حملة الاغتيالات الإسرائيلية الجديدة قد تزيد من تأجيج نار الشرق الأوسط

بقلم فيليس بنيس  Phyllis Bennis

 

بات نشوب حرب إقليمية آخذة في الاتساع أكثر احتمالا الآن بشكل كبير – مع خطر اندلاع صراع مباشر أكثر بكثير بين إسرائيل وإيران، وإمكانية تورط الولايات المتحدة بنحو مباشر أكبر.

 

اندلعت حملة جديدة من الاغتيالات التي تستهدف معارضي إسرائيل في الشرق الأوسط، ما يهدد مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة الهشة أصلاً، ويهدد بمزيد من التوسع الإقليمي للحرب. وفيما تواصل إسرائيل هجوم الإبادة على سكان غزة، حيث قتلت العشرات، وربما المئات، في الأيام القليلة الماضية وحدها، تهدف هذه الأعمال الأخيرة بجلاء تصعيد الحرب الإسرائيلية في غزة وتوسيع نطاق التوترات العسكرية المتصاعدة بالفعل على حدودها مع لبنان، وفي سوريا والعراق واليمن وأماكن أخرى، إلى حرب شاملة، قد تشمل إيران والولايات المتحدة بنحو مباشر أكثر.

 

تُظهر الهجمات القاتلة التي استهدفت قادة عسكريين وسياسيين كبار في حزب الله وحماس في بيروت وطهران على التوالي في غضون 24 ساعة، مركزية الاغتيال – وعدم جدوى الدبلوماسية – في حسابات تل أبيب الإستراتيجية.

ففي مساء يوم الثلاثاء، أصابت غارة جوية إسرائيلية على العاصمة اللبنانية منطقة الضاحية، ما أدى إلى تدمير مبنى سكني بالقرب من مستشفى كبير، ومقتل وإصابة عدد غير مؤكد من الأشخاص. أكدت إسرائيل أنها قتلت فؤاد شكر، المسؤول العسكري الكبير في حزب الله، ومستشار مقرب من حسن نصر الله، زعيم منظمة المقاومة السياسية العسكرية في لبنان. وعلى الرغم من أن حزب الله لم يؤكد مقتل شكر، إلا أنه من الواضح أن اغتياله كان بنية إسرائيلية.[تأكد استشهاد فؤاد شكر.م]

كان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل قد قال، قبل ساعات قليلة من الضربة الإسرائيلية، إن المسؤولين الأمريكيين “لا يعتقدون أن الحرب الشاملة أمر حتمي، وما زلنا نعتقد أنه يمكن تجنبها”. ومضى يقول إن “التزامنا بأمن إسرائيل تابث في مواجهة جميع التهديدات المدعومة من إيران، بما في ذلك حزب الله، ونحن نعمل من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي”.

 

لكن الولايات المتحدة أوضحت من خلال أفعالها – بغض النظر عن دعم بعض السياسيين الخطابي لإنهاء الحرب – أنها غير مستعدة للقيام بالشيء الوحيد الذي من شأنه أن يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار: وقف إرسال الأسلحة التي تمكن إسرائيل من شن الحرب في غزة.

على العكس من ذلك، تعرضت إمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي  للابطال بعد ساعات فقط من هجوم بيروت، عندما اغتالت غارة جوية أخرى، يُفترض على نطاق واسع أنها إسرائيلية، الزعيم السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في بيت ضيافة في طهران. كان هنية في زيارة إلى العاصمة الإيرانية لحضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب حديثًا، مسعود بيزشكيان. ويعيش هنية، الذي شغل لفترة وجيزة منصب رئيس وزراء السلطة الفلسطينية بعد فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية عام 2006، والذي أشادت به الولايات المتحدة في البداية، في المنفى في قطر. وقد كان له في الأشهر الأخيرة دور رئيس في مفاوضات إسرائيل وحركة حماس، برعاية قطر وودعمالولايات المتحدة الأمريكية، الرامية إلى إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية وتحرير الأسرى الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين.

إن كل حديث عن دعم واشنطن وتل أبيب لوقف إطلاق النار، أو استعدادهما لإعادة الرهائن، لا يعني الكثير عندما يمكن اغتيال أحد كبار المفاوضين على الجانب الآخر دون عقاب. كان هنية معروفاً على نطاق واسع بأنه رجل براغماتي يؤيد المفاوضات. في عام 2006، بعد ثلاثة أشهر فقط من فوز  حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، كتب هنية إلى الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش الابن يحثه على التفاوض بين الولايات المتحدة و حركة حماس ويعرض عليه قبول حل الدولتين وهدنة طويلة الأمد مع إسرائيل. وكتب أن الوضع الحالي “سيشجع العنف والفوضى في جميع أنحاء المنطقة”. لم يرد بوش أبدًا.

ومن شبه المؤكد أن المفاوضات التي كان يشارك فيها زعيم  حركة حماس ستتعثر، إن لم يتم إجهاضها بالكامل، بسبب اغتيال هنية. إن استمرار إسرائيل في حرب الإبادة الجماعية في غزة يتماشى مع أهداف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قاوم جهود وقف إطلاق النار وتعهد بمواصلة القتال حتى تدمير حركة حماس.

بات احتمال اندلاع حرب إقليمية آخذة في الاتساع  أكبر الآن بنحو كبير، مع خطر نشوب صراع مباشر أكثر بكثير بين إسرائيل وإيران، وإمكانية تورط الولايات المتحدة بشكل مباشر أكبر. لقد كان اغتيال هنية في طهران استفزازًا متعمدًا يروم إثارة رد إيراني. فأي حكومة كانت أجهزة مخابراتها قوية بما فيه الكفاية لتعرف بالضبط مكان إقامة زعيم  حؤكة حماس خلال زيارة مؤقتة للعاصمة الإيرانية بوسعها ان تعلم مكان إقامته في في قطر، حيث لم يكن الاغتيال، رغم أنه غير قانوني بالطبع، ليؤدي إلى نفس العواقب.

ومن شأن إجبار إيران على التدخل، لا سيما في لحظة تنصيبه ذات الرمزية الكبيرة، أن يحدّ بشكل كبير من خيارات الرئيس الجديد الذي دعا إلى استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة حول الملف النووي وأثار إمكانية إعادة فتح الاتفاق النووي الإيراني. ومن شأن منع ذلك أن يتماشى مع هدف نتنياهو طويل الأمد المتمثل في تقويض أي أثر لتقارب اأمريكي إيراني وجر الولايات المتحدة مباشرة إلى حرب إسرائيلية إيرانية محتملة.

وعلى الرغم من أنه لم يتم الإعلان حتى الآن عن تفاصيل الطبيعة الدقيقة للصواريخ، أو الأنواع الأخرى من القذائف المستخدمة في عمليتي الاغتيال، من المرجح أن تكون الولايات المتحدة قد صنعت و/أو مولت إحداهما أو كليهما. وفي ظل هذه الظروف، فإن تواطؤ الولايات المتحدة في الإبادة الجماعية من خلال توريد الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل في غزة يمكن أن يمتد إلى تورط الولايات المتحدة المباشر في ما يمكن أن يتصاعد إلى حرب إقليمية كبرى – وهي بالضبط الحرب التي يدعي المسؤولون الأمريكيون أنهم يحاولون منعها.

إن عمل الحركة من أجل وقف إطلاق النار الدائم – وقف إطلاق النار الذي يشمل وقف المجازر واستئناف المساعدات الإنسانية وتمويل الأونروا وإنهاء عمليات نقل الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل – على وشك أن يصبح أكثر صعوبة وإلحاحاً.

نُشر في الأصل في Common Dreams.

 

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا