريق النضال من أجل مصالح العمال ورد تعديات رب العمل.
بعد نجاح مشاركة عمال الشركة في الإضراب العام 29 أكتوبر 2014، قامت الشركة باستدعاء مجموعة من العمال لتشكيل مكتب نقابي منافس، منضو في الاتحاد العام للشغالين بالمغرب.
قامت إدارة الشركة بفتح الأبواب أمام المكتب النقابي التابع للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وذلك بترسيم اجتماعات شهرية معه بغية جعل هذا المكتب نقابة حوار، في حين تتجاهل الإدارة المكتب التابع للفيدرالية، الممثل الحقيقي للعمال بالشركة، وترفض التفاوض معه.
وقد وعى المكتب النقابي/ فدش خطورة هذا الإجراء وحذر العمال من ذلك: «أقدمت الإدارة على إنشاء نقابة زائفة لتشتت الوحدة العاملة لتتمكن من هزمنا، وتضايق العمال من أجل دفاعهم للانخراط في نقابتها في خرق فاضح للفصل 397 من مدونة الشغل». (بيان إضراب 2 و3 مارس 2015).

إيهام العمال بأن النقابة المنافسة هي من حقق مطالبهم
بعد الإضراب العام ليوم 29 أكتوبر 2015، قامت الشركة بمناورة لعزل النقابة عن قاعدتها العمالية، من خلال تنازل «مادي» تجلى في منحة قدرها 500 درهما، قدمتها الإدارة على أنها مكسب حققه مكتب نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، لكن هذه المنحة مكبلة بجملة شروط تمنعها أن تكون منحة قارة تشمل كل العمال.
كما قدمت جملة تنازلات أخرى لنقابة الاتحاد العام، الغاية منها استقطاب العمال للانخراط في هذه النقابة الموالية للإدارة. ومن هذه الامتيازات إرسال شخصين سنويا إلى العمرة، وزيادة 250 درهم في منحة عيد الأضحى (كانت 500 درهم)، وقفة رمضان (500 درهم)، والسائق الذي جرد من رخصة السياقة بإمكانه أن يشتغل أي وظيفة أخرى حتى يستعيد رخصته، لكن شريطة أن تصادق على ذلك لجنة مكونة من ثلاث سائقين يختارهم المدير.
استطاعت نقابة الإدارة بهذه التنازلات أن تجد لنفسها موطئ قدم داخل القاعدة العمالية للشركة، إلا أن المكتب التابع لفدش استمر في تمثيل أغلبية العمال، خاصة أن لديه رصيدا نضاليا ومكاسب همت العمال بمجملهم منذ سنة 2011، كما أصر على مواصلة النضال، لذلك لجأت الإدارة بعد أن تأكدت من تقسيم الصف العمالي إلى إجراءات أشد ضراوة.
استعمال مندوبي العمال ضد النقابة
قامت الإدارة في لحظة اشتد فيها النزاع بينها وبين النقابة باستدعاء مندوبي العمال، مبررة مناورتها هذه بالبحث عن سبل لنزع الاحتقان، فقام مندوبو العمال بإصدار بيان وصفوا فيه النقابة بالمبلبلة، والعمل النقابي بالفتنة، ودعوا إلى إطفائها، وقد أضعف هذا البيان النقابة بشكل كبير.
طرد العمال
بعد إضراب مارس 2015 أقدمت الإدارة على طرد ستة عمال: بنزي رشيد، شريد لحسن، بويه عبد الله، بوسلهام، الناجي هادي، بيروك، كما قامت إدارة الشركة بطرد سائق (جبارة نور الدين) بمبررات واهية، وهو ما دفع للمطالبة بإرجاع المطرودين وبعد رفض المدير العام والمدير المحلي الحوار وإرجاع المطرودين، قُرر إضراب بداية شهر مارس لمدة 48 ساعة تم تمديدها 48 ساعة أخرى، طالبت فيه النقابة بإرجاع المطرودين والزيادة في الأجور.
الرفض المطلق للتفاوض
تتذرع إدارة الشركة بأنها ترفض «سياسة لي الذراع» التي تنهجها النقابة وبكونها لن تركع أبدا للضغوط، لذلك ترفض أي حوار مع نقابة فدش، في الوقت الذي تستقبل مكتب الاتحاد العام بالأحضان. وفي هذا السياق رفضت الإدارة تجديد الاتفاقية الجماعية بعد انقضاء ثلاث سنوات على الاتفاقية الموقعة سنة 2011، بمبرر أن المدير العام لن يوقع تحت الضغط.
مخاطبة الإدارة للعمال مباشرة
لتقليص تأثير النقابة في صفوف العمال، لجأت الإدارة إلى مخاطبة العمال بشكل مباشر من خلال عقد لقاءات معهم، فقبل إضراب مارس 2015 عقد المدير العام اجتماعا مع العمال في مستودع الشركة بتاسيلا قصد تشتيت القاعدة العمالية وثنيها عن الالتحاق بالإضراب الذي قرره المكتب النقابي.
كما قامت الإدارة في شخص مديرها العام بمراسلة المكتب النقابي بواسطة رسائل مفتوحة تخاطب أيضا القاعدة العمالية، تضمنت نفس الحجج على أن تحقيق المطالب يتم بواسطة الحوار وليس بالإضراب الذي قد يضر العمال بقدر ما يضر الشركة، موهما العمال بوجود مصلحة مشتركة بينهم وبين الشركة، مصلحة يهددها المكتب النقابي الذي يرفض السلم الاجتماعي ويفضل الصراع.
استطاعت الشركة تحجيم إضراب مارس 2015 بهذه الوسيلة مضافا إليها الاتصال مباشرة بالعمال كأفراد وثنيهم عن المشاركة في الإضراب بواسطة الإغراءات المادية.
استقدام كاسري الإضرابات
استطاعت الشركة أن تحد من تأثير إضراب مارس 2015 من خلال مجموعة من الإجراءات، أهمها على الخصوص، هو ضمان حد أدنى من اشتغال حافلات الشركة من خلال استقدام عمال آخرين/ كاسري إضراب يتشكلون من العمال المنقبين في الاتحاد العام، وسائقي الشركة بمراكش، إضافة إلى تشغيل عمال الشركة المشتغلين أصلا بالحافلات الخاصة بالمستخدمين.
الاستفادة من هشاشة الشغل
يشتغل جزء مهم من عمال شركة ألزا سيتي بعقود شغل محددة المدة ضاربة هكذا استقرار الشغل، وتلعب هذه الهشاشة دورا كبيرا في تخويف العمال من العمل النقابي، فالرغبة في الحفاظ على فرصة عمل غير قارة تكون أفضل من مكتسبات موعودٌ تحقيقها بالنضال. وقد قامت إدارة الشركة بصرف المشتغلين بعقود محددة المدة مباشرة بعد انتهاء مدة العقد، وذلك لثني العمال الآخرين وإرهابهم بنفس المصير إن بقوا متمسكين بالنقابة.
التضييق على العمال
بعد أن تأكدت الإدارة من عدم نجاح إضراب مارس 2015، انتقلت من وضعية الدفاع إلى وضعية الهجوم منتقية جبهات هذا الهجوم بعناية وبفعالية، وقد ركزت في البداية على الفئات الأكثر هشاشة، أي العمال المشتغلين بعقود محددة المدة الذين فصلتهم بمجرد انتهاء مدة العقد.
انتقلت الإدارة بعد ذلك إلى مرحلة أخرى من الهجوم عنوانها التضييق على العمال وتصيد أخطاء تافهة مثل الاستفسارات حول الشهادات الطبية وتضييق الحالات التي تقبل فيها هذه الشهادات، وتضييقات أخرى تتضمنها تقارير المراقبين لأسباب تافهة، وهو ما يؤدي إلى اتخاذ الإدارة لإجراءات عقابية ضد السائقين، مثل تغيير أماكن العمل والتوقيف في حالة انخفاض المدخول اليومي.
وللتأثير على نفسية العمال قدمت الإدارة تفضيلات وامتيازات للعمال التابعين لها، في حين تُكثف العمل على العمال التابعين لفدش، مثل تشغيلهم مساء الأحد حيث كثافة العمل وشدته.
كما تكثر الإدارة في الحالات التي تقتطع فيها منحة 500 درهم التي أقرتها نهاية سنة 2014، مثل غياب في حالة المرض، تقرير من المراقب، حادثة سير، هذا دون نسيان الإجراء الأكثر فعالية في محاربة العمل النقابي وهو اقتطاع أجور أيام الإضراب.
كذلك لجأت الإدارة إلى ممارسة ضغوط على أعضاء مكتب الفدش أدت في النهاية إلى استقالة عضوين أحدهما تقدم إلى انتخابات مندوبي العمال بلائحة مستقلة.
أخطاء ارتكبها المكتب النقابي سهلت مأمورية الإدارة:
إن العمل النقابي يستدعي بالدرجة الأولى أوسع مشاركة عمالية ورقابة من القاعدة على المكتب النقابي وكل الأجهزة التنفيذية، وذلك يشترط عقد الجموع العامة لكل العمال المعنيين بالنضال لاتخاذ القرارات، وتتبع تنفيذها، وليس إصدار بيانات تدعو إلى الإضراب من طرف المكتب النقابي وإنزالها كأمر إلى القاعدة العمالية، المدوعة فقط للتنفيذ دون نقاش، وبعد انتهاء الإضراب لا مساءلة ولا محاسبة.
إن اتخاذ قرار الإضراب وتنفيذه- مع ما يتضمنه من مخاطر الطرد والاقتطاع- يستدعي اقتناع القاعدة العمالية به، وإلا فإن أي هزيمة ستؤثر سلبا على نفسية العمال واستعدادهم المقبل لإضرابات ونضالات أخرى، كما أن العامل غير المقتنع بالإضراب، سيحمل مسؤولية تداعيات الهزيمة للمكتب النقابي وليس للشركة التي ترفض الاستجابة لمطالب العمال.
كما سجلت مجموعة أخرى من الأخطاء وقع فيها النقابيون ساهمت في تعميق التشتت النقابي، أهمها التعرض للعمال الذين استقطبهم مكتب الاتحاد العام للشغالين بالمغرب ونعتهم بالخونة.
إن إضراب حافلات النقل الحضري يمس مصالح المواطنين بشكل كبير، وهو ما يفرض القيام بحملة تعبئة واسعة لدى السكان لإطلاعهم على دواعي هذا الإضراب قصد كسب تعاطفهم، وهو ما لا تقوم به النقابة حاليا، في حين تستفيد الشركة من تعبئة مضادة للإضراب تقوم بها وسائل الإعلام التي تُظهر طوابير المواطنين الذين ينتظرون الحافلات وتنقل شكاويهم وتركز على حالات بعينها (مريض ينتظر الحافلة للتوجه إلى المستشفى، طالب تأخر عن الامتحان… إلخ).

شارك المقالة

اقرأ أيضا