كتاب ايفلين ريد: مشاكل تحرير المرأة – رؤية ماركسية

بقلم إيفلين ريد Evelyne Reed

إيفلين ريد (1905-1979) من قادة حزب العمال الاشتراكي، فرع الأممية الرابعة الأمريكي آنذاك. انضمت إليه بعد زيارة للمكسيك للقاء الثوري الروسي المنفي ليون تروتسكي وزوجته ناتاليا سيدوفا. التقت هناك القائد التروتسكي الأمريكي جيمس كانون. ظلت فترة إلى جانب ناتاليا لدعمها بعد اغتيال زوجها في أغسطس العام 1940.

ناضلت ايفلين ريد بحزب العمال الاشتراكي حتى وفاتها، وكانت ترشحت باسمه لانتخابات الرئاسة الأمريكية في العام 1972.

شاركت بكثافة في حركة تحرر النساء في سنوات 1960 و1970، وكانت من مُؤسِّسات التحالف النسائي الوطني للعمل من أجل الإجهاض في العام 1971. وفي تلك السنوات تناولت الكلمة وناقشت حقوق النساء في مدن الولايات المتحدة الأمريكية وكندا واستراليا وزيلندا الجديدة واليابان وإيرلندا والمملكة المتحدة وفرنسا.

كانت، وقد استلهمت أعمال فريديرك إنجلز والكسندرا كولونتاي حول النساء والأسرة، رائدة البحث في العلوم الطبيعية والاجتماعية للتنديد بالميز الجنسي الملازم لتلك العلوم. وكتابها تطور المرأة رائد في هذا المضمار. ولها مؤلفات عديدة عن النسوية الماركسية وعن أصل اضطهاد النساء والنضال من أجل تحررهن، نذكر منها كتاب “مشاكل تحرر النساء” وكتاب “مستحضرات التجميل والموضة واستغلال النساء”، وكتاب “الميز الجنسي والعلم”…

 في ما يلي مقدمتها لكتابها “مشاكل تحرر المرأة”، ثم نسخة من الكتاب للتحميل.

كلمة أولى، بقلم إيفلين ريد  

بعد سنوات من السبات والخضوع لما هو عليه الحال، تنهض اليوم أعداد متزايدة من النساء للارتقاء بأنفسهن والانضمام إلى تمرد السود والطلاب في الصراع الجذري ضد المؤسسة الرأسمالية. تنادي هذه الطليعة من المناضلات من أجل إنهاء وضع الجنس الأنثوي كمواطنات من الدرجة الثانية.

يُخضِع هذا الجيل الجديد من النساء المحاربات مؤسسات وقيم مجتمعنا الحالي لنقد لاذع. تواجه هؤلاء النسويات تحديات كثيرة من الممارسات التمييزية ضد الجنس الأنثوي في التوظيف إلى القوانين الرجعية للإجهاض التي تفرضها الكنيسة والدولة.

تزدهر المجاميع النسائية التحررية، وتلتف حول هذا النضال من أجل المساواة، وترتفع الجدالات بصورة جدية لحل المشاكل المتعددة في النظرية والتطبيق في الوقت الراهن. مثلما يجاهد الأمريكيون الأفارقة لإيجاد سبب فرض العبودية على عِرقهم، وأنى لهم أن يحرروا أنفسهم بسرعة، كذلك فإن هؤلاء النسويات الجديدات بوعيهن المتقد يرغبن في معرفة كيف ولِمَ أصبحن خاضعات للحكم الذكوري، وما الذي يتوجب فعله بخصوص ذلك.

لكن عندما تنطلق المرأة للبحث عن تفسيرات، ستتملكها الحيرة بلا شك حيال قلة المعلومات المتوفرة حول هذا الموضوع. هناك العديد من الأعمال التي تتبع تطور النوع البشري دون تمييز بين تطور الجنسين، من المراحل الأولى وحتى الوقت الحاضر. لكن أنى للباحث أن يجد خلاصة موثوقة لتطور النساء، خلاصة يمكنها أن تلقي الضوء على الأسئلة المحيرة عن وضعهن الاجتماعي المتغير عبر العصور؟

شحة البيانات عن موضوع هو الشاغل الأكبر لنصف العرق البشري ليس بالأمر المستغرَب. فالتاريخ إلى الآن يُكتب مبدئيا من وجهة نظر الطبقات المهيمِنة، والجنس المهيمِن.

لذا فإن الدراسة الشاملة لدور النساء في التطور الاجتماعي لا يزال أمراً غير منجَز. لقد بُخس حق المرأة في وجود سجل حقيقي لمنجزها الحضاري، وما أنجزته النساء لم ينل التقدير المستحق، لقد شُوهت تلك الانجازات لأسباب هي ذات الأسباب التي قادت لتجاهل معارك وانتصارات مجاميع العمال والأقليات المضطهدة، بل وأكثر من ذلك.

كل شرائح المضطهَدين، وضمنها النساء، مضطرة الآن لكتابة وإعادة كتابة تاريخها الخاص بذاتها، من أجل أن يُبرز بشكل واضح للعيان أوجه التشوه الذي تعرض إليه. يتوجب على تلك الشرائح أن تقوم بهذا العمل في غمار فورة نضالها للانعتاق، واعتباره أداة لذلك.

يجب بالضرورة أن يبدأ التقصي عن تاريخ شامل للنساء، بدءاً من أبعد مراحل تكون المجتمع. الفترات المبكرة من الزمن، أي الفترة البدائية هي، أو يجب أن تكون هي، المنطقة الخاصة بعلم الأنثروبولوجيا من بين بقية العلوم، بما إن علم الأنثروبولوجيا هو دراسة ما قبل التاريخ، أو ما قبل الحضارة فإنه العلم الأكثر صلة بـ”مسألة المرأة” كما تشير بحوثي. إن نتائج البحوث في علم الأنثروبولوجيا إذا ما جرى تفسيرها بشكل صحيح، وإذا ما جرى فهمها، يمكن لها أن تحطم الكثير من الأساطير السائدة والتحيزات ضد النساء، وبوسعها توفير ذخيرة فكرية يُعتد بها لحركة التحرر.

على سبيل المثال، كانت المرأة في مجتمعات ما قبل الحضارة مستقلة اقتصادياً، ولها مطلق الحرية في حياتها الجنسية. لم تعتمد على الزوج أو الأب أو الأبناء الذكور في معيشتها، ولم تكن ذليلة راضية بأي شيء يُرمى لها. عملت النساء مع بعضهن في الكومونة البدائية، ومع الرجال لمصلحة المجتمع ككل، وشاركن حصاد عملهن على أساس متساو. وقد اخترن لأنفسهن تدبير حياتهن الجنسية، وفقاً لعاداتهن. لم تكن النسوة القديمات محض “أشياء” تجري رعايتها، والتنمر عليها، والتلاعب بها، وإخضاعها. لكن بوصفهن المنتِجات في العمل والمنتِجات للنسل، فقد اعتُرِفَ بهن راعيات للمجتمع الأمومي، وقدم لهن الرجال الاحترام والتقدير العالي.

عندما تم الكشف عن حقائق كتلك من قبل رواد علم الأنثروبولوجيا في القرن السابق، تم تسخيف تلك الرؤى عن هذا الشكل المبكر من أشكال التنظيم الاجتماعي، وحُظرت تلك الأفكار من التداول من قبل حراس العرف الاجتماعي، حتى يومنا هذا. كان لتلك المعارضة تأثير سلبي على التقدم اللاحق لعلم الأنثروبولوجيا، وعلى نفس المنوال فقد ساهمت تلك الاعتراضات في بتر وإجهاض وتأخير تكوين التاريخ المتكامل والحقيقي للنساء.

كانت هنالك أسباب سياسية وراء هذه المقاومة المتعنتة؛ الكشف عن حقيقة أن النساء لم يكنَّ دوماً “الجنس الآخر” المسحوق اجتماعياً، بل على العكس، أظهرت المرأة عبر تاريخها قابليات ثقافية وإبداعا اجتماعيا هائلا يتضمن آثارا “تخريبية”، لكونه يهدد بتقويض أسس التفوق الذكوري والهيمنة الرأسمالية. فلو كان صحيحاً أن الجنس الأنثوي قد لعب دوراً جوهرياً في بناء الكمونة المشاعية الأولى، لماذا لن يكون بوسعهن فعل المثل عند إعادة تشكيل العلاقات الاجتماعية مستقبلاً؟

ما إن عرفت النساء المتمردات والمحبطات اليوم عن أداء أسلافهن من الإناث في زمانهن وأي مكانة مؤثرة احتلتها المرأة في المجتمع القديم، حتى صار من الصعب عليهن الرضا بالوضع الحالي البائس. المشاركِات في حركات تحرير المرأة لم يزددن شجاعة فحسب عند المعرفة بذلك، بل انخرطت النسويات بشكل أفضل في الصراع من أجل إبطال المجتمع الرأسمالي الذي يبقيهن في الأسفل، وفي بناء مجتمع جديد أفضل، حيث كل الناس أحرار من أي جنس كانوا.

أشارت كتابات مؤسسي الاشتراكية العلمية، ماركس وأنجلز وأنصارهم، إلى هذا الاتجاه. لقد تبينوا أن الاضطهاد والمنزلة المتدنية المفروضة على النساء اليوم، لا يمكن أن تكون منفصلة عن اضطهاد الطبقة العاملة من قبل الرأسماليين الانتهازيين. لذا فإن النساء بوسعهن ضمان السيطرة الكاملة على حيواتهن، وإعادة تشكيل مصائرهن كقوة متكاملة في الثورة الاشتراكية العالمية.

هذه هي وجهة نظر الكتابات في هذا الكتيب، ومعظمها قد سبق نشره. إنها مساهمة صغيرة في المهمة الهائلة التي تنتظر النساء في عصرنا الثوري. في صناعة حاضرنا ومستقبلنا، بغض النظر عن صعوبة هذه المهمة. لا شك عندي أن استمرار الصحوة الحالية، سيؤدي بنساء أكثر فأكثر لتكوين رؤية نقدية للرحلة الطويلة للجنس البشري، ستكشف النساء المفكرات أشياء جديدة وسيصير التاريخ الحقيقي لجنسنا الأنثوي واضحاً ومعروفا، التاريخ الذي نعرفه مسبقاً.

لتحميل الكتاب صيغة بي دي اف يرجى النقر على الرابط: كتاب ايفلين ريد مشاكل تحرير المرأة رؤية ماركسية

شارك المقالة

اقرأ أيضا