زيارة ماكرون، توطيد التبعية ونهب البلد وخدمة الامبريالية. رايتنا بديل مغاربي اشتراكي إيكولوجي
زار المغرب متم شهر أكتوبر رئيس فرنسا، رفقة 9 من وزرائه، و40 من كبار رأسماليي فرنسا. وعاد في حقيبته بـ 22 اتفاق استثمار بمبلغ 10 مليار يورو، وما سمي «اتفاق شراكة استثنائية موطدة». فاز بذلك كله مقابل تأكيد مساندته لسيادة الدولة المغربية على الصحراء، هذه التي تعتبرها منظمة الأمم المتحدة أرضا بلا حكم ذاتي، ولا يزال مجلس الأمن يجدد مهمة بعثته لتنظيم استفتاء بها (آخر تجديد كان يوم 31 أكتوبر 2024).
جرت آخر زيارة رئيس فرنسي للمغرب في العام 2018، ومنذئذ شهدت علاقات الدولتين توترا وشدا وجذبا من الطرفين، بنحو مباشر أو ضمن العلاقة مع الاتحاد الأوروبي. فقد ضغطت الدولة المغربية، في هجوم ديبلوماسي منذ زهاء عشر سنوات، لنيل تأييد مزيد من الدول فيما يخص وضعية الصحراء. الهدف الذي أفلحت في بلوغه مع كل من إسبانيا وألمانيا وبلجيكا وهولندا والولايات المتحدة والكيان الصهيوني وزهاء 30 بلدا أفريقيا، وأخيرا مع فرنسا. بهذا تكون صفحة توتر شاب علاقات الدولتين قد طُويت. وطبعا لم تكن الأطماع الاقتصادية المباشرة (فرنسا ثاني شريك تجاري وأكبر مستثمر بالمغرب، ولها بالمغرب 1300 فرع لمقاولاتها) دافع ماكرون الوحيد، إذ أن الامبريالية الفرنسية بحاجة إلى ترتيب وجودها بأفريقيا. إذ أن التطورات في الساحل، حيث لفرنسا وجود عسكري وازن بفضل قواعدها العسكرية الموروثة عن إمبراطوريتها الاستعمارية، وإطاحة قادة موالين لها من طرف طغم عسكرية تستعمل لأغراضها شعور العداء لفرنسا، أمالت ميزان القوى لغير صالح الامبريالية الفرنسية في العقود الأخيرة، وفاقمه وجود الصين والهند المتنامي بأفريقيا.
كما أن محاولات فرنسا التقرب من الجزائر، والاستفادة من مواردها الأحفورية، إثر مقاطعة غاز روسيا بعد غزوها أوكرانيا، لم تثمر، ما يمثل عنصر تفسير لالتفات فرنسا صوب المغرب.
أخيرا يكمن دافع آخر لخطوة الامبريالية الفرنسية لفتح صفحة جديدة في علاقتها مع تابعها المغربي، في الحاجة إلى هذا الأخير لتدبير مشكلة ضحايا النيوليبرالية المتدفقة إلى أوروبا، إذ تنهض باريس، بدور طليعي في سياسة إغلاق الحدود بوجه اللاجئين والمهاجرين، في تناغم تام لرئيسها مع اليمين المتطرف. ومن ثمة مبتغى تكفل الدولة المغربية، على غرار دول جنوب البحر المتوسط، بجهود مضاعفة لوقف الهجرة نحو الحدود الأوروبية والفرنسية.
ما حصلت عليه الدولة المغربية، فضلا عن النفع المرتقب للرأسمال المحلي الشريك، ليس غير تأكيد الموقف المساند لخطة الحكم الذاتي المقترحة منذ العام 2007. والنتيجة الأكيدة أن اصطفاف الامبريالية الفرنسية الى جانب النظام المغربي سيؤجج التوترات الإقليمية، ويخلق وضع تعارض بين الشعوب رجعيا للغاية، حابلا بنزاعات إقليمية سيكون أول ضحيتها الطبقة العاملة وشعوب المنطقة.
خلاصة القول إن زيارة ماكرون فوزٌ للنظامين الفرنسي والمغربي، للإمبريالية والاستبداد، ما لا يترك للطبقات العاملة وعامة المقهورين بالمغرب، وبمجمل المنطقة، غير أفق استمرار العيش في بؤس وصنوف الاضطهاد من مختلف الأنظمة المستبدة متنوعة ولاءات التبعية لأقطاب الامبريالية، لينضاف ذلك إلى عقود القهر والتبعية السبعة طيلة حقبة ما بعد الاستقلال الشكلي.
وإن كانت تلك الحقبة مطبوعة بهيمنة قوى سياسية من مخلفات الحركة الوطنية البرجوازية، يمينها ويسارها، ناقصة نزعة الذود عن السيادتين الوطنية والشعبية، وعن حل جذري للمسألة الاجتماعية، فذلك ما يؤكد حقيقة أن لا سبيل آخر غير الثورة العمالية والشعبية لإطاحة الاستبداد وبناء مغرب الشعوب الاشتراكي، هذا الذي لا يمكن إلا أن يكون إيكولوجيا بفعل ما بلغ التدمير الرأسمالي للبيئة.
ويتطلب كسب شغيلة المنطقة، وعامة مقهوريها، إلى هذا الخيار بناء أحزاب اشتراكية ثورية وأممية، متضافرة نحو هدف التحرر الذاتي، في استقلال تام عن المدافعين عن السيطرة الامبريالية، وعن القوى البرجوازية المعبرة عن قوى برجوازية متضررة من التبعية والديكتاتورية.
اقرأ أيضا