مواكبة لإضراب شغيلة طوب فوراج المفتوح في منجم بوازار : من سجل الكفاحات الماضية.
تتوالى الكفاحات ضد جبروت رأس المال بأماكن العمل، وبوجه خاص يتبوأ شغيلة المناجم مكانة طليعية في كفاحات الطبقة العاملة بالمغرب . بيد ان هذه الكفاحات تعاني من نقص المتابعة والتقييم وتعميم الدروس، بما يشكل ذاكرة نضالية طبقية. سعيا لسد هذا النقص دأبت جريدة المناضل-ة، منذ عددها الاول قبل 20سنة، على رصد النضالات العمالية ومتابعة مجرياتها بالتحليل والنقد واستخلاص الدروس، من اجل وضع اداة بيد يدي مناضلي طبقتنا ومناضلاتها.
ونحن في معمعان المعركة الجارية في منجم بوازار ، نشرنا الفصل الخاص بهذا المنجم من كتاب الرفيق مجدي حميد. واليوم نعيد نشر هذا المقال الذي حرره الرفيق محمد العثماني، المناضل بقطاع التعليم ، فتحية مجددة له لجهوده ومنظوره المتخطي للنزعة القطاعية الرامي إلى وحدة كفاح الشغيلة المغاربة.
**********************
معركة عمال المناجم بالمغرب:عمال بوازار في طليعة النضال
بقلم، محمد العتماني
المناضل- ة 2011 / 6 / 14
المحور: الحركة العمالية والنقابية
معركة عمال منجم بوازار متواصلة لإسقاط استبداد وكلاء شركة أونا.
جميعا من أجل حملة وطنية للتضامن و النضال من أجل الحريات النقابية.
1- بداية النهوض العمالي بالمنجم.
بدأت معركة عمال منجم بوازار بإضراب عام بالمنجم يوم السبت 23 أبريل 2011 جاء كرد عفوي على الاتفاق “المهزلة” الذي وقعته إدارة الشركة ونقابة من صنع الإدارة.
وشارك في الإضراب والإعتصام أكثر من 1000عامل، ولأن العمال قرروا بالأغلبية تأسيس نقابة تمثلهم وتدافع عن مطالبهم الحقيقية:هكذا أسسوا فرعين نقابيين تابعين للكونفدرالية الديمقراطية للشغل الأول بتازناخت تحت إشراف الاتحاد المحلي لوارزازات والثاني بأكدز تحت إشراف الاتحاد المحلي لزاكورة وبتأطير من المكتب الوطني للطاقة والمعادن.
وبمجرد إعلان العمال لتأسيس نقابتهم بالمنجم تكالبت السلطات المحلية مع إدارة الشركة الأم والشركتين المناولتين على العمال ونقابتهم.
وبدأ مسلسل اجتثات بدرة الحريات النقابية التي عزم العمال على زرعها وحمايتها،لاعتبارها الضامن الوحيد لقوتهم واتحادهم وصون كرامتهم المفقودة منذ عقود.
وعقابا للعمال على مشاركتهم في تظاهرة فاتح ماي الى جانب رفاقهم بالكونفدرالية الديموقراطية للشغل ،مباشرة بعد هذا اليوم ،أقدمت إدارتا طوب فوراج وأكزومي الشركتين المناولتين لدى شركة ctt (أونا المغرب)على تنقيل أزيد من 30 عاملا كونفدراليا من ضمنهم أعضاء المكتبين النقابيين وكذا مندوب العمال.
و رفض باشا مدينة أكدز بتنسيق مع عامل إقليم زاكورة الملف القانوني للفرع المحلي للنقابة الوطنية للطاقة والمعادن بأكدز لحرمان العمال من حقهم في الإنتماء النقابي وتواصلت حملات التهديد والإبتزاز والتعسف من طرف إدارة الشركة الأم ووكلائها وساعدتها السلطة المحلية والدرك الملكي بتازناخت بشكل مفضوح حيث عملا على انزال العمال النقابيين المعرضين للتنقيل من حافلات النقل المخصصة للعمال.
هذه المرة لم يكن رد العمال عفويا رغم تعرضهم لصنوف الابتزاز والعسف والتهديد بالطرد وإغلاق بعض الوحدات الإنتاجية.
لقد عمد العمال الى تنظيم جموعات عامة يومية بأكدز وتازناخت بتأطير من الأجهزة الكونفدرالية بالإقليمين وبعد تقييم موضوعي لتجربة العمال بالمنجم لسنة2007 ( انظر مقال حول معركة العمال بالمنجم سنة 2007، العدد 17 من جريدة المناضل-ة) قرر العمال بمعية الاتحاديين المحليين اتخاد الاجراءات القانونية ردا على الخروقات اللاقانونية للسلطات المحلية والشركتين المناولتين.وتم بذلك مراسلة السلطات المحلية بالإقليم ومفتشا الشغل وإدارة الشركة الأم.لكن دون جدوى، وبعد أن اكتملت القناعة للعمال والأجهزة النقابية الكونفدرالية المؤطرة بأن شركة cttوسماسرتها ماضون في غييهم ومؤامرتهم الواضحة ،قرروا بدأ إعلان المعركة النضالية من أجل الحرية والكرامة والحقوق العادلة وبدأوا بتنظيم اضراب لمدة 24 ساعة بتاريخ 15 ماي 2011 مصحوبا بوقفتين احتجاجيتين الأولى بأكدز والثانية بتازناخت وتم تمديد الإضراب لمدة 48 ساعة يوم 16/17/ماي 2011 مصحوبا بمسيرتين احتجاجيتين شارك فيها أكثر
من 70٪ من العمال وحضرها المناضليين النقابيين والسياسيين والحقوقيين و الجماهير الشعبية بالمدينتين.استمرت الشركات والسلطة في تحدي لكل القوانيين ،على علتها ، رغم اتصال المكتب التنفيدي بوزارة الداخلية ووزارة الطاقة والمعادن،أقدمت الشركة على منع أزيد من 60عاملا نقابيا من الالتحاق بمقر العمل عقابا لهم على انخراطهم في الاضراب وتمت مساومتهم على حقهم النقابي بجميع الإغراءات،لكن العمال رفضوا وصمدوا ضد كل أشكال الإبتزاز والتهديد وزادهم ذلك إصرارا على الاتحاد والتضامن والتشبث بنقابتهم وحقهم المشروع في الإضراب وبناء عليه،عقد المكتبين لقاء تحت اشراف مكتب الاتحاد المحلي بورزازات وأعلنوا مواصلة النضال بحزم كبير وقرروا خوض اضراب لمدة72 ساعة ابتداء من الجمعة 20ماي 2011 مصحوبا بوقفات احتجاجية بأكدز وتازناخت ووقفة احتجاجية أمام إدارة الشركة خلال اليوم الثالث من الإضراب حضرها العمال الكونفدراليين و الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للطاقة والمعادن والاتحاد المحلي بورزازات ومناضلي ن و ت،كدش بإقليمي زاكورة ووارزازات ومجموعة من المناضلين النقابيين والسياسيين والجمعويين وتعاهد خلالها الجميع على مواصلة الصمود والنضال.
وتراجعت الشركة عن منع العمال من الالتحاق بمقر عملهم بسبب الاضراب وأبقت على تنقيل 21 نقابيا إلى مناجم أخرى بعيدة عن الإقليم.
وإيمانا من الأجهزة الكونفدرالية بثقافة الحوار والتفاوض وتفاديا لردود الأفعال التي تسلكها إدارة الشركة ووكلائها أقدم المكتب التنفيذي للكدش على دعوة الشركة الأم للحوار وراسل الإتحاد المحلي بورزازات عامل الاقليم في نفس الموضوع وتم تحديد الأربعاء 25 ماي 2011 كموعد للحوار المركزي، لكن الشركة الأم أجلت الموعد بدون مبرر مقبول والخطير في الأمر أنها واصلت خروقاتها المانعة للحريات النقابية واستقرار الشغل ،وتوصل العمال النقابيين بمراسلات عبر المفوض القضائي للشركة مضمونها التهديد بالطرد مالم يلتحق العمال بالمقر الجديد للعمل.
وتمادت الشركة العملاقة الساهرة على مراكمة الأرباح ومواصلة نظام الغاب بالمنجم في غيها خارقة مضمون ما جاءت به مدونة الشغل أمام أنظار السلطات المحلية (انظر تقرير الاتحاد المحلي بورزازات حول الخروقات بالمنجم) وواصلت هجومها على حق الإضراب وذلك بتشغيل عمال مختصيين في البناء و عمال جدد لتعويض المضربيين وإغلاق أكثر من ثلاثة وحدات انتاجية وتشريد أكثر من 30 أسرة وترهيب العمال ودفعهم للإنخراط في نقابة استغلت اسم الاتحاد المغربي للشغل لتخدم الإدارة .
لن ينتظر العمال كثيرا، مساء يوم التلاثاء 24 ماي 2011،يوم توصلهم بخبر تأجيل موعد الحوار،عقدوا جموعاتهم العامة وبعد ذلك اجتمعا المكتبان وبإشراف من الاتحاد المحلي بورزازات وقرروا خوض اضراب لمدة 4 أيام مصحوبا بوقفات احتجاجية بأكدز وتازناخت.
وعقد المجلس الوطني للنقابة الوطنية للطاقة والمعادن بالبيضاء اجتماعا طارئا حضره الكاتبين العامين لفرعي أكدز وتازناخت الأخوان جمال بنحميد وقلا عبد الله وخلص الاجتماع الى خوض برنامج نضالي تضامنا مع عمال منجم بوازار.وتم تنفيذ الجزء الأول منه في بعض المناجم التي تتواجد بها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وتوصل عمال منجم بوازار ببيانات التضامن مع عمال ايمضر وكلوميين بتنغير وعمال ايميني بورزازات وعمال منجم أقا بطاطا وعمال منجم الحمام بالخميسات ومنجم سامين بمكناس ونقابة العمال بمنجم بمراكش .ونظم الاتحاد المحلي بزاكورة قافلة للتضامن خلال الأيام الأولى من المعركة وأصدرت فروع النقابة الوطنية للتعليم بزاكورة وطاطا والتنسيقية المحلية لمناهضة الغلاء والدفاع عن الخدمات العمومية بأكدز والتنسيقية المحلية للهيئات السياسية والحقوقية والنقابية بسكورة والجمعية المغربية لحقوق الانسان بإقليمي زاكورة وورزازات بيانات تضامني وحضر بعضها لنضالات العمال بالمنجم.
إلا أن 10 أيام من الإضراب والوقفات الاحتجاجية والتضامن العمالي والشعبي، لم تكن كافية لتثن الشركات المستغلة لمنجم بوازار عن مؤامرتهم ضد العمال.وقبولهم الحوار ثارة وتأجيله ثارة أخرى هو فقط لاحتواء المعركة النضالية المتواصلة وكسب الوقت وتكسير صمود العمال وزرع اليأس في نفوسهم ، وهذه المراوغات والحيل لن تنطل على المناضليين والنقابيين الكونفدراليين والعمال بالمنجم.
ولهذه الأسباب واصل العمال إضرابهم لمدة 4أيام أخرى ابتداء من السبت 4 يونيو والإعتصام بالمنجم،ومباشرة بعد توصل إدارة الشركة ببيان الاعتصام بالمنجم دعت لحوار آخر مع المكتب التنفيذي بمقابل تأجيل الإضراب ،وتدخل الاتحاد المحلي بورزازات للنقاش مع العمال وخلصت الجموعات العامة للعمال إلى الابقاء على اليوم الأول من الإضراب والإعتصام وتأجيل الأيام الثلاثة إلى مابعد موعد الحوار المحدد في يوم 13 يونيو 2011، والتزم العمال بوحدة الصف العمالي والنقابي بالمنجم،خيارهم الوحيد في النصر على كل مايحاك ضدهم من دسائس ومؤامرات ونظموا اعتصامهم بالمنجم ووقفوا على جميع الاستفزازات والخروقات وحققوا بذلك نصرا معنويا تمثل في الحد من تكسير اضرابهم واقناع عمال اخريين بالإنظمام الى معركتهم النضالية وهذا ما أكده نائب الكاتب العام لفرع النقابة الوطنية للطاقة والمعادن بأكدز الأخ وحيد بنيوسف والأخ قلا عبد الله كاتب فرع النقابة الوطنية للطاقة والمعادن بتازناخت في تصريحهما لجريدة المناضل-ة.
2- دروس أولية وأمل كبير في النصر.
معركة عمال منجم بوازار هي ثمرة نداء صاغه عمال المنجم منذ سنة 2007 ،والتزمت قيادتهم الميدانية بمواصلة النضال ضد عقود من القهر والبطش وانتهاك لكل الحريات والحقوق.لقد تعرض العمال الأحرار لكل أشكال الابتزاز والمساومة لكن رغبتهم في مواصلة النضال لم تنطفئ ، قاموا بعدة محاولات لبناء نقابتهم العمالية اخرها سنة 2010،ولأن تحالف الرأسمال والدولة كان أقوى لم تصمد تجربتهم كثيرا وانتظروا موجة الثورات الجارية ببلدان المغرب الكبير ليتكسر هاجس الخوف ويتشبع أغلب العمال برياح الحرية القادمة من ثورة الشعب التونسي والمصري وحركة 20 فبراير المناضلة من أجل إسقاط الإستبداد والفساد.عمال منجم بوازار كلهم أمل في النصر ،عبروا على صمود ليس له نظير،ليس لهم مايفقدون بعد،واقع الشغل بالمنجم أشبه الى السجن والمسؤوليين بإدارة الشركة حراسه،لا شروط السلامة،لا أمن ،لا حرية ولا كرامة ولا حقوق ،جل العمال بلا ترسيم،بلا ضمان اجتماعي ولا تقاعد،موت عامل الى عاملين سنويا تحت اطنان من المعدن في اماكن لا تتوفر فيها ادنى شروط السلامة..
لقد صدق أحد العمال النقابيين حين قال :”لا نريد شيء غير الحرية…!” الأمل في النصر رهين بصمود العمال وتقتهم في وحدتهم واتحادهم واقتناعهم بأن تحررهم هو من صنع أنفسهم.
لقد حقق العمال خلال شهر من النضال نصرا معنويا لايقاس بثمن والمتمثل في توحيد أكثر من 70٪ من العمال في معركة نضالية من أجل الحريات النقابية.واستمرارهم في تكسير الحواجز الوهمية التي وضعتها شركة ctt بين العمال الرسميين والمؤقتيين وتوحيد صفهم في نقابة واحدة سيعجل من تحقيق العديد من المكاسب وعلى رأسها احترام الإنتماء النقابي واستقرار الشغل وإرجاع كافة المطروديين.
معركة عمال منجم بوازار هي معركة من أجل الحرية ، هي معركة كل المناضليين النقابيين والسياسيين المخلصيين لقضايا العمال والشعب المغربي التواق إلى التحرر وإسقاط الفساد والإستبداد.نصرة العمال بمنجم بوازار واجب كل العمال بالمناجم وبالضيعات والمصانع والمنشئات والمدارس والكليات.
ما لم نجسد شعار التضامن في الميدان مع عمال منجم بوازار ونعلنها حملة وطنية من أجل الحريات النقابية بالمناجم وكافة القطاعات والمطالبة بإسقاط الفصل 288من القانون الجنائي ، سيكون صمتنا تواطؤ ضد أصوات الحرية التي عبر عنها العمال في مسيراتهم واحتجاجاتهم البطولية.وسيكون العمال معزوليين في ردهم على المؤامرة التي تحاك خيوطها لتجريم الحق النقابي وتكميم الأفواه المطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
فإلى الأمام ياعمال منجم بوازار ويا عمال مناجم المغرب .وكافة العمال ، فالنصر حتما حليفكم.
اقرأ أيضا