حياة مُعطلَّي تاونات المضربَين عن الطعام في ذمة الدولة

الشباب و الطلبة12 نوفمبر، 2024

 بقلم؛ زروال الحجامي

بلغ الإضراب عن الطعام الذي يخوضه الرفيقان رضوان مرضي وزهير الهواري يومه السادس والثلاثون. أصبحت حالة الرفيق رضوان الصحية المتدهورة مثيرة للقلق، بسبب الإهمال الطبي الذي يتعرض داخل المركب الاستشفائي بفاس، إذ بينت الفحوصات الأولية ليوم 11 نوفمبر 2024 خطورة الوضع بحيث أن الرفيق كان قاب قوسين أو أدنى من الدخول في حالة غيبوبة، اذ إن نسبة السكر المحصل عليها هي 0,36 وضغط الدم هو 8/5 [معلومات منشورة بصفحة فرع تاونات على الفايسبوك].

يواصل المضربَان عن الطعام معية رفاقهم ورفيقاتهم في فرع تاونات للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين- ات اعتصامهم- هن المفتوح مطالبِين- ات بالحق الأولي الضامن للحياة: الحق في الشغل القار.

تفضل الدولة التي تصر على إقران نفسها بنعت “الاجتماعية” التفرج على معاناة الرفيقين المضربين عن الطعام، ورفضٍ أرعن للاستجابة لمطلب التشغيل ذاك. هذه الدولة التي تدافع عن منظور تنمية مدمِّر لحقوق البشر ومستنزِفٍ للطبيعة، لا تزال تصر على نموذج تنمية يعلن بأن القطاع الخاص (الرأسماليون) هو وحده القادر على خلق الثروة وبالتالي إحداث مناصب الشغل، وتطلب من الكادحين- ات والمعطلين- ات انتظار ذاك الرأسمال ليتمكن من أداء مهمته تلك، كي تنساب ثمار التنمية لتشمل أولئك الكادحين- ات.

ليس هناك من نموذج تنموي جديد يحل محل القديم، إنه نفس النموذج القائم منذ إرساء الاستعمار وبعده الاستقلال الشكلي: تسخير ثروات الوطن الطبيعية وبشره لإنماء رأسمالية محلية متعاونة كليا مع الرأسمال الأجنبي. وبعد عقود من نفس نموذج التنمية الرأسمالي تتبدى للعيان ثمارُه على شكل تفقير معمَّم وبطالة جماهيرية، تدفع آلاف الشباب للهرب جماعيا إلى خارج الوطن، حيث يتعرضون لصنوف أخرى من الاستغلال وموجات كره الأجانب.

وعندما يرفض الكادحون- ات الخضوع لمنطق التنمية الرأسمالية، ويطالبون بحقوقهم- هن حالا، بدل انتظار تحققها من طرف الرأسمال، تواجههم- هن الدولة بالقمع والاعتقال. 

ترفض الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين- ات وفروعها هذا النموذج التنموي وأيديولوجيته الزائفة التي تحكم على الكادحين- ات بانتظار ثماره إلى يوم لا يأتي أبدا. انخرطت فروع جمعية المعطلين- ات بجهة فاس مكناس في دينامية نضالية، وعلى رأسها معتصم فرع تاونات وإضراب الرفيقان رضوان وزهير عن الطعام.

تضامنا مع هذه المعركة خاضت فروع الجهة يوم 11 نوفمبر (وفروع أخرى خارجها: الناظور والرحامنة) خطوات نضالية تضامنية، على شكل وقفات مفرقة مكانية وموحدة زمانيا، وقبل ذلك قام المكتب التنفيذي للجمعية بزيارة تضامنية للرفيق زهير بالمستشفى. ونظم المكتبان الإقليميان لاتحاد شباب التعليم فاس ومولاي عقوب زيارة تضامنية للرفيق زهير، كما قام المكتب الجهوي للجامعة الوطنية للتعليم- التوجه الديمقراطي بزيارة تضامنية لمعتصم الفرع يوم 10 نوفمبر، ونظم الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في المركبين الجامعيين ظهر المهراز – سايس مسيرة تضامنية في نفس اليوم.

أصدرت شبيبة حزب النهج الديمقراطي العمالي بلاغا تضامنيا يوم 7 نوفمبر، وأصدر فرع شبيبة الحزب الاشتراكي الموحد (الشبيبة الديمقراطية التقدمية) بفاس بيانا تضامنيا مع الرفيقين المضربين عن الطعام يوم 8 نوفمبر، وأعلنا كلا التنظيمان استعدادهما الانخراطَ في النضالات الرامية للتصدي للبطالة.

بتاريخ 11 نوفمبر، انعقد بمقر الحزب الاشتراكي الموحد، بمبادرة من الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين، لقاء ضم مجموعة من الإطارات السياسية والنقابية والحقوقية والمدنية قصد تدارس آلية حماية حق المعطلين المضربين عن الطعام. خلص الاجتماع إلى تأسيس “اللجنة الجهوية لإنقاذ حياة المضربين عن الطعام من أجل الحق في الشغل”.

كل هذا النضال وكافة أشكال التضامن لا تعيرها الدولة أي أذن، بل كل ما تُعِدُّه هو نفس السياسات السالبة للحقوق والقامعة للنضال. تتذرع الدولة دوما بـ”هيبتها” لتبرير رفض الاستجابة لمطالب النضالات العمالية والشعبية، والمقصود هنا بالهيبة هو عدم تشجيع شرائح شعبية أخرى على سلوك طريق النضال، إذ الاستجابة للمطالب تحت الضغط يبرهن على جدوى ذاك النضال. لذلك يجب أن يتعدى الأمر نطاق التضامن، فكل انتصار تُحرزه شريحة اجتماعية ضد الدولة سيُعَدُّ مفتاح انطلاق نضال شريحة أخرى، والعكس بالعكس مع كل هزيمة… إن انتصار الرفيقان رضوان وزهير هو انتصار لكل نضال في كل ربوع البلد.

إن دولة تخصص الملايير لتجهيز بنية تحتية موجهة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وتوزع الملايير دعما للقطاع الخاص على شكل إعفاءات ضريبية وأشكال دعم أخرى، وتبذِّر الملايير لاستقبال محطة رياضية، وتسرف في الإنفاق على أجور كبار موظفين وبرلمانيين لا فائدة منهم، هذه الدولة التي تتفرج على معاناة معطَّلين فضَّلا التضحية بحياتهما للحصول على ضامن الحياة الأساسي: الشغل، إن هذه الدولة لا تستحق سوى السحق وتعويضها بسلطة الشعب. وإن هذا النموذج التنموي الرأسمالي الذي يدمر الطبيعة ويلقي بالملايين في دائرة الإقصاء والفقر والبطالة ويستغل ملايين أخرى بأجور بؤس يستحق التدمير وتعويضه بمجتمع تضامني، حيث الأولوية لحياة الشعب والخدمات العمومية والاجتماعية.

كلنا رضوان وزهير

من أجل الحق في الشغل القار الضامن للعيش الكريم

شارك المقالة

اقرأ أيضا