مثال عن استغلال شغيلة مناجم المغرب المفرط: منجما الدرع الاصفر بجماعة سعادة وكدية عائشة بجماعة أولاد دليم، عمالة مراكش
بقلم؛ محمد أمين الجباري
نستعرض أدناه تطورات معركة عمال شركة المناولة «طوب فوراج» (Top Forage) العاملة لفائدة فرعين تابعين لمجموعة «مناجم» (MANAGEM)، الأول: «شركة تفنوت تيغانمين (CTT) بمنجم بوازار، إقليم ورزازات، والثاني: «الشركة المنجمية كماسة» Cie minière des Guemassa)) (C.M.G) بمنجمي الدرع الأصفر وكدية عيشة، عمالة مراكش.
انطلقت المعركة منذ منتصف شهر يوليوز 2024، وكان السبب المباشر في انطلاقها: عدم صرف أجور كل عمال الشركة لشهر يونيو 2024، وتعليق الحق في التغطية الصحية منذ فاتح يوليوز 2024، وحرمان أطفالهم من منحتي عاشوراء (ألعاب وهدايا) والتخييم من دون باقي أطفال العمال بالمنجمين.
بعد نضال مرير وطويل النفس، رغم قساوة الطبيعة، وقسوة «الرأسمال»، وضعف التضامن العمالي والشعبي، تمكن العمال من انتزاع أجورهم المتأخرة لشهر يونيو والنصف الأول من شهر يوليوز 2024.
اليوم يناضل العمال، والبالغ عددهم 325 عاملا، بكل من بوازار والدرع الأصفر من أجل التشغيل الفوري مع الشركتين الأصليتين وصرف باقي المستحقات المادية المتأخرة، لا سيما مستحقات الأقدمية.
سبق لنا إجراء استجواب حول ظروف الحياة المهنية بمنجم بوازار، وخاصة بالنسبة للعمال التابعين لشركة «طوب فوراج»، ومدى توفر شروط الصحة والسلامة المهنية، كما تم بعد ذلك إنجاز عدة تقارير.
اليوم نقدم استجوابا بناء على ما تم الحصول عليه من معلومات ومعطيات عن طريق شهادات وأجوبة لعدد من العمال بمنجم الدرع الأصفر وكدية عيشة، سواء لدى «الشركة المنجمية كماسة» أو لدى أحد شركات المناولة لديها، مثل «طوب فوراج»، و»هيدرومين»…
للتذكير، «بلغ رقم معاملات مجموعة «مناجم» للتعدين 4,408 مليار درهم عند متم يونيو 2024، بارتفاع نسبته 5% مقارنة بالفترة ذاتها قبل سنة، وذلك بسبب ارتفاع أسعار بعض المعادن مثل الذهب، الفضة، النحاس والزنك» (مأخوذ من الصفحة الرسمية لجريدة عبّر.كوم aabbir.com الإلكترونية، منشور بتاريخ: 06 غشت 2024).
وعند متم هذا الشهر نفسه لم يتوصل 325 عاملاً منجمياً لدى فرعين من فروعها (254 عاملا بمنجم بوازار و71 عاملا بمنجم الدرع الأصفر) بأجورهم.
لأرباب العمل: أرباح بالملايير؛ للعمال: حرمان من الأجور، ومن الحق في الصحة، وطرد وتشريد بالمئات منهم…
كيف بدأ الاستغلال بمنجمي الدرع الأصفر وكدية عيشة؟ ومن هي الشركة التي تستغله حاليا؟
يقع منجمي الدرع الأصفر وكدية عيشة على بعد حوالي 20 كلم شمال غرب مراكش، الأول بجماعة سعادة، مباشرة على الضفة الشمالية لوادي تانسيفت، ويقع الآخر (قرب تامنصورت) بمحاذاة الأول بجماعة أولاد دليم، مباشرة على الضفة الجنوبية لنفس الوادي؛ وهما منجمان متعددا المعادن (رصاص، زنك، نحاس…)، تربط بينهما طريق متعرجة (لا تحمل اسما) طولها حوالي 7 كلم.
يعود تاريخ منجم الدرع الأصفر إلى عام 1949. ففي هذا العام بدأت به أشغال التنقيب الأولى، حيث عهدت هيئة المسح الجيولوجي المغربية إلى «شركة شمال إفريقيا للتنقيب الجيوفيزيائي» (CPGNA) بدراسة جيوفيزيائية أرضية لمنطقة سيدي مبارك التي تضم منطقة الدرع الأصفر.
وفي عام 1953 قامت شركة «SMZ» (Société des Mines des Zenaga) بتشغيله، وأنتجت 5000 طن من خام الحديد على شكل الهيماتيت مع 51٪ حديد.
وتوالت عدة أعمال للتنقيب عن الكبريت والحديد وتم اكتشاف المعادن الأساسية عام 1962. وفي عام 1984، أبرمت «BRPM» (Bureau de recherches et de participations minières) اتفاقية بحث مع شركتي»SOMIFER» و»REMINEX»، شركتين تابعتين لمجموعة «مناجم» (Managem)، وتُوجت الأعمال المنجزة في هذا السياق باكتشاف المكمن بمنطقة الجبيلات شمال مراكش، والتي تضم العديد من الرواسب والمحافل أهمها: مستودعات الدرع الأصفر وكدية عيشة. إذ يحتوي منجم الدرع الأصفر على احتياطي كبير من الخام متعدد المعادن مع تركيزات اقتصادية من الزنك والنحاس والرصاص، ويمتد على عمق 1.5 كلم وامتداد 1.6 كلم في الشمال والجنوب. ولا يُستبعد اكتشاف مدخرات معدنية أخرى نظراً لمجال المنطقة الجيولوجي المشجع جدّاً.
المنجمان (الدرع الأصفر وكدية عيشة) تستغلهما حاليا «الشركة المنجمية ݣماسة» (CMG)، التابعة لمجموعة «مناجم» (MANAGEM)، ويوجد مقرها بمنجم الدرع الأصفر بجماعة سعادة، عمالة مراكش. وللإشارة شركة «مناجم» (MANAGEM) مملوكة بدورها لشركة المدى القابضة.
بدأ الإنتاج بمجم الدرع الأصفر سنة 2004، فيما انطلق الاستغلال بمنجم كدية عيشة سنة 2006، لكنه توقف ثلاث سنوات من بدايته، ليُستأنف مرة أخرى. وينتج من رواسب هذين المنجمين خاما متعدد المعادن بتركيزات من الزنك والرصاص والنحاس.
مع وصول الاستغلال والعمل بمنجم الدرع الأصفر إلى عمق 1200 متر، فإنه يظل المنجم الأعمق في شمال إفريقيا، وأحد أعمق المناجم في إفريقيا.
تجري منذ منتصف شهر يوليوز 2024 احتجاجات للعمال بمنجم الدرع الأصفر، من هم العمال الذين يخوضون هذه الاحتجاجات؟ وما أسباب ذلك؟
يتعلق النضال الجاري بمنجم الدرع الأصفر بعمال شركة المناولة «طوب فوراج»، (عددهم 71 عاملا، 54 منهم يعملون بمنجم الدرع الأصفر و17 بمنجم كدية عيشة).
منذ فاتح يوليوز 2024، ونظرا لعدم توصلنا بالأجور لشهر يونيو 2024 نهاية الشهر كما المعتاد، توقنا عن العمل يوم 12 يوليوز 2024، كإضراب إنذاري لمدة 24 ساعة من أجل صرف فوري لأجورنا، لكن إدارة الشركة الأصلية بالمنجم تدخلت وطلبت من العمال استئناف العمل بحلول، وأننا لن نضيع في حقوقنا، وأن الشيكات أو «الفاتورات» التي سننال بها أجورنا من «طوب فوراج» توجد بإدارة الشركة الأصلية. ما جعل الإضراب يتم فقط لمدة 8 ساعات، من حوالي الساعة السادسة صباحا حتى الساعة الثانية بعد الظهر، حيث استأنف العمال عملهم. ولكنهم كانوا يكذبون علينا.
دخلنا في إضراب مرة أخرى، يوم 14 يوليوز 2024، ومرة أخرى، وبنفس الطريقة جاءت إدارة الشركة الأصلية وفتحت معنا الحوار، لتؤكد لنا ما سبق أن قالته في الحوار السابق، أن أجورنا وحقوقنا مضمونة لديهم، طالبين منا استئناف العمل والاستمرار فيه. ولكن لم نتوصل رغم ذلك بأجورنا.
يوم 17 يوليوز 2024، دخلنا في إضراب مفتوح مصحوب باعتصام أمام إدارة الشركة الأصلية (CMG) بمنجم الدراع الأصفر خلال النهار طيلة أيام الأسبوع، عدا يوم الأحد.
للإشارة فمقر الشركة الاصلية (CMG) يوجد داخل المنجم بشكل شبه معزول عن محيطه، وكنا نقضي نهارنا خلال الاعتصام بالساحة المتواجدة أمام الإدارة.
وماذا كانت أهم المطالب خلال هذه المعركة؟
رغم أن سبب المعركة المباشر كان هو عدم صرف أجورنا لشهر يونيو 2024، فقد رفعنا خمسة مطالب أساسية:
– الصرف الفوري لأجورنا المتأخرة لشهر يونيو والنصف الأول لشهر يوليوز 2024، والأيام التي تلته، لأنه لم نختر التوقف عن العمل، بل المشغلون من دفعونا قسرا إلى الاضراب والتوقف عن العمل.
– إعادة فتح الحق في التغطية الصحية، الذي تم تعليقه منذ فاتح يوليوز 2024، وذلك بأداء اشتراكاتنا للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
– تمتيع العمال وأطفالهم من منحتي عاشوراء (ألعاب وهدايا…) والتخييم الصيفي (وقد كانت هاتين المنحتين مكسبا لنا ولأطفالنا لعدة سنوات)، لكن تم حرماننا وحرمان أطفالنا من دون باقي العمال وأطفالهم بشركات المناولة الأخرى، وبالشركة الأصلية بالمنجم.
– صرف مستحقات منحة الأقدمية، كنا نطالب بها لعقود لأنه منذ تشغيلنا لا يتم صرفها لكل العمال من طرف شركة «طوب فوراج».
– التشغيل الفوري لكافة العمال بإدماجهم بالشركة الأصلية إسوة بمن أُدمجوا سابقا، وتمتيعهم على قدم المساواة بالحقوق والمكتسبات التي يتمتع بها عمال هذه الأخيرة، وذلك لوضع حد للهشاشة المهنية، وللإقصاء المتكرر من عمليات الإدماج، كحل كفيل بإنصافهم، ووضع حد لمعاناتهم ومعاناة أسرهم…
وماهي المطالب التي تحققت خلال هذه المعركة؟
طيلة هذه المدة، من يوم دخولنا في هذه المعركة لغاية يوم 12 شتنبر 2024، لا يتم التجاوب مع مطالبنا إلا عندما يعزم العمال على الاعتصام أمام باب المنجم الرئيسي.
يتم بعد ذلك عقد اجتماع في إطار لجنة صلح محلية، وقد تم عقد أربعة اجتماعات بدائرة سعادة، تحت إشراف رئيس الدائرة، كان الغرض منها ربح الوقت وإنهاك العمال للتخلص منهم (طرد جماعي دون تبعات)، إذ لم يتم خلالها سوى صرف مبلغين هزيلين من الأجور المتأخرة، الأول بقيمة 1200 درهم، بداية شهر غشت 2024، والثاني بقيمة 1400 درهم، بداية شهر شتنبر 2024.
يوم 12 شتنبر 2024، إثر إصدار المكتب النقابي لبيان يعلن فيه عزمَ العمَّال خوض اعتصامٍ رفقة أطفالهم أمام باب منجم الدرع الأصفر أيام 19 و20 و21 و22 شتنبر 2024، اتصلت بنا إدارة الشركة الأصلية بالمنجم والسلطات بدائرة سعادة للتأكيد على أن قنوات الحوار ما تزال مفتوحة على مستوى دائرة سعادة، وأن اجتماعا سيعقد يوم 19 شتنبر 2024، وستكون فيه حلول، وسينال العمال أجورهم، ومستحقاتهم المادية، وأنه سيتم تشغيل العمال الراغبين في العمل، ومن لم يتم تشغيلهم «سيأخذون حسابهم».
وفعلا عُقد اجتماع يوم 19 شتنبر بالدائرة، حضره ممثلون عن إدارتي الشركتين:»طوب فوراج» و»الشركة المنجمية ݣماسة» (CMG) والمكتب النقابي، تحت إشراف رئيس الدائرة.
اتُفِق خلال هذا الاجتماع على صرف الأجور المتأخرة لشهر يونيو والنصف الأول من شهر يوليوز 2024، إضافة إلى مبلغ 1500 درهم لكل عامل ستتم الاستفادة منه عند التشغيل من جديد أو عندما «سيأخذ العامل حسابه» في حالة عدم تشغيله، وسيتم التفاوض على كيفية التشغيل…
فعلا، صُرِفَت الأجور المتأخرة أواخر شهر شتنبر 2024 بمنجم الدرع الأصفرمن طرف إدارتي الشركتين (المناولة والأصلية)، رغم ما اعترى هذه العملية من نقائص وتعثرات، نطالبُ إلى الآن بتداركها، وذلك تحت إشراف السلطات المحلية بدائرة سعادة؛ مع احتفاظ العمال بحقهم في متابعة شركة المناولة «طوب فوراج» من أجل نيل باقي حقوقهم ومستحقاتهم… ولا يزال النضال متواصلا من أجل انتزاع باقي المطالب.
ما هو عدد العمال عند «طوب فوراج»؟ وهل معظمهم شباب؟ وهل ينحدرون من المنطقة أو من مناطق بعيدة؟ وما نوع الأشغال التي يقوم بها عمال «طوب فوراج»؟
عددهم، كما أشرنا سابقا 71، منهم 54 يعملون بمنجم الدرع الأصفر و17 يعملون بمنجم كدية عيشة. تتراوح أعمار العمال بين 30 و45، ما عدا القليل منهم تتراوح أعمارهم بين 50 و54، وعدد منهم ينحدرون من نفس المنطقة المجاورة لمكان تواجد المنجم، فيما عدد آخر من مناطق أخرى بالمغرب (ورزازات، آسفي…)، ويعملون أساسا على حفر الأنفاق بالمتفجرات.
منذ متى وهذه الشركة مشتغلة بمنجمي الدرع الأصفر وكدية عيشة؟ وما هي شركات المناولة الأخرى بالمنجمين؟ وبكم يقدر عدد باقي العمال معكم؟
كما أسلفنا سابقا، بدأت «الشركة المنجمية ݣماسة»(CMG) بوصفها الشركة الأصلية، وفرعا لشركة «مناجم» في استغلال منجم الدرع الأصفر منذ سنة 2004، ومنجم كدية عيشة منذ 2006، مع توقف بهذا الأخير لمدة ثلاث سنوات بعد ثلاث سنوات من استغلاله، ليُستأنف مرة أخرى.
بدأت شركة «طوب فوراج» كشركة مناولة الاشتغال بالمنجمين منذ 2006. توجد العديد من شركات المناولة الأخرى لدى الشركة الأصلية (CMG)، مثل «هدرومين» و»كوفازين» و»موبيطا»؛ وشركة «تيكسيبل» وهي فرع من مجموعة «مناجم». أما عدد العمال الإجمالي بالمنجمين فيقدر حاليا بحوالي 600 عامل وعاملة.
ما نوع عقود الشغل بالنسبة للعمال التابعين لشركة «طوب فوراج»؟
بالنسبة لعمال شركة «طوب فوراج» عقود العمل غير محددة المدة؛ وقعنا عقد العمل مرة واحدة عند التحاقنا بالعمل. لكن للأسف لا يتم صرف مستحقات الأقدمية للعمال رغم عملنا لمدة تزيد عن عشرين سنة. وهناك من تقاعد ولم يستفد منها. وطبعا بالنسبة لعمال الشركة الأصلية (CMG) وعاملاتها فهم يعتبرون عمالاً مرسمين.
ما هو نظام العمل بالمنجم: توقيت العمل ومدته؟ وهل هناك تناوب افواج؟
بالنسبة لتوقيت العمل يتم على مدار اليوم، أي 24/24 ساعة في اليوم. تشتغل خلالها ثلاثة مجموعات، كل مجموعة تعمل داخل المنجم 8 ساعات في اليوم؛ دون احتساب مدة التنقل من مكان العمل بالمنجم إلى ساحة المنجم حيث يتم نقل العمال من وإلى العمل في وسائل النقل التابعة للشركة (حافلات وحافلات صغيرة)، وهذه المدة تتراوح ما بين ساعة إلى ساعتين أو أكثر.
تعمل المجموعة الأولى من الساعة السادسة صباحا إلى الساعة الثانية بعد الزوال. والمجموعة الثانية من الساعة الثانية بعد الزوال إلى العاشرة ليلاً. والمجموعة الثالثة تعمل من الساعة العاشرة ليلاً إلى الساعة السادسة صباحا لليوم الموالي. وهكذا دواليك، حيث يكون هناك دوران هذه المجموعات من أسبوع لأسبوع.
كم تبلغ أجور العمال؟ (ما الدخل الشهري المتوسط للعامل؟) وكيف تحدد؟
بالنسبة لعامل غير مؤهل، يمكن تشغيله في مختلف الأشغال والمهام التي لا تتطلب تأهيلا ولا تدريبا، متوسط الأجر، حوالي 4500 درهم إلى 5000 درهم.
هل هناك تعويض عن العمل الليلي، وكيف يُحتسَب التعويض عنه؟ وهل هناك ساعات عمل إضافية؟ وكيف يتم احتساب التعويض عنها؟
هناك عمل ليلي، لأن المنجم يعمل على مدار اليوم. ولكن فقط بالنسبة للمجموعة الثالثة، أي المجموعة التي تعمل من الساعة العاشرة ليلا إلى الساعة السادسة صباحا لليوم الموالي، تضاف لهم ساعة في احتساب عدد ساعات العمل.
فعليا، هناك ساعات عمل إضافية، إذ أحيانا يكون عدد من العمال مضطرين أو مطالَبين بإنهاء عمل ما خلال مدة معينة، أو لا يمكن وقف العمل الجاري لطبيعته إلى غير ذلك من الأسباب. وقد يكون عدد الساعات الإضافية 3 ساعات إلى 5 ساعات.
ولكن يتم لا حقا منحها للعامل كيوم راحة مقابل احتسابها له يوم عمل. وهكذا يعتبر دائما يوم العمل على الأوراق هو يوم عمل من 8 ساعات.
هل يستفيد العمال لدى شركة المناولة «طوب فوراج» من منحة الاقدمية؟ وبكم تقدر أقدمية العمال مع الشركة؟
بالنسبة لمنحة الأقدمية لم يتم بعد صرفها للعمال، ولا تزال الشركة تدين لنا بها، ونطالب بها إلى اليوم، وهي من الأسباب التي دفعت شركة «طوب فوراج» إلى الوصول معنا إلى هذا «النزاع» وسلك مسطرة التصفية كي تلقي بنا إلى الشارع، بدون إعطائنا مستحقاتنا المادية التي تدين لنا بها؛ لأن العمال أصروا على ضرورة توصلهم بها، ووعدتنا أنه سنة 2024 سيتم ذلك.
قام المكتب النقابي المحلي لشركة طوب فوراج بمراسلة إدارة الشركة في شهر دجنبر 2023، قصد صرف مستحقات الاقدمية للعمال التي لم يتمتعوها منذ بداية العمل لعقود. هناك من تدين له الشركة بـ 5% و10% و15% و20% وحتى 25%. وأقدمية العمال مع الشركة تتراوح بين 20 سنة و12 سنة كأقل مدة.
لذلك خططت إدارة الشركة للتصفية، ولم تعد تؤدي اشتراكاتها للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إلى أصبحت مدينة له بحوالي 6 مليارات ونصف المليار سنتيم.
وعوض أن يتم صرف مستحقات الأقدمية، جرت محاولة سرقتها أجورنا لشهر يونيو والنصف الأول من شهر يوليوز 2024، وعدم آداء مستحقات الضمان الاجتماعي، ما تسبب في تعليق الحق في التغطية الصحية منذ فاتح يوليوز 2024 في وجه العمال وأسرهم. وكل هذا على مرآى ومسمع من السلطة…
لم نتوصل بأجورنا المتأخرة إلا نهاية شهر شتنبر 2024، وذلك بعد إضراب عن العمل منذ منتصف يوليوز 2024، مصحوب باعتصامات ومسيرات…
ولو تم القيام بعملية حسابية لمبلغ المستحقات المادية للأقدمية المسروقة من العمال التابعين للشركة، والبالغ عددهم 325 عاملا (254 عاملا بمنجم بوزار، إقليم ورززات، و71 عاملا بمنجمي الدرع الأصفر وكدية عيشة، عمالة مراكش)، والعمال الذين اشتغلوا قبلنا لديها، إذ هناك من غادرها بعد سنوات من العمل، وهناك من العمال من تقاعد، ومنهم من قضى نحبه، ولم يستفد منها، لكانت بملايير السنتيمات.
هل هناك وسيلة نقل للعمال؟ وهل توفرها الشركة أم لا؟ وكيف هو النقل في هذه الوسائل؟
النقل متوفر لكل العمال بالمنجم من طرف الشركة الأصلية المستغلة للمنجم: «الشركة المنجمية ݣماسة» عبر شركة المناولة لديها: «هيدرومين». هناك حافلات وحافلات صغيرة تنقل العمال ذهابا وإيابا من مقر سكناهم إلى مقر العمل ومن مقر العمل مقر سكناهم.
– هل هناك سكن للعمال توفره لهم الشركة؟ وما هي المكاسب والمنافع الاخرى التي يستفيد منها العمال وأسرهم؟ وهل هي موحدة بين كل العمال خاصة عمال شركة المناولة («طوب فوراج» مثلا) مقارنة بعمال الشركة الأصلية «مناجم» بالمنجمين؟
بالنسبة لهذه النقطة سنتكلم أساسا عن عمال شركة المناولة «طوب فوراج» مقارنة بعمال «الشركة المنجمية ݣماسة» بوصفها الشركة الأصلية. لا توفر الشركة السكن للعمال، حيث يلجؤون للكراء، وكل ما تقدمه لنا هو تعويض عن السكن.
بالنسبة لعمال شركة المناولة «طوب فوراج»:
– تعويض عن السكن، قدره: 750 درهم. وهذا مبلغ هزيل لا يمكِّن من توفير سكن لائق للعامل وأسرته، وما يزيد الطين بلة أن الأجر هو الآخر هزيل، فيما «السومة الكرائية» بالمنطقة مرتفعة، خاصة خلال السنوات الأخيرة، وأصبح امتلاك العامل لسكن أمرا بعيد المنال، بسبب ارتفاع أسعار العقار.
– الزيادة في الأجور، عندنا أقصاها 70 سنتيما؛
– منحة عيد الأضحى: 1200 درهم.
– منحة عاشوراء (ألعاب وهدايا لأطفال العمال).
– منحة التخييم الصيفي: من 2000 درهم إلى 2500 درهم (لكل فرد في المخيم).
لكن للأسف تم إقصاؤنا من منحتي عاشوراء والتخييم هذا الموسم من دون باقي العمال بالمنجم، علما أن من يمنحهما لكل العمال هي الشركة الأصلية.
– الصابون: علبة واحدة (لكل عامل في كل شهر).
– قرعة الحج: مستفيد واحد كل عام.
– «بريم رأس السنة» ويقال له أيضا «بريم الطوناج»، كما يسمى «بريم اكسيبسيونال»: محدد في 650 درهم مرة في السنة، تمنح عمليا بغض النظر عن حجم الإنتاج، بخلاف نفس المنحة عند المرسمين عند CMG، التي ترتبط بالإنتاج
– كما هناك منح أخرى، عبارة عن تحفيزات، بالنسبة لعامل غير مؤهل، هناك حوالي 500 درهم إلى 600 درهم شهريا. وبالنسبة لعامل مختص (يشتغل مثلا على آلة أو يعمل بالمتفجرات)، تكون له منحة قد تصل إلى 1200 درهم شهرياً.
للإشارة، كل هذه النقط يتم تحديدها في بروتكول سنوي نعقده مع الإدارة كل عام.
أما بالنسبة لعمال «الشركة المنجمية ݣماسة» بوصفها الشركة الأصلية بالمنجم، فهناك:
– تعويض عن السكن، قدره 1500 درهم.
– الزيادة في الأجور، تصل حتى 3 دراهم ونصف الدرهم.
– منحة عيد الأضحى: 2300 درهم.
– منحة عاشوراء (ألعاب وهدايا لأطفال العمال).
– منحة التخييم الصيفي: 5000 درهم (لكل فرد في المخيم).
– الصابون علبتان (لكل عامل في كل شهر).
– قرعة الحج: مستفيدان اكل عام.
– «بريم رأس السنة»: غير محدد، يبدأ من 2000 درهم كأدنى مبلغ، وقد يصل إلى 5000 درهم.
وقد تكون لهم منح وتعويضات أخرى غير التي ذكرنا هنا. كما تُحتسب لهم الأقدمية في الأجور عكس عمال المناولة.
رغم التشابه في عدد من المكتسبات والمنح بالنسبة للعاملين لدى الشركتين، لكن هناك فارق مهم، وهو الاختلاف في مبلغ المكتسبات، فهو لدى العمال بالشركة الأصلية ضِعْفُ مبلغها لدى عمال شركة المناولة «طوب فوراج».
منحة الحج هذه التي ذكرت هل تقدم من طرف شركة المناولة «طوب فوراج»؟ أم من طرف الشركة الأصلية بالمنجم؟ ومنذ متى تعطى منح الحج هاته؟ والمقاييس التي تستعمل للاستفادة منها؟
تقدم منحة الحج لعمال شركة «طوب فوراج» من طرف «طوب فوراج»، ولعمال الشركة الأصلية أو الشركة الأم من طرف هذه الأخيرة. كل منهما تنظم القرعة لعمالها. وقد دخلت هذه العملية في البروتوكول منذ 2011.
بالنسبة لـ»طوب فوراج»، استفاد منها إلى الآن: 9 عمال. اثنان «أخذا حسابهما» عنها: 5 ملايين سنتيم لكل واحد منهما، فيما بقيت استفادة 7 منهم إلى الآن معلَّقة، وهي من ضمن مطالبنا إلى اليوم.
هل العمال مسجلون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؟ وهل يصرح المشغل بالعدد الحقيقي لأيام العمل؟ وهل الأجر المؤدى للعامل فعليا مطابق لما هو مصرح به لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؟
– نعم، بالنسبة لعمال شركة المناولة «طوب فوراج» مسجلون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتصريح بالأجور، وعدد الأيام فهو صحيح.
هل هناك تأمين عن حوادث الشغل والامراض المهنية؟ هل للعمال علم عن شركة التأمين المؤمن لديها لفائدة العمال؟
نعم، بالنسبة لعمال شركة «طوب فوراج»، هناك تأمين من طرف الشركة لفائدة العمال عن حوادث الشغل والأمراض المهنية.
نكون على علم بشركة التأمين المؤمن لديها. مثلا خلال سنوات 2020 و2021 و2022 و2023 هناك تأمين لدى «أطلنطا سند». ونتوصل بذلك بداية كل عام.
لكن سنة 2024 لم تؤمن هذه الشركة على عمالها. وهذا يكشف أيضا نيتها وخطتها منذ البداية في التخطيط لعدم مواصلة العمل وطرد العمال جماعيا دون تبعات أو تكاليف…، أو كما يقال بالدارجة «امعوَّلة على اخزيت»…
وكان فيه الأجل (أي التأمين) هو 29 يوليوز 2024، وهو التاريخ نفسه الذي قامت فيه الشركة الأصلية بفسخ العقدة معها (حسب ما تم التصريح به في اجتماعات لجنة الصلح المحلية بدائرة سعادة، ولكن لا شيء يثبت ذلك)، وكانت هذه الأخيرة قد قررت ذلك قبل هذا التاريخ بمدة غير يسيرة، ولم نعلم بذلك كمكتب نقابي إلا خلال اجتماعات لجنة الصلح المحلية أواخر شهر يوليوز 2024 بدائرة سعادة، وذلك بعد دخولنا في إضراب واعتصام يوميا أمام إدارة الشركة الأصلية بمنجم الدرع الأصفر بجماعة سعادة، عمالة مراكش، ابتداءً من 17 يوليوز 2024.
بعد هذا التاريخ، 29 يوليوز 2024، لم يعد للعمال التابعين لشركة «طوب فوراج» تأمين. وهو التاريخ نفسه الذي قررت فيه إدارة الشركة الأصلية منعنا من النزول إلى الغار بالمنجم؛ لأنه لم يعد لدينا تأمين.
يكشف هذا أيضا، إلى جانب أمور أخرى، أن إدارة الشركة الأصلية كانت على علم بخطة شركة المناولة لديها، وأن ما جرى لنا كان مرتبا له بينهما وفق ما يخدم مصالحهما على حساب قوت وعرق العمال وحقوقهم.
ما هي أهم مُعدات وأدوات العمل بالنسبة لكم؟ ومن يوفرها؟ هل «طوب فوراج» أم الشركة الأم؟
هناك العديد من المعدات والأدوات التي يتم استخدامها، وفق طبيعة العمل ومكانه بالمنجم، ومهمة العامل. ومعدات وأدوات العمل هاته توجد لدى شركة «طوب فوراج» ولدى الشركة الأم، نشتغل بها جميعاً.
تحدثوا لنا عن ظروف العمل، وما هي المخاطر المهنية التي تهدد العمال؟ هل سبق أو وقعت حوادث شغل، لا سيما المميتة؟ وما هي الأمراض المهنية التي تتهدد العمال؟ وهل ظهرت حالات لأمراض مهنية؟ ما هي؟ هل هناك توفير لشروط الصحة والسلامة المهنية؟
المخاطر المحدقة بالعمال كثيرة ومتعددة، نذكر منها، خطر التكهرب والصعقة الكهربائية؛ آلات ضغط الهواء، لأن فيها ضغطا يصل إلى «7 بار»؛ والعمال أثناء العمل مضطرون للمجازفة بحياتهم، وهم يحملون في أيديهم المتفجرات، ويمرون قرب حبال الكهرباء؛ أثناء العمل كمية الأكسجين قليلة جدا، وهناك الرطوبة، والأغبرة السامة والخانقة الناتجة عن الأشغال، وهناك أبخرة المتفجرات، وزيوت المحركات، ودخان عوادمها لاشتغالها بالمحروقات، ولتهالك هذه المحركات وتآكلها، وتأكل الآلات ككل وتقادمها، وكذلك الروائح الكريهة الصادرة عن المعادن وعن والمتفجرات تملأ كل المكان؛ والحرارة جد مرتفعة تتعدى 50 درجة أحيانا…
يسبب كل هذا للعمال حوادثا عديدة خطيرة أو مميتة، وأمراضا خطيرة، كالإجهاد الحراري والسرطانات المهنية…
دائما بالنسبة للمخاطر المهنية، المعدن الذي يتم إنتاجه هو على شكل مسحوق جاف (غبار دقيق) وعند استنشاقه يصيب الجهاز التنفسي، وخاصة الرئتين. لذا تُصاب أغلبية العمال بمرض الجهاز التنفسي، تصبح لديهم صعوبات في التنفس، وضيق في الرئتين…
الحوادث كثيرة، وفيها العديد من الحوادث المميتة، وأغلب الضحايا هم من العمال؛ وهناك من توفي بـ»شيت دو بلوك» (chute de bloc)، أو بسبب انهيارات غير متوقعة للردم والأتربة والأنقاض والصخور، خاصة خلال عمليات الحفر، أو بسبب «اسُّو نيفو»(sous niveau)، حيث يسقط فيها العمال بالماكينات ويتوفون، أو بسبب الصعقة الكهربائية، كثيرة هي الحوادث، نعيش معها صباح مساء، كما مع الماء والخبز…
وآخر حادثة نتذكرها، كانت في شهر يناير 2021، كان ضحيتها عامل يعمل بالشركة الأصلية، وإلى الآن يعاني بسببها من عاهة مستديمة.
بعدها بحوالي ثلاثة أشهر، خلال شهر مارس 2021، وقعت حادثة شغل أخرى، كان ضحيتها عامل مناول تابع لشركة «طوب فوراج»، مهمته «شاف دي إكيب»، إثر سقوط صخرة من علٍ على رأسه، ما تسبب له في إصابات بليغة، تطلبت خياطة فروة رأسه (أكثر من 10 «غرزات»).
أما بالنسبة للأمراض المهنية، للأسف يصاب بها كثير من العمال. نذكر منها: السيليكوز؛ السياتيك، وتآكل فقرات الظهر؛ وفقدان السمع؛ الروماتيزم، منجم الدرع الأصفر درجة الحرارة به مرتفعة، وبسبب خروج العمال من وسط ساخن إلى وسط بارد يتسبب لهم في الروماتيزم…
وفي هذا الصدد، آخر حالة إصابة بمرض مهني عايشناها، هي حالة عامل لدى الشركة الأصلية «الشركة المنجمية ݣماسة» (CMG)- فرع «مناجم»، مهمته «شاف دي إكيب» (chef d’équipe)، يوم تقاعده وجد أن نَفَسَهُ «السوفل» (soufle) متدنٍّ، وأن متسع رئتيه هو فقط 15%، أي أنه فَقَدَ منها 85%، لذا إذا تمشى قليلا يشعر بالإغماء، تنفسه ثقيل، يصعب عليه حمل شيء «ثقيل».
مثل هذا المرض المهني الذي يصيب الجهاز التنفسي، هو المرض المهني الأكثر انتشاراً في صفوف العمال، وذلك بسبب المواد المعدنية المتواجدة بهذا المنجم وطريقة استخراجها والظروف التي يتم فيها العمل…
الأعمال مرهقة للغاية، حيث عدد غير قليل منا يشتغل في باطن الأرض على عمق قد يصل 1200 متر، وهو جانب فقط من ظروف حياتنا المهنية اليومية، في حاجة لأن نقول بأن شروط الصحة والسلامة المهنية منعدمة؛ فلا توجد احتياطات لوقاية العمال، المهم بالنسبة للباطرونا هو الإنتاج.
أولئك الذين صورا جهنَّم كعالم سفلي مظلم خانق مليء بوحوش مرعبة وأصوات مخيفة لم يبتعدوا كثيرا في خيالهم عن الواقع؛ العمل في أعماق منجم الدرع الأصفر شبيه بهذا العالم، تظهر لك فيه الجرافات الصفراء وهديرها، وكل الأشياء المتحركة، وحوش صفراء وأشباح كريهة ساعية لكتم أنفاسك…
إن عبارة «الداخل مفقود والخارج مولود» تأخذ هنا كامل معناها، يعيشها العمال على مدار اليوم بالمنجم، عند كل دخول إليه وخروج منه.
ولكن للأسف هناك صمت رهيب حول انعدام شروط الصحة والسلامة المهنية وعدم الاهتمام بهذا الجانب وإثارته…
هل لدى النقابة توثيق حول المخاطر وهل تقوم بتوعية العمال بها؟ وهل تقوم جهة أخرى أيضا بذلك (مصلحة بالشركة مثلا)؟
تقوم الشركة الأم بتوعية العمال وتوفر لهم حصص من طرف مندوب السلامة.
هل لديكم كنقابة لائحة بأسماء ضحايا الحوادث وظروف الوفاة والإصابات؟ وهل يتم تعويض الضحايا أو ذويهم كما ينبغي أم يتم الضغط على الضحايا كي يتنازلوا عن المتابعة لنيل حقوقهم؟
لا ليس لدى النقابة لائحة بأسماء الضحايا، ولكن يتم تعويض أسرهم من طرف التأمين، وكذلك الشركة الأم تقوم بصرف مبالغ شهرية إلى ذويهم.
هل لديكم كنقابة لائحة بأسماء ضحايا أمراض مهنية وظروف الوفاة والإصابات؟ وهل يتم تعويض الضحايا أو ذويهم كما ينبغي أم يتم الضغط على الضحايا كي يتنازلوا عن المتابعة لنيل حقوقهم؟
لا ليس لدى النقابة لائحة بأسماء الضحايا، كما في حالة الحوادث، يتم التعويض من طرف التأمين المهني.
هل توجد مصلحة طبية للشغل؟ هل بها طبيب مداوم؟ وهل بها موظفون آخرون إلى جانب الطبيب؟ هل هي مجهزة؟ كيف يقَيِّم (يرى) العمال خدماتها؟ وهل هناك سيارة إسعاف خاصة بالعمال؟ أم عند الحاجة لها يتم استعارة إسعاف الوقاية أو الجماعة…؟
توجد مصحة داخل المنجم. بها تجهيزات للإسعافات الأولية، هناك الأوكسيجين، وأدوية. يعمل بها طبيب رئيسي واحد، وثلاثة ممرضين. يعملون بها بالتناوب، كل ممرض مع كل مجموعة من المجموعات الثلاث من العمال لضمان عمل المصحة أيضا على مدار اليوم. أما الطبيب فيكون حاضرا فقط خلال الصباح، حيث يقوم بالفحص، أو تلقي الشهادات الطبية المقدمة من طرف العمال…
في حالة كانت هناك إصابات بسيطة وجروح خفيفة أو سقوط دون أن ينتج عنه إصابات خطيرة، مثل هذه الحالات تتم معالجتها بالمنجم.
أما إذا كانت حالة الضحية صعبة أو مستعصية ومستعجلة، ويصعب عليهم المجازفة بمعالجتها، يتم نقلها إلى مصحة النرجس بمراكش.
وأما بالنسبة لسيارات الإسعاف فهناك ثلاثة سيارات إسعاف خاصة بالمنجم.
الخدمات الصحية المقدمة للعمال بالمنجم تبقى غير كافية بالنظر لعدد العمال، وحالات الإصابة، ومهمات التتبع والفحص المبكر لاتخاذ إجراءات وقائية لتفادي إصابة العمال بأمراض مهنية ومزمنة…
هل العمال مطلعون على قانون المنجمي (ظهير 24 ديسمبر 1960)؟
فقط بعض العمال الذين لهم مستوى تعليمي ولهم قدر من الوعي والاهتمام من يعرفون بوجود هذا القانون. مثلا فقط ثلاثة أعضاء من المكتب النقابي لشركة «طوب فوراج» من يعرفون به، وبعض أعضاء المكتب النقابي لعمال الشركة الأصلية بالمنجم ومناديبهم من يعرفون به. أما بالنسبة لباقي العمال فقليل جدا عدد من يعرف بهذا القانون ويهتم بهذه الأمور، فظروفه هي أنه يبحث عن لقمة عيشه فقط، همه تأمين السكن والمأكل والمشرب والتعليم لأسرته، ولا يهتم بقوانين الشغل، إلى أن تستجد مثل هذه «النزاعات»، ويضطر العمال إلى الدخول في إضرابات واعتصامات، حينها يبحثون من أجل معرفة حقوقهم التي في قوانين الشغل… ليجد العامل نفسه أنه كان جاهلا بكل ذلك.
هل يقوم المهندسون بالمنجم بدورهم في توعية العمال وإرشادهم حول مخاطر العمل المناجم؟
أُطر هذه الشركة من مهندسين وغيرهم لا يقومون بدورهم في توعية العمال وإرشادهم. هَمُّهم ودورهم هو الإنتاج، لا همَّ لهم بالمخاطر المحدقة بصحة العمال وسلامتهم وحياتهم.
إذ عندما تتم مناقشتهم في هذه المخاطر بمكان العمل، مثل حبال التيار الكهربائي عندما تكون مكشوفة قريبة من الماء أو يمكن أن تسبب صعقة للعمال أو حول كثرة الغبار وغياب التهوية، وارتفاع مستوى الرطوبة ودرجة الحرارة، يتم تهميش العامل المشتكي أو قمعه وتهديده بالحرمان من منحة التحفيز، التي مبلغها حوالي 1000 درهم، أو توقيفه لمدة ثلاثة أيام مثلا (ميز أبْيِّ)، ولأن العمال أجورهم بخسة، غالبا ما يتفادون الشكوى من مخاطر ظروف العمل. باختصار هناك جو من التهميش والقمع والترهيب…
هل لديكم مناديب الأجراء؟ هل توفر لهم الادارة مستلزمات القيام بدورهم: مقر، سبورة، سجل شكايات العمال؟ هل يقومون بدورهم؟
نعم هناك مناديب الأجراء (إثنان بالنسبة لعمال شركة طوب فوراج)، لهم مقر خاص بهم بالمنجم، يقومون بعدد من مهامهم، ولكن المشكل أن أغلب العمال أميون، لا يعرفون لا القراءة ولا الكتابة، مما يجعل عمل المناديب لفائدة العمال في ما يخص الجانب التوعوي حول حقوقهم بلا جدوى تقريبا.
هل سبق لمفتش الشغل التابع لوزارة الطاقة والمعادن أن زار المنجم؟ وبماذا يقوم خلال هذه الزيارة؟ وهل سبق لمكتب نقابة عمال «طوب فوراج» مراسلته أو زيارته لأمر ما؟ أو قام أحد مناديب العمال بذلك؟
لا لم يسبق لنا رؤيته داخل المنجم.
هل سبق لمفتش الشغل التابع لوزارة التشغيل أن زار المنجم؟ وبماذا يقوم خلال هذه الزيارة؟ وهل أنتم كمكتب نقابي لعمال «طوب فوراج» سبق لكم مراسلته أو زيارته لأمر ما؟ أو قام أحد مناديب العمال بذلك؟
آخر مرة زرنا فيها مفتش الشغل التابع لوزارة التشغيل كان في شهر مارس 2024 من أجل تسويات حساب بعض العمال.
متى تأسس المكتب النقابي لعمال طوب فوراج؟ وهل هناك مكاتب نقابية أخرى بنفس الشركة؟ هل عمال الشركات الأخرى بالمنجمين لهم مكاتبهم النقابية؟ بنفس النقابة التي أنتم فيها؟ أم بنقابات أخرى؟
في البداية قمنا كعمال بشركة «طوب فوراج» بتأسيس مكتب نقابي تحت لواء الكونفدرالية الديموقراطية للشغل، ولكن ما أن علمت إدارة الشركة بذلك (قام بعض العمال بإخبارها بذلك) أقدمت على توقيف أعضاء المكتب النقابي، و»أعطتهم حسابهم»، ثم طردتهم.
وبعدها «فرضت» علينا شركة «مناجم» (MANAGEM) الانخراط في الاتحاد المغربي للشغل، وتشكيل مكتب نقابي تحت لواء هذه الأخيرة. وذلك ما كان فعلا. وتم تأسيس مكتب نقابي سنة 2013 بشركة «طوب فوراج»، وكذلك بـ»الشركة المنجمية ݣماسة» (CMG)- فرع «مناجم» (MANAGEM). ومن يومها فقط الاتحاد المغربي للشغل من يتواجد كنقابة بالمنجم.
اليوم، الشركات التي بها مكاتب نقابية، وهي مكاتب منضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، هي: شركة «طوب فوراج»، والشركة الأصلية بالمنجم «شركة مناجم ݣماسة»، وشركة «كيكسيب»، فرع آخَر لـ»مناجم». أمَّا بالنسبة لباقي شركات المناولة بالمنجم، مثل: «هيدرومين»، و»كوفازين»، و»موبيطا»فلا نقابات فيها.
ما هو الملف المطلبي لعمال «طوب فوراج»؟
كما تمت الإشارة إلى ذلك سابقا، الملف المطلبي يتم صياغته كل سنة، يتضمن أساسا: الزيادة في الأجور، تسوية مستحقات الأقدمية، الزيادة في السومة الكرائية، ومنحة أضحية العيد، ومنحة التخييم، ومنحة عاشوراء، ومنحة الحج وعدد الحجاج، مدة العطلة السنوية (زيادة نصف يوم عن كل سنة عمل كما تنص على ذلك مقتضيات قانون الشغل) …
إضافة إلى المطالبة الدائمة بتحسين ظروف العمل بتوفير شروط الصحة والسلامة المهنية وتوفير نقل آمن ولائق؛ وهذا المطلب نتقاسمه مع باقي العمال بالمنجم.
ماهي الجهات التي تضامنت مع العمال في نضالهم الجاري؟
هناك أولا الجامعة الوطنية لأطر وعمال المناجم المنضوية تحت لواء التحاد المغربي للشغل بإصدارها بيانا تضامنيا، خلال الشهر الأول لانطلاق المعركة، يندد بما نتعرض إليه، وعزمها اتخاذ خطوات نضالية من أجل نيل حقوقنا، لكن للأسف، إلى الآن ليس هناك تضامن فعلي يذهب إلى ما وراء الكلمات في هذا البيان؛ كما هناك عدة جرائد، وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تتابع النضالات، وجمعيات… تتعاون معنا وتوصل معركتنا للرأي العام المحلي والوطني والدولي. وفي الأيام الأخيرة تواصلت معنا جمعية «أطاك- المغرب»، ويرجع لها الفضل في تنظيم لقاء لعمال شركة «طوب فوراج» ببوازار والدرع الأصفر مع إطارات نقابية وجمعيات بدول أوربية للتعريف بأسباب المعركة وبحث سبل التضامن. ونشير إلى أن عددا من هذه الإطارات أصدرت بيانات تضامن، كما تضامنت مع العمال ماديا بإرسالها لنا مبلغا ماليا.
ولكن للأسف لم يكن هناك أي تضامن فعلي ومادي معنا سواء من طرف باقي العمال بالمنجم، أو من طرف عمال وشغيلة باقي القطاعات بعمالة مراكش والجهة ككل.
الملاحَظ أن الاتحاد المغربي للشغل لم يقم بأي مبادرة تضامن معنا، بل «تخلى» عن المعركة رغم علمه بها والاتصال به عدة مرات، وحضور الكاتب الجهوي في الاجتماع الأول للجنة الصلح المحلية بدائرة سعادة. ثم حضوره في اجتماع ثان خلال شهر شتنبر 2024. وهو ما دفع العمال إلى الشعور بـ»تخلي» نقابتهم عنهم وغذى هذه الفكرة لديهم…
كيف هو الاشتغال العادي للنقابة قبل نشوب «النزاع» الحالي؟ هل هناك جموع عامة منتظمة للعمال؟ أو هناك اجتماعات المكتب فقط؟ وهل هي منتظمة؟ وهل هناك تكوين نقابي؟ لأعضاء المكتب وللعمال؟
دائما بالنسبة لعمال شركة «طوب فوراج» ومكتبهم النقابي، العمل النقابي في الظروف العادية كان يسير بشكل عادي كأي عمل في شركة عادية. وكانت العلاقة مع أجهزة النقابة «طبيعية».
كنا نعقد كل شهر تقريبا جمعا عاما، يناقش فيه العمال معاناتهم، ومطالبهم، ونتدارس فيه المشاكل التي لدى العمال، ونقوم على إثرها بإصدار بياناتنا، ومراسلة إدارة الشركة التي نشتغل معها، وشركة «مناجم».
يتم التفاوض حول هذه المطالب، وتتوج بمخرجات نجد بها حلولا للمشاكل المطروحة، وتسير مرة أخرى الأمور بشكل عادي.
لكن منذ بداية شهر يونيو 2024، ونظرا لإلحاحنا على تسوية مستحقات الأقدمية، ومطالب أخرى، كمشكل الحجاج، حيث لدينا 7 حجاج لم تعط لهم منحتهم، وهناك المطالب الأخرى التي يتضمنها الملف المطلبي كل عام، أصبحت هناك مشاكل مع الشركة، وأصبحت تبحث عن كيفية التخلص منا، أي تدبير طريقة مبطنة للقيام فعليا بطردنا جماعيا دون أن نأخذ منها حقوقنا التي تنص عليها قوانين الشغل.
هل لديكم حساب أو صفحة فايسبوك؟ أو أي موقع من مواقع التواصل الاجتماعي؟
لا ليست الدينا صفحة لا على الفيسبوك، ولا على موقع آخر. لدينا مجموعة واتساب تضم أغلب العمال، ونستعملها بشكل أساسي للاتصال والتواصل.
من هي شركة المناولة العاملة حاليا بالمنجم والتي تقترحها عليكم الشركة الأصلية للعمل معها؟ وكم عدد عمالها؟ وما هي أنشطتها الأساسية؟
اسمها هيدرومين. ولها فرعان، فرع يقوم بالنقل، وفرع ثان يقوم بالأشغال المنجمية. واقتُرِح علينا العمل دون المكتسبات التي لنا إلى غاية التوقف عن العمل. وأن نبدأ معها من جديد. وأنها ستشغل فقط 14 عاملا. من بين 71 عاملا. طبعا لم نقبل بهذا الامر.
طلبنا، كحد أدنى، تشغيل ما لا يقل عن 40 عاملا، والحفاظ على المكتسبات التي كانت لنا لغاية التوقف عن العمل. وأن تسجل أن الحقوق التي كانت تدين لنا بها «طوب فوراج» هي اليوم لدى هيدرومين. وهي من ستعطيها لنا. بالنسبة لـ31 عاملا المتبقية ينبغي معرفة مصيرها، وكيف سـ»سأتخذ حسابها». ولحد الآن لم نتوصل لاتفاق حول هذه النقطة.
لذلك يتواصل احتجاجنا إلى اليوم، الاحتجاج الذي بدأ منذ منتصف شهر يوليوز 2024. وتوقف من الثلاثاء 17 شتنبر 2024 إلى الأحد 20 أكتوبر 2024، بعد وعود بحل «النزاع». ثم استئنافه منذ يوم الاثنين 21 أكتوبر 2024 إلى الآن.
ماذا قدم منجمي الدرع الأصفر وكدية عيشة لسكان المنطقة؟
لتبيان ما قدمه منجمي الدرع الأصفر وكدية عيشة لسكان المنطقة، وتحديدا لجماعة سعادة حيث يوجد الأول، ولجماعة أولاد ادليم حيث يوجد الثاني، علينا النظر إلى الواقع المعيش لهؤلاء السكان.
يعيش السكان بمحيطي المنجمين في ظروف صعبة، لا مستشفى بالمنطقة، والمراكز الصحية المتواجدة حالتها متردية تنقصها التجهيزات والعنصر البشري، لا مدارس بشكل كاف وجيد، أما الطرق فمهترئة محفرة، يشكل السير والجولان عليها إزعاجا وخطرا على السكان، غياب قنوات الصرف الصحي، حيث الروائح الكريهة منتشرة في كل مكان، إضافة إلى معاناة الساكنة مع الانقطاع المستمر للماء الصالح للشرب وحتى الكمية المخصصة للسكان تسبب أمراضا خطيرة. ما عمق الفقر التهميش الذي يعاني منه السكان منذ عقود ووسعه. باختصار، وحسب شهادات عديدة، المناطق المحيطة بالمنجمين هي من أكثر المناطق فقراً وتهميشاً بالعمالة.
لوَّث نشاط المنجمين الأرض (التربة)، والماء والهواء، واستنزف الفرشة المائية، ويعود ذلك إلى تسرب معادن ثقيلة سامة، مثل الرصاص والحديد والنحاس الكادميوم… مما ألحق ويلحق بالغ الضرر بالنظم الإيكولوجية المحلية وتوازناتها، من نباتات محلية وحياة برية…
كما تعيش المنطقة تعش يوميا رعبا حقيقيا، تتعرض للمخاطر بسبب استعمال المتفجرات المفرط، ما يتسبب في إحداث هزات أرضية شديدة تسبب تشققات بالمنازل وتصدع جدرانها، وتضر بها وبسلامتها، إضافة إلى انبعاث روائح المتفجرات وتطاير الغبار ما يسبب أمراضا للسكان، خصوصا عند الأطفال والمسنين. ويعتبر، حسب عدة شهادات، سكان دوار بوعائشة ودوار تزكورت (من أقدم وأكبر الدواوير) بجماعة سعادة أكثر المتضررين؛ وقد سبق لهم أن اشتكوا من الاستعمال المفرط للمتفجرات من طرف المنجم عدة مرات.
ماذا كان موقف المجالس الجماعية بجماعة سعادة وأولاد ادليم منذ إقدام العمال بمنجمي الدرع الأصفر وكدية عيشة على الإضراب لعدم توصلهم بأجورهم؟ وبماذا يقومون إزاء سكان المنطقة في وجه ما يلحقهم من أضرار نتيجة الاستغلال المنجمي بالمنطقة؟
منذ انطلاق المعركة ابتداءً من منتصف شهر يوليوز 2024، إثر عدم توصلنا بأجورنا لشهر يونيو 2024 نهاية يونيو نفسه، كانت المجالس الجماعية بالمنطقة وأغلب أعضائها، على علم بها. لأنه منذ الأسابيع الأولى لانطلاق احتجاجنا عقدت عدة اجتماعات للجنة الصلح المحلية بدائرة سعادة حول هذه المشكلة.
كما أن رئيس جماعة سعادة وعدد من أعضاء الجماعة وموظفيها كانوا حاضرين نهاية شهر شتنبر 2024، خلال عملية صرف الأجور المتأخرة لشهري يونيو والنصف الأول من شهر يوليوز 2024 بمنجم الدرع الأصفر من طرف إدارتي شركتي «طوب فوراج» و»الشركة المنجمية ݣماسة» تحت إشراف السلطات المحلية، لأنه كان لا بد من توقيع العامل مصادق عليه على إشهاد باستلام أجره المتأخر.
ورغم ذلك، لم نلمس أية مبادرة تدخل أو تضامن طيلة فترة المعركة، ولا أدنى اهتمام أو قلق لمآل العمال وأسرهم وأطفالهم، وما يتهدد صحتهم وحياتهم بسبب تعليق الحق في التغطية الصحية، ولا ما يتهدد تمدرس أطفالنا (حوالي 300 طفل) بسبب توقيفنا (طردنا) عن العمل وعدم توصلنا بأجورنا…
أما إزاء النشاط المنجمي بالمنطقة وما يلحقه من أضرار بالسكان والبيئة ليس هناك أن عمل ملموس تقوم به هذه المجالس للتصدي لهذا الوضع المزري، ومعالجة المشاكل الحقيقية للسكان، وتوفير شروط حياة كريمة، والدفاع عن حقهم في بيئة سليمة، نقية، وآمنة…
————-
ختاماً شكرا للعمال بمنجمي الدرع الأصفر وكدية عيشة، خاصة عمال شركة «طوب فوراج»، الذين قبلوا تقديم أجوبة على أسئلتنا، وعلى جهودهم المبذولة لمدنا بعدد من البيانات والوثائق…، خاصة حول المعركة الحالية بالمنجم.
نتمنى أن يفيد هذا المجهود عمال شركة «طوب فوراج»، وباقي العاملات والعمال بأماكن عمل أخرى، خاصة خلال نضالهم من أجل حقوقهم…
اقرأ أيضا