حوار مع مناضل في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب- موقع تازة
1* هل يمكن أن تحدثنا عن الإشكالات التي تعيشها الكلية متعددة التخصصات بتازة التابعة لجامعة محمد بن عبد الله بفاس؟
ليست الكلية متعددة التخصصات بتازة استثناءً من واقع التهميش الممنهج الذي يطبع السياسات العمومية تجاه المدن المصنفة ضمن «المغرب غير النافع». تعاني الكلية اختلالات هيكلية تمس بنيتها وتسييرها، تعكسها المشاكل المرتبطة بالحي الجامعي الجديد، الذي جاء بعد انتظار دام أكثر من عقدين ليقتصر على 800 سرير فقط من أصل 2020 مقعدا مقرَّرا. أضاف هذا العجز عبئا جديدا على الطلبة، الذين وُضعوا في حي جامعي خارج المجال الحضري، بمنطقة گلدمان النائية، حيث يعانون العزلة الجغرافية وظروف الإقامة غير الملائمة من حيث توفير احتياجاتهم الأساسية خاصة أيام الأحاد والعطل.
تُضاف إلى هذه الوضعية أزمة النقل التي تعصف بالمدينة، حيث يعاني خط الحي الجامعي – الكلية من نقص حاد في الحافلات، على عكس ما يوجد في دفتر التحملات. كل هذا يضاف إلى سياسات تدبير عقاري مشبوهة، تهيمن عليها مصالح «مافيا العقار» الممثلة في أعضاء المجالس البلدية والإقليمية، ممن يُسخِّرون الفضاءات العمومية لخدمة مشاريعهم الخاصة، بدلا من توفير حلول تليق بموقع الكلية داخل مدينة تازة.
من جهة أخرى، أظهرت التقارير الرقابية اختلالات مالية جسيمة شملت اختلاس ملياري سنتيم من ميزانية المجلس الإقليمي، فضلًا عن فضائح في تدبير النقل الحضري، كالعجز عن توفير الحد الأدنى من الحافلات وخدمات الاشتراك الشهري المخصصة للطلبة. هذه الأزمات تعكس خللا بنيويا أعمق في تدبير الموارد العمومية، وسط غياب للمحاسبة الجدية عن كل هذه الانتهاكات.
يعكس مطلب توفير نقل يليق بمكانة الطالب أزمة جوهرية داخل الجامعة، حيث تتناقض الشعارات الرسمية مع الواقع الذي يعانيه الطلاب يوميا. يُرفع شعار «وضع الجامعة في قلب المجتمع» و»مصلحة الطالب أولا»، بينما تظهر أزمة النقل كعقبة حقيقية تعيق المسار الأكاديمي والعلمي، تجعل الطلاب يواجهون صعوبات يومية للوصول إلى مقاعد الدراسة، مما يؤثر بشكل مباشر على أدائهم الأكاديمي ونفسيتهم. هاته الشعارات ينقضها الواقع حين نُترك كطلاب لنواجه أزمات يومية تمس كرامتنا وحقنا في تعليم ميسر. حيث أن غياب النقل الملائم يظهر تهميش الجامعة نفسها في السياسات العامة، بدلا من جعلها محورا للتنمية.
ليست أزمة النقل مجرد مسألة تنظيمية، بل هي أزمة سياسية واجتماعية تبرز غياب العدالة وتناقض الشعارات الرسمية فالحل لا يقتصر على توفير الحافلات، بل يتطلب رؤية أوسع تعيد الاعتبار لدور الجامعة ومكانة الطالب في المجتمع.
2* خاض طلاب وطالبات الكلية مؤخرا نضالا من أجل الحق في النقل. هل يمكن أن توضح أكثر خلفية هذا التضال؟
في مواجهة أزمة النقل الخانقة بين الحي الجامعي والكلية، التي تبعد أكثر من 7 كيلومترات، انطلقت احتجاجات تحت لواء المنظمة العتيدة الإطار النقابي الشرعي الوحيد الممثل لنضالات الطلبة و بقيادة قلبه النابض النهج الديمقراطي القاعدي. حيث يواجه الطلبة وضعا صعبا مع تشغيل الشركة المسؤولة لحافلة واحدة فقط أيام العطل، وحافلتين في الأيام العادية، لا تزيد في أوقات الذروة عن ثلاث حافلات، جاءت كمكتسب لنضالات الطلبة منذ بداية الموسم الجامعي، رغم أن دفتر التحملات ينص على توفير خمس حافلات. أدى هذا التقصير إلى تعطيل وصول الطلبة لمحاضراتهم، وإجبارهم على تحمل أعباء مادية ونفسية إضافية.
جاءت خلفية النضال الأخيرة في سياق بدأ يوم الأحد 1 ديسمبر عن طريق تعطيل خط الحي الجامعي لأزيد من 4 ساعات، تاركين الطلبة في العراء والخلاء بدون طرق مواصلات تربطهم بالمدينة.
ما كان من الطلبة إلا الاعتصام أمام حافلة النقل بعد وصولها. كل هذا الإجرام استمر يوم الاثنين عن طريق تسخير بلطجيتها المعروفة بممارساتهم البوليـسية، في مقابل صمود الجماهير الطلابية وتنديدها بهذه الممارسات ما وضعها أمام إجرامـها المكشوف وتوقيف الحافلتين الرابطتين بين الحي والكلية من طرف البلطجية.
كل هذا نددت به الجماهير الطلابية في تظاهرات نحو الكلية. ولكن كما يقال فإن أنظمة الاستبداد حكامُها بدون حواس. استمر الوضع كما هو طوال يومين من تظاهرات في الشارع بدون توقف. وفي دائرة الأزمة، حيث أصبحت واقعا لانهائيا، مدرجا ضمن سياسات النظام القائم. فأصبح استمرار الاحتجاج والآذان الصماء سياسة «تربوية جديدة»، ترجمة ديداكتيكية للامدرسية، و ترجمة لمقولة «علمتني الطريق التي تؤدي إلى المدرسة أكثر مما علمتني المدرسة».
النموذج الجديد المستورد، بما أن النظام اعتاد وضع كل شيء خارج سياقه، استكمالاً لهذا المسلسل الإجـرامي، هذه المرة رفضت حافلات النقل التوجه نحو الحي الجامعي. ولكن مدرسة أوطم أقوى من إجرامهم. كل هذا قابلته الجماهير الطلابية بتحدٍّ وصمود مُنقطعي النظير، وجسدت اعتصام مفتوحا أمام محطة الحافلات استمر ختى الثانية ليلا مُتَحَدين قساوة المناخ، ما فرض على من يدعي تحمل مسؤولية في شخص «باشا» المدينة النزول، تحت ضغط إرادة الجماهير، وتقديم مجموعة من الوعود من بينها فتح وترتيب حوار جاد ومسؤول مع ممثلي شركة «فوغال» والطلبة في إدارة الحي الجامعي وكذا الاتفاق المبدئي على حل مجموعة من النقاط الآنية.
و إيمانا منا بالحوار رُفع الاعتصام، لنتفاجأ يوم الأربعاء الأسود 4 ديسمبر باستمرار نفس الممارسات البلطـجية والبوليـسية مع الجماهير الطلابية عبر وابل من السب والشتم الذي تعرضت له الجماهير الطلابية من طرف بلطجية الشركة، وتحت أعين قوى القـمع فما كان من الجماهير إلا إدانة هاته الممارسة عبر شكل نضالي والعودة إلى الحي الجامعي مساءا.
أمام هول الهجوم الممنهَج، انتفضت الجماهير الطلابية في ملحمة نضالية صوب الكلية، متحدية كل أشكال الاستنزاف والوعود الكاذبة، تلك الوعود التي لم تكن سوى غطاء لسياسة التغاضي المتعمدة من أولئك الذين يدعون تحمل المسؤولية، في حين كانت قوى القـمع الطبقي تُعد عدتها لارتكاب مجـزرة أخرى استنفرت مختلف تلاوين أجهزة القـمع: من «الدرك الملكي» إلى «القوات المساعدة»، ومن قوات «التدخل السريع» إلى «فرقة مكافحة العصابات»، ولم تغب عن المشهد مختلف الأجهزة السرية التي تنسج خيوطها في الظل. كان ذلك في إطار ما يسمّى «المغرب الجديد»، مغرب القـمع والتشريد في معادلة عنوانها الإجرام المتواصل، كانت صور أبلغ تعبير واكتملت أركان الجريمة باعتـ قال 16طالب وطالبة 12 منهم متابعين في حالة سراح بينما تمت متابعة ثلاثة رفاق ورفيقة في حالة اعتقال داخل السجن سيء ذكر بتازة.
رغم القمع، صمد الطلبة وأثبتوا إصرارهم على تحقيق مطالبهم العادلة، موجهين رسالة قوية للجهات المسؤولة بأن معاناتهم ليست مجرد قضية نقل، بل تعبيرا عن أزمة هيكلية أعمق في تدبير القطاع التعليمي والخدمات الأساسية في المدينة.
3* ما هي أشكال النضال التي خاضها طلاب وطالبات الكلية من أجل الحق في النقل؟
أمام هذا الواقع، وجدنا أنفسنا مضطرين لخوض نضالات متعددة للدفاع عن حقوقنا البسيطة جدا والمنطقية. من بين الأشكال النضالية :
* التظاهرات داخل الكلية والحي الجامعي:
انطلقت أولى الاحتجاجات من داخل الكلية والحي الجامعي، حيث جرى الضغط على إدارة المؤسسات الجامعية من خلال فرض حوارات معها. وعلى الرغم من تقديم وعود بحل المشكلات، استمر الواقع كما هو دون استجابة فعلية.
* النزول إلى الشارع:
تصاعدت النضالات مع استمرار تجاهل المطالب، حيث توجهنا إلى شوارع مدينة تازة، ورفعنا شعارات للتعريف بأزمة النقل والتنديد بهذا الوضع المزري. تم تسليط الضوء على علاقة سكان المدينة مع شركة «فوغال» المفوض لها النقل الحضري.
* تنظيم الاعتصامات:
تصاعدت الاحتجاجات إلى مستوى تنظيم اعتصامات، سواء في محطات الحافلات أمام الحي الجامعي أو وسط شوارع المدينة. في اعتصام آخر أمام مقر شركة «فوغال»، حيث أُجبر ممثلو الشركة على الحوار مع الطلبة، وقدموا مجموعة من الوعود لحل الأزمة وتقديم إجابات لمطالبنا الرئيسية :
– استفادة الطلاب من خمس رحلات يومية دون قيد أو شرط؛
– منع ممارسات البلطجة التي يمارسها ممثلو الشركة ضد الطلبة؛
– توفير عدد كاف من الحافلات لتغطية الخط الجامعي؛
– السماح باستخدام بطاقات الاشتراك الشهري في أيام العطل والأحد؛
– فتح شبابيك الاشتراك الشهري داخل الحي الجامعي أو في محيطه؛
– إنشاء محطة حافلات أمام الكلية؛
– ضمان استمرارية الرحلات إلى ما بعد الساعة السابعة والنصف مساءً؛
– إعادة النظر في دفتر التحملات لضمان الالتزام بمصالح الطلبة.
رغم كل هذه النضالات، لم يتم الالتزام بالوعود التي أعطيت خلال الحوارات، بما في ذلك الحوار مع باشا مدينة تازة إثر اعتصام ومبيت ليلي أمام محطة الحافلات القريبة من مركز التكوين المهني. وفي النهاية، لجأت الجهات التي تدعي المسؤولية إلى تسخير أجهزة القمع لمحاولة إجهاض الاحتجاجات.
في 4 ديسمبر، تصاعد القمع عبر هجوم منظم شاركت فيه قوات الدرك والقوات المساعدة وفرق التدخل السريع وفرقة مكافحة العصابات، مدعومة ببلطجية الشركة. أدى ذلك إلى استهداف الطلبة بمختلف أشكال التنكيل والترهيب واختطافات والضرب والتعذيب مما يبرز الطابع القمعي لمواجهة مطالب مشروعة تعكس أزمة حقيقية تمس المجتمع بأسره.
4* ما كانت نتائج التدخل القمعي؟ وما هي أشكال التضامن معكم- كن؟
لم يكن التدخل القمعي الذي استهدف الجماهير الطلابية ومناضليها في النهج الديمقراطي القاعدي بموقع تازة يوم 4 دجنبر 2024 حدثا عابرا عشوائيا، بل يعكس عمق الصراع بين قوى التغيير الاجتماعي التي تطمح إلى العدالة والكرامة، وقوى الاستبداد التي تسعى إلى ترسيخ هيمنتها وحماية مصالح الرأسمال. هذا الهجوم لم يكن سوى جزء من استراتيجية شاملة لضرب النضالات الجماهيرية التي كانت دائما رأس الحربة في الدفاع عن الحقوق الاجتماعية والسياسية في المغرب، والتي شكلت الحركة الطلابية بقيادتها العلمية والعملية (ن د ق) تاريخيا طليعتها. في هذا السياق، يمرر ما يسمى بقانون الإضراب، الذي يعتبر جزءا من محاولة تكمييم الأفواه المناضلة وتقييد الحق في الاحتجاج، وفرض واقع الصمت والخضوع. بل كان بمثابة رسالة واضحة من النظام، مفادها أن أي محاولة للتغيير أو تحد لسياساته القمعية، سواء على مستوى الطلاب أو عموم الشعب، ستواجه بالقمع المفرط وقوانين مقيدة للحريات، مما يضع الحركة الطلابية بشكل خاص والحركات الاحتجاجية بشكل عام في مواجهة مباشرة مع آليات القمع القانونية والتشريعية كذلك .
كانت الحصيلة النهائية اعتقال 17 طالبا وطالبة، ومتابعة أربعة رفاق منهم في حالة اعتقال على خلفية تهم ملفقة وواهية، وقد قدموا على إثرها إلى محكمة الاستئناف بتازة حيث حددت مرحلة أخرى للمحاكمة الصورية بتاريخ 6/01/2025، في حين تمت متابعة 13 رفيقا آخرين في حالة سراح أمام المحكمة الابتدائية، حيث سيعرضون أمام المحكمة يوم 8/01/2025 و13/01/2025.
لم يقتصر القمع الذي تعرض له الطلاب على المعتقلين فقط، بل امتد إلى ملاحقات ممنهجة، وخلق أجواء من الترهيب داخل مدينة تازة عن طريق عسكرتها بشكل كلي، بالإضافة إلى تطويق كامل لمحيط الكلية من قبل مختلف أجهزة القمع لأكثر من أسبوع، بهدف كسر الروح النضالية للطلاب وترهيب كل من تسول له نفسه تحدي سياسات النظام القائم. على الرغم من القمع، أثبتت الحركة الطلابية قدرتها على مواجهة التحديات من خلال تنويع أشكال النضال، فقد قادت لجنة المعتقل المنضوية تحت لوا الاتحاد الوطني لطلبة المغرب العديد من الأشكال النضالية، منها:
* استقبال عائلات المعتقلين السياسيين وربط الاتصال بهم؛
* تنظيم مسيرات، تظاهرات، ووقفات احتجاجية داخل مدينتي تازة وفاس، كان منبعها الجامعة والأحياء الجامعية في المدينتين للتنديد بالقمع والتضامن مع المعتقلين.
كما دعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتازة إلى تخليد الذكرى الـ76 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تضامنا مع الحركة الاحتجاجية الطلابية بتازة ومع الطلبة المعتقلين، بمشاركة لجنة المعتقل ومجموعة من الإطارات المناضلة، أبرزها الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، حيث عبرت ميدانيا عن تضامنها ودعمها في مختلف أشكالها النضالية مع الرفاق في موقع تازة بفروعها المختلفة. كما تتابع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتازة مختلف أطوار المحاكمات التي يتعرض لها الرفاق بكل إمكاناتها المتاحة.
هذه الأشكال النضالية أكدت أن الحركة الطلابية قادرة على تجاوز القمع، وصمودها أمام كل محاولات الترهيب.
هذا الدعم المحلي وازاه على المستوى المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن تضامنهم عبر بينات وبلاغات المكتب المركزي.
بالإضافة إلى التضامن عبر نقاشات وبلاغات تضامنية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب بمجموعة من المواقع كوجدة والناظور. كما رافقت كل هذا حملة تضامن على المستوى الإعلامي عبر كافة المنابر الإعلامية والأقلام الحرة. ولم تقتصر أشكال النضال على الشارع، بل نقل المعتقلون معركتهم إلى داخل السجون عبر الإضراب عن الطعام المفتوح الذي وصل إلى 12 يوما، وهي خطوة نضالية كشفت عن حجم التضحيات التي يقدمها المناضلون من أجل كرامتهم. جعل هذا النضال من السجن مساحة مقاومة أخرى، وأحرج النظام أمام الرأي العام الوطني والدولي، ولفت الأنظار إلى الممارسات القمعية التي تعانيها الحركة الطلابية وكذلك لمختلف أشكال التنكيل والتعذيب التي يتعرض لها المعتقلون السياسيون، حيث أعادت هذه الإضرابات قضية الاعتقال السياسي إلى صدارة النقاش العام، وحشدت تضامنا واسعا من قبل الجماهير الطلابية والشعبية.
إن التاريخ لا يرحم، والشعوب التي لا تناضل تُستعبَد
******************************
توضيح للجميع حول حيثيات ما واقع يوم 04 دجنبر 2024 بتازة
بقلم قاطن بالحي الجامعي 07 ديسمبر 2024
من صفحة مشعل الطلبة: https://web.facebook.com/share/p/15t9kD9yGV/
بدأت القصة منذ بداية الموسم الجامعي 2024/2025 والذي استبشر فيه الطلبة خيرا بعد فتح الحي الجامعي الذي طال انتظاره 20 عاما، ولأننا في وطن جريح فالفرحة لن تكتمل بحكم وجود هذا المرفق الحيوي بالنسبة للطلبة على بعد أزيد من 6 كلم عن الكلية ويحتاج إلى وسيلة نقل وتبقى حافلات النقل الحضري هي الحل، ففي البداية تم توفير حافلة واحدة مما كان يضطر الطلبة إلى الانتظار لساعات طويلة، أما في أوقات الذروة فالطلبة يذهبون مزدحمين كأسماك العلب، ولأن الطلبة لم ولن يَرُقهم الوضع قرروا خوض معارك نضالية ضد تغول هذه الشركة المشؤومة المكلفة بالنقل الحضري داخل تازة شأنها شأن الساكنة التازية المتضررة من خدمات هذه الأخيرة، معارك نضالية جعلت المسؤولين على فوغال يرضخون إلى طاولة الحوار وتقديم مجموعة من الوعود من أجل تحسين الخدمات (توفير حافلتين في اليوم وثلاث حافلات في أوقات الذروة، توفير محطة من أمام الكلية، عدم صعود المراقبين، توفير حافلات من الجيل الجديد، السماح باستعمال البطاقة يوم الأحد…).
هذا ما جعل الطلبة يعودون إلى متابعة دراستهم بشكل عادي، لكن وبحلول يوم 1 دجنبر تفاجأ الطلبة بغياب الحافلة وتركهم مشردين في الخلاء بجماعة ݣلدمان حتى وقت متأخر من نفس اليوم. استنكر الطلبة هذا الوضع بشدة لأن الحي الجامعي لا يوجد بالقرب منه أي محلات تجارية أو مقاهي… (جا فالخلا والقيفار) وقرروا مقاطعة الحافلة.
وفي صباح يوم 02 دجنبر ستزحف الشركة مرة أخرى على أحد الوعود المقدمة، فبمجرد دخول الحافلة إلى مدينة تازة وبالقرب من المحطة الطرقية سيصعد إليها مجموعة من البلطجية المتمثلة في المراقبين من أجل إرهاب الطلبة والطالبات وخلق الرعب في أنفسهم مما دفع الطلبة للرد عن طريق استنكار صعود المراقبين المعروفين ببلطجيتهم وأساليبهم البوليسة، هذا ما دفع الشركة إلى توقيف حافلاتها بشكل نهائي وترك الطلبة بدون نقل، وسيتم إصدار بلاغ عبر «الصفحة الرسمية نضالات الحركة الطلابية البرنامج المرحلي هو برنامج الحركة الطلابية» يستنكر فيه الوضع ويطالب بإيجاد الحل الحقيقي للقضاء على المعضلة، وفي الوقت الذي انتظر فيه الطلبة أن تعود المياه إلى مجريها، وبالضبط صباح يوم 3 دجنبر ستزيد الشركة المشؤومة من تغولها وبنفس الطريقة سيتم توقيف الحافلة وصعود أزيد من 5 مراقبين انهالوا على الطلبة بالسب والقدف بكلمات نابية مع التهديد بإعادة التربية للطلبة وتوقيف الخط الرابط بين الكلية والحي الجامعي من طرف الشركة المشبوهة.
ولأن لكل فعل ردة فعل اضطر الطلبة إلى التوجه نحو الكلية بمسيرة تنديدية بالأوضاع التي وصلت إليها الأمور، وعند العودة مساءا رفضت الحافلات مرة أخرى التوجه نحو الحي الجامعي، مع جعل الطلبة يدخلون في اعتصام مفتوح من أمام التكوين المهني (محطة الحافلة) استمر إلى غاية الثانية ليلا في صمود منقطع النظير وفي جو بارد جدا، مما دفع باشا المدينة للنزول وفتح حوار مع الطلبة. ولأن الطلبة أهل للحوار استجابوا لذلك، وتم تقديم وعود من طرف الباشا على أساس سيكون حل نهائي وسيتم تنفيذ الوعود السابقة المقدمة من طرف مدير الشركة، تقرر بعدها رفع الاعتصام.
وفي صباح يوم الأربعاء الأسود 04 دجنبر 2024 سيتكرر نفس السلوك من طرف الشركة، وعند احتجاج الطلبة وبسرعة البرق قدِمت القوى القمعية (الدرك الملكي) لحماية الحافلة وتهديد الطلبة باعتقالهم وإهانتهم، وقيل بالحرف (نتوما وجهكم غا ديال الخلا والقفار يا العروبيين).
وبعد زوال نفس اليوم وعند التوجه إلى الكلية رفضت الحافلة مجددا نقل الطلبة والطالبات، ليتم تنظيم مسيرة احتجاجية سلمية أخرى والتوجه نحو الكلية على الأرجل. وفي مدخل المدينة كانت القوى القمعية بمختلف تلاوينها في انتظار وصول الطلبة من أجل تنفيذ جريمتها النكراء، حيت قامت هذه القوى بقطع الطريق بـ «السطافيطات» وإنزال أزيد من 200 من شرطة التدخل السريع في الأمام والأخرى تستعد من وراءها، ليضطر الطلبة إلى الوقوف ورفع شعارات تنديدية. وبعدها بقليل أعطيت الأوامر من أجل الهجوم على الطلبة وهذا ما كان بالفعل. وكما يوضح بث مباشر على صفحة مشعل الطلبة، ليبدأ الضرب والقمع في صفوف الطلبة والطالبات واعتقال أي طالب من أمامهم ومطاردة الباقي. هذا ما جعل الطلبة يدافعون عن أنفسهم ويهربون في كل صوب وحدب. بل الأكثر من ذلك جعل القوى القمعية تتبعهم بسيارات رباعية الدفع في المرتفعات في منظر رهيب جدا، وفي نفس الوقت جاءت فرقة قمعية أخرى من طريق جرسيف أي من وراء ظهر الطلبة وقامت بتطويق الحي الجامعي وخلق الفزع والخوف في طلبة الحي الجامعي. بل الأكثر من هذا أي طالب حاول فقط الخروج تجري مطاردته وتعنيفه ثم تركه في حال سبيله. أما الأحياء المجاورة لمدخل تازة فكانت كلها مطوقة، وقد تم اعتقال طالب هناك بالقرب من المحطة لم يكن حتى في المسيرة الاحتجاجية بل كان ينتظر الحافلة المتوجهة نحو جرسيف وتقديمه للمحكمة مع باقي الطلبة. وبالقرب من الكلية ظلت المئات من القوى القمعية الأخرى تحاصر الكلية من كل الجهات في جو مخيف وكأننا نعيش في دولة فلسطين.
استمرت هذه المقاربة القمعية حتى الساعات المتأخرة من يوم 04 دجنبر 2024، حيت نام عدد كبير من الطلبة خارج الحي الجامعي بعضهم في منازل أصدقائهم وعائلاتهم والبعض الآخر ظل في الخلاء فقط ينتظر حلول الصباح، هذا الأمر استمر أيضا يوم 05 دجنبر حيث تواصَل تطويق الكلية وتطويق مدخل مدينة تازة واستمرار المطاردات في حق أي مناضل لأوطم بتازة.
وفي صباح يوم 05 دجنبر سيتفاجأ الطلبة والساكنة عموما بإنزال غير مسبوق للقوى القمعية من أمام محكمة الاستئناف بتازة ومن أمام الكلية وكل الطرق المؤدية لتازة في اتجاه الحي الجامعي لأن الأمر كان يتعلق بتقديم الطلبة والرفاق والذي يبلغ عددهم 15. قرر وكيل الملك متابعة 12 منهم في حالة سراح واستمرار اعتقال كل من الرفيق محسن لمعلم والرفيقة يسرى الخلوقي والطالب نجيب شقرون وتلفيق تهم جنائية بعيدة كل البعد عن الحقيقة فقط من أجل التغطية على المجزرة المرتكبة في حق الطلبة والتي استنكرتها كل الإطارات المناضلة وكتبت عنها جل الصحف الوطنية وبعض الصحف الدولية.
تؤكد هذه الواقعة تواطؤ المسؤولين بتازة وعلى رأسهم عامل الاقليم ورئيس جماعة تازة مع شركة فوغال التي ترتكب الجرائم في حق الساكنة التازية والطلبة، وتبين بالملموس لماذا تم بناء الحي الجامعي بجماعة ݣلدمان.
********************************************
نضال طلاب- ات تازة ضد شركة فوغال للنقل وضد القمع
بقلم أعبو المنابهي
شهدت مدينة تازة يوم 04 ديسمبر تدخلا قمعيا في حق طلاب- ات الكلية متعددة التخصصات بتازة التابعة لجامعة محمد بن عبد الله بفاس، أسفر عن اعتقال 15 طالبا وطالبة. [انظر الملحق أسفله: توضيح من طالب قاطن بالحي الجامعي].
قامت الاحتجاجات ضد شركة فوغال المفوَّض لها تدبير خدمات النقل الحضري من طرف الجماعة الحضرية للمدينة. ليست هذه النقطة سوى تلك التي أفاضت كأس حنظل ظَلَّ الطلاب- ات يتجرعونه منذ سنوات مُرغَمين- ات، ولما وصل السيل الزبى اندفعوا منتفضين- ات ضد شروط نقل مُزرية.
شركة فوغال: قطاع خاص تُسمِّنه الدولة
فوغال شركة نقل تشتغل منذ سنة 1995، من خلال خمس شركات تابعة لها: فوغال باص بركان، وفوغال باص تازة، وفوغال باص جرسيف، وفوغال باص السعيدية، وفوغال باص القنيطرة. بالسنبة لمدينة تازة حازت فوغال على صفقة تدبير النقل الحضري سنة 2002.
ورد في موقع الشركة على الانترنت ما يلي: «لطالما اتسمت علاقاتنا مع السلطات العمومية والمنتخبين والشركاء والموظفين بالاحترام والصداقة، وبفضل دعم وتشجيع كل هذه الأطراف». [https://foughalbus.ma/a-propos/].
أما عن «الاحترام والصداقة» التي تجمعها مع «السلطات العمومية والمنتخَبين»، فقد أوضحه موقع إخباري محلي، نقلا عن بعض أعضاء مجلس جماعة تازة، متحدثين عن «مجموعة من التجاوزات التي تم تسجيلها بخصوص شركة «فوغال» للنقل الحضري بمدينة تازة»، ضمنها: «نقائص في عقود الامتياز المبرَمة مع شركة فوغال للنقل الحضري على مستوى الإلتزامات المتعلقة ببرامج الاستثمار وبمعايير جودة مرفق النقل الحضري، كما اتضح للأعضاء أن متوسط عمر أسطول النقل الخاص بإقليم تازة يبلغ عشر سنوات، إضافة إلى عدم إمثتال شركة “فوغال” للشرط القانوني المتعلق بعدد أجهزة إطفاء الحريق و تسجيل نقص في معدات بعض الحافلات وغياب تتبع تنفيذ عقد الإمتياز المتعلق بمدينة تازة وبعض خطوطها خارج المدار الحضري للمدينة وغياب المراقبة من طرف السلطات المانحة لحق الإمتياز». [https://alhadattv.ma/2021/03/10/شركة-فوغال-تحتقر-ساكنة-تازة/]
ولأن الاحترام والصداقة بالنسبة للقطاع الخاص ليسا مجرد مشاعِر متبادَلة بل أخذٌ بدون عطاء، فقد حصلت الشركة سنة 2020 على «960 مليون سنتيم موزعة إلى 500 مليون سنتيم تمنحها وزارة الداخلية للشركة في إطار دعم الإشتراكات الخاصة ببطائق الطلبة والموظفين والمستخدمين وغيرهم، ومبلغ 460 مليون سنتيم فهو خاص بالضرر الذي تكبدته الشركة خلال الثلاث لأاشهر الأولى من جائحة كورونا وستصرف من ميزانية وزارة الداخلية لا من ميزانية جماعة تازة». [نقلا تصريح لجماعة تازة: https://www.maroc28.ma/جماعة-تازة-توضح-حقيقة-الدعم-المالي-الض/]. بكل هذه الامتيازات يحق لموقع الشركة على الانترنت أن يصرح متفاخرا: «لا ننوي التوقف عند هذا الحد، ونحن مستعدون لرفع التحدي في مدن مغربية أخرى».
ولأن «الصديق وقتَ الشدة»، فقد قامت «السلطات العمومية» بحماية شركة فوغال من نضالات الطلبة بتسخير الفصائل المسلَّحة (درك ملكي وقوات تدخل سريع) لقمعهم واعتقالهم.
وعن «الاحترام والصداقة» اللذين تكنهما شركة فوغال للسكان والطلاب، فقد تحدثت عنه الجمعية المغربية لحقوق الإنسان- فرع تازة في رسالة مفتوحة مفتوحة إلى كل من عامل إقليم تازة وأعضاء رئاسة المجلس الجماعي لتازة ورئيس شركة فوغال للنقل الحضري بتازة. وفيها لفت فرع الجمعية إلى أن «الحافلات المتوفرة حاليا، تُعتبر جد محدودة ولا تفي بالغرض المطلوب في التغلب على مشكل الاكتظاظ وسط الطلبة والطالبات والأمر نفسه بالنسبة للسكان بصفة عامة، مما يتطلب معه تطعيم أسطول النقل بحافلات جديدة، وليس في وضعية مهترئة، وفي أقرب الآجال. كما ذكر أن هناك تخبطا في تدبير وتنظيم خطوط النقل بشكل يزيد من معاناة الطلبة والطالبات، مع تأخر الحافلات وعدم احترام المواعيد الدراسية، سواء في أوقات الذهاب إلى الكلية أو أوقات الخروج منها، خاصة وقت الذروة، حيث إن الطريق الرئيسية والمحاذية للكلية تعرف تكدسا مروريا وازدحام الناس في المواصلات العامة في أعلى مستوياته». [https://www.adyare.ma/27222.html]
وسيجد القارئ المزيد من مظاهر الاحترام لطلاب وطالبات الكلية متعددة التخصصة بتازة، من طرف شركة فوغال، في الملحق أسفله [توضيح من طالب قاطن بالحي الجامعي].
قمع لوأد صبوات النضال
تعيش الكليات التابعة لجامعة محمد بن عبد الله بفاس (كليات سايس وظهر المهراز وتازة) دينامية نضالية منذ انطلاق الموسم الجامعي الحالي. ملف مطلبي متنوع يشهد على تدهور ظروف التدريس الجامعي (بيداغوجية ونقل وحي جامعي… إلخ). وفي نفس الوقت تشهد فروع الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمنطقة دينامية نضالية مماثلة. عرفت نضالات الحركتين (أوطم والجمعية) مظاهر تعاون وتنسيق نضاليين في الآونة الأخيرة. كما عرفت المدينة نضالات عمال المساحات الخضراء بجماعة تازة احتجاجا على توقيفهم عن العمل من طرف الشركة المفوض لها تدبير هذا المرفق الجماعي.
إن القمع والاعتقال الموجَّهين ضد نضالات طلبة تازة والمتابعات القضائية في حق مجموعة من مناضلي جمعية المعطلين- ات والحكم على عضوة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بصفرو بثلاثة أشهر سجن نافذة، كل أشكال القمع هذه موجَّهة لوأد هذه الديناميات النضالية، في مدينة تعيش أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة. أزمة فصَّل بيان فرع تازة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان (10 ديسمبر 2024) بعض مظاهرها:
* الخدمات الأساسية من نظافة وتقوية الإنارة بمختلف شوارع وأحياء المدينة وإصلاح جدي للبنية التحتية الطرقية؛
* تدهور الخدمات الصحية وتراجع الوصول للعلاج بالنسبة للمواطنين والمواطنات وإفلاس المنظومة الصحية وفشلها في تأمين الحماية الواجبة للمواطنين والمواطنات؛
* استفحال الانتهاكات التي تطال حقوق العمال، وتردي أوضاعهم المهنية في غياب الشروط اللازمة والآمنة التي يشتغل فيها العديد من العمال والعاملات؛
تضامن مع النضال الطلابي
على إثر القمع الأخير والاعتقالات في صفوف طلبة كلية تازة، صدرت بيانات تضامنية، أولها بيان فرع تازة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان (10 ديسمبر 2024): «يدعم ويساند نضالات الحركة الطلابية بالكلية متعددة التخصصات بتازة من أجل تحقيق مطالبها العادلة والمشروعة، ومن هنا، يدين الهجوم القمعي الذي طال المسيرة الاحتجاجية الطلابية بتازة على تدهور خدمات النقل الجامعي، وما رافقها من حملة الاعتقالات في صفوف الطلبة، ويطالب بإطلاق سراحهم والاستجابة لمطالبه».
كما أصدر فرع الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين- تازة بيانا بتاريخ 08 ديسمبر 2024 دعا فيه «جميع القوى التقدمية والمناضلة، من جمعيات حقوقية ونقابات وهيئات مدنية، إلى تكثيف الدعم والمساندة للطلبة المعتقلين، وتوحيد الجهود لمواجهة السياسات القمعية والمطالبة بالعدالة والحرية والكرامة الإجتماعية». وشهد موقع ظهر المهراز (جامعة محمد بن عبد الله) مسيرة طلابية ضخمة يوم 06 ديسمبر 2024.
من أجل نضال عمالي وشعبي ضد الخوصصة
ليس الطلاب فقط هم المتضررون من خوصصة تدبير النقل الحضري، بل كل سكان المدينة. لذلك علينا العمل على تضافر نضالات الحركة الطلابية وجمعية المعطلين والجمعيات الحقوقية وجمعيات الأحياء والنقابات بالمدينة للنضال من أجل خدمة نقل عمومية يُسيِّرها المجلس الجماعي تحت رقابة مباشرة من السكان.
المشكل الرئيسي في التدبير المفوَّض ذات، وليس في هذه الشركة أو تلك، فكل الخدمات التي جرى تدبيرها للقطاع الخاص، في كل مدن المغرب، من نظافة ونقل وماء وكهرباء، تهوي جودتها إلى القاع بينما تحلق أسعارها إلى السماء السابعة. لذلك لن تًسفر مطالبة الشركة بـ» إعادة تدبير هذا القطاع وفق رؤية جديدة واستراتيجية عمل تستحضر الواقع الحالي وما يفرضه من متطلبات جديدة وحلول واقعية لأزمة النقل الحضري بالمدينة»، كما ورد في بيان لفرع الجمعية المغربية، عن أي تحسن لتلك الخدمات. فمنطق القطاع الخاص هو جني الأرباح بأقل الأكلاف، والأكلاف طبعا يتحملها الشعب عبر رداءة الخدمة وغلاء أسعارها.
فقط نضال عمالي وشعبي يفرض استرجاع منطق الخدمة العمومية لخدمات النقل وغيره من الخدمات الاجتماعية يستطيع ضمان خدمات جيدة.
اقرأ أيضا