مستجدات نضال عمال مناجم بني تجيت

تقديم موقع المناضل- ة

يستمر العمال المنجميون في تشغيل منجمي الوسط وبني عروس في بلدة بني تجيت- إقليم فݣيݣ وتسييرهما ذاتيا. بدأت هذه الخطوة النضالية منذ منتصف شهر غشت 2024، وتمكن العمال عبر هذا التشغيل الذاتي للمنجمين من ضمان استمرارية عملهما وفي نفس الوقت توفير الشغل لسكان منطقة معروفة بنسب بطالتها المرتفعة. تعمل الدولة على وأد هذه الخطوة النضالية في مهدها، وفي نفس الوقت هناك تعتيم إعلامي، وغياب تضامن مع معركة العمال تلك. للتعريف أكثر بهذه المعركة أجرينا حوارا مع أحد مناضلي بلدة بني تجيت. هذا نصه.

==========

 

بخصوص احتلال المناجم، الأمر في حاجة للتدقيق أكثر: تاريخ احتلال المنجمين؟ كيف جرى تقرير خطوة الاحتلال تلك: هل عُقِد اجتماع؟ أم أن ذلك جرى بشكل عفوي؟

بالنسبة للمنجم الأول (منجم للوسط) تم احتلاله بشكل عفوي من طرف بضعة أشخاص لا يتجاوزون الثلاثين شخصا، و ذلك قبل استشهاد العامل بأسابيع قليلة، لكن استشهاد العامل وتنكُّر أصحاب منجم الوسط له، وادعاؤهم أن ذلك المنجم عشوائي لا مالك له… كل ذلك جعل أعداد العمال تتضاعف بشكل كبير مباشرة بعد تأبين العامل الشهيد حتى جاوز عددهم خمسمائة عامل.

بالنسبة للمنجم الثاني، تم احتلاله قبل ثلاثة أسابيع من طرف ضحايا خوصصة جبل بوعروس الذين صادرت الدولة مناجمهم لتمنحها للشركة فأصبحوا مشرَّدين، وهكذا حدد هؤلاء موعدا واجتمعوا لمفاوضة أصحاب الشركة، واستمرت اجتماعاتهم لمدة يومين ونصف قبالة مقهى أحد مالكي الشركة، وعندما تشبث مالكو الشركة باحتكار استغلال جبل بوعروس وهددوا من يشتغل هناك بالمتابعة، لم يتوصلوا لحل فانطلقت الجموع من مكان الاجتماع نحو المنجم في وضح النهار وقامت باحتلاله والعمل فيه إلى يومنا  هذا.

هل من مستجدات بخصوص هذه الخطوة النضالية؟

لقد شرعت السلطة ببني تجيت في تكتيك “محاصرة التجار” لإيقاف عملية التسويق؛ قبل يومين جرى حرمان تاجر من جواز المرور بشاحنة محملة بالمعادن، و قبل ذلك اقتحمت عناصر القوات المساعدة والدرك الملكي ورشة توضع بها المعادن (كاراج) تعود لأحد التجار، فأحضروا شاحنة و بدأوا في شحن المنتوج غير أن شباب البلدة هاجموهم بالحجارة وفرضوا عليهم الانسحاب… ولا تزال الأوضاع جد متوترة هذا المساء [18 سبتمبر 2024]

السلطة الآن وكاديطاف تمنعان تسويق المعادن ببني تجيت وذلك أمر سيشعل الأوضاع ويؤججها في الأيام القليلة المقبلة.

بالنسبة للتجار الذين تحدثتَ عنهم أعلاه: هل يقومون بشراء المادة المستخرَجة من العمال؟ كيف يجري تقييم سعر المادة المستخرَجة؟ وأين يسوقون تلك المادة؟

العمال يسوقونها محليا للتجار الصغار (سمارة عند التجار الكبار يجمعون لهم المنتوج مقابل نسبة متفق عليها)، بالأثمنة المتداوَلة محليا من ست حتى عشرة دراهم للكيلوغرام الواحد، و التجار الكبار الذين يجمعون كميات كبيرة يحصلون على رخصة من كاديطاف وينقلونها للدار البيضاء غالبا.

يُقيَّم المنتوج حسب جودته، المنتوج الجيد بعشرة دراهم. بعد تنقيته ونقله إلى الدار البيضاء يبيعونه بأزيد من خمسة وعشرين درهم للكيلوغرام حسب ثمنه في البورصة وجودته من خلال التحاليل… وقد يبلغ ثمنها أحيانا أزيدَ من خمسين درهما للكيلوغرام… إنها عملية يغتني منها الوسطاء والتجار الكبار، ولا يتبقى للعمال سوى الفتات لسد الرمق.

لكن حاليا بعد احتلال المناجم من طرف العمال والصناع المنجميين، هل لا يزال التجار الكبار برخصة من كاديطاف يشترون المنتوج من صغار التجار الذين يشترونها بدورهم من العمال المحتلين للمناجم؟

حاليا، امتنعت كاديطاف عن تسليم رخصة نقل المعادن لأول مرة. ومالِك الشاحنة قدم التزامات من طرف بعض مالكي المناجم تفيد أنه اشترى المنتوج من مناجمهم وليس من المناجم موضوع الأحداث الأخيرة.

المعادن التي صودرت من قَبل، صادَرها الدرك مباشرة من تجار صغار، أما الآن فهذه هي المرة الأولى التي ترفض كاديطاف تسليم الرخصة لتاجر كبير، إذ أن أصحاب المنجم موضوع الحدث هم كذلك تجار كبار وأحدهم عضو بالمجلس الإداري ممثلا لمنطقة كاديطاف… لذلك هم يجربون جميع الطرق لأنهم لا يريدون لمنافسهم أن ينتعش على حساب أزمتهم.

ورد في بيان نقابة العمال الصناع والعمال المنجميين” ما يلي: “تحذيره من إيقاف المتفجرات”… هل يستعمل العمال المحتلون للمنجم حاليا المتفجرات؟ وهل كانوا يتسلمونها من كاديطاف طيلة فترة الاحتلال، أم أنهم كانوا ينقبون بوسائل تقليدية؟

في المناجم المحتلة يصعب استعمال المتفجرات نظرا لكثرة العمال، لذلك فإنهم يشتغلون بطريقة تقليدية لا يستعملون متفجرات…

كل ما في الأمر أن  مالك المنجم الثاني الذي تم احتلاله هو ممثل الإقليم في المجلس الإداري لكاديطاف، لذلك يحاول إيقاف التسويق وإيقاف الإنتاج في جميع المناجم حتى يجدوا له حلا بمنجمه.

هل يمكن لهذه الإجراءات أن تجعل  معركة العمال والصناع المنجميين تختنق؟

لا، بالعكس هذه الإجراءات ستؤجج الوضع، لأنهم أساؤوا التقدير بنهجهم هذا الأسلوب: لقد كان المشكل في منجمين فقط، وإذا ما توقف السوق سيصبح المشكل في كل المناجم، حتى المناجم البعيدة سوف يحتج مالِكيها لأنهم سيتضررون من هذه الإجراءات لكونها عامة ستشمل الجميع.

يبدو أن مكتب النقابة قد غير موقفه شيئا ما، فالبيان الأخير الصادر عن مكتب نقابة العمال الصناع والعمال المنجميين- الاتحاد المغربي للشغل، طالب “بفتح باب رخص الاستغلال المنجمي التقليدي من طرف كاديطاف” وقرر “خوض اعتصام إنذاري أمام كاديطاف ابتداء من يوم 18 سبتمبر 2024”. في رأيك لماذا؟

نعم، لأنهم انتهازيون، وقد أدركوا خطورة التجديف ضد التيار. لكن يجب الانتباه إلى نقطيتين جوهريتين. النقطة الأولى أن البيان صدر بعد تملص كاديطاف من عملية شراء المنتوج المعدني، لذلك فهو يتضامن مع الوسطاء المحليين وليس مع العمال الذين يخوضون خطوة احتلال المنجَمين؛ لذلك (وهذه هي النقطة الثانية) لم يتضمن البيان أي تضامن مع العمال المنجميين الذين لا يزالون يخوضون خطوة احتلال المناجم وتسييرها لحدود الساعة.

ما هي الفئات المنتمية لهذه النقابة؟ هل هناك من العمال الذين احتلوا المنجمين من هو منخرط في تلك النقابة؟

أبدا، هذه النقابة حديثة التأسيس لها شهرين فقط من العمل، ومن فيها هم باطرونا وأتباعهم.

هل هناك تفكير لمساندة المناجم المحتلة شعبيا عبر الضغط على السلطات للكف عن مصادرة المنتوج، ولما لا ملف مطلبي حول موضوع المناجم يتضمن تلك النقط التي انهيتٓ بها حوارك السابق مع موقع جريدة المناضل- ة.

المشكلة صراحة أن الجسد النضالي بالبلدة وقع فيه شرخ مباشرة بعد بداية هذه الأحداث بسبب ردود الأفعال المتناقضة… لكننا نستجمع قوانا لننهض من جديد. خصوصا أن اليوم تشهد البلدة ثلاث أشكال نضالية، إلى جانب اعتصام العمال المنجميين، هناك أيضا اعتصام نساء قصر بني تجيت ببهو الجماعة للمطالبة بتعبيد الطريق وربط المدرسة بالكهرباء، واعتصام معطلين من حاملي الشهادات أمام دائرة بني تجيت للمطالبة بالحق في الشغل والعيش الكريم.

ما موقف السكان من المعركة؟ هل هناك تعاطف؟ هل هناك سعي لحفز تضامن؟

نعم هناك تعاطف كبير، وأكثر من نصف الساكنة يشتغل بالمنجمين الذين تمت السيطرة عليهما… إضافة إلى أن البلدة عرفت رواجا اقتصاديا كبيرا وانخفضت نسبة العطالة إلى أكثر المستويات تاريخيا… فالمنجم مليء بالشباب العاطلين والشيوخ والنساء أيضا. “كلشي خدام”.

ما الخطوات النضالية القائمة حاليا في البلدة؟

صبيحة 19 سبتمبر 2024، هناك حوار مع السلطة بخصوص التسويق معضَّد باعتصام عدد كبير من العمال و التجار (قرابة مئة شخص). وتم التداول في نتائج الحوار التي لم تكن مُرضية.

الحوار أجاب عن نقطة المتفجرات حيث وعدت السلطة بإحضارها يوم الاثنين القادم، لكن مشكل التسويق لا يزال قائما، بحيث صرحت السلطة أن المعادن المستخرَجة من المناجم المحتلة يُعتبر شراؤها شراءً للمسروق، بينما تشبث التجار باستحالة تمييز هذه المعادن عن معادن بقية الجبل، و نشبث العمال بكون هذه المعادن غير مسروقة، بل هي منتوج مشروع حصلوا عليه بعرق جبينهم بعد دخولهم لهذه المناجم ردا على خوصصة جبل بوعروس الذي يعتبر مصدر عيشهم.

تقرر تعليق الاعتصام حتى الساعة الخامسة. سيجتمع المنجميون للاستمرار في التداول حول الخطوات العملية. هناك من اقترح اعتصام ومن اقترح مسيرة وآخرون اقترحوا إضرابا عاما بالبلدة.

شارك المقالة

اقرأ أيضا