شركات رأسمالية تستغل العمال بشكل مفرط بمشروع الطاقة الشمسية في ورزازات لمدة وترحل
استرسل العربي وبوشعيب العاملان بمركب الطاقة الشمسية في مقاولة من الباطن مختصة بأعمال الحدادة قائلين :
“هاد المقاولات الصغيرة جاءت لتطحن العمال/ يطحنون العمال ليفوزوا بالربح/ هدفهم الربح السريع/ يشاع أنهم حصلوا على مليار من الشركة الأم وهربوا بأجور العمال/ إنهم يعصرون الأموال من العمال عصرا/هربوا ومعهم أجورنا/ أضعف العمال كايتسالهم مليون سنتيم ومآت الدراهم وعدد الضحايا أجمعين 68 عاملا/ حتى مستحقات الصندوق لم يؤدوا منها سوى شهر واحد وهربوا بالأشهر الاخرى/ هؤلاء الاجانب يحصدون الارباح على ظهر العمال المغاربة الكادحين/ إنهم يجنون الملايين ولا يعطوننا حتى كسوة العمل/ لم نعد نثق في المقاولات .. ولا في المستقبل/ العمل أصبح فوضى واحتيالا، لاقوانين ولا هم يحزنون.. أصبحننا نشك في كل شيء وهذا لايشجع على العمل/ الانسان المغربي أصبح، لكثرة الحرمان وطول أمده، كثيرالصبر والتحمل، وهم يستغلون نقطة الضعف هذه ويرفعون وثيرة استغلاله، بمن فيهم الأجانب…”
مركب الطاقة الشمسية :
بعد توطينه قرب مدينة ورزازات، سرعان ما بدأ يرشح ما كان خفيا في بطن هذا الوحش الرأسمالي العملاق، الذي يعد نموذجا للمشاريع عالية التكلفة عديمة الجدوى، الممولة عن طريق الاقتراض من مؤسسات مالية امبريالية تستعمل المديونية آلية لنهب ثروات بلدنا المالية وتحميل كادحيه فاتورة تسديد ديون لاعلاقة لهم بها، وللتدخل في توجيه سياسات بلدنا بما يخدم مصالح الشركات متعددة الجنسيات والرأسمال المحلي المشارك في النهب.
ماذا تفعل “هاذ المقاولات الصغيرة” بالعمال ؟
إنها تقوم بترحيل الآليات وتهرب ومعها أجور عمالها مباشرة بعد إنهاء الأشغال، أو تدعي الافلاس لتتخلص من عمالها وتنصرف الى مشاريع آخرى بمدن أخرى. يحدث هذا بمقاولتين على الأقل، مقاولة مختصة بالحدادة ومقاولة للبناء بالمركب، اللتين نظم عمالهما نشاطا احتجاجيا جاء متزاما بالصدفة، ومتفرقا مكانيا، لكن لنفس الهدف : استرداد الاجور من أفواه الرأسماليين المتعطشين للمال، حتى ولو تعلق الامربأجور العمال، وما خفي بهذا المركب الوحش،أعظم.
1)- مقاولة مختصة بالحدادة
أ- المقاولة وظروف العمل : هي مقاولة من الباطن، اسبانية الجنسية، تعمل لصالح الشركة الأم، اسبانية بدورها، تشغل 68 عاملا مختصا في الحدادة، وفق عقدة عمل تمتد حتى نهاية الأشغال (لاتتجوز 06 أشهر) لمدة 10 ساعات يوميا، تجني المقاولة على ظهرهم الأرباح الطائلة مقابل أجرة تصل 250 درهما في اليوم و100 درهم كتعويض عن التنقل. لاوثائق شغلية أخرى تذكر، والأجر يؤدى للعمال نقدا بورشة الشغل، وظروف العمل قاسية نظرا لنوعية التخصص…
ب- احتجاجات الجمعة 08 ماي 2015
كانت نهاية الأشغال قد اقتربت دون أن تسدد المقاولة الاسبانية أجور عمالها عن شهر ونيف من العمل. اتفقت معهم على تسديد ما بذمتها يوم 30 أبريل 2015 فلم تف بوعدها، ثم اتفقت معهم على موعد آخر هو الجمعة 08 ماي 2015. في الواقع لم تكن هذه الوعود سوى جزء من مؤامرة واحتيال. فالمقاولة حزمت أمرها بشكل مسبق، حيث لجأت الى تسريح عمالها على دفعتين، الأولى يوم 20أبريل وعددهم 20 عاملا، والثانية يوم 30 أبريل وعددهم حوالي 20 عاملا آخر، لتحتفظ ب10 عمال تم اختيارهم بعناية، كونهم الأوائل الذين التحقوا للعمل بالمقاولة عند بداية الأشغال في اكتوبر، ويتم الاحتفاظ بهم لتوظيفهم في مهمة قذرة دون وعي منهم، والتمهيد لذلك بحلو الكلام بعد أن همسوا بآذانهم أن المقاولة ستصحبهم للعمل معها بدولة موريتانيا أو بالجديدة. وفعلا تم توظيف هؤلاء في تجميع الآليات وشحنها استعدادا لتهريبها الى جهة أخرى. حدث هذا يوم الخميس ولم ينس المحتالون دعوة هؤلاء الكادحين العشرة للحضور لسحب أجورهم مع بقية العمال اليوم الموالي، الجمعة 08 ماي الذي حددته المقاولة لعمالها لتسلم أجورهم.
أتى العمال صباح الجمعة، بعضهم نزل لثوه من الحافلة التي أقلته الى مدينة ورزازات آتيا من مدينته الأصلية وليس في جيبه درهم واحد، على أمل سحب أجرته ثم العودة الى أبنائه. لكن الصدمة كانت قوية عندما وجد العمال مكاتب المقاولة مغلقة والآليات لا أثر لها. عم الغضب وسقط أحد العمال مغمى عليه. اعتصم الجميع (68 عاملا) وصعدوا احتجاجهم وقت الزوال باغلاق بوابات الشركة، ما عجل بحضور مدير الشركة صاحبة المشروع الذي تفاوض مع لجنة من المحتجين وقدم لها الحل التالي : ستقوم الشركة الأم بالضغط على المقاولة الهاربة عبر استعمال الضمانة (الكارانطي) التي تربطها بالمقاولة المذكورة لاجبارها على ارجاع الأجور المهربة، شرط أن يعبئ العمال وثائق حول مدة عمل كل واحد منهم موقعة من قبله ومصادق عليها لدى السلطات وتسليمها للشركة الأم لتقوم بخصم الأقساط المستحقة للعمال من الضمانة المذكورة، وحدد الثلاثاء 12 ماي 2015 كموعد لذلك، ولهذا الغرض استدعى المدير المذكور عونا قضائيا الى عين المكان. قبل العمال هذا الحل رغم ظروفهم المزرية، متوعدين بالتصعيد في حال عدم الوفاء بالوعد.
2)- مقاولة للبناء بمركب الطاقة الشمسية
شهد نفس اليوم، الجمعة 08 ماي احتجاجا مماثلا طيلة النهار لعمال مقاولة للبناء أمام مفتشية الشغل، تعمل بدورها بالمركب، وصاحبها بورجوازي كبير يدعى بنسودة. ادعت مقاولة بنسودة أنها في حالة افلاس وتهربت من أداء أجور عمالها، فقضى هؤلاء يومهم معتصمين الى أن تمت تسوية جزء من أجورهم.
خلاصة القول
لقد شفط بورجوازيو المغرب كل ثروات بلدنا من معادن وأسماك وخيرات فلاحية، وهاهم اليوم يستغلون شمسنا بمركب الطاقة الشمسية الضخم لجني أرباح لا تنمي سوى أرصدتهم في الأبناك الداخلية والخارجية، غير عابئين بالأرض التي استولوا عليها لاقامة مشروعهم، وهي تمتد على مساحة توازي مساحة العاصمة الرباط، ولابمياهنا التي يستنزفونها، إذ لاغرابة أن يتم توطين المشروع بالقرب من مياه سد المنصور الذهبي، ومن محطة للكهرباء. إنهم كذلك يتواطؤون مع مقاولات العمل الهش التي بدأت تجرب أسلوب الاحتيال على العمال لسلبهم أجورهم. إن الرد الاحتجاجي ليوم الجمعة الماضي ما هو الا البداية، لأن العمال الذين وحدهم الظلم، وحتى في غياب أي تنظيم عمالي، لن يصمتوا أبدا على همجية الرأسمايين الذين ينتهكون حقوقهم بمركب الطاقة الشمسية. إن احتجاج الجمعة 08 ماي 2015 هو النموذج النضالي لنضالات المستقبل بهذا المركب الهمجي وشركاته الرأسمالية العابرة للقارات.
حكيم حلاوى
اقرأ أيضا