مستجدات النضال الشعبي: قرية الكنتور: أيوب الحدود يُحرق نفسه والسكان يحتجون. واعتقال ومحاكمة منجميي بني تجيت: قمة الظلم

الحركة الاجتماعية16 نوفمبر، 2024

قرية الكنتور: أيوب الحدود يُحرق نفسه والسكان يحتجون
بقلم، سعيد جيد
تنتمي قرية الكنتور(سيدي أحمد) لإقليم اليوسفية، وتبعد شرقا عن مدينة مراكش بحوالي 80 كلم. يبلغ عدد سكانها حوالي 20 ألف نسمة، حسب إحصاء 2014.

فوسفاط وفقر مدقع
يهيمن استغلال الفوسفاط كنشاط اقتصادي في قرية الكنتور منذ ثلاثينيات القرن الماضي. وتعتبر القرية منجما فوسفاطيا ومزودا هاما للمكتب للشريف للقوسفاط بالمادة الأولية. يحتل إقليم اليوسفية (وضمنه قرية الكنتور) ثاني احتياطي للفوسفاط في المغرب بعد هضبة خريبكة الفوسفاطية.
رغم أن استغلال الثروات الباطنية الفوسفاطية في قرية الكنتور استمر حوالي قرن، إلا أن القرية ظلت على حالها، ولم تتطور إلى مركز يوفر لسكانه كل حاجياتهم. فالمستشفى بعيد عن القرية في طريق اليوسفية، ولا يتوفر على التجهيزات اللازمة للأمراض المعتادة ولا للأمراض المنتشرة في المنطقة والناجمة عن استغلال الفوسفاط. كما أن الطرق المعبدة في حالة مزرية (بما فيها الطريق الرئيسي الرابط بين اليوسفية ومراكش). أما التعليم فلا يوفر للراغبين في متابعة دراستهم مؤسسات تعليمية في المستوى ولا للطلبة مؤسسات جامعية قريبة لهم.
لا يوفر المكتب الشريف للفوسفاط- الذي يهيمن على النشاط الاقتصادي في القرية – لآلاف الشباب أبناء قرية الكنتور فرص عمل أومناصب شغل كافية. فنسبة البطالة تبلغ حوالي 23% حسب إحصاء سنة 2014. مما يضطر هؤلاء الشباب إلى الهجرة إلى مناطق أخرى لعلها توفر لهم عملا في قطاعات أخرى، أو إلى النضال للدفاع عن حقهم في ثروات قريتهم.
مأساة الشباب: أحلام تتحطم وتخلف ضحايا
يرى ساكنة القرية كل يوم بأعينهم عربات تنقل وتنهب ثرواتهم، ويسبب لهم مآسيا صحية واجتماعية. فهم يتضررون من الغبار والروائح الخانقة المنبعثة من المركبات الصناعية الفوسفاطية، ويضطرون لاستهلاك مياه ملوثة تخرب أسنانهم وتقتل مواشيهم.
كما أن سكان قرية الكنتور، ومن بينهم آلاف من الشباب، يعتبرون بأن من الواجب على المجمع الشريف للفوسفاط إيجاد حل لبطالتهم. إذ أن المجمع باستغلاله مناجم القرية وثرواتها، ملزم بتوفير عمل لهم. ويقوم هؤلاء الشباب، وفي جل مناطق إقليم اليوسفيةن بالنضال كلما سمحت لهم الظروف لإرغام المجمع على توفير مناصب شغل لهم. فإبان حراك 2011 فرض حراك الشباب تشغيل بعض أبناء المنطقة، كما حصل في مناطق أخرى لامتصاص غضبهم الذي وصل إلى حد الاعتصام على سكة الحديد لإيقاف نقل ثرواتهم. ففي هذه السنة (شهر يوليوز) قام قام معطلو المنطقة بالاعتصام على السكة الحديدية مانعين قطار نقل الفوسفاط وقطار نقل المسافرين من التحرك.
هذا النضال الجماعي لساكنة المنطقة ولشبابها على الخصوص، مستمر ويواجَهبالقمع، ففي سنة 2012، حُكِم على حسن بلعكري (رئيس فرع جمعية المعطلين) بشهرين موقوفة التنفيذ و10 آلاف درهم غرامة. ويستهدف النضال في المنطقة التشغيل في المقام الأول والتنمية عموما، ويخلف هذا النضال مواجهة مع السلطات التي تقوم بإنزالات لقواتها وتمنع وتحضر أي تجمع كيفما كان. كما تعتقل بعض القادة من هؤلاء الشباب وتحكم عليهم كما وقع في 2011.
البطالة تدفع الشاب أيوب الحدود إلى حرق نفسه
يلجأ بعض الشباب أيضا إلى أشكال فردية لفرض مطالبهم ولتحقيق أحلامهم. فانسداد الأفق أمامهم والأبواب الموصدة أمامهم يضطرهم إلى اللجوء لأشكال قد تضع حدا لحياتهم.
لجأ أحد شباب المنطقة أيوب الحدود (شاب عمره 33 سنة) إلى حرق نفسه أمام المجلس القروي للقرية، مباشرة بعد نقاش حاد مع رئيس المجلس القروي أثناء انعقاد دورة أكتوبر. النقاش الذي كان مستفزا لأيوب حسب شريط له وأضرم النار في نفسه. وكان أيوب المحروم من حق العمل يسكن مع أسرته في دور الصفيح.
توفي أيوب متأثرا بجراحه بعد أيام في المستشفى. خلف الحادث حراكا احتجاجيا للساكنة (وقفات، ومسيرات محلية وفي اتجاه عمالة إقليم اليوسفية..)، وملفا مطلبيا شاملا.
ليس حادث أهانة الشاب أيوب، التي سببت حرق نفسه، حدثا معزولا. صرَّح محمد اليسير، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بآسفي، أن الجمعية سجلت جموعة من السلوكات المهينة؛ التي بينها صفع وسب وضرب مواطنين عند ذهابهم إلى المؤسسات العمومية لحاجة إدارية»، مضيفا: «وهو ما حدث مع أيوب الذي جرى إهانته وتهديده من قبل الرئيس البلدي حسبما بلغنا عن عائلته»، ما دفعه إلى حرق نفسه.
في كل المناطق تنهب الثروات ويفرض على شباب ومفقَّري البلد أن يعيشوا المآسي. إن فقدان وخسارة أيوب الحدود لن يخففها غير انتصار يفرض المطالب، ويضمن لهم الكرامة والعدالة الاجتماعية.

************************** 

اعتقال ومحاكمة منجميي بني تجيت: قمة الظلم

عبد الصادق بن عزوزي- بني تجيت

أن تجد شبابا في ربيع العمر تضيع زهرة حياتهم خلف القضبان لا لشيء سوى كفاحهم من أجل لقمة عيش مريرة في وطن جدرانُه العطالة و التشريد، فتلك قمة الظلم! أي ذنب اقترفه هؤلاء الشباب عندما دفع بهم الفقر وانعدام فرص الشغل للصعود نحو الجبل، نحو آبار الموت والأهوال بحثا عن كيلوغرامات من معدن الرصاص والزنك يجنون من بيعها دراهم معدودة تمكنهم من الاستمرار في الحياة لا غير… ليجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها متهمين بالعمل في المناجم وبيع المعادن أو شرائها بدون سند قانوني والتجمهر غير المرخص والتمرد ورشق القوات العمومية بالحجارة… وغير ذلك من التهم التي يجيد مسؤولونا الكاذبون صياغتها وتزويقها وتنميقها.. ولا يجيدون غير ذلك .
هذا حال عدد من شباب بني تجيت المعتقلين بسجن وجدة أو سجن بوعرفة على إثر الأحداث الاجتماعية الأخيرة التي شهدها القطاع المنجمي بالبلدة، والمتمثلة في تمرد مئات العمال المنجميين والعاطلين عن العمل واحتلالهم لبعض المناجم واستغلالها فترةً من الزمن انتهت بتظافر جهود البورجوازية المنجمية والسلطة معا في تطبيق عملية التجويع الصارمة على العمال لإرغامهم على إخماد تمردهم… وقد كان هذا التمرد من جهة أولى، نتيجة محتومة للفساد الذي ينخر القطاع مدة عقود من الزمن والذي يجعل الثروة المعدنية حكرا على البورجوازية المحمية من السلطة، وللاضطهاد الشنيع الذي عانى منهم العمال والعاملات بهذه المناجم، ومن جهة ثانية كان هذا التمرد خطوة أولى تعلن بداية النهاية الحتمية لهذا الاستغلال وهذا الاحتكار وهذه البورجوازية ومن يحميها .
تعيش البورجوازية المنجمية بالبلدة من تهريب المعادن بشكل غير قانوني وبحماية الإدارات الوصية وتواطؤ كافة أجهزة المراقبة محليا ووطنيا، وهذا الوضع أصبح عاديا بسبب قِدمه وترسخه، أما السنوات الخمس الأخيرة فقد شهدت نشاطا غير مسبوق في تهريب معادن جبل بوعروس، وكانت البورجوازية المنجمية ببني تجيت قائدة هذا التهريب والمستفيدة الأولى منه، إضافة لأجهزة الدرك وإدارة كاديطاف.
هذه البورجوازية التي هربت خيرات البلدة لسنين وعقود وحرمتها من نصيبها في التنمية من هذه الخيرات، هي اليوم من تتابع شباب البلدة لأنهم عملوا في المناجم أو اشتروا المعادن مدة شهرين أو ثلاث!!! وتلك الأجهزة التي شبعت حتى الثخمة بالأمس من رشاوي حافلات تهريب معادن جبل بوعروس، هي التي تعتقل اليوم و حرر المحاضر المزورة في حق الشباب أبناء الفقراء لتقدمهم أكباش فداء وقرابينا لإسكات الكل وإنجاز التحقيقات ومسح دماء خنجر الفساد في قمصان هؤلاء الشباب، ليبدأ الفاسدون من بورجوازية وأجهزة مخزنية عهدا جديدا من التهريبات بعد تحميلهم بصمات فساد الأمس للضحايا الفقراء القابعين خلف الجدران…
فليقبع الأبرياء في السجن إذن لأنهم استخرجوا بعرق جبينهم من مناجم الموت قنطارا أو قنطارين من معدن الرصاص وباعوها لسد مصاريفهم، وليتمتع بالحرية وبالامتيازات أولئك الفاسدون الذين يهرِّبون الأطنان تلو الأطنان دون توقف في كل شهور السنة، وسنة تلو السنة… هذا هو القانون الذي وُلد أعرجا والأجهزة التي يجب عليها تطبيقه كسرت أقدامه العرجاء ليصير مُقعدا، فأعمت الرشوة عينيه وصار ضريرا يمشي حيث قادته البورجوازية ويضرب حيث تصوِّب بندقيتها.

شارك المقالة

اقرأ أيضا