الرأسمالية تقتل؛ الفتك بالشغيلة من أجل تراكم رأس المال: حصيلة جزئية لشهر سبتمبر 2024 ؛ حياتنا أهم من أرباحهم

بقلم : مرصد حوادث الشغل والأمراض المهنية

أولا: حوادث شغل وقعت خلال شهر سبتمبر 2024، أمكن رصدها على جرائد إلكترونية وصفحات فايسبوك…
25 حادثة شغل، مميتة وخطيرة تمَّ رصدها خلال شهر سبتمبر 2024، أودت بحياة عدد من العمال، وإصابات متفاوتة الخطورة لدى آخرين، وذلك بسبب الاستهتار بشروط الصحة والسلامة المهنية، وظروف العمل القاسية، التي يقبل بها العمال، هربا من البطالة، من أجل تحصيل لقمة عيش لهم ولأسرهم…
– يوم 29 سبتمبر 2024: توفي بشكل مفاجئ صانع تقليدي سبعيني داخل ورشته لصناعة المجادل بتجزئة الأندلس بالنفوذ الترابي لمقاطعة فاس المدينة؛ حيث عُثِر عليه جثة هامدة في ورشة عمله.
– يوم 28 سبتمبر 2024، فارق الحياة عامل منجمي (صانع منجمي) بمستشفى بني تدجيت بعد نقله إليه إثر تعرضه لإصابات خطيرة أثناء العمل بجبل بوظهر قبالة قصر السبائك ببني تدجيت، التابع لـ»المؤسسة المركزية للشراء والتنمية بالمنطقة المنجمية لتافيلالت وفݣيݣ»، المعروفة اختصارا بـ»كاديطاف» (CADITAF). الضحية متزوج، وابنه لم يتجاوز ربيعه الثالث.
– 21 شتنبر 2024: توفي الشاب عبد القادر الديوري بمدينة جرادة إثر اختناقه أثناء عمله في مناجم الفحم (الساندريات)، ويوم 24 سبتمبر 2024: وفاة الشاب مصطفى الذهبي (38 عاماً)، في نفس الظروف ولنفس الأسباب.
– الاثنين 09 شتنبر 2024، فارق الحياة عامل منجمي بالمنجم الواقع بإغرم أوسار، قرب بلدة امريرت، واحد من مجموعة المناجم المسماة: مناجم جبل عوام (نسبة إلى المنطقة التي تتواجد بها)، والتابعة لـ»الشركة المنجمية تويست» (CMT)، بجماعة الحمام، إقليم خنيفرة، وذلك أثناء مزاولته لعمله بقلب بئر منجمي إثر انهيار مفاجئ للتربة. الضحية «أ. ح»، يبلغ من العمر حوالي 49 سنة (من مواليد 1975)، متزوج وأب لأربعة أطفال.
– 08 شتنبر 2024، أربعة أطر من جنسية كندية يعملون بمنجم «بومدين» المعروف محليا بمنجم «بولمعادن» بجماعة تنجداد يعود استغلاله لشركة كندية، وأثناء عودتهم من العمل حوالي الخامسة صباحاً، على متن سيارة رباعية الدفع خاصة بهم، جرفتهم مياه وادي إزلف، ما أودى بحياة إطارين، فيما نجا اثنان منهما من الغرق لتمكنهما من الخروج من الواد سباحة.
– 28 شتنبر 2024: شهدت مدرسة شرقاوة بجماعة جمعة رياح التابعة للمديرية الإقليمية للتعليم ببرشيد حادثة مروعة، نُقل على إثرها أستاذ في حالة غيبوبة إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي ببرشيد إثر اقتحام شخص مجهول الهوية المدرسة واعتدائه بوحشية على الأستاذ بالصفع واستخدام آلة حادة، ما تسبب للضحية في إصابات بليغة في رأسه.
– 13 شتنبر 2024: تعرضت مختصة تربوية بثانوية المستقبل بتاهلة، إقليم تازة، لاعتداء لفظي وجسدي شنيع على مستوى الرأس بمدخل الثانوية من طرف تلميذ يتابع دراسته بنفس الثانوية، نقلت إثره إلى قسم المستعجلات.
– 01 شتنبر 2024: مساءً، فارقت الحياة أستاذة وزوجها وشقيقها غرقاً، أثناء العودة إلى عملها بعد نهاية عطلة الصيف، بعدما حاصرتهم مياه أحد الأودية وجرفتهم بمنطقة تندرارة، إقليم فكيك، وهم على متن سيارة نفعية قادمين من الناظور ومتوجهين نحو تالسينت، التي انتقلت الأستاذة للعمل بها حديثا.
– 26 سبتمبر 2024: مساءً، أصيب سائق حافلة نقل العمومي بوعكة صحية مفاجئة أفقدته القدرة على التحكم في المقود، ما تسبب في اصطدام الحافلة بقوة مع شجرة بطريق الحرارين بمدينة طنجة. اقتضت الحادثة نقل السائق وبعض الركاب إلى المستشفى بمدينة طنجة لتلقي الاسعافات اللازمة.
– 24 سبتمبر 2024: اندلع حريق بقرية الصيد البحري أنتريفت، ملحقا خسائر مادية بمعدات الصيادين، أتى على عدد من براريك البحارة (نحو 12 مستودعا)، تستخدم للإقامة وكذا كمستودعات ومخازن للمعدات البحرية. لم تتم محاصرة الحريق والسيطرة عليه حتى صبيحة اليوم الموالي بعد مجهودات كبيرة لرجال الإطفاء والسلطات المحلية والبحارة. ورغم أن الحادثة لم تخلف أي إصابات بشرية، لكنها كشفت ظروف عمل البحارة الصعبة والمحفوفة بالمخاطر…
– 23 سبتمبر 2024: صباحاً، فارق الحياة غرقا بحار حين كان يزاول عمله في عرض البحر على متن مركب للصيد الساحلي صنف السردين المسمى الرافعي- 3، والمسجل تحت رقم 11-286، بسواحل العيون، حيث يقوم بمهمة قيادة القارب المرافق للمركب (مول الفلوكة)، إثر سقوطه في الماء، حيث غمرت المياه القارب في ظروف غامضة، وفشلت محاولات الطاقم لإنقاذه وانتشاله، ليعلن عن فقدانه، فيما أُنقِذ بحار ثانٍ كان رفقته؛ واِنتُشلت جثة الهالك من طرف مركب صيد آخر بعد عملية بحث وتمشيط قام بها عدد من المراكب. الهالك متزوج، وأب لطفلتين، يقطن قيد حياته بمدينة أكادير، وينحدر من منطقة تمنار، إقليم الصويرة.
– 18 سبتمبر 2024: نجا طاقم مركب الصيد «الركيبات- 3» من الموت غرقا إثر غرق المركب حديث الصنع من مادتي الحديد والفولاذ على بعد نحو 52 ميلا غرب مدينة الداخلة بفضل تدخل المركبين «Bzou» و»حمامة السلام» وإنقاذ طاقمه المكون من 11 بحاراً، حيث تمكن الأول من إنقاذ 4 بحارة، فيما تمكن الثاني من إنقاذ 7 بحارة، تم بعدها إجلاؤهم في ظروف جيدة، لكن حالة الطاقم النفسية كانت سيئة.
– 16 سبتمبر 2024: شب حريق مهول في ورش صناعي مخصص لبناء قوارب الصيد التقليدي من مادة البوليستير، ملحقا أضراراً قوية بمكونات الورش، لم تتم محاصرته إلا بعد جهود كبيرة لمصالح الوقاية المدنية. حادث يكشف حجم المخاطر المحدقة بالعمال بأماكن العمل…
– 11 سبتمبر 2024: توفي بحار حين كان يؤدي عمله في عرض البحر على متن مركب للصيد الساحلي لصيد السردين بالجديدة بعدما جرفته الشباك إلى عمق البحر قرب الجرف الأصفر.
– 08 سبتمبر 2024: هزت حادثة شغل مأساوية ميناء العيون، تعرض خلالها بحار شاب بمركب «خليل الله» صنف السردين بسواحل العيون لبتر يده أثناء رحلة صيد وسط أمواج البحر العاتية، وذلك عندما كان يقوم بمهمة خواتم الشبكة على ظهر المركب «مول الخراس»، ولسبب ما وقعت الحادثة وسقط في البحر مباشرة. تمكن الطاقم من سحبه إلى المركب، وإنقاذه في اللحظات الأخيرة من موت محقق، لكن خلال ذلك تعرضت يده للبتر؛ حادثة تكشف ظروف العمل القاسية، وتسلط الضوء على المخاطر اليومية التي يواجهها الصيادون في أعالي البحار.
– 03 سبتمبر 2024: توفي ربان مركب الصيد الساحلي صنف السردين «إيدوسكا» إثر سكتة قلبية أثناء رحلة صيد بسواحل مدينة الداخلة. الضحية المسمى قيد حياته الحسين الخو، في عقده الخامس، ينحدر من جماعة إمسوان، عمالة أكادير إد وتنان.
– 23 سبتمبر 2024: اندلع بشكل مفاجئ حريق مهول داخل مصنع للزرابي بالحي الصناعي بمدينة الجديدة، وساهمت المواد المتواجدة داخله في انتشاره بشكل كبير، قضى عناصر الوقاية المدنية ساعات طويلة لإخماده مسفرا عن خسائر مادية مهمة. ورغم أن الحريق لم يسفر عن أية إصابات في الأرواح إلا انه كشف ظروف العمل السيئة والمخاطر التي يعمل فيها العاملات والعمال…
– 18 سبتمبر 2024: لقي سائق سيارة إسعاف تابعة لجماعة ايير، إقليم آسفي، مصرعه في حادثة سير مروعة بالطريق الرابطة بين آسفي ومراكش، بالقرب من مركز 44 إثر انقلاب السيارة. الهالك المسمى قيد حياته يوسف النوار ولد العسري، يعمل سائقا للسيارة بالجماعة.
– 12 سبتمبر 2024: أصيب عامل بناء بجروح خطيرة بجسمه ورأسه إثر سقوط قضيب حديدي عليه بورش بناء بمشروع سكني تابع لإحدى الشركات، يقع قرب الطريق الوطنية رقم 2 بجماعة أجدير، ما استدعى نقله إلى المستشفى الإقليمي بأجدير. هذا، وتجدر الإشارة إلى أن هذا «الحادث يأتي بعد أيام قليلة من وفاة عامل بناء إثر سقوطه من بناية تقع داخل ثكنة القوات المساعدة بمدينة امزورن».
– الاثنين 09 سبتمبر 2024: توفي عامل بناء أثناء مزاولته لعمله بعدما سقط من الطابق الرابع لبناية بثكنة القوات المساعدة بامزورن، إقليم الحسيمة. العامل أيصيب بكسور ورضوض في مختلف أنحاء جسمه، بعد ارتطامه بقوة كبيرة على الأرض، تم نقله بعد الحادث على متن سيارة إسعاف إلى المركز الاستشفائي محمد السادس بأجدير، لكن لفظ أنفاسه الأخيرة لحظات بعد وصوله. الهالك ينحدر من إقليم تازة.
– 07 سبتمبر 2024: توفي عامل بناء شاب، وتعرض ثان لإصابات نتيجة سقوطهما من رافعة مسح الزجاج أو يسمى بـ»سرير البناء» من الطابق السادس لعمارة سكنية قرب مصحة أكديتال بحي المطار بمدينة الجديدة.
– 04 سبتمبر 2024: توفي ميكانيكي إثر سقوطه ببئر وسط ضيعة فلاحية بمنطقة أولاد عيسى، إقليم تارودانت. الضحية معروف في المنطقة كميكانيكي، كان متخصصا في صيانة مضخات المياه العائمة، قَصد أحد الآبار من أجل إصلاح مضخة، إلا أنه فقد توازنه وسقط في البئر.
– 02 سبتمبر 2024: توفي عنصران من عناصر من الوقاية المدنية اختناقا داخل مطفية ماء بدوار الزاوية بجماعة أكلو، إقليم تيزنيت، أثناء التدخل من أجل إنقاذ حياة شخصين عالقين بالمطفية؛ الشخص الأول توفي هو الآخر اختناقا، فيما نُقِلَ الشخص الثاني في حالة حرجة إلى المستشفى الإقليمي بتزنيت. الشخصان أحدهما كان بصدد إفراغ المطفية التي بداخل منزله من مخلفات الطين قبل أن يتعرض للاختناق بعد هبوطه إلى المطفية، وهي الحادثة نفسها التي طالت الشخص الثاني، بعد محاولة إنقاذه. أحد عناصر الوقاية المدنية، كان يسمى قيد حياته «الحسين فكراش»، متزوج، وأب لطفلين والثالث قريبا سيرى النور، وينحدر من حي أسركيت بجماعة أورير، عمالة أكادير إدوتنان.
– 01 سبتمبر 2024: وقعت فاجعة أخرى في صفوف عاملات الزراعة وعمالها، حيث تمَّ نقل 10 عمال زراعيين من بينهم سبعة عاملات زراعيات إلى المستشفى الإقليمي بتارودانت، بعد إصابتهم- هن بجروح وإصابات متفاوتة الخطورة في حادثة سير- شغل وقعت قرب فندق الغزالة الذهبية بتارودانت.
– 02 سبتمبر 2024: فارقت الحياة عاملتان من جماعة الركادة- أولاد جرار، إقليم تزنيت، وإصابة عدد من العاملات إصابات متفاوتة الخطورة (جروح، رضوض وكسور، إصابات بليغة)، بعضهن حالتهن خطيرة، تم نقل 11 عاملة نحو مستعجلات المستشفى الاقليمي ببيوكرى، وبعدها نقل 5 عاملات نحو المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير لخطورة إصاباتهن؛ في حين تم نقل جثتي الهالكتين إلى مستودع الأموات بالمستشفى الاقليمي ببيوكرى، وذلك إثر اصطدام قوي بين حافلتين لنقل العمال، إحداهما كانت متوقفة، والثانية قادمة من إقليم تزنيت، تقل عاملات زراعيات نحو ضيعات فلاحية باشتوكة، وذلك على الطريق الوطنية رقم 1 الرابطة بين تزنيت وأكادير بجماعة بلفاع، إقليم اشتوكة أيت باها.

ثانياً: لماذا الموت دائم التربص بالعمال والعاملات بمختلف أماكن العمل؟
25 حادثة وقعت خلال شهر شتنبر 2024 بأماكن العمل، حوادثٌ تركت وراءها أسرًا مكلومة، وبلا معيل، وأيتاما وأرامِلا، وآلاما، وأحزانا عميقة، والتي تمكنا من رصدها، لوصول معظمها أخباراً إلى صفحات الجرائد ووسائل التواصل الاجتماعي. أما عددها الحقيقي فأكبر بذلك بكثير، ويتم إبقاء الجزء الأكبر منها بعيداً عن الإعلام وغير مرئي… إنه جبل الجليد الذي لا يطفو منه سوى جزء صغير.
قد تنقل الجرائد، التي تطرقت لها، سببها المباشر: فقدان التوازن والسقوط، عدم أخذ الحيطة والحذر، الاستهتار بشروط الصحة والسلامة المهنية…، وقد لا تفعل غالبا.
أما السبب الرئيسي لها فيكمن أساسا في:
– غياب شروط السلامة والصحة المهنيتين، وانعدام وسائل الوقاية الجماعية والفردية، وعدم توفير وسائل الانقاذ والإسعافات الأولية؛ إضافة لظروف التشغيل اللَّاإنسانية، الصعبة والمنهِكة…
– تهاون أجهزة الدولة في اتخاذ التدابير اللازمة للحد من هذه المآسي، حيث غياب المراقبة الفعلية في ما يتعلق بتطبيق شروط السلامة والصحة المهنيتين في أماكن العمل (المنصوص على القليل منها في مدونة الشغل، أو التي صدرت بشأنها مراسيم)، وعدم تفعيلها عقوبات على المخالفين، رغم ضعف هذه العقوبات وعدم كافيتها لردعهم؛
– عدم اهتمام منظمات الطبقة العاملة، خاصة منظماتها النقابية، بشروط السلامة والصحة المهنيتين، وصمت قياداتها عما يصيب العاملات والعمال من فواجع في أماكن العمل أو أثناء الذهاب إليه أو العودة منه، عوض حشد التضامن لفرض وقف استمرار هذه الفواجع؛
– قبول العاملات والعمال مرغَمين- ات، من أجل لقمة عيش، العمل في بيئة تنعدم فيها شروط الصحة والسلامة المهنية.
————
هذا الوضع المدمر لصحة العاملات والعمال وسلامتهم- هن وحياتهم- هن لا مخرج منه، إلا بتوحيد الجهود بين المنظمات النقابية والجمعيات والإطارات المناضلة للعمل سويا في مختلف المبادرات النضالية لتنسيق جهودها، وذلك من أجل:
– توعية العاملات والعمال بمخاطر العمل، وبمخاطر ظروف نقلهم- هن، وتنظيمهم- هن ليكونوا في طليعة النضال من أجل ظروف عمل لائقة وآمنة…؛
– دور حقيقي لجهاز تفتيش الشغل بعدد كاف من المفتشين- ات وبصلاحيات كبيرة، قادر على القيام بزيارات دورية منتظمة لأماكن العمل لفرض شروط عمل ملائمة للعمال والعاملات، بدل إبقائه جهازا فارغا بلا دور حقيقي؛
– تطبيق ما جاء في قوانين الشغل ومعاقبة كل من أخل بها حقيقة لا كذبا، وسن عقوبات حقيقية رادعة لأرباب العمل؛
– وقف نقل العاملات والعمال في وسائل نقل غير مخصصة لنقل البشر وغير آمنة…
– لا للموت في أماكن العمل!
– لا للموت في الطريق من أو إلى العمل!
– لا للموت بسبب الأمراض المهنية!
– نريد أن نعيش من عملنا، لا أن نموت بسببه.

شارك المقالة

اقرأ أيضا