واقع البطالة بالمغرب
بقلم، سامي علام
أولا، على ضوء المذكرات الأخيرة للمندوبية السامية للتخطيط
فقد اقتصاد المغرب 157 ألف منصب شغل سنة 2023، وفي العام 2022 فقد 24 ألفا، ولم تتجاوز الوظائف المؤدى عنها المحدثة 50 ألفا، فيما تراجع معدل الشغل بأزيد من واحد في المئة. وزاد معدل البطالة ليرتفع عدد العاطلين عن العمل بنسبة 10 %. ومازال معدل البطالة مرتفعاً بين الشباب البالغين ما بين 15 و24 سنة، حيث يبلغ 33,6 في المائة، وفي صفوف حاملي الشهادات انتقل معدل البطالة من 18,6% إلى 19,7%. أما في صفوف الأشخاص الذين لا يتوفرون على أي شهادة، فقد انتقل المعدل من 4,2% إلى 4,9%، وانتقل معدل نقص الشغل من 9% إلى 9,8% على المستوى الوطني، ومن 8,1% إلى 8,7% بالوسط الحضري ومن 10,4% إلى 11,6% بالوسط القروي.
ضمت خمس جهات بالمملكة 72,6% من مجموع السكان النشيطين (البالغين من العمر 15 سنة فما فوق)، في المرتبة الأولى جهة الدار البيضاء-سطات بنسبة 22,4% من مجموع السكان النشيطين، تليها الرباط-سلا-القنيطرة (13,8%)، ومراكش-آسفي (13%)، وطنجة-تطوان-الحسيمة (11,8%)، وفاس-مكناس (11.6%). كما ضمت خمس جهات سبعة عاطلين من كل عشرة أشخاص نشيطين، أي بنسبة (69,8%) على المستوى الوطني، تتقدمها جهة الدار البيضاء-سطات بنسبة (25,8%)، تليها فاس – مكناس (12,7%) والرباط-سلا-القنيطرة (12,3%)، والجهة الشرقية (9,7%)، ثم طنجة-تطوان-الحسيمة بنسبة (9,2%).
اتخذت البطالة طابعا نسويا، فحسب دراسة مقطعية للمندوبية السامية للتخطيط في مارس 2024، وصلت نسبة عدم نشاط النساء (73%) فيما بلغت (7.5%) لدى الذكور. وترتفع هذه النسب وسط المتزوجات إلى 81,9% مقابل 3,1% لدى المتزوجين، وتزداد هذه النسب كلما كانت لأسرة أطفال، بحيث أرجعت المندوبية ذلك لاعتبارات ثقافية واجتماعية وتقليدية، حتى وإن كانت المرأة شابة وحاملة لشهادة التعليم العالي.
وضع هشاشة بالغة، تطال في المقام الأول النساء والشباب. واقع تديمه أزمة مستفحلة على كافة الصعد. قطاعات مشغلة متقلبة أغلبها خدماتية (تجارة وسياحة…) سهلة الاهتزاز بفعل الأزمات، وقطاع فلاحي شديد التأثر بالتغيرات المناخية المتطرفة الجارية.
إنه واقع لا تعكس حقيقته المعطيات الرسمية التي تدمج ضمن العاملين مختلف أنواع العمل الهش في القطاع المهيكل وغير المهيكل وأشكال عمل بسيطة كالباعة الجائلين ومساحي الأحذية، كما لا تأخذ في الاعتبار العمل الموسمي وغير القار في الوسط القروي، وأشكال العمل المجاني المنتشر تحت غطاء التدريب.
ثانيا، تدخل الدولة لمواجهة البطالة جعجعة بلا طحين، فما الغاية منه؟
أمام فداحة الأرقام المتعلقة بالبطالة في البلد والكارثة الاجتماعية المفجعة التي خلفتها سنوات من تطبيق سياسات اقتصادية ليبرالية مملاة من المؤسسات المالية الدولية المانحة، لم يتجاوز تدخل الدولة بشكل مستعجل إنشاء ثلاث لجان رئيسية، لإدارة ومواكبة سياسات التشغيل بالبلد، وهي اللجنة الوزارية للتشغيل، برئاسة رئيس الحكومة، وتهدف إلى وضع التوجهات الإستراتيجية الخاصة بسياسات التشغيل ومواكبة تنفيذها بتشاور مع مختلف الفاعلين، وتدعمها اللجنة التقنية للمتابعة، التي يرأسها الوزير المكلف بقطاع التشغيل، وتتكلف لجنة مراقبة سوق الشغل بمتابعة نتائج تنفيذ المخططات القطاعية على مستوى إحداث مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة.
كما أطلقت المندوبية السامية للتخطيط عملية تحديث البحث الوطني للتشغيل في المغرب خلال سنتي 2024 و2025، لرصد التحولات العميقة في سوق الشغل، بهدف ملاءمة آليات القياس وتتبع الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمغرب، مع مراجعة الإطار ألمفاهيمي، وإدماج المعايير الدولية الجديدة بتشاور مع خبراء منظمة العمل الدولي وشركاء آخرين.
إن الإجابة العملية للدولة عن هذه المعضلة الاجتماعية هي إعادة النظر في طريقة إجراء البحوث والدراسات حول الشغل وإنشاء لجن رصد. إنها هذا لا يعني غير إطلاق أبخرتها لحجب الكارثة، وشحذ معاولها لطمس معالم الجريمة. لم تخرج هذه الإجراءات عما قامت به الدولة سابقا، دون أن تتجاوز الكارثة، فإلى جانب عقدها لمناظرات وطنية وجهوية حول التشغيل، أنشأت وكالة ANAPEC للسمسرة في تشغيل الكفاءات، وأشرفت على برامج (المقاولين الشباب) للتشغيل الذاتي، بتسهيل إجراءات الاقتراض للشباب الراغبين في إنشاء مقاولات ذاتية انتهى جلها للفشل وحتى لمتابعة أصحابها قضائيا. إن غاية الدولة من هذه الإجراءات ليس مواجهة البطالة، بقدر ما هي موجهة لتخبيل عقول الشباب حول أصل الكارثة؛ النظام الرأسمالي، وما تقوم به من تنفيذ للسياسة النيوليبرالية التي تخدم كبار المستثمرين، محليين وأجانب، وبالتالي تفادي مواجهتها، لذلك تغدق الأموال الطائلة على لجن ومؤسسات ومكاتب دراسة دون طائل.
يتبع
اقرأ أيضا