من قاموس أعلام الحركة العمالية المغاربية: العلوي إدريس
بقلم رونيه غاليسو R. Gallissot
مناضل شيوعي؛ أمين عام ناحية الدار البيضاء للحزب الشيوعي؛ انضم إلى المكتب السياسي للحزب الشيوعي المغربي في المؤتمر الثاني عام 1949؛ طـُرد في يناير 1952؛ مقرب من النقابي محمد بن عمر الذي صار جنرالا في جبهة فييت منه في فيتنام.
بين 1946 و1949، عدَّل الحزب الشيوعي إتجاهه صوب الاستقلال الوطني في ظل الارتباط المتبادل، باسم وحدة الشعبين الفرنسي والمغربي؛ وكان يسعى لتشكيل «جبهة ديمقراطية»، ويمارس «المَغْربة»، أي ولوج مناضلين مغاربة إلى مناصب المسؤولية؛ إنها الفترة التي وصل فيها إدريس العلوي إلى قيادة الجهة الشيوعية للدار البيضاء، أهم جهة، تمتد على طول المغرب الأطلسي وهضبة الفوسفاط.
تبدو الحركة النقابية محفزةً خاصة من طرف محمد بن عمر، بينما أخذ إدريس العلوي، المرتبط به على ما يبدو بعلاقات وطيدة، على عاتقه العمل السياسي الحقيقي، خاصة أنه يعتبر حسب رفاق تلك الفترة، «عقلا سياسيا». صار إدريس العلوي في العام 1948 الأمين العام للمنطقة الشيوعية للدار البيضاء. وفي الندوة الجهوية للحزب الشيوعي المغربي في الدار البيضاء، في 10 أبريل في العام 1949، تدخل إدريس العلوي باللغة بالعربية من أجل إبراز ضرورة النضال سواء ضد «الانحرافات الاستعمارية والإصلاحية والانتهازية» أو ضد «الانحرافات الشوفينية». وتم انتخابه أياما بعد ذلك، في أبريل في العام 1949، عضوا بالمكتب السياسي للحزب الشيوعي المغربي، خلال المؤتمر الثاني لهذا الحزب.
وقد تميز هذا المؤتمر باستبعاد الشيوعيين «الأوروبيين»، القريبين من توجهات الحزب الشيوعي الفرنسي، الذي يدافع عن الاتحاد الفرنسي أكثر من فكرة الاستقلال، مثل ميشيل مازيلا Michel Mazzella، وترقي جيل الأطر المغربية الذي لم ينطبع بمواقف أعوام 1944-1946 المُدِينَة لوثيقة المطالبة الاستقلال وبالحركة الوطنية. ومع ذلك ظل تطور الحزب الشيوعي المغربي مطابقا لخط الحركة الشيوعية المستوحى من موسكو، الذي يضع في المقدمة نزعة مناهضة الولايات المتحدة الأمريكية. غير أنه منذ صيف العام 1946 وبنحو متزايد الجلاء خلال سنوات الحرب الباردة تلك، تبنى الحزب الشيوعي المغربي مناهضة الامبريالية، مساندا بشكل متفاوت حركات التحرر الوطني بحسب مكانتها الدولية وتركيبها. كان الخط الشيوعي في الحزب المغربي من فعل الرجل الأمين الضامن للاستمرارية، المحامي هنري بونيه Henri Bonnet، الذي يعمل في الخفاء، ومن طرف الأمين العام الذي يبرز بمثابة الزعيم المغربي المُرقَّى، علي يعتة.
وقد اقترح الحزب الشيوعي على حزب الشورى والاستقلال، الذي وافق، وعلى حزب الاستقلال، إنشاء جبهة ديمقراطية (هي صيغة الحركة الشيوعية لتلك الفترة)، مفتوحة كذلك على منظمات أخرى. وفي يونيو العام 1949، كان إدريس العلوي من بين أعضاء الوفد الشيوعي الذي التقى بقادة حزب الاستقلال الذين رفضوا الاقتراح، إذ كان برنامجهم هو إنشاء جبهة وطنية يكون الاستقلال أولويتها، إن لم يكن شعارها الحصري. وقد وقع حزب الاستقلال، بعد ذلك، بطنجة في أبريل في العام 1951، اتفاق جبهة وطنية مع حزب الشورى والاستقلال، بعيدا عن الحزب الشيوعي. وبعد ذلك جاءت أسوأ سنوات قمع للحركة الوطنية وللحركة العمالية. دخلت القيادة الشيوعية في السرية؛ وطُرد علي يعتة إلى الجزائر، وهو يحاول لمرات عديدة دخول المغرب، ويفلح في ذلك مؤقتا.
في تلك الفترة تم طرد إدريس العلوي من الحزب الشيوعي؛ تم إعلان الطرد في يناير في العام 1952 في اجتماع من المفروض أنه يمثل اللجنة المركزية، انعقد بوهران حيث يوجد علي يعتة، بناء على تقرير لهذا الأخير يتهمه بالعمل لصالح البوليس. وقد كان هذا الاتهام شبه آلي في السلوك الستاليني للقيادات الشيوعية، الشيء الذي بلغ أوجه بالضبط في أعوام 1951-1952؛ لقد كانت الأحزاب الشيوعية تمارس «محاكمات موسكو» في الاستعمال الداخلي. ونعلم فيما يخص الحزب الشيوعي المغربي وحول هذه الحقبة شهادة إدموند عمران المالح d’Edmond Amran El Maleh، المعبر عنها بصيغة أدبية في روايته المجرى الثابت (1980).
كان علي يعته لا يزال أمينا عاما للحزب الشيوعي، -وهو مازال أمينا عاما في 1996 في ظل تسميات الحزب المتعاقبة-، عندما عاد محمد بن عمر، عضو سابق باللجنة المركزية كان بُعِثَ إلى الحزب الشيوعي الفيتنامي وصار جنرالا في جبهة الفييت منه، إلى المغرب في فبراير في العام 1961. وكان إدريس العلوي من آواه ببيت أخيه مامون العلوي الذي توفي في حادثة، وأدخله للاتحاد المغربي للشغل الذي صار أمينا له بخريبكة، إن لم يكن قد وجهه نحو الاتحاد الوطني للقوات الشعبية.
مصادر:
L’Espoir, 16 avril 1949, حيث محضر الندوة الجهوية للدار البيضاء، 30 ابريل 1949 المتضمن أسماء أعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي والأمانة المنتخبة في المؤتمر الثاني-ملاحظات البير عياش.
- إدمون عمران المليح: المجرى الثابت ترجمة محمد الشركي-نشر الفنك 1993
- عبد الله ساعف: حكاية أنه ما، سيرة جنرال مغربي في فيتنام، منشورات دفاتر سياسية-2007
ترجمة جريدة المناضل–ة
اقرأ أيضا