الانتخابات الرئاسية في إيران: منعطف تكتيكي للنظام
الاثنين 29 تموز/يوليو 2024، بقلم؛ سيبهر هوشانغ
كانت الدعوة إلى إجراء الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة قبل موعدها المقرر، بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية في يوم 19 أيار/مايو الماضي.
يبدو أن زمرة المرشد الأعلى خامنئي، الفصيل المهيمن في السلطة القائمة حالياً، انتهزت هذه الفرصة لإحداث منعطف تكتيكي: الظهور بمظهر أكثر قبولاً لدى الدول الغربية على أمل إنهاء ما تفرضه هذه الأخيرة من عقوبات جسيمة عليها
تتكرر مهزلة الانتخابات الرئاسية في إيران كل أربع سنوات، وهذا منذ أكثر من أربعين عامًا. إنها تذكرني بفيلم وودي آلن Woody Allen «خذ المال واهرب» Take the Money and Run. يحكي هذا الفيلم الكوميدي، إحباط عملية سطو على مصرف عندما تقوم عصابة ثانية بالسطو على هذا المصرف أيضًا، ويصوت الزبائن على تفضيلهم العصابة الثانية للسطو على المصرف وسرقة الأموال.
لا يعد الحديث عن «الانتخابات الرئاسية» في إيران مجرد مسألة بسيطة، ولا يمكن حصرها في سرد صحفي للأحداث. لا تحمل بعض التعابير في إيران نفس ما تدل عليه في أماكن أخرى. قبل تحليل الانتخابات الأخيرة، تكتسي الإجابات على أسئلة «من؟» و«كيف؟» و»لماذا؟» أهمية قصوى. لذلك، لا بد من إلمام بحد أدنى من دستور الجمهورية الإسلامية، وخاصة دور الرئيس وسلطته في هذا النظام الفريد من نوعه في العالم، حيث مصطلح «الجمهورية» مشوب بالتضليل.
مفارقة النظام السياسي الهيكلية
تعتبر جمهورية إيران الإسلامية حالياً واحدة من أكثر الأنظمة الديكتاتورية قمعاً ووحشية في العالم. بعد استيلائه على السلطة إثر ثورة عام 1979، شرع النظام الرأسمالي- الثيوقراطي فوراً في خنق تطلعات شعب إيران الديمقراطية العادلة. وفي ما يتعلق بأبسط الحقوق الأساسية، فإن الوضع في إيران بالتأكيد أسوأ مما كان عليه في تاريخها الحديث.
تضم اليوم إيران عددا كبيراً من السجناء/ات السياسيين/ات والاعتقالات التعسفية والإعدامات وأشكال التعذيب الجسدي والنفسي أكثر مما كان عليه الحال في الماضي. واحترام الحريات السياسية وحقوق الإنسان أقل بكثير من ذي قبل. كما أن خنق الحريات الفنية والفكرية وفرض الرقابة عليها أوضح من أي وقت مضى إلى حد كبير.
إن الطبقة الكادحة محرومة من أبسط الحقوق الأساسية، مثل الحق في تكوين الجمعيات وعقد المفاوضة الجماعية وشن الإضراب. تعاني النساء من اضطهاد غير مسبوق. قامت قوانين النظام الديني القروسطية والرجعية بتحويلهن رسميًا إلى مواطنات من الدرجة الثانية. يتعرضن بشكل متزايد لأعمال العنف، وتعتبرهن السلطة عمومًا «مصدر الشرور الرئيسي» على الأرض. تتعرض حقوق الأقليات القومية والدينية للهجوم. ينهج النظام سياسة احتلال عسكري للمناطق المعنية ويستخدم أكثر أساليب القمع وحشية لسحق مقاومتها.
تُعدّ إيران من الناحية الاجتماعية، أحد أفضل المجتمعات المتعلمة في المنطقة، حيث يقل معدل الأمية فيها عن نسبة 10%، ويوجد ما يفوق 2.5 مليون طالب في التعليم العالي (نسبة 51% منهم طالبات). ومن إجمالي عدد السكان البالغ عددهم ما يناهز 70 مليون نسمة، ما يفوق نسبة 60% منهم تحت سن 30 عاماً. ويقطن ما يتجاوز نسبة 70% من السكان في المناطق الحضرية.
يسود في هذا البلد نظام سياسي وقانوني ديكتاتوري يعود إلى القرون الوسطى. ولتنظيم الحياة الخاصة والعامة للمواطنين والمواطنات، يخضع الدستور ومختلف القوانين لتفسير متشدد للإسلام لا يترك أي مجال للديمقراطية عموماً، ولا يقدم سوى تنازلات قليلة للنساء والشباب.
أما من الناحية السياسية، فهو نظام ثنائي بلا نظير يمكن تلخيص معالمه بالصيغة التالية: نظام ثيوقراطي بنسبة 90% وبقناع جمهوري بنسبة 10% [1].
نظام ثيوقراطي بنسبة 90%
لا ينتخب السكان زعماء رجال الدين الشيعة، لكن هؤلاء الأخيرين يتمسكون بزمام السلطة الفعلية في جميع المجالات. ويشكلون العمود الفقري لجمهورية إيران الإسلامية.
يقوم مجلس من رجال الدين يسمى مجلس الخبراء (انظر أدناه) بتعيين المرشد الأعلى (خليفة الله على الأرض). ويشغل علي خامنئي، خليفة آية الله الخميني، هذا المنصب منذ عام 1988، ويحكم بشكل مستبد؛ ويتألف مجلس صيانة الدستور من ستة رجال دين يعينهم المرشد الأعلى وستة أعضاء يعينهم البرلمان الإسلامي: وهو جهاز للنظام يفرض الرقابة ويشرف على مدى مطابقة القوانين التي يقرها البرلمان للشريعة الإسلامية، وكذلك على اختيار قائمة المرشحين المسموح لهم بالترشح للبرلمان ورئاسة الجمهورية؛ يقوم مجلس الخبراء بتعيين المرشد الأعلى، ويتألف من 86 رجل دين، يتم انتخابهم لمدة ثماني سنوات وفق إجراءات معقدة لا تترك للناخبين سوى خيارات ضئيلة. يختار مجلس صيانة الدستور الترشيحات بدقة.
ويتولى مجلس تشخيص مصلحة النظام الفصل في النزاعات القائمة بين البرلمان الإسلامي ومجلس صيانة الدستور، ويعين المرشد الأعلى أعضاءه؛ ويكفل النظام القضائي تطبيق القوانين الإسلامية، ويتحكم به رجال الدين المحافظون المتشددون. ويعين المرشد الأعلى رئيسه، الذي يكون خاضعاً له شخصياً.
تضم القوات المسلحة من جهة الجيش النظامي ومن جهة أخرى الجيش العقائدي للنظام (الحرس الثوري الإسلامي، يشار إليه باسم الباسدران). يعين المرشد الأعلى قادة الجيش النظامي والباسداران الرئيسيين، وهم مسؤولون أمامه وحده. تتمثل مهمة الباسدران في محاربة كل شخص يعتبر معارضًا للثورة الإسلامية. ويتحكمون بالميليشيات شبه العسكرية (الباسيجي) التي تعمل في مختلف المناطق.
نظام بقناع جمهوري بنسبة 10%
يأتي على رأس قائمة المسؤولين المنتخبين رئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان الإسلامي (مجلس الشورى الإسلامي). يجب أن تكون جميع القوانين التي يسنها البرلمان متوافقة مع الدستور، وخاصة مع الإسلام، بقرار من أعضاء مجلس صيانة الدستور المحافظين للغاية. يعين رئيس الجمهورية أعضاء الحكومة. يتدخل المرشد الأعلى إلى حد كبير في إدارة الشؤون المتعلقة بالدفاع والأمن والسياسة الخارجية. والواقع أن المرشد الأعلى يحتكر السلطة في هذه المجالات. وعلى سبيل المثال، قبل بضع سنوات، دعا النظام بشار الأسد، ديكتاتور سوريا لزيارة البلد. استقبله المرشد الأعلى ورئيس الباسدران. لكن لم يتم حتى إبلاغ وزير الخارجية، الذي استقال بسبب ذلك. من الواضح أن هذا النظام لا يشبه بتاتاً نظاما جمهوريا. كانت كل الجهود السياسية التي بذلها ما يسمى بالفصيل «المعتدل» أو «الإصلاحي» في النظام على مدى السنوات الأربعين الماضية منصبة على محاولة تعزيز وزن السمات «الجمهورية». لكن دون جدوى.
إن ما يسميه النظام «انتخابات رئاسية» لا يمت بصلة والحالة هذه، بما يحدث في معظم البلدان الأخرى. إنها مهزلة حقيقية لا يمكن أن تسفر إلا عن انتخاب مرشح اختارته مسبقاً السلطة القائمة.
تحكم المادتان 113 و110 من الدستور العلاقات بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. تنص هاتان المادتان على أن إرادة المرشد الأعلى ملزمة لهذه السلطات الثلاث.
من بوسعه الترشح لمنصب رئيس الجمهورية؟
إن النساء (أي نصف السكان!) محرومات من هذا الحق، وفقًا للدستور. وينطبق الأمر نفسه على كل من ليس شيعيًا. كما يجب أن يكون المرشحون قد قبلوا بمبدأ السلطة المطلقة للمرشد الأعلى (ولاية الفقيه)، ويتعهدوا بطاعته. وبعد ذلك يختار مجلس صيانة الدستور المرشحين الذين يستوفون جميع هذه المعايير. وفي آخر المطاف، لا يمكن أن يكون مرشحًا إلا الأشخاص الموالون جدًا للمرشد الأعلى.
بعد الانتخابات الرئاسية، يقوم المرشد الأعلى بتعيين الرئيس الجديد (المادة 110 من الدستور). ويتمتع أيضاً بحق إقالته. وفي الأمور المهمة، يكون المرشد الأعلى مسؤولاً عن ممارسات رئيس السلطة التنفيذية (المادة 60 من الدستور). وفي الفترة ما بين 1997 و2005، لم يكن بوسع رئيس «إصلاحي» مثل محمد خاتمي على سبيل المثال، اتخاذ خطوة في مجالات قد يعتبرها المرشد الأعلى ميادين «خاصة به حصرياً». وينطبق الأمر نفسه على كل ما يتعلق بالدستور وجميع المؤسسات التي تمارس السلطة الحقيقية.
ومما له دلالته أنه على مدى 45 عامًا من وجود الجمهورية الإسلامية، لم تُمنح حقيبة وزارية لامرأة إلا مرة واحدة وحسب بعد التصويت على الثقة في البرلمان (كانت وزيرة الصحة).
ما وظيفة الرئيس في إيران؟
تتشابه المناصب التي يشغلها المسؤولون بعد انتخابهم في إيران مع تلك التي يشغلها كبار الموظفين في الولايات المتحدة الأمريكية أو فرنسا. في إيران، تتخذ أهم القرارات في إيران من قبل مسؤولين لم ينتخبهم أحد ويشكلون العمود الفقري الدائم للدولة. أما من ينفذون القرارات، من ناحية أخرى، فيتم انتخابهم. وصف خاتمي، أكثر الرؤساء السابقين نزعة إصلاحية، منصبه ذات مرة بأنه «خادم المرشد الأعلى». مع ذلك يمكن للمسؤولين المنتخبين أن يتسببوا في متاعب لصانعي القرار السياسي جراء الطموح أو انعدام الكفاءة. لكن يمكن للرؤساء استخدام سلطتهم لتعزيز هدف معين. كان هذا الهدف، في حالة محمود أحمدي نجاد (2005-2013)، متمثلاً في سلطته الشخصية. ويرى المرشد خامنئي، ضرورة عدم تكرار هذا الوضع.
يتمثل أحد مفاتيح حل الأزمة الاقتصادية الإيرانية خاصة في رفع العقوبات التي فرضتها القوى الغربية الكبرى. كما يحتاج خامنئي إلى خبراء اقتصاديين لتدبير السياسة الاقتصادية للدولة. وفي الواقع يمثل القمع المجال الوحيد الذي يتمتع فيه المرشد الأعلى بخبرة حقيقية. عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد، يكمن همه الرئيسي في الحرص على توزيع الثروة بين الهيئات المهمة في النظام، وخاصة الباسدران و»المؤسسات» التي تمتلك موارد هائلة. ويعتمد ما تبقى بالنسبة على جهاز الدولة.
يحتاج المرشد خامنئي أكثر من أي وقت مضى إلى رئيس يكون الاقتصاد في قمة أولوياته. لم يكن هذا هو الحال مع الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.
تختلف انتخابات عام 2024 عن سابقتها
منذ الإصلاحات الدستورية في عام 1988، التي ألغت منصب رئيس الوزراء وعززت سلطة الرئيس، تنظم الجمهورية الإسلامية انتخابات قبل الموعد المحدد لها في هذه المرة الأولى.
تتميز الانتخابات في إيران بنوع من التناوب على السلطة كل ثماني سنوات بين اتجاهي النظام الرئيسيين. يسمى أحدهما «محافظاً» والآخر «إصلاحيا» أو «براغماتياً». ويطلق عليهما في التعابير الإيرانية الشعبية الشائعة اسمي «شول كون» chol kon و»سيفت كون» séft kon (تخفيف، تشديد).
خلال السنوات الثماني من رئاسة «المحافظين»، تنامت وتيرة القمع في إيران، واشتد العداء تجاه الدول الغربية، لحشد قاعدة النظام المحافظة.
أثناء السنوات الثماني التالية لرئاسة «الإصلاحيين»، مُنحت بعض الحريات الهامشية التي عادة ما كانت تثير الآمال في إصلاح النظام تدريجياً. وفي الوقت نفسه، تم تطوير فكرة مفادها أن تليين حدة خطاب السياسة الخارجية قد يخفف الضغوط الخارجية والاجراءات العقابية. وحتى وقت قريب، كانت هذه السياسة «الإصلاحية» تستعيد الرأسمال السياسي الذي كان النظام فقده في الداخل والخارج على حد سواء، خلال السنوات الثماني السابقة من إدارة «المحافظين».
كانت لعبة الأرجوحة هذه هي القاعدة منذ أن أصبح آية الله علي خامنئي المرشد الأعلى في عام 1989 [أعلاه هناك سنة 1988؟؟؟]. تلت رئاسةَ علي أكبر هاشمي رفسنجاني «المحافظ» (1989-1997) رئاسةُ محمد خاتمي «الإصلاحي» (1997-2005). وجاء دور محمود أحمدي نجاد «المحافظ» (2005-2013)، ثم حسن روحاني «البراغماتي» (2013-2021)، تلاه إبراهيم رئيسي «المحافظ» (2021-2024).
توجد خلف هذه اللعبة زمرة داخل النظام، معروفة باسم «الأصوليين»، تؤكد أن البرلمان والرئاسة عديما الفائدة وسببا إزعاج. يرغب هذا الفصيل في حلهما والاستعاضة عنهما بمجلس يقوم المرشد الأعلى، الذي نصبه الله بنفسه، بتعيين أعضائه. يتحدث «الأصوليون» صراحة عن حكومة إسلامية خالية من أي عنصر من عناصر الجمهورية. تتضمن الأمة التي يعترف بها «الأصوليون» في آن واحد محتوى إنسانيا (المؤمنون) وسياسيا (الأمة الإسلامية) وروحيا (المجتمع الاسلامي). لا يستمد المرشد الأعلى لحكومة إسلامية شرعيته من الشعب، بل من الله. يقول نص تأسيسي للأصوليين: «يتجلى معيار صحة الدستور وقرارات الخبراء في موافقة المرشد الأعلى. لا يمكن لأي أحد ترتيب خيار الشعب. ليس لدينا جمهورية إلى جانب الإسلام؛ لأن ذلك سيكون شكلاً من أشكال الشرك بالله». أدت وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي المفاجئة بعد ثلاث سنوات تقريباً من توليه منصبه، إلى اختلال تنظيم هذه الزمرة «الأصولية».
لم يعد النظام يشعر بالحاجة إلى ممارسة لعبة التأرجح بين «محافظين» و»إصلاحيين». فعلى الصعيد المحلي، لم يعد بوسع «الإصلاحيين» حشد الشعب خلفهم. أما على الصعيد الدولي، ليست رئاسة الجمهورية هيئة لصنع القرار كما هو معروف جيداً. علاوة على ذلك، عادة ما تتيح إدارات الحزب الديمقراطي الأمريكي للجمهورية الإسلامية مساحة معينة للمناورة، حتى لو كان رئيس «محافظ» في السلطة في إيران. تجدر الإشارة إلى أن المفاوضات النووية بدأت في عهد باراك أوباما (من الحزب «الديمقراطي») وأحمدي نجاد (وهو «محافظ») في أيار/ مارس عام 2013. ومن ناحية أخرى، زاد دونالد ترامب من الضغط على إيران على الرغم من أن رئيساً «معتدلاً» (روحاني) كان يحكم البلد.
مكامن ضعف الشخصيات المعروفة
تتمثل سمة أخرى من سمات النظام في عدم تولي الشخصيات المعروفة المنصب الرئاسي بأي وجه.
كان رفسنجاني آخر رئيس معروف إلى حد كبير في إيران وخارجها قبل أن يتولى السلطة بين عامي 1989 و1997. كان من زملاء الخميني، مؤسس النظام. كان رفسنجاني قائدًا أعلى للقوات المسلحة في الجيش الايراني أثناء الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988).
وبالعكس لم يصبح خاتمي وأحمدي نجاد وروحاني ورئيسي أسماء مألوفة إلا بعد ترشحهم للرئاسة.
وبما أن عدد الولايات الرئاسية المتتالية محدود في فترتين، قام رفسنجاني بعد ذلك بمحاولتين أخريين لتولي الرئاسة، لكن بدون نتيجة: خسر الانتخابات في عام 2005، ربما نتيجة تزوير انتخابي نظمته السلطة، ثم استبعد بسبب عدم الأهلية أثناء حملته الانتخابية في عام 2013.
فشل «الإصلاحي» مير حسين موسوي، رئيس الوزراء سابقاً في سنوات 1980، في انتخابات عام 2009، مرة أخرى بعد تزوير نظمته السلطة. مما أدى إلى اندلاع التظاهرات التي أعقبت الانتخابات والمعروفة باسم «الحركة الخضراء».
يخشى خامنئي من أن تؤدي الشخصيات المعروفة التي على علم بكيفية اشتغال الجهاز إلى إضعاف بنية النظام، مما قد يضعه موضع تساؤل. لذلك فهو يفضل الشخصيات المجهولة وغير الكاريزمية إلى حد ما، خاصة عندما يتعلق الأمر بـ»الإصلاحيين». وآخر مثال على ذلك مسعود بيزشكيان الذي انتخب رئيسًا في 6 تموز/يوليو الأخير ولم يكن معروفًا من قبل لدى الغالبية الساحقة من الشعب.
فشل الرئيس إبراهيم رئيسي
لم تعمل سياساته، التي أدت إلى شن قمع دموي ضد حركة «المرأة والحياة والحرية»، على تحقيق أهدافها بالكامل. يشكل المأزق الذي وصلت إليه السياسات القمعية المتعلقة بالحجاب واستمرار مقاومة النساء مثالين واضحين على فشل النظام نسبياً في هذا المجال. وإذا أضفنا إلى ذلك الوضع الاقتصادي المروع في البلد، يمكن الحديث عن فشل ذريع.
لا أحد في الواقع تساوره أوهام حول الوضع الاقتصادي الحقيقي في البلد، مع تفشي التضخم وانخفاض الأجور كثيرا إلى ما دون خط الفقر كما حددته هيئات الحكومة نفسها. أصبحت أزمة السكن متفجرة، مع ارتفاع أسعار العقار بشكل هائل وتصاعد أثمان الإيجارات أكثر من أي وقت مضى. أصبح السكن بعيدًا عن متناول معظم الأجراء/ات والمتقاعدين/ات بشكل متزايد. إن عدم دفع المعاشات التقاعدية، وتفشي البطالة، خاصة بين الشباب والمتعلمين، وانتشار المخدرات والانتحار بين الشباب، إلخ، هي العواقب الكارثية لتعاقب الحكومات «الإصلاحية» و»الأصولية».
يضاف إلى ذلك مأزق النظام بشأن رفع العقوبات وتخفيضها، والهوة المالية لسياسته في الشرق الأوسط. كما أن جميع الزمر في النظام تخشى من احتمال وصول ترامب إلى السلطة ومن حقبة ما بعد خامنئي.
إحباط كبير
تمكّن إيرانيون/ات عديدون/ات، خاصة ضمن العمال والعاملات والنساء والشباب، من التحرر من لعبة التأرجح بين «محافظين» و»إصلاحيين». استفادوا/ن من خبرة طويلة الأمد في ممارسة تجارب وارتكاب أخطاء، خاصة أثناء انتفاضة عام 2018[1]. كان شعار «أيها الإصلاحيون، أيها الأصوليون، انتهت اللعبة» تحولا جديرا باعتباره كنجاح كبير في مسار الحركة الثورية الإيرانية. هذا ما أكدته الحركة الاحتجاجية في عام 2019 ثم حركة «المرأة والحرية والحياة»[2] في عام 2022.
ليس بوسع السلطة إجراء إصلاحات قادرة على تحسين ظروف السكان المعيشية. وترى في الوقت نفسه، أن أي تراجع بوجه المطالب تهديدٌ بوجه استمرار النظام.
لم يعد كُثر راغبين في بقاء هذا النظام الفاسد الذي ألقى ما يفوق نسبة 70% من الشعب الإيراني تحت خط الفقر أثناء فترة حكمه التي استمرت 45 عامًا. لا يحسب في «سجله» سوى سلب الحرية وحقوق الإنسان الأساسية وممارسة التعذيب والإرهاب والقتل.
دعوات إلى مقاطعة الانتخابات
تقلصت قاعدة النظام الاجتماعية كثيراً. وبات عدد متزايد من الأشخاص لا يقاطعون الانتخابات وحسب، بل أيضاً يدينون المشاركة في هذا المشهد السخيف.
وفي آخر المطاف بلغت نسبة المشاركة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في حزيران/يونيو نسبة 39.92%، أي أدنى نسبة مشاركة منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية. وهي نسبة بعيدة كل البعد عن نسبة 80% المسجلة في الانتخابات الرئاسية في نهاية القرن العشرين. كانت شخصيات معارضة للنظام، ونقابات عمالية مثل نقابة «وحيد» Vahed [عمال شركة حافلات مدينة طهران وضواحيها]، ونقابات التعليم، وسجناء/ات سياسيين/ات، وأعضاء من الشتات، دعوا إلى مقاطعة الانتخابات، معتقدين أن المعسكرين المحافظ والإصلاحي وجهين لعملة واحدة.
قال المرشد الأعلى خامنئي: «من الخطأ تمامًا الاعتقاد بأن من لم يصوتوا في الجولة الأولى هم ضد النظام»، في حين أنه كان دعا الناخبين/ات عشية الجولة الأولى إلى المشاركة بكثافة.
واليوم، يرى النظام أن النجاح في إجراء هذه الانتخابات المزعومة متمثل في تمكنه من تنظيمها دون اندلاع حوادث أو عواقب غير متوقعة. وبسبب الدعوة إلى المقاطعة، لم يواجه النظام حركة مماثلة لتلك التي شهدها البلد عام 2009 تحت شعار «أين صوتي؟».
ولحفظ ماء الوجه، بوسع النظام دوماً اختلاق حداً أدنى من الاستعراض عبر اللجوء إلى الباسدران وميليشيات الباسيج والجيش والموظفين وعائلات مختلف هذه الهيئات.
تغيير تكتيكي للنظام
أدرك النظام أنه لم يعد قادراً على الحكم باستخدام أساليب الغش والقمع المعتادة. أدى فشل المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي إلى جر النواة الصلبة في النظام إلى الرغبة في إجراء تعديلات لبعث حياة جديدة في النظام بوجه حركة جماهيرية لن تخبو وتيرتها في ظل الظروف المذكورة.
ومن الواضح أن المرشد الأعلى خامنئي كان يرى أن الانتخابات الرئاسية المبكرة التي أعقبت وفاة رئيسي، فرصة مفاجئة لتغيير خط السياسة الخارجية. واغتنم خامنئي هذه الفرصة دون تردد.
الجولة الأولى من الانتخابات (28 حزيران/يونيو)
في يوم الجمعة 28 حزيران/يونيو، توجه 61 مليون ناخب/ة [باحتساب الأصوات أدناه يكون المجموع: 29 مليون ناخب- ة؟؟؟] إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد للبلد. لم يسمح إلا لستة مرشحين من أصل 86 مرشحًا بخوض الانتخابات. يرجى الرجوع إلى النص الموجود في المربع (مقتطف من رسالة السجينة السياسية غولروخ إيرايي Golrokh Iraei) لمعرفتهم.
وجاء مسعود بيزشكيان، المرشح «الإصلاحي» الوحيد الذي سُمح له بالترشح، في المرتبة الأولى بحصوله على نسبة 42.5% من الأصوات، مقابل نسبة 38.6% لمنافسه الرئيسي، سعيد جليلي المحافظ المتشدد.
يحمل سعيد جليلي لقب ـ»الشهيد الحي» لإصابته في سن الحادية والعشرين أثناء الحرب العراقية الإيرانية. كان مفاوضًا في الملف النووي بين عامي 2007 و2013، ومعارضًا بشدة للاتفاق الذي تم التوصل إليه في آخر المطاف في عام 2015 [اتفاق فيينا بشأن برنامج إيران النووي- خطة العمل الشاملة المشتركة JCPOA] بين إيران والقوى الغربية، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية. كان هذا الاتفاق يفرض قيوداً على نشاط إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات. وصلت المفاوضات النووية حالياً إلى الطريق المسدود بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية بشكل أحادي في عام 2018، وإعادتها فرض عقوبات اقتصادية صارمة على طهران.
كان جليلي ترشح بالفعل في الانتخابات الرئاسية عامي 2013 و2021 دون جدوى. وانسحب في عام 2021 من السباق في اللحظة الأخيرة لصالح الرئيس السابق إبراهيم رئيسي. لكن هذه المرة، بمجرد تقديمه ملف ترشحه، تعهد جليلي بالحفاظ على إرث الرئيس إبراهيم رئيسي. وبدعم من «جبهة ثبات الثورة الإسلامية»، أكثر الفصائل يمينية في الطيف السياسي، يكون سعيد جليلي عرض جميع أسس معسكره الأيديولوجية أثناء الحملة الانتخابية: يتبنى نزعة محافظة اجتماعية متشددة، ونزعة انعزالية اقتصادية، وحذر صريح تجاه الغرب.
لم يكن مسعود بيزشكيان معروفًا لعامة الناس من قبل، حيث شغل هذا الطبيب الجراح منصب وزير الصحة في عهد الرئيس الإصلاحي خاتمي (1997-2005). يصف نفسه بأنه «إصلاحي». ويريد بوجه خاص إخراج إيران من العزلة، وأكد سعيه إلى وضع حد لـ»شرطة الأخلاق». كان الرئيس «الإصلاحي» سابقاً خاتمي الداعم الرئيسي لـ بيزشكيان بشكل علني.
من ناحية أخرى، أعرب مسعود بيزشكيان، وهو إصلاحي مطيع وغير طموح إلى حد كبير، عن ثبات ولائه للمرشد الأعلى في عدة مناسبات، وتقمص دور السيد المصلح ذي المساعي الحميدة. كان بيزشكيان أبدى في الماضي أنه من تلامذة خليفة الخميني ومن أنصار «خط الإمام» من خلال قمع الطلبة والطالبات، فضلاً عن مشاركته في ما يسمى بـ»الثورة الثقافية» الدموية لأسلمة الجامعات.
لا تهاب زمرة خامنئي هذا المرشح «الإصلاحي»، بتوفرها على أغلبية «محافظة» في البرلمان وتحكمها بالسلطة القضائية.
ما بين الجولتين
ركز كلا المرشحين على نفس الأولوية أثناء النقاشات: الانتعاش الاقتصادي للبلد. في السنوات الأربع التي قضاها إبراهيم رئيسي في منصبه، وصل معدل التضخم حوالي 40% سنويًا، بينما استمرت البطالة في الارتفاع بسبب استشراء الفساد. يقول بيزشكيان: «نعيش في مجتمع يتسول فيه ناس كُثر بالشوارع». ومن وجهة نظره، يكمن الحل الأكثر إلحاحًا لمعالجة الوضع في التحرك «فورًا» لرفع العقوبات الأمريكية و»إصلاح الاقتصاد».
ازدادت شدة العقوبات منذ الحرب في غزة ودعم إيران لحركة حماس الفلسطينية. يراهن بيزشكيان والحالة هذه على التفاوض حول اتفاق جديد. «لم تتمكن أي حكومة تاريخيًا، من تحقيق نتائج وهي في حالة حصار».
انتخاب بيزشكيان (6 تموز/يوليو)
كان الناخبون في الجولة الثانية، يواجهون خياراً مفروضاً: «محافظ متشدد» من المتعصبين في النظام الثيوقراطي الرافضين لتقديم أي تنازلات للبلدان الغربية، ضد «إصلاحي» يؤيد توثيق تسوية مع الولايات المتحدة الأمريكية. كان من الصعب العثور على مرشحين اثنين أكثر تعارضاً.
قام الرئيس السابق خاتمي، الداعم الرئيسي لـ»بيزشكيان»، بدعوة الناخبين إلى الإقبال على التصويت «لمنع تفاقم تدهور الوضع في إيران».
على الرغم من عدم إعلان دعمه لـ»بيزشكيان» علناً، إلا أن المرشد خامنئي ألمح عبر أتباعه إلى تأييده انتخاب بيزشكيان.
فاز مسعود بيزشكيان بتحقيقه نسبة 53.6% (16 مليون صوت) على حساب منافسه سعيد جليلي الحائز على نسبة 44.3% (13 مليون صوت).
لكن صوّت في آخر المطاف، ما يقل عن نسبة 27% من المسجلين لصالح بيزشكيان. وهي أدنى نسبة تصويت في الانتخابات الرئاسية الـ14 المنظمة منذ ثورة شباط/فبراير عام 1979. كان الرقم القياسي السابق لأدنى نسبة تصويت يعود إلى إبراهيم رئيسي الذي انتخب بما يزيد قليلاً عن نسبة 30% من الناخبين.مع ذلك، يجب التعامل مع هذه الأرقام بحذر، لأنها تمثل ما نشر النظام.
في اليوم التالي لانتخابه، عيّن بيزشكيان وزير الشؤون الخارجية سابقاً محمد جواد ظريف، المعروف بتأييده للغرب، مستشارًا دبلوماسيًا له. كان ظريف أحد مهندسي الاتفاق النووي الموقع في عام 2015 مع الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وروسيا والصين. كان هذا التعيين رسالة إشارة إلى حكومات الغرب. على الرغم من أن المرشد الأعلى يحدد السياسات الاستراتيجية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالمسألة النووية، فإن التكتيكات وطريقة تنفيذها تعتمد على كفاءات الفريق الحكومي وإرادته. في عهد الرئيس إبراهيم رئيسي، كان يعمل فريق عديم الكفاءة ولا يفقه شيئًا في الدبلوماسية والمفاوضات. ولم يحقق أي شيء يذكر.
وفي 18 تموز/يوليو، أي بعد أسبوعين من انتهاء الانتخابات، نشرت «تسنيم»، الصحيفة الرسمية للباسداران، الحوار المذكور أسفله التالي بين فريد زكريا- محرر مجلة الشؤون الخارجية «فورين أفيرز» Foreign Affairs الأمريكية التابعة لمجلس العلاقات الخارجية- وعلي باقري كني- نائب سعيد جليلي في المجلس الأعلى للأمن القومي، ونائب وزير الشؤون الخارجية في عهد إبراهيم رئيسي، ورئيس فريق التفاوض في الجمهورية الإسلامية والقائم بأعمال وزير الشؤون الخارجية بعد حادث تحطم المروحية:
فريد زكريا: «لاحظت أنكم أشرتم إلى إمكانية إجراء مفاوضات نووية وحتى التحرك نحو إبرام اتفاق نووي جديد أو العودة إلى الاتفاق السابق…».
علي باقري كني: «توصلنا إلى ابرام اتفاق في عام 2015. عقد هذا الاتفاق بموافقة إيران ومجموعة 5+1. ما زلنا عضوًا في خطة العمل الشاملة المشتركة. انسحبت أمريكا من هذا الاتفاق وتسببت في إلحاق الضرر به. لم تتمكن أمريكا حتى الآن من العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة. ولذلك، يكمن هدفنا في إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015».
وماذا بعد؟
إذا أرادت إيران تجاوز أزماتها المتعددة، لا بد من علمنة نظام الدولة بأكمله ودمقرطته: جميع المؤسسات التنفيذية والقضائية والتشريعية، وكذلك القوانين والأنظمة. لا يمكن فتح هذا الطريق إلا بإطاحة الجمهورية الإسلامية.
كانت البرجوازية الإيرانية منذ نشأتها، على اختلاف مشاربها، مرتبطة بالدين وسلطة رجال الدين عبر علاقات عديدة ظاهرة وغير مرئية، مباشرة وغير مباشرة.
تدافع بعض الفصائل، مثل الملكيين ومنظمة مجاهدي الشعب (مجاهدي خلق) والأحزاب الدينية القومية، علانية عن هذه التبعية. أما الفصائل الليبرالية في المعارضة فتفتقر إلى الراديكالية اللازمة لتجاوز هذه العقبة.
لا يمكن تحقيق الديمقراطية والعلمانية الكاملة إلا بثورة شعبية جماهيرية مستندة إلى معظم العمال والعاملات.
لا تقتصر التناقضات السياسية في مجتمع إيران على النزاعات بين الفصائل الحاكمة. إذ تعكس تضارب المصالح بين المستغِلين/ات وضحايا/ات الاستغلال حول:
– تقاسم ثمار استغلال العمال والعاملات؛
– التحكم بالموارد وكيفية »«إدارة المجتمع»؛
– كيفية «التفاعل» مع القوى الأجنبية للاستحواذ على حصة من السلطة الإقليمية.
تؤدي هذه الصراعات داخل مختلف قطاعات الرأسمالية وانعكاسها في الصراعات السياسية إلى اضعاف النظام إلى حد ما. قد تؤدي إلى تسهيل انتهاز الفرص لتوسيع نطاق نضالات الجماهير الكادحة. لكن يجب على ضحايا/ات الاستغلال والاضطهاد التحرك بشكل مستقل على أساس أهدافهم/ن الخاصة واستراتيجيتهم/ن الخاصة وتكتيكاتهم/ن الخاصة، ولاسيما منظماتهم/ن الخاصة. عندها فقط سيتمكنون من اغتنام الفرص المناسبة التي تخلقها الصراعات الداخلية بين الفصائل الحاكمة. لا يمكن أن يندرج بديل نظام اللصوص والقتلة الحالي إلا في إطار منظور اشتراكي.
نجح شعار «المقاطعة الفعالة» هذه المرة في إبعاد معظم الجماهير عن صناديق الاقتراع. كان هذا النجاح نسبيًا للمعارضة الثورية في إيران، على الرغم من حيل النظام وتزويره الانتخابات ودعاية «الإصلاحيين».
(تموز/يوليو عام 2024)
احالات[1] Houshang Sepehr a publié en 2006 une description détaillée du système politique de la République islamique d’Iran : « Un Califat déguisé en République », Inprecor, numéro 520 – septembre – octobre 2006.[2] Houshang Sepehr, « Iran. Un tournant politique radical », alencontre.org.[3] Houshang Sepehr, « Le soulèvement iranien ».
************************
مقتطفات من رسالة السجينة السياسية كلروخ ابراهيمى ايرايى موجهة إلى شعب إيران بشأن موضوع الانتخابات الرئاسية ومرشحيها (22 حزيران/يونيو عام 2024)
«أنا ممن كانوا يطلقون النار على الناس ويقتلونهم. والآن، من يريد محاكمتنا؟» لا تمثل هذه الجمل جزءًا من الحوار في فيلم سينمائي. إن حسن نوروزي أحد قلائل نواب رئيس اللجنة القضائية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية الذين تحدثوا بهذه الطريقة عن الأشخاص الذين قتلوا في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2022. تقدم اليوم (حزيران/يونيو عام 2024)، هذا الشخص نفسه كمرشح للرئاسة. يقوم هو والمرشحون الآخرون بإطلاق النار على الناس بسهولة، وهنا قمة الظلم، ولا أحد يملك سلطة الحكم عليهم. على سبيل المثال:
كان مصطفى بور محمدي مدعيًا عامًا عن هرمزغان وكرمانشاه وخوزستان وخراسان في سنوات 1980. ستظل ضحكاته على المحكوم عليهم بالإعدام ومساوماته على إعدام السجناء السياسيين، رنانة في مسامعنا وفي ذاكرة التاريخ إلى الأبد. قام أيضًا بدور رائد في تسلسل جرائم قتل المثقفين/ات بالإضافة إلى كونه شخصية ضمن الأعضاء الأربعة في «لجنة الإعدام»*. بعد انتفاضة «المرأة والحياة والحرية»، وما رافقها من عمليات قتل وإصابات وشنق، تجرأ على الحديث عن ضرورة إعادة بناء المجتمع ثقافيًا، وهو الآن مرشح…
لا يملك سعيد جليلي أدنى قدرة أو خبرة لقيادة البلد. إنه خادم مخلص لخامنئي، وعلى الأرجح مرشحه المفضل…
يمثل وحيد حقانيان «الوكيل» الرئيسي لخامنئي. قام في عام 2008، بتنظيم الميليشيات التي هاجمت المتظاهرين…
علي رضا زاكاني (رئيس بلدية طهران)، متهم بالفساد المالي، ومتورط في جرائم «الحرم الجامعي». لم ينس أحد تشغيله للأطفال في قطاع النظافة والنفايات بأجور بخسة…
محمد باقر قاليباف، شخصية سيئة السمعة في دوائر الفساد المالي، والمشرف على الضرب بالهراوات والمفتخر باطلاق الغاز على الطلبة/ات المتظاهرين/ات في الشارع، واستدعاء المثقفين/ات والصحفيين/ات واستجوابهم/ن واعتقالهم/ن…
محمود أحمدي نجاد. لا أحد ينسى ما قام به في سنوات 1980 من دور رئيسي في مجال القمع في إيران والهجمات الإرهابية في الخارج. عندما كان رئيس بلدية طهران، أغلق المراكز الثقافية وشيد المؤسسات الدينية. وفي عام 2005، أصبح رئيسًا للجمهورية بتفريق التظاهرات الصامتة والسلمية بشكل دموي…
يمكن تقديم أمثلة عديدة أخرى…
نعيش في هذا الجو الرهيب. يتولى أشخاص كهؤلاء مناصب حكومية. يُقتل أشخاص ويفلت قاتلوهم من العقاب. والأسوأ من ذلك إقامة حفل تأبين في مقر منظمة الأمم المتحدة لأحدهم: الرئيس إبراهيم رئيسي، المتوفى إثر تحطم مروحية في 19 أيار/مايو الأخير.
* في سنوات 1980، كان إبراهيم رئيسي ومصطفى بور محمدي عضوين في لجنة مكونة من أربعة أشخاص، قادت بأمر من الخميني، عمليات قمع وإعدام عشرات آلاف السجناء السياسيين في نهاية الحرب ضد العراق. انظر تقرير حول مذابح عام 1988 في إيران. Un rapport sur les massacres de 1988 en Iran.
رابط النص بالغة الفرنسية
https://alencontre.org/moyenorient/iran/il-etait-une-fois-lelection-presidentielle-en-iran.html
اقرأ أيضا