رسالة مفتوحة الى قيادات المنظمات النقابية

للتحميل: رسالة مفتوحة الى قيادات المنظمات النقابية

 إلى القيادات النقابية المشاركة في تمرير قانون منع عملي للإضراب

باتت الطبقة العاملة المغربية مهددةً بإضافة قيود جديدة تعرقل ممارسة حرية الإضراب بعد القبول في اتفاق 30 ابريل 2022 بمبدأ إخراج قانون خاص بالإضراب. هذا عوض إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، والمادة 5 من مرسوم 1958 الذي يعاقب الموظف المضرب، وما يخص التسخير (ظهير 1938). بدل التقدم في انتزاع حرية نقابية كاملة، ها نحن نسير نحو فقد اليسير المنتزع بتضحيات جسام.

منذ بداية سنوات 2000 تتابعت مشاريع قوانين للإضراب، أبانت عن نوايا الرأسماليين ودولتهم المتربصة بالتنظيم العمالي من أجل تجريد الشغيلة من سلاح الإضراب للتمكن من تشديد الاستغلال وضرب المكاسب الاجتماعية.

 ومع ذلك، لم تضطلعوا، بصفتكم  قادة للحركة النقابية، بمسؤولية التنبيه إلى خطر الإجهاز على حق الإضراب بحملات تنوير وتوعية، على أساس الرفض التام لأي مساس بحق الإضراب، والنضال الفعلي من أجل رفع القيود القائمة المشار اليها آنفا. فمن اليوم الأول تجلى لديكم الاستعداد للتنازل على حق الإضراب بقبول تقييده، واتضح أكثر مع انصرام السنوات تلو السنوات، ثم تأكد مرة أخرى بعدم خوض أي نضال فعلي موحد ضد اقتطاع أجور المضربين من شغيلة الدولة، حتى تم فرض الاقتطاع.

بدل تحريك الجسم النقابي الذي تمسكون بمقاليده، جمدتموه بانعدام أي برنامج نضالي، اتجهتم للتعاون مع الدولة بالدخول في جلسات تفاهم حول قانون الإضراب لم تخبروا بمضامينها القاعدة العمالية، ولا نشرتم مشاريع قانون الإضراب التي تمدكم بها الدولة.

 ولما بلغت عملية إخراج قانون المنع العملي للإضراب وتجريمه أطوارها الأخيرة، بإحالته على البرلمان، أصبحتم تبدون اعتراضا باردا بمبرر سير الدولة بمشروعها قدما دون توافق باسم الشراكة التي تعتبرون أنها تربطكم بالطرف الاجتماعي الأخر أي أرباب العمل ودولتهم.

كان واجبا، وفاء لعلة وجود النقابة، ممارسة الشراكة داخل الصف العمالي المشتت، وليس مع العدو الطبقي الذي يطحننا ويقهرنا، وذلك بتكوين جبهة عمالية موحدة، تضم كل أشكال التنظيم العمالي، تنفذ خطة نضالية تتمكن بالتدريج من جمع صفنا وإيقاظ أقسام طبقتنا في قوة تكون أضعافا لحراك التعليم المجيد قادرة فعلا على وقف التعديات على حقوقنا وحرياتنا ومكاسبنا.

وليس قانون الإضراب غير قيود ستسهل التقدم في الإجهاز على ما تبقى من مكاسب التقاعد ومدونة الشغل، وهما الأمران اللذان وافقتم عليهما أيضا في اتفاق أبريل 2022، لا بل ستسرع الدولة بعد التقييد التام للإضراب سياساتها المدمرة للمكاسب الاجتماعية والمستكملة لتفكيك الوظيفة العمومية والمسايرة لرغبات الرأسمال الذي لا يهمه بحكم طبيعته غير تضخيم الأرباح والمراكمة.

وسيكون من نتائج قبولكم الفعلي لقانون الإضراب إضعاف الحركة النقابية بعد فقدان أهم أدوات الدفاع و الردع أمام هجمات أرباب العمل و دولتهم، كما سيؤدي إلى مزيد من فقدان النقابة للاعتبار في أنظار الطبقة العاملة.

 مهما جرى إسقاط بعض مواد مشروع قانون الإضراب سيكون تراجعا تاريخيا غير مسبوق يسجل في رصيدكم الحافل بالنكسات والخيانات. فليس مطلوبا اليوم تعديل مشروع قانون الإضراب بل المطالبة بإلغائه كليا والنضال من أجل ذلك بالإضراب العام، وليس التظاهر بالاعتراض بالتقافز داخل مؤسسات زائفة لا يصدق أحد طابعها الديمقراطي، تلك مؤسسات مصنوعة لسحق طبقتنا ويستحيل استعمالها لصالحها. فالمهدد ليس مكسبا بين مكاسب بل أداة النضال الرئيسية وبالتالي هوية النقابة ذاتها. فهل ستصبح النقابة بعد منع الإضراب وإفراغه من محتواه مؤسسة تساعد الدولة في تدبير النزاعات الاجتماعية لصالح أرباب العمل والدولة؟

إن آلة الاستغلال والقهر الطبقي ستدفع دوما الشغيلة بنحو متزايد إلى ساحة النضال، أيّاً تكن القيود المفروضة، وكما تنتهك القوة العمالية المتدفقة قانونَ الترخيص للتظاهر، كذلك ستنتهك قانونَ المنع العملي للإضراب، وقد أبانت الطبقة العاملة بأقطار عديدة بالمعمور قدرتها ليس فقط على تحدي القوانين القمعية، بل حتى على إسقاط أشد الأنظمة قمعا وإعداما للحريات. ولا شك ستجد طاقةُ النضال العمالي أشكال تنظيم مطابقة لغايات النضال وتحقيق المطالب. وسيزداد الوعي بالعقبة التي يشكلها تبقرط الحركة النقابية واندماجها في الدولة، ومعه الوعي بالحاجة إلى الاستقلال التام عن رأس المال ودولته، وسيجد شغيلة المغرب طريقهم لبناء حركة عمالية، نقابية سياسية، مناضلة لتحسين الأوضاع الاجتماعية ومعها المقدرة على الكفاح، ولتغيير شامل وعميق يعيد بناء المغرب على أسس الحرية والديمقراطية والمساواة الاجتماعية.

نقابيو ونقابيات؛ تيار المناضل-ة – 27 ديسمبر، 2024

شارك المقالة

اقرأ أيضا