مقابلة مع “موفو” معتقل حراك النضال ضد تسليع الماء في فكيك
أجري هذا الحوار بتاريخ 16 نونبر 2024 أثناء قافلة تضامن منظمة من قبل الائتلاف الوطني لدعم الحراك بفكيك بتنسيق بين التنسيقية المحلية للترافع حول ماء فكيك، تحت شعار “الصمود والوحدة والتضامن من أجل الحقوق والكرامة” بتاريخ 14 الى 17 نونبر 2024.
أولا نهنئك على إطلاق سراحك.
اعتقلتك السلطة وحكمت عليك بالسجن على خلفية مشاركتك في حراك ساكنة فكيك بوجه خوصصة الماء وأيضا لتضامنك مع امرأة ناشطة في الحراك بوجه تعسف رجل سلطة.
- هلا حدثتنا أولا عن هذا الحراك الفكيكي ؟
يشكل حراك فكيك دفاعا عن الماء بوجه تسليعه استمرارا لحراكات سابقة شهدها الإقليم، على سبيل المثال: الحراك من أجل جبر ضرر فيضانات العام 2008 ( شهرين )، الذي لم يحفل السكان من الدولة بشيء منه غير التجاهل. ما يدفعنا للسؤال أنذاك وحتى اليوم، هل نحن فعلا مواطنين في دولة؟ إن الأحداث التي تقع تزيد من تأكيد هذا الأمر. خاصة مع ما شهدناه مؤخرا من التعاطي المتناقض للدولة المغربية مع فيضانات مدينة فالنسيا في الدولة الإسبانية عبر تقديم المساعدة وتلكؤها وكسبها للوقت من أجل امتصاص غضب ساكنة طاطا وزاكورة وفكيك إثر فيضانات شهر شتنبر 2024.
لقد عُزلت فكيك وحيدة في العام 2008 بفعل الفيضانات لمدة 27 يوم، وما زاد الطين بلة هو بطء وصول مساعدات التغذية والتدفئة إلى السكان. هذا الأمر دفع الناس بعدها للخروج احتجاجا على تعامل السلطات ونتائج الفيضانات التي دمرت جزء كبيرا من سبل وموارد عيش سكان الواحة.
عودة إلى سؤالك، يشهد الكل تهميش واحة فكيك المطلق ، فالحديث عن التنمية القروية يكذبه واقع حالها، لا خدمات اجتماعية في المستوى ولا شغل والناس تعاني ظلما هنا. يحس الناس هنا ب”الحكرة”. يستغل مسؤولو الدولة مراكزهم لظلم السكان، حيث يعتبر الفكيكيون أنفسهم معرضين لعقاب جماعي بحيث ترسل الدولة كل المسؤولين المعاقبين (لأسباب تأديبية) لإقليمهم ويتساءلون هل هو انتقام بسبب أحداث سنوات 1972 و 1973 التي شهدتها المنطقة؟
أسهم صغر الواحة وتواصل السكان فيما بينهم في مواكبة النقاش الجاري حول قانون الشركات الجهوية متعددة الخدمات، ما أجبر ممثلي السكان على معارضة انضمام الجماعة إلى الشركة الجهوية “مجموعة الشرق للتوزيع”. بعد رفض المجلس الجماعي لقرار الانضمام، قامت السلطات بدعوة لعقد دورة استثنائية، في 31 أكتوبر، من أجل تنظيم تصويت ثان من أجل الانضمام أي “بالموافقة”. كان نتيجة التصويت، تعادل في الأصوات (9 أصوات معارضة للانضمام في مقابل أصوات 9 مؤيدة له) ورُجحت كفة الرئيس. إن ترجيح كفة الرئيس لا تشكل ديمقراطية بتاتا.
حينئذ انطلق الحراك بخروج السكان الاحتجاجي اليومي ثم الأسبوعي على هذا السلوك غير الديمقراطي ورفضا لتفويت ماء الواحة للشركة التي لن يهمها غير تحقيق الأرباح.
يمثل حراك فجيج أنضج تجربة خاضها السكان من خلال استيعاب قيادة الحراك لأخطاء التجارب السابقة، بوجه خاص ما يتعلق بكيفيات تنظيم المفاوضات والتواصل مع السلطة الإقليمية أو أيضا التعامل مع كل محاولات القضاء على هذا الحراك ومنها جر الناس إلى العنف.
- كيف جرى اعتقالك؟
كان الاعتقال منتظر بفعل أساليب الدولة المعهودة في قمع وتخويف الناس من الاستمرار في النضالات. لهذا كان الحذر قويا من جانب قيادة الحراك من تلفيق التهم الأخلاقية للمناضلين ( كما جرت العادة في نضالات سابقة )بهدف تثبيط همم الجماهير وزعزعة ايمانهم بالمطلب المشروع.
قامت أجهزة الدولة باعتقالي لأني واحد من نشطاء حراك فكيك وأيضا لوقوفي في وجه ما مورس في حق إنسانة أولا ثم وأيضا بصفتها مناضلة ضمن الحراك. حكمت علي المحكمة بثمانية أشهر نافذة وغرامة مالية قدرها 1000 درهم. طالبتُ أثناء التحقيقات كما طالب محاميي بالعودة لمشاهد الكاميرا في اليوم الذي وقع فيه حدث إهانة الناشطة من قبل موظف سام ( الثلاثاء) والذي وجهت فيه بالمقابل إلي تهم سب وإهانة موظف… دون جدوى، لأن مشاهد الكاميرا الخاصة بيوم الحادث اختفت بكاملها بحجة عطبها أنذاك. إن تاريخي النضالي يشهد على ما أقول. لقد كان الغرض واضحا هو محاولة إسكات الحراك.
- تواصل السلطات تنفيذ المرحلة الأولى من القانون رقم 21-83- ظهير 12 يوليوز 2023- المتعلق بإنشاء الشركات الجهوية متعددة الخدمات فمثلا تأسست في جهة سوس ” الشركة الجهوية متعددة الخدمات – سوس ماسة”، ضاربة عرض الحائط كل مطالب ساكنة فكيك برفض خوصصة الماء. كيف ترى تعاطي الدولة مع هذا الأمر ؟
تقوم أساليب أجهزة الدولة من أجل ضمان السلم على شراء ذمم الناس (تشغيل البعض والضغط على أخرين من أجل الهجرة) من أجل ثنيهم عن النضال. حاولت هنا في فكيك افتعال تصادمات شخصية واتهامات بالإتجار في التهريب ونشر إشاعات تخوين المناضلين والشرفاء الناشطين في الاحتجاجات والحراكات السابقة فيما بينهم، لكن دون جدوى. لقد بينت المحاكمات الأخيرة لموظفين من إقليم فكيك من كان خادما حقيقيا لمصالح الناس ومكان خائنا خادما للدولة حتى يحقق مأربه الشخصية. الدولة عاقدة العزم على المضي في تطبيق قوانينها ضدا على مصالح الفلاحين الفقراء.
إن هذا الاستهتار بإرادة الناس وسكان الواحة لن يقف في وجهه غير تضامن وطني ومطالب وطنية برفض قانون تحويل الماء إلى سلعة. إننا ضد تفويت الماء للشركة وضد خوصصته وفي سبيل الحفاظ على مجانية وتدبير هذا المورد الشعبي سنعمل على اللجوء إلى مقاطعة أداء فواتير الماء في فكيك.
- تمكن 9 مرشحين من نشطاء حراك فكيك من حصد المقاعد الشاغرة في جماعة فكيك في الانتخابات الجزئية لـ12 شتنبر 2024 ، إلى أي حد سيعكس المجلس الجماعي تطلعات ساكنة فكيك برفض القانون المتعلق بخوصصة الماء؟
تجذر الإشارة أولا، إلى أن ممثلي التجمع الوطني للأحرار في الجماعة ( الذين صوتوا لصالح انضمام جماعة فكيك) لم تكن تربطهم بهذا الحزب أي رابط، فقط لأن يافطة هذا الحزب أتاحت فرصة لبعض اليساريين للدخول للانتخابات. كما استمال هذا الحزب بخطابه الخادع السكان ما شكل تفاؤلا لدى الأغلبية في الواحة. لكن سرعان ما تحول الفريق الغالب خادما للسلطة الإقليمية لا خادما لمصالح الناس الذين صوتوا عليهم من أجل تنمية الواحة وتطويرها. لقد قمت حين كنت في السجن بدعم المستشارين التسعة الذين نجحوا في الانتخابات الجزئية أولا لانخراطهم المتميز في نضالات السكان وثانيا لأن التجارب السابقة بينت فشل كل ممثلي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في تسيير الجماعة وأيضا تجسيد تطلعات السكان. كما ينطبق هذا الأمر أيضا على بعض ممثلي اليسار.
لقد نوقشت مسألة الاستقالة في خضم الحراك بحيث نجحت في وقف تفويت الماء وأجرأة قانون الشركات الجهوية في فكيك. تقوم السلطة بنشر الأضاليل والأكاذيب، من قبيل ، أن المستشارون الجماعيون المستقيلون لا يريدون الديمقراطية. وهو ما فندته نتائج انتخابات 12 شتنبر 2024 الجزئية بحيث اكتسح المرشحون التسعة كل المقاعد معبرين عن إرادة السكان القوية ولو كانت انتخابات شاملة لحصدوا كل مقاعد الجماعة.
منذ البداية طلب الأعضاء الجدد ( نتائج 12 شتنبر 2024)إعادة الدورة المتعلقة بالانضمام للشركة الجهوية دون أن يستجيب رئيس الجماعة لطلبهم. يناقش التنسيق المحلي اليوم إمكانية استقالة جماعية ثانية.
- أكمل حراك فكيك عامه الأول. كيف ترى مستقبل هذا النضال، خاصة مع ضعف التضامن والنضال ضد تسليع مورد الماء وطنيا؟
إن مستقبل حراك فكيك يضمنه صمود من جانبنا وتضامن وطني حقيقي. إننا نناقش داخل التنسيق المحلي للحراك تنظيم أشكال نضالية جديدة بشعارات أخرى وبمزيد من التواصل مع السكان. تشكل التعبئة على مطالب أخرى (اقتصادية واجتماعية…) أحد أهم الأسلحة لضمان استمرار شعلة النضال هنا في فكيك.
إننا نبحث جماعيا عن سبل توسيع الحراك جهويا والعمل بجهد من أجل توأمة الحراكات الجارية ( طاطا، الريف..). يمثل التعاون والنضال من أجل وقف تحويل الماء إلى سلعة ورفض قانون الشركات الجهوية متعددة الخدمات أحد الأسئلة المطروحة على كل المتضامنين معنا من هيئات حقوقية ونقابات وجمعيات وأحزاب.
اقرأ أيضا