ملف: قبل 40 سنة، نصر فيتنام، ومآله
بانصرام أربعين عاما بعد انتصار شعب فيتنام على الامبريالية الأمريكية، أعد بيار روسيه ملفا من خمس مقالات وجيزة، تمد جيل اليوم بصورة إجمالية عن دلالة نصر 1975 ومآله.
المناضل-ة تتيحه فيما يلي لقراء العربية
وضمن المرفقات، ملف يشمل مقالات سابقة حول فيتنام على موقع المناضل-ة القديم:
http://www.almounadil-a.info/
+++++++++++++++++
1 – فيتنام :هزيمة للامبريالية، لكن ليست قاضية
بيار روسيه
في العام 1975، في سياق الانتصار الفيتنامي، أعلنت موزمبيق استقلالها (في يونيو)، وكذا فعلت أنغولا (في نوفمبر). بيد ان البلدين سيتعرضان لغزو من قبل جنوب افريقيا، إلا أن نظام الفصل العنصري بهذا البلد سيشهد نهايته هو أيضا في 1994…
تم التصدي للولايات المتحدة الأمريكية في فيتنام، لكن لم تتم إماتة الشاه مع ذلك. لم تفض اتفاقات باريس إلى مساومة، على غرار ما جرى مع اتفاقات ايفيان في العام 1962 بين الامبريالية الفرنسية و النظام الجزائري الجديد، بل بالعكس. كانت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية قائمة على الانتقام، واستمر النزاع بأشكال أخرى. فمنذ العام 1972، قام الرئيس ريشارد نيكسون، في حركة مثيرة، بزيارة الى بيكين فيما كانت المعارك على أشدها في شبه جزيرة الهند الصينية. و ارتسم تحالف ظرفي، أفضى بعد 1975 إلى قيام جبهة معادية لفيتنام بين الامبريالية الأمريكية و الصين (التي تسلم دينغ كسياو بينغ مقاليد الحكم بها) … و الخمير الحمر (خلف الواجهة الرسمية لسيهانوك).
لم تنته الحرب. واصلت واشنطن الضغط الدبلوماسي على فيتنام، فيما ضاعف الخمير الحمر، المنخرطون في هروب مميت إلى أمام في كامبودج، الهجمات على الحدود وطالبوا بدلتا ميكونغ. و في ديسمبر 1978، تدخل الجيش الفيتنامي بكثافة و انهار نظام بول بوت، وعاد السكان المرحلون الى بيوتهم. و في فبراير 1979، هجم زهاء 120 الفا من قوات الجيش الصيني على جبهات عدة بحدود فيتنام الشمالية. وكان على الميليشيات المحلية والقوات الإقليمية أن تتصدى لها، إذ كانت القوات النظامية الفيتنامية منهمكة في مسرح العمليات الكامبودجية. كان قصد الحزب الشيوعي الصيني ان يفهم هانوي ان ارخبيلا سبارتليس و باراسيلس صينية… و يمثل هذا صورة مسبقة عن النزاعات الترابية البحرية الراهنة.
بالنسبة لفيتنام ، هزيمة في نصر
سرعت الحرب، بعد الحرب، أزمة في فيتنام. إذ خرج المجتمع مستنزفا من 30 سنة من النزاعات. وزاد النظام تصلبان بع ان كان قد وضع في الماضي هوشي منه (المتوفى سنة 1969) على الهامش، و أبعد الجنرال جياب مرارا، وقام بتطهير سري في القيادة، حيث وضع المفترض أنهم “موالون للسوفييت” تحت إقامة محروسة سنوات طوال. وكان يخشى ان تتحول المجموعة السكانية الصينية بجنوب البلد إلى طابور خامس، وهاجم من جانب آخر التجار الكبار الرأسماليين … ومعظمهم صينيون. وكانت بكين تذكي النار، ما أدى الى هجرة كثيفة لـ” بشر البواخر”.
كان لهزيمة الولايات المتحدة الأمريكية في 1975 عواقب مستديمة. شهدت الامبريالية الأمريكية انحدارا نسبيا، أفاد أوربا. وطيلة سنوات تعذر عليها التدخل مباشرة في حرب جديدة. وكان ممكنا انفتاح نافذة مناسبة للنضالات لو لم يغلقها توا النزاع الصيني السوفييتي. لم تأت الهزيمة في النصر من العدو الخارجي، بل من العدو الداخلي لكل ثورة اجتماعية: البيروقراطية، وكذا من ضعف التضامن الأممي (وهذا يجب الا ننساه)، وهذه مسألة لا تزال حاضرة بقوة.
كان بوسع شعب فيتنام ان يظفر باستقلاله في 1936-37 لحظة الجبهة الشعبية في فرنسا؛ أو في العام 1945، لم لم تتمكن فرنسا من إرسال حملة عسكرية لإعادة غزو مستعمرتها القديمة ، او في 1954 لو لم تبرم بيكين وموسكو صفقة مع باريس، او في 1968 بعد هجوم التيت. وجب انتظار 1975 بعد عقود من التدمير و المحن الممكن تجنب تحميلها لقوات التحرير و للسكان.
2 – فيتنام: حرب شاملة
كان تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في الهند الصينية، بالمقام الأول، تصعيدا عسكريا لا مثيل له خارج الحربين العالميتين الأولى والثانية…
جرت تعبئة الوسائل الضخمة المنتشرة بالمنطقة، من قواعد أوكيناوا إلى قواعد التايلاند التي تحولت إلى «حاملة طائرات أرضية». كان الأسطول السابع يقصف سواحل فيتنام فيما كان بوسع طيرانه التدخل في أوقات وجيزة. أماقاذفات القنابل العملاقةB52 فتعمل من مسافات عالية جدا، على نحو مدمر. ولأول مرة، شاركت المروحيات بشكل كبير للغاية في المعارك (كانت فرنسا استعملتها بالفعل في الجزائر). واستعملت قنابل نابالم ومواد كيمياوية تؤدي إلى سقوط أوراق الأشجار(العامل البرتقالي الذي مازال يسمم البلد)، وقنابل عنقودية… لقد جرى استعمال كل شيء، باستثناء السلاح النووي وتدمير السدود الرئيسية الذي قد يغرق جزءا من شمال فيتنام تحت المياه، وهما اجراءان لم يكن ممكنا توقع عواقبهما الدولية.
بلغ عدد القوى العسكرية الأمريكية 550000 شخصا. وبلغت كمية القنابل الملقاة على منطقة الهند الصينية الصغيرة ضعف ما رمى الحلفاء على جميع جبهات القتال خلال سنوات 1939-1945. إجمالا، شارك ما يناهز 9 ملايين جندي أمريكي في القتال.
الولايات المتحدة الأمريكية على جبهات عديدة…
خيضت الحرب في مجالات عديدة. بالجنوب، استهدفت خطة اغتيالات أطر جبهة التحرير الوطني، تلك كانت خطة فوينكس التي خلفت عشرات الآف الضحايا. وجرى تنفيذ اصلاح زراعي لمواجهة ذاك الموروث عن فيتمينه Vietminh (اتحاد استقلال فيتنام)، ولارساء نظام سايغون على قاعدة اجتماعية (مزارعون رأسماليون). وجرت إعادة تجميع السكان القرويين في قرى صغيرة استراتيجية، وتم ارساء نظام تحكم بوليسي، منزلا منزلا، حتى في المدن لمعاينة أحسن لكل شخص غير محصي. وللحد من عدد الضحايا في صفوف الجنود الأمريكيين، جرى اقرار «فتنمة» القوات المسلحة المضادة للثورة…
وفي الولايات المتحدة الامريكية، جرى وضع الاقتصاد في خدمة المجهود الحربي، علاوة على الهيئة العلمية التي طالبتها الحكومة بتوسيع تنويعات أدوات القتل: قنابل نفاذة لتدمير الأنفاق، وأجهزة راصدة للحرارة لتحديد وجود البشر، وألغام مضادة للأفراد في البيئة الطبيعية… نفذ معظم العلماء الأوامر بلا وخز ضمير، إلى حين تنامي حركة مناهضة الحرب مع ارتفاع حجم الخسائر الأمريكية: لقي6000 جندي أمريكي مصرعهم، مقابل ثلاثة ملايين فيتنامي..
رغم الخسائر الفادحة، التي ستكون لها عواقب وخيمة بعد النصر (إضعاف البنية التحية من الأطر الثورية المنتسبة إلى الجنوب)، صمدت المقاومة الفيتنامية. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، أصبحت التكلفة الاقتصادية باهظة، وباتت الحركة المعادية للحرب عامل انعدام استقرار سياسي داخلي. هز عام 1968 البلدان الغربية… اضطرت الولايات المتحدة الأمريكية إلى التفاوض. وبعد عامين من التوقيع على اتفاقات باريس (كانون الثاني/يناير عام 1973)، انهار نظام سايغون.
3 – العامل الفيتنامي
جعلت الحالة الجيوسياسية العالمية بعد 1949 (انتصار الثورة الصينية) و1954 () هزيمة فرنسا) من فيتنام “النقطة البؤرية” للوضع العالمي.
مثلت فيتنام “الخندق الأمامي” للمعركة الثورية، كما وصفها شعار رُفع في مظاهرات التضامن:” تحية لكم، أيها الإخوة الفيتناميون، جنود الخط الأمامي”. وقد وجب على حركة التحرر أن تحمل بهذا البلد عبءاَ ثقيلا: أن تكون “في الخط الأمامي” بوجه الولايات المتحدة الأمريكية.
لم تتخذ النضالات المناهضة للاستعمال بفيتنام مبكرا الحجم الذي كان لها سنوات 1920 في الصين. مع ذلك كانت الحركة الوطنية، وبوجه خاص الحزب الشيوعي الفيتنامي، معاصرة للحزب الشيوعي الصيني. إذ تشكلت النواة الأولى لهذين الحزبين في سياق الثورة الروسية، قبل سيطرة الستالينية في الاتحاد السوفييتي. بيد أنهما تماثلا مع “المعسكر الاشتراكي”، مع الحفاظ على استقلال قرار متعارض مع خضوع مباشر لدى أحزاب شيوعية أخرى. كما راكم الاثنان تجربة نضال متنوعة قبل الانخراط في حزب شعبية مديدة: منذ انعطاف سنوات 1930 في الصين، وبعد ذلك بعشر سنوات في فيتنام.
نحو حقبة جديدة
قبل الحرب الامريكية، حظي الفييت منه بشرعية وطنية عميقة مع إعلان الاستقلال في أغسطس 1945، ثم مع خوض “حرب شعب” أنزلت بفرنسا هزيمة ديان بيان فو، هذا الانجاز غير المسبوق في بلد مستعمر. لذا فإن الولايات المتحدة الأمريكية هاجمت عدوا متمرسا ومنغرسا، رغم أنها كانت واثقة في النصر بفعل وعيها بقوتها.
يجسد نضال التحرير في فيتنام، بالنظر لمدته، حقبة كاملة فتحتها الثورة الروسية. ويمثل انتصار 1975 على نحو ما نقطة نهايتها: انتصرت في مواجهة مع الامبريالية الأميريكة. ورغم ان الأمر لم يكن جليا، فقد كان أيضا إعلان نهاية تلك الحقبة، بفعل عنف النزاعات بين البيروقراطيات و الأزمات التي تنخر النظامين السوفييتي و الصيني.
4 – فيتنام: تركيع “الكتلة السوفييتية”
لم يكن صد الثورات الأسيوية هدف التدخل الأمريكي الوحيد في فيتنام. فخلف بيكين، ثمة أيضا موسكو هدفا. كانت واشنطن تسعى إلى إزالة خريطة “الكتل” السائدة على الساحة الدولية منذ الحرب العالمية الثانية. وكان الرهان كبيرا: تمكين الرأسمال الامبريالي من جديد من الأراضي الشاسعة “للكتلة الشرقية”.
لم يكن الصراع الفيتنامي،رغم وقوعه في الهند الصينية، صراعا محليا، و لا حتى إقليميا. فقد كان ذا بعد عالمي، وما ينتج عن ذلك من انعكاس كل تناقضات الوضع العالمي فيه، محددا معطيات معركة التحرير: حالة الحركة العمالية و التقدمية بأوربا والولايات المتحدة الأمريكية، و تعبئات التضامن، وانفتاح جبهات ثورية جديدة بالعالم الثالث، والتباسات ديبلوماسية موسكو أو بيكين… إذ كانت ثمة التباسات.
ليس ثمة تطابق بين “معسكر ثوري” و”معسكر سوفييتي”. وبقدر صحة المواجهة “شرق-غرب”، بقدر ما يمكن للامبريالية أن تلعب على المصالح الخاصة للبيروقراطية السوفييتية (والبيروقراطية الصينية لاحقا) لممارسة الضغط في لحظات حاسمة على حركات تحرر. وقد تعلمت ذلك الأحزاب الشيوعية الأسيوية مؤدية الثمن على حسابها. بعد الخروج من الحرب العالمية الثانية، مع اتفاقات يالطا وبوتسدام،، قبلت موسكو بقاء الصين وفيتنام في دائرة الهيمنة الغربية. ولن يقبل الحزب الشيوعي الصيني، ولا الحزب الشيوعي الفيتنامي، تقسيم العالم ذاك المتفاوض عليه سريا خلف ظهرهما مع الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا.
في 1954 ستتصرف موسكو وبيكين هذه المرة بانسجام لإرغام الحزب الشيوعي الفيتنامي على أن يقبل في مفاوضات جنيف اتفاقا بعيدا جدا عن التعبير عن واقع ميزان القوى في الميدان وحاملا بذور حرب جديدة: الحرب الأمريكية الأشد رعبا من سواها. استخلص الفيتناميون العبرة من هذه التجربة المرة، إذ سيرفضون بعد خمسة عشر عاما مشاركة “الإخوة الكبار” الصينيون والسوفييت في مفاوضات باريس، المقتصرة على تواجه مع واشنطن، و التي ستسفر عن اتفاقات 1973 المربحة هذه المرة.
انقسامات وتناقضات
غدا الوضع الجيوسياسي العالمي أشد تعقيدا مع بزوغ الصراع الصيني السوفييتي منتصف سنوات 1960، إذ لم تقبل بيكين أن تفاوض موسكو خلف ظهرها اتفاقا نوويا مع واشنطن. ومثل الخلاف الذي شق “الكتلة الشرقية” تعقيدا شائكا للحزب الشيوعي الفيتنامي المحتاج إلى دعم من العاصمتين المتخاصمتين للمسمى على نحو سيء “المعسكر الاشتراكي”. لكن ذلك كان نعمة للولايات المتحدة الأمريكية التي ستتمكن من ركوب هذا التناقض. بيد أن هذا العامل الايجابي لصالحها لن يتيح لها تفادي اندحار 1975، لكنها ستمسك بزمام الأمر في السنوات اللاحقة مع تشكل تحالف ضم الولايات المتحدة الأمريكية و الصين و الخمير الحمر لتشديد الخناق على فيتنام.
طبعا يجب ألا ينسينا هذا كله أن الدعم الذي وهبته موسكو و بيكين لهانوي في أثناء الحرب الأمريكية كان بالغ الأهمية اقتصاديا وعسكريا على السواء. كانت الصين والاتحاد السوفياتي تدركان تمام الإدراك أنهما مستهدفتان بالتدخل الأمريكي بفيتنام. فلو انتصرت الولايات المتحدة الأمريكية لكان بوسعها الدفع قدما. لذا كان الدعم الصيني والسوفييتي أحد عوامل نجاح المقاومة الفيتنامية. ورغم حجم ذلك الدعم، فقد كان محدودا سياسيا كي لا يمثل خطرا على إمكانات الحوار مع واشنطن: لم يحصل الفيتناميون على الصواريخ القادرة على حماية سماء فيتنام الشمالية من طائرات B52 قاذفة القنابل، واستمر عرض مساومة عفنة، فقط لم يكن الحزب الشيوعي الفيتنامي يريد ذلك.
5 – صد الثورات الأسيوية
باتت آسيا مبكرا البؤرة الرئيسة للنضالات المناهضة للامبريالية. كانت أوربا بالمقام الأول مكان استشعار عواقب الحرب العالمية الأولى والثورة الروسية، لكن الاهتمام انصب، بعد هزيمة الثورة الألمانية (1923)، على آسيا.
دخلت آسيا الوسطى، المسلمة، حالة غليان. وتواجهت ثورات وثورات مضادة في الصين بدءا من العام 1925. و تطورت، طيلة العقود التالية للحرب العالمية الثانية، حركات تحرر مسلحة في أمريكا اللاتينية، وأفريقيا، والشرق الأوسط، وبرزت بلدان بمثابة منارة مثل كوبا و الجزائر و فلسطين و أنغولا وموزمبيق… فرضت الامبريالية نظامها عبر ديكتاتوريات عسكرية دامية على نحو خاص (شيلي، الأرجنتين…) وبمساعدة من دول مثل إسرائيل.
كان العالم الثالث برمته معنيا، لكن المواجهة اكتست بعدا خاصا جدا في الشرق الأقصى مع انتصار الثورة الصينية (1949). الصين أكبر بلدان العالم سكانا، تليه الهند، المستندة، رغم طابعها الرأسمالي، على موسكو لكسب نوع من الاستقلال. واتضح عجز فرنسا على سحق معركة الفيتناميين. وتكاثرت بؤر ثورية بالمنطقة. وكانت واشنطن، إلى “احتواء” موجة التحرر الأسيوية و”صدها” دون اكتراث بالكلفة.
الصين هدفا للولايات المتحدة الأمريكية
حصار الصين غير ممكن على طريقة محاصرة كوبا. فعلى الصعد السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، يلزم بناء نطاق صحي يمتد كقوس من شبه جزيرة كوريا إلى شبه جزيرة الهند الصينية. أقامت واشنطن حاجزا شرقا: إنها حرب كوريا (1950-1953) التي خلفت حتى اليوم بلدا مقسما. وأقامت حاجزا جنوبا، جاعلة تايوان قلعة، حيث تراجعت القوات الصينية المضادة للثورة على حساب السكان المحليين: كان نظام الكيومنتانغ يمثل الصين كلها لدى مجلس أمن الأمم المتحدة… وكي تؤمن استقرار حلفائها بكوريا الجنوبية وتايوان، شجعت الولايات المتحدة الأمريكية تطبيق إصلاحات زراعية، وأفسحت في المجال أكثر مما ببلدان أخرى بالجنوب للعائلات الكبرى المالكة المتحكمة بدول ديكتاتورية و تحكمية. هذا أصل التطور غير المعهود لرأسمال كوري أو تيواني مستقل نسبيا.
وساعدت الولايات المتحدة الأمريكية اليابان على إعادة الاعمار ( مثل أوربا الغربية عبر خطة مارشال)، مع إبقائها تحت وصايتها الإستراتيجية. وتم بناء قواعد عسكرية أمريكية ضخمة بها (في اوكيناوا)، وكذا في كوريا الجنوبية، و الفلبين، و تايلاند. و احتل الأسطول السابع و حاملات الطائرات التابعة له بحر الصين. و أقامت الولايات المتحدة الأمريكية حواجز أخرى ، في جنوب شرق آسيا هذه المرة: انه انقلاب سوهارتو في اندونيسيا (1965). وجرى استئصال الحزب الشيوعي الاندونيسي، المعتبر اكبر حزب شيوعي في العالم الرأسمالي، بكلفة ربما بلغت 2 مليون قتيل ودولة قمع عام ستدوم ثلاثين سنة.
وبقصد استكمال تطويق الصين، بقيت منطقة جنوب شرق أسيا القارية. كانت مجموعات حرب غوار ماوية نشيطة في ماليزيا و تايلاند. وبوجه خاص استأنف النضال في فيتنام. ولم يكن لتقسيم البلد، طبقا لاتفاقات جنيف، إلا أن يكون مؤقتا، في انتظار انتخابات كان الفييت منه، وقائده الرئيس هوشي منه، متيقنا بالفوز بها. الأمر غير وارد إذن لدى واشنطن التي لم توقع الاتفاقات: لن تنظم تلك الانتخابات. بل على العكس قام نظام سايغون ومستشارين أمريكيين باغتيال ممنهج للكوادر الثورية المقيمة بالجنوب. وفي انعطاف سنوات 1960، قرر الحزب الشيوعي الفيتنامي استئناف المعركة، علما انه سيواجه هذه المرة الولايات المتحدة الأمريكية و ليس فرنسا.
المصدر: Hebdo L’Anticapitaliste – 287 (30/04/2015)
تعريب : المناضل-ة
مرفقات: أنقر/ي على الروابط أدناه
اقرأ أيضا