جماعة القليعة إنزكان: حكرة السلطة وقهرها تقتل بائعا متجولا

توفي بائع متجول على مستوى جماعة القليعة بإقليم إنزكان آيت ملول مساء يوم الثلاثاء الماضي (3 سبتمبر 2024).  صرح شهود عيان أن سبب الوفاة تعرضُه للاعتداء من طرف رجل سلطة محلي أثناء مصادرة الميزان الذي يستعمله الضحية في عمله.

الشاب الضحية معيل وحيد لأسرته المكونة من أب مريض وأم وأخت، يشتغل بائعا متجولا للفواكه في الشارع.

قامت السلطات المحلية بنقل جثة الضحية إلى المستشفى الإقليمي كما صدر عنها بيان يرجع أسباب الوفاة لطارىء صحي في محاولة لإبراء ذمتها من الحادث.تحاول الدولة وأبواقها الإعلامية دائما حماية رجال أجهزة قمعها، وليست وفاة البائع المتجول بمركز القليعة بالحادث المعزول، فقبله توفي الشاب ياسين الشبلي في شهر أكتوبر من طرف ضابط شرطة قضائية خلال خضوعه لتدابير الحراسة النظرية داخل مخفر للشرطة بابن جرير ولا تزال قضيته في المحاكم رغم ثبوت الجناية، وسبق للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، في بلاغ له، أن وفاة ياسين الشبلي لم تكن ناتجة عن ظروف توقيفه واقتياده إلى مركز الشرطة ولا نتيجة الصفعات التي تعرض لها من قبل عناصر الشرطة، وإنما نتيجة الرضوض التي تعرض لها إثر إيذائه نفسه وسقوطه المتكرر على الأرضية الصلبة للغرفة الأمنية نتيجة الحالة الهستيرية التي كان عليها. وقبل هذا الحكم المهزلة على المتورطين في مقتل الشهيد محسن فكري بالحسيمة، الذي لم يتجاوز 5 و8 أشهر في حق المتهمين السبع في القضية، في حين تجاوزت الأحكام في حق مناضلي- ات حراك الريف قرونا ضمنها 20 سنة سجنا في حق قادة ذلك الحراك.

نزل شباب القليعة للاحتجاج بالشارع العام مساء الأربعاء 04 شتنبر الجاري، رافعين شعارات منددة بما تعرض له الضحية من ظلم واعتداء جسدي، وطالبوا “بفتح تحقيق شفاف حول واقع الوفاة حتى يتم محاسبة المتورطين في ذلك”، مشددين على أن “هناك أطراف عدة تحاول طمس القضية؛ وجعلها مجرد حادث عرضي”.

القليعة تركز عمالي وشعبي وقلعة للتهميش والاقصاء

تعتبر الجماعة الحضرية القليعة من التركزات السكانية الكثيفة بالمنطقة، وعرفت موجة استقطاب واسعة للأسر العمالية والشعبية العاجزة عن مسيارة الغلاء الطيار للعقار بمركزي أكادير وانزكان. بلغ عدد السكان بالجماعة الحضرية القليعة 47837 نسمة حسب آخر إحصاء لسنة 2004 مقابل 17921 نسمة حسب إحصاء سنة 1994، وبلغت نسبة النمو الديموغرافي 10,30% بين سنوات 1994 إلى غاية 2004.

تغطي المساحة الإجمالية للجماعة الحضرية القليعة 98 كلم مربع ونسبة الملك الغابوي 5360 هكتار. الأنوية السكنية الأصلية المكونة للجماعة: دوار العزيب ودوار بنعنفر ودوار الخمايس ودوار الجنان ودوار الجنانات ودوار القليعة الفوقانية، والمساحة التي يمثلها تصميم إعادة هيكلة النسيج العمراني  400 هكتار.

كانت القليعة مضرب المثل عن التكدس السكاني المقرون بالحرمان من أبسط الحاجيات الأساسية والافتقار لأدنى مقومات التجمع الحضري. كانت تعكس بجلاء حقيقة التنمية المجالية التي تركز على الواجهات السياحية وتجاهل تام للأحياء العمالية والشعبية.

عرفت الجماعة بعض الأوراش من بينها الصرف الصحي للحد من كارثة بيئية والتخلص من البرك المائية والمياه الآسنة والروائح الكريهة التي عان منها السكان، وأيضا تهيئة الشارع الرئيسي وحديقة حضرية ومركز تقافي. لكن الخصاص الهائل الشامل لجميع المجالات الأساسية والكثافة السكانية المرتفعة تعطي انطباعابأن ما ينجز مجرد مسكنات بسيطة لاختلالات عميقة نتيجة تراكمات مديدة.

تتطلب الجماعة الحضرية للقليعة ومحيطها الأقرب المنتمي إداريا لاقليم اشتوكة- آيت باهامشروع إنقاذ متكامل واستثنائي بهدف تلبية حاجيات السكان الأساسية وتمتعها بحقوقها في الصحة العمومية وتشييد مراكز القرب والأطر التمريضية، والمدارس العمومية بما يتناسب مع كثافة السكان وبناء مركز للتكوين والتاهيل المهني، وإيجاد حلول لمشكل التنقل من وإلى القليعة، وتوفير المساحات الخضراء والحدائق بما يتناسب وحجم السكان وتشييد مراكز التنشيط الثقافي والرياضي بمختلف الأحياء. وإيجاد حلول ناجعة للبطالة الجماهيرية في صفوف الشباب- ات وخصوصا فرض احترام الحقوق الشغلية التي ينتهكها الرأسماليون الذين يستغلون العمال- ات بشروط بؤس لا يتحملها الا من لا حول له ولا قوة.

تجارة الشارع  أو البطالة المقنعة

تعكس تجارة الشارع اتساع البطالة في صفوف الشباب- ات، إنها الملاذ هروبا من بطالة قاسية. بسبب شدة ظروف العمل والأجور المتدنية يفضل العمال والعاملات امتهان تجارة الشارع لكنهم يتعرضون لحملات مصادرة سلعهم أو يخضعون لابتزازات دائمة بفرض أتاوات يستفيد منها بعض المسؤولين مقابل التغاضي عنهم أحيانا.

طالما البطالة مستشرية فلا يمكن القضاء على تجارة الشارع وما تلجأ له الدولة من حملات قمع أو حلول لفائدة بعض الأفواج ليس إلا حلولا ظرفية لمعضلة بطالة دائمة.

إن موت الشاب سعيد سببه القهر المسلَّط عليه، وعلى مجمل الشباب أمثاله، بسبب ما عاناه من بطالة قاسية واضطراره للبحث عن ملاذ لإنقاذأسرته، فواجهته سلطات الدولة السلطوية وحقرته وخنقته إلىأن فارق الحياة. إنه مثال حي عن معاناة شباب بلدنا الذي يسحقه نظام لا يوفر له ظروف عيش كريمة ويسد عليه أبوابا تدبر قوة يومه.

تثير دوما أحداث عنف رجال السلطة موجات احتجاج، كان أعظمها حراك الريف العظيم 2016- 2017، ويصب احتجاج شباب القليعة ضد وفاة الشاب البائع المتجول، ليس فقط من أجل محاسبة المتورطين في الحادث، وإنما لمنع تكرار أمثال هذه الأنتهاكات وفي نفس الوقت من أجل شروط عيش ضامنة للكرامة.

يكذِّب تكرار أحداث عنف أجهزة القمع (تعذيب في المخافر، قتل… إلخ) أكذوبة “اجتراح صيغ مغربية لترسيخ ضمانات عدم تكرار تجارب القمع والألم”، التي رُوِّج لها إبان مسلسل “الإنصاف والمصالحة” الخادع، وإن الضمانة الوحيدة لوضع حد للتعذيب والقمع هو النضال من أجل الديمقراطية الكاملة تحت رقابة المجالس المنتخَبة” عِوَضَ مؤسسات تُعيَّنُ من فوق.

نعم لمطالب أسرة الضحية بفتح تحقيق شامل وشفاف مع الاستماع لشهود العيان وتتحمل الدولة مسؤولية كاملة وما يترتب عنها من واجبات لفائدة أهل الضحية.

نعم لأجل مخطط استعجالي لتلبية حاجيات ساكنة القليعة يتم بلورته بمشاركة كاملة للساكنة وبمراقبة منها

نعم لإجراءات استعجالية لتلبية مطالب الشباب المعطل عن العمل

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا